المواضيع |
---|
انتقل الى الصفحة : 1 ... 11 ... 19, 20, 21 ... 24 ... 29 |
لا يمكن الاعتداد بكل حديث لأن عصمة الرسول جزئية. فالرسول يعتبر معصوما في جانب تبليغ القرآن فقط “قل إنما أنا بشر يوحى إليّ” (فصلت:41) أما في ما عدا ذلك، فهو يخطئ كغيره من البشر كما دلت على ذلك حادثة التمر في المدينة. فقد قال عن تأبير النخل :“لو لم يفعلوا لصلح لهم” و لما أخبروه أن النخل لم ينتج ذلك العام قال: “أنتم أعلم بشؤون دنياكم”. وأكد في مناسبة أخرى على هذا الجانب بالقول “إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن من بعض وأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم... |
تشكل مسألة الحرية جذرا معرفيا رئيسا في الخلاف بين العلمانيين والدينيين. فعلى الرغم من أن النزاع على السلطة، الذي يشكل مآلا لأغلب الصراعات بين التيارات الثقافية المعنية بالقضايا الاجتماعية والسياسية، شكل دوما ميدان الصراع بين هذين الفريقين، إلا أن جوهر الصراع بينهما يتركز على حرية الإنسان في تفكيره واعتقاداته واختياره للتشريعات حسب ما يراه أصلح لحياته. وقد كانت هذه الحرية دوما منطلقا لتصدي العلمانيين للدينيين، بغض النظر إن امتلك هؤلاء الأخيرون كنيسة أو مؤسسة دينية أو بقوا ضمن سلطات مبعثرة، تقوى حينا وتضعف حينا آخر حسب النظام السياسي القائم في كل بلد. فبينما تقتصر رؤية الدينيين للحرية على أنها... |
من القرارات الأولى التي اتخذها الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا سركوزي، في إطار استكشاف المجال الدولي، وفهم أسلوب التعامل مع المستجدات الكونية، تكليفه للسيد هوبير فدرين، الدبلوماسي الفرنسي المحنك، والإشتراكي الأصيل، من مريدي الزعيم الراحل فرانسوا متيران؛ نقول تكليفه بإعداد تقرير شامل عن موضوع “العولمة”. يمكن سوق أسباب عدة لانتباه رئيس دولة أوروبية كبرى بحجم فرنسا، أن يضع في مقدم اهتمامه بالشأن الدولي، رغبة تعميق النظر في هذه التيمة وإشكالياتها، وإشعار الطرف الأميركي، المعني الأول بمجالها وتبعاتها أنه ليس تابعا فكريا وسياسيا لهذا الطرف كما يجري ذلك على كل لسان، أي ليس أطلنطيا منبطحا من فصيلة توني... |
في مقابلة مع فضائية “تي في كردستان” الكردية، بثت منذ أيام، لم يتوان المعارض السوري حبيب عيسى، أكثر من مرة، عن تعريف نفسه بأنه “قومي عربي ديمقراطي”، حين كان يشرح رؤيته الشخصية لحل القضية الكردية. ومن أسس تلك الرؤية، الاستغراب من حالة الاستقطاب التي تنتاب الفكر السياسي الكردي حيال القضية الكردية، والتي تتمحور حول الشأن الكردي، ولا تركز على القضايا الجوهرية في المنطقة – الديمقراطيات والاقتصاد والمجتمع المدني... – واستطرادا الاستغراب من تقوقع الأكراد في منطقة جغرافية وسياسية معينة، طالما أن “الوطن العربي كله لهم في حال تحقق الديمقراطية” حسب تعبيره. وفي نهاية البرنامج لا ينسى الضيف توجيه تحياته إلى... |
يمثل “الله” الإسلامي توحيدا بين “الإله المتعالي” و“الإله الخالق - الصانع”، الشيء الذي يمثل الأساس الميتافيزيقي لتوحيد النظرية مع الممارسة في الإسلام. حيث أن التعالي المحض لله، غير المترافق مع فعاليته، كان يؤدي في الأديان الأخرى إلى رفض العمل والمادة، وإلى التركيز على الحل الروحاني الهارب من المحسوس، و إلى الفصل بين المادة والروح (= الهندوسية والمانوية). وهذا ما أدى إلى جمع “التنزيه” مع الفعالية التي مثلتها “الصفات” دون أن يؤدي ذلك إلى المس بوحدانيته. لهذا فإن إعطاءه أوصافاً حركية و حسية (استوى، صلى، الفاعل، الخالق، الكافي، الرحيم... الخ) لا يعني انتفاء تعاليه، أو الوقوع في التجسيم والتشبيه، وإنما... |
أحيانا، حين يتم طرح مسائل من مثل النقد والإبداع، يٌخيّل للقارئ أو للسامع أو للمتابع أن الحديث يدور حول اللفت والطماطم والبقدنوس، من فرط التعميم والتعويم و“التفشليم”... يا سادة الإبداع نادر ندرة النقد أو أشدّ؟ ثم هل حقا ثمة نقد وثمة إبداع؟ تسميتان لجزيرتين مفصولتين متباعدتين يلزمهما الطائرات والقطارات السريعة للوصول إليهما أو للوصل بينهما؟ ثم ماذا إن اكتشفنا أن الإبداع تسمية تجري على النصوص السردية التخييلية والنصوص النظرية التحليلية بلا أدنى تمييز؟ أي أن النقد، أو ما يُسمى نقدا، هو الآخر إبداع، هو واقع حين يستكمل الواقع وقوعه ويشرف على من يقوله. النقد حين يكون نقودا للواقع ويخلّصه، أي يدفع له أو... |
كانت مشاهد حفلة العرس في إحدى القرى السّاحليّة التّونسيّة مملّة إلى حدّ القرف. رجال هجرتهم المتعة منذ زمن بعيد يجلسون مصطفّين على كراسي من البلاستيك وعلى وجوههم وجوم مواكب العزاء. نساء اجتهدن بمكر المساحيق والثّياب لإخفاء ألم أجساد مترهّلة بفعل عذابات عبوديّة الواجب اليوميّ. بعض فتيات يتمايلن باحتشام كاذب على ايقاعات موسيقى مرعبة، وفتيان هرموا قبل الأوان يحلمون بثمار جنّات ما فتئت تنأى عنهم. الكلّ في انتظار عريس وعروس ما زالا يتخبّطان في الخارج بين براثن إجراءات الزفّة الطّويلة والمكلفة والمرهقة.... |
في جميع الديموقراطيات الحديثة، تعكس اللوحة السياسية للأحزاب، خطوط الانقسام في المجتمع. منذ وقت طويل وعلم السياسة في تركيا يهتم بتحديد خط الانقسام الرئيسي في السياسة التركية. باراديغم “المركز / المحيط” الذي طرحه البروفسور الدكتور شريف ماردين، في مقالة له تعود إلى العام 1972، ما زال يحتل إلى اليوم موقعاً مركزياً في أدبيات علم السياسة التركي، وتم تبنيه من قبل عدد مهم من علماء السياسة كمتين هبر وأرسين كالايجي أوغلو وكاتب هذه السطور. وتستند إلى المنطق نفسه، وإن بمصطلحات مغايرة، أفكار كل من أمرة... |
http://alawan.org/rubrique14.html?debut_articles=1840#pagination_articles ولد ميلتون حاطوم عام 1952 في مناوس في البرازيل، من أب لبناني وأم برازيلية، وهو يعيش حاليا في ساو باولو. أستاذ الأدب في جامعة بيركلي في كاليفورنيا وفي جامعة أمازوناس الاتحادية، له ثلاث روايات هي “سيرة شرق ما”، “شقيقان” و“رماد بلاد الأمازون”، إضافة إلى ترجمات برتغالية لأعمال فلوبير، مرسيل شووب، وإدوار سعيد. ينشر “الأوان” هذا النص له عن الهجرة والتيه، توليفا، بين الثقافات... **** في بداية القرن العشرين، في ذروة “مرحلة المطاط”، غادر جدي لوالدي بيروت إلى منطقة “آكر” حيث عمل بائعا جوّالا:... |
أصدر رئيس قسم الحديث بكلّيّة أصول الدّين بجامعة الأزهر فتوى تبيح للمرأة العاملة “بأن ترضع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما”. ثمّ اعتذر عنها مؤخّرا، ولكن يبدو أنّ هذا الاعتذار جاء نتيجة ضغط المؤسّسة الدّينيّة وبعض الفاعلين السّياسيّين، لأنّ صاحب الفتوى حرص في اعتذاره أن يقول للمسلمين ما مفاده أنّه ليس من أهل البدع، فهو قد اتّبع السّلف الذين يقولون برضاع الكبير، بما أنّه أصدر هذه الفتوى “نقلاً عن الأئمة ابن حزم وابن تيمية وابن... |
لعل السبق التعبوي في مضمار استنفار الحساسية المذهبية، الذي أحرزه المفتي قباني بالرغم من وداعة قسماته التي لا يملك التصرف حيالها شيئا، على الشيخ سعد الحريري زعيم تيار المستقبل في تأبين النائب عن هذا التيار في البرلمان اللبناني: وليد عيدو وولده ومرافقه، ما يكمل المشهد الذي يتشكل في أربع أرجاء العالم العربي –الإسلامي. المشهد الذي يزاحم فيه رجل الدين، رجل السياسة حقل وظائفه ..الصورة التي تقدمها مصر المحروسة عن استعادة الشيوخ زمام المبادرة ليست الحالة القصوى.. لكنها العينة الأكثر إقلاقا في القطوع الحرج الذي يجتازه النظام السياسي العربي، نظرا لاحتلال مصر موقع الشرابة في السبحة التي يتشكل منها هذا... |
ما قدمه داروين من علم بكشفه عن فكرة التطور لم يكن فقط تغييرا ثوريا في المفاهيم العلمية، ولم يكن مجرد إقصاء للنص الديني في أسباب الأنواع ووجودها. لقد فتح داروين قمقماً أخرج منه فكراً جديداُ ومفاهيم جديدة عن وجودنا وأخلاقنا وأنار طرقاً هي في الواقع أغرب مما نعتقد. لا يمكن أن تأتي العبارة التالية بشكل أقل مباشرة أو وضوحا مما سأقوله: بعض العلماء يعتقدون أن علم التطور فتح الطريق نحو دين جديد يشابه زاوية مهمة من الدين القديم. هذا الطريق سار على خطاه أحدث العلوم المتفرعة عن فكرة التطور، وهو علم البيولوجيا... |
إنّ “القصيدة الموضوعيّة” قصائد. قد يصعب أن نستخلص منها حكما عامًّا تصنيفيّا يستوعب الجزئيَّ والكلّيَّ معًا, لأنّ هذين، كثيرا ما يتدافعان. الأمر الذي يكاد يقتضي في كلّ نصّ, مراجعة ما استتبّ من قوانين, ونظرا آخر في كفايتها, فقد يجلّي لنا القانون, صفةً من صفات هذا أو ذاك, ولكنّه يحجب على أخرى من هذا أو ذاك في ذات الآن. وقد يذهبَنَّ في الظّنّ أنّ هذه النّصوص تنهض على قواعد لا على قوانين, وأنّ من كفاية القاعدة أن تحوز الجزئيَّ الخاصَّ أو المملوك اللّغويّ. ولكنّ القاعدة تستتبع الحكم بالصّواب أو الخطأ.... |
مات أبو محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ حَتْفَ أنفه أو لعلّ الصواب أنّه مات حتفَ فِيه إذْ داهمته المنيّةُ إثر هريسة بلعها سخنة فأهلكته. مات تاركا وراءه صيحة عظيمة سُمعت من بعيد. ثمّ أغمي عليه إلى وقت صلاة الظهر، ثمّ اضطرب ساعة، ثمّ هدأ، فمازال يتشهّد إلى وقت السحر، ثمّ مات. وكانت ميتته التي سجّلتها كتب التراجم والتواريخ، وهو في منتصف الكهولة (57 عاما)، ميتة مأساوية بكلّ المقاييس. ليست الصيحة الحادّة التي خلّفها ابن قتيبة إلاّ صيحة فكريّة جسّدها معلمٌ راسخ من معالم الثقافة العربيّة... |
لعل السبق التعبوي في مضمار استنفار الحساسية المذهبية، الذي أحرزه المفتي قباني بالرغم من وداعة قسماته التي لا يملك التصرف حيالها شيئا، على الشيخ سعد الحريري زعيم تيار المستقبل في تأبين النائب عن هذا التيار في البرلمان اللبناني: وليد عيدو وولده ومرافقه، ما يكمل المشهد الذي يتشكل في أربع أرجاء العالم العربي –الإسلامي. المشهد الذي يزاحم فيه رجل الدين، رجل السياسة حقل وظائفه ..الصورة التي تقدمها مصر المحروسة عن استعادة الشيوخ زمام المبادرة ليست الحالة القصوى.. لكنها العينة الأكثر إقلاقا في القطوع الحرج الذي يجتازه النظام السياسي العربي، نظرا لاحتلال مصر موقع الشرابة في السبحة التي يتشكل منها هذا... |
برزت، إنطلاقاً من تسعينات القرن العشرين، مجموعة من المقولات في الفكر السياسي. وقد استخدمها كثير من الباحثين والصحفيين في مقالاتهم ودراساتهم وأحاديثهم. غَلب عليها طابع العمومية وعدم الوضوح وعدم التحديد واللعب في اللغة والتورية. منها : المجتمع المدني، الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعددية. وسنناقش حصراً مقولة حق الاختلاف لما لها من دلالات على مستويات عدة. يعبر مفهوم حق الاختلاف كما طُرح عن الحرية المطلقة في الاختيار، حيث يمكن للأفراد والجماعات أن يتموضعوا في أي حزب سياسي أو جماعة أو عمل أو ارتباط أو نشاط ما،وأن يختاروا ما شاؤا من أشكال الفكر وأن يحولوه إلى ممارسة عملية. هذا الحق كما هو مبيّن... |
لن يغيّر الناس مذاهبهم، على النحو الذي يغيرون فيه قناعاتهم الأخرى، وهذا ما يجعل المطلب الديمقراطي في بعض الدول العربية محفوفاً بهيمنة مذهب الأغلبية بشكل متواصل. أي أن الديمقراطية “الطائفية” تخالف مفهوم الديمقراطية ذاته، فتقتصر على حدّه الأول “حكم الأغلبية”، بينما تغفل الجانب الأهم وهو واجب الأغلبية في السماح للأقلية بالتحول إلى أغلبية أو ما نسميه بتداول السلطة. ولأن الأغلبيات والأقليات الدينية، والإثنية أيضاً، مستقرة وغير قابلة للزحزحة فالمخاوف الأقلوية ستبقى قائمة، ما دام صندوق الاقتراع مرآة للعصبيات لا تكريساً لمفهوم الدولة. بهذا المعنى تبدو الديمقراطية العربية استيراداً لمنجزات الدولة المعاصرة،... |
لا تغيب الشكوى من أزمة نشر وانتشار الكتاب العربي عن الواجهات الإعلامية العربية، بمناسبة ومن دون مناسبة؛ وفي كل مرة يتم عرض الإحصائيات التي تؤكد على الفارق المخجل والمخزي بين حجم الطباعة العربية ومثيلاتها في أغلب دول العالم، بما فيها شبيهاتنا من الدول المتخلفة، أو دول العالم الثالث. وينتصب السؤال الدائم المخجل: لماذا العرب في الدرك الأسفل في مستويات النشر والطباعة، مع أنهم أصحاب ثقافة وحضارة؟! والخجل المتأتي من هذا السؤال نابع من كون هذا الفارق يدل بشكل حاسم على تخلف العرب وجهلهم، قياسا بغيرهم من الشعوب الراهنة، مما يُصعّب على المثقفين العرب نكران الإقرار بحقيقة هذه المشكلة التي تحولت إلى أزمة مزمنة. |
ثمة فوضى خطيرة في استخدام مفاهيم “التغريب” و“العصرنة” و“التحديث” بوصفها مترادفات يمكن إحلال أحدها محل الآخر، سواء في البحوث الأكاديمية أو في اللغة اليومية المتداولة في تركيا. ازداد الأمر سوءاً بالخلط بين مفهومي “السيكولارية” (secularısm) و“اللائكية” (laicism) كما لو كانا بالمدلول نفسه، ومثال ذلك ترجمة عنوان بحث “نيازي بركس” الذي كتبه بالإنكليزية: “The Development of Secularism in Turkey” إلى التركية بعبارة “العصرنة في تركيا”، مما دفع الوضع إلى فوضى مفهومية كاملة. المشكلة التي أمامنا والنابعة من استخدام مفاهيم متمايزة كما لو كانت مترادفة في المعنى، تزداد تعقيداً مع تحديد تلك المفاهيم بمقاربة... |
قانون الأواني المستطرقة المعروف يقول: إذا وصلنا بين عدة أوعية وسكبنا في احدها سائلا توزع السائل إلى الأوعية الأخرى المختلفة الأقطار وارتفع سطح السائل “الحر” فيها جميعا إلى المستوى الأفقي نفسه مهما كان شكل الوعاء. أحسب أن هذا القانون الفيزيائي يسري على مجالات الحياة من سياسة واجتماع واقتصاد ونفس بشرية وان بسرعات متفاوتة. فالحرية المطلقة للطاغية تخفض مستوى حرية الشعب السياسية بنفس المستوى، وإذا كانت نسبة فوز الزعيم 99 بالمائة فان الشعب يتمتع بحرية سياسية بمستوى واحد بالمائة (حق نقد إسرائيل الذي... |
لكلّ مجتمع جملة من التّمثّلات والقيم والعادات والتقاليد الّتي تشكّل جميعها متخيّله الجمعيّ أو لاوعيه الجمعيّ. ولكلّ جماعة دينيّة ما ثوابتها وقيمها ورموزها الّتي قد تختلف وقد تتّفق ورموز جماعة دينيّة أخرى. وما يمكن قوله أنّ هذه القيم تمثّل جوهر تلك الجماعة الدّينيّة بل وترسم معالم هويّتها المخصوصة بالضرورة. لذا عندما تُمسّ هذه القيم أو الرموز تردّ تلك الجماعة الفعل بعنف بدافع الدّفاع عن الهويّة التّي يقع اختزالها في تلك الرموز الديّنيّة. والجدير بالذكر أسطرة تلك الرّموز الّدينيّة وأسطرة... |
عامان مرّا على رحيل محمود المسعديّ أحد أعمدة التنوير في ثقافتنا العربيّة عموما وفي الثقافة التونسيّة على وجه التخصيص. منذ ذلك الوقت، فنيت روح هذا الصوفيّ العظيم وما فنيت أشواقه التائهة فينا، وارتقى إلى المحلّ الذي عاش على انتظاره، ليلقى، كأحد الكلاسيكييّن والحداثييّن الكبار، أفذاذَ الثقافة الإنسانيّة الذين أحبّ: صوفوكل وأبيقور، أبا نواسٍ وأبا العتاهية والمعرّي وأبا الفرج الأصبهانيّ والتوحيديّ وعمر الخيّام والغزاليّ وإبسن وراسين ونيتشه وهولدرلين وكامو وسارتر والآخرين.. مات محمود المسعديّ... |
خطاب الاتصال خطاب الوصل و الربط و الوحدة، الخطاب الذي يقيم تيارات، ويرسخ عقائد، و يردد شعارات، فيؤسس عائلات فكرية. أما خطاب الانفصال فهو خطاب الفصل و القطيعات و التعدد، خطاب اليتم. خطاب الاتصال خطاب ألفة و حنين، أما خطاب الانفصال فخطاب غربة و هجرة. خطاب الاتصال خطاب “مواقف” تقف في مواقع بعينها، خطاب “مقامات”. أما خطاب الانفصال فخطاب التنقل و الترحال، خطاب “أحوال”. خطاب الاتصال خطاب الاقتناع و القناعة و التشبع، خطاب تكوين وبناء.أما خطاب الانفصال فخطاب تشكك و ارتياب و ظمأ، خطاب... |
كان على مولانا عبد العزيز غازي إمام المسجد الأحمر وهو يتسلّل مذعورا بيْن طالبات مدرسة حفصة الملحقة بمسجده أنْ يجيب عن تساؤليْن يلوطان بإمام أشهر مدرسة دينيّة في إسلام أباد. أوّل السؤاليْن: كيف يقبل الإمام المعتصم مع طلاّبه وطالباته منذ أكثر من عام مطالبا بتطبيق الشريعة الإسلاميّة أنْ يسمح لنفسه وفي لحظة مجنونة أنْ يكون من المتشبّهين بالنساء وقد لُعِن المتشبّهون من الرجال بالنساء كما لعنت المتشبهات من النساء بالرجال؟. وثانيهما: كيف يسمح الإمام الذي أفتى بحرمة الموسيقى والفنّ ومظاهر المدنيّة... |
لم يحظ كاتب فرنسي، ولا غير فرنسي ربما، بالتمجيد والتعظيم في حياته وبعد مماته كما حظي فيكتور هيغو. فهو لم يكن شاعراً ملعوناً أو منبوذاً على طريقة بودلير، أو فيرلين، أو رامبو. وإنما عاش معززاً مكرماً حتى عندما كان منفياً لمدة عشرين سنة تقريباً. واستلم أعلى المناصب في مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، والأكاديمية الفرنسية. وكان الناس يحيونه عندما يمر في الشارع صارخين: يحيا فيكتور هيغو! وهذا ما لم يحظ به إلا الرؤساء والزعماء الكبار من أمثال نابليون أو شارل ديغول.. وعندما مات عن عمر يتجاوز الثالثة والثمانين... |
اسألوا هؤلاء الشيوخ الذي يفتون باسم الدين، وهؤلاء المهرّجين الذين نصّبوا أنفسهم زعماء للإسلام، وهؤلاء البسطاء الذين لبسوا ثياب التقوى وزعموا أنهم يهدون الناس سواء السبيل. اسألوهم هل قرأوا المثنوي لجلال الدين الرومي وهل داعبت مسامعهم أشعار رابعة العدويّة في العشق الإلهي وهل فقهوا شيئا من حكمة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي وهل هم قادرون على أن يشرحوا فقرة واحدة من كتاب حكمة الإشراق للسهروردي وهل عرفوا أنّ كلّ اللاهوت الإسلامي (علم الكلام) إنّما استند إلى فلسفة ابن سينا الناقلة بدورها عن الإغريق؟ |
خلال حروب الردّة التي خاضها أبو بكر الصديق ضدّ تاركي الزّكاة، تحت شعار “و الله لأقتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة” باعتبار أنّ رافضي الزكاة لم يعلنوا خروجهم عن الإسلام، قتل خالد بن الوليد مالك ابن نويرة رغم إدلائه بالشهادة، ونزا على زوجته ليلى ودخل بها في نفس الليلة. وفي الإسلام لا تنكح المتوفى زوجها إلا بعد إتمام العدّة. وكان عمر ابن الخطاب يقول لخالد بن الوليد:“يا عدوّ الله قتلت مسلما ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنّك بالأحجار”، ولكن أبا بكر دافع عنه قائلا: “هبه يا عمر تأوّل فأخطأ فارفع لسانك عن خالد”. تكلم عمر ابن الخطاب باسم الرّعية التي يطبّق عليها القانون باحترام قدسي، أما أبو بكر... |
لسنا في حاجة إلى طول تحليل كي نبيّن أن من ما زال يتشبث بفصل الأدب عن الفلسفة صادر في موقفه عن تصور بعينه للكتابة الفلسفية، بل وعن مفهوم معين عن الأدب، هذا المفهوم الذي ربما يكون قد تُجووز. و لا يكفينا تدليلا على ذلك، أن نتذكر بعض الأسماء التي تشكل، في الفلسفة الغربية المعاصرة، قنطرة بين ما كان يعرف بالدراسات الأدبية، وما اصطلح عليه البحث الفلسفي، وإنما لا مفر من أن نحاول الوقوف عند التحول الذي عرفه هذا البحث وتلك الدراسات. ومن غير أن نقف عند أصول هذا التحول، يكفي أن نتذكر أن الفلسفة لم تعد اليوم تنصب على موضوع بعينه، وأنها أصبحت إستراتيجية، وهي أساسا إستراتيجية لتقويض الأزواج الميتافيزيقية،... |
تحيلنا الدعوات النسوية أحياناً إلى قرارات نهائية وتوصيات حازمة كان أحدها، إن لم يكن أهمها، في مجال الأدب، التمييز بين نص ذكوري وآخر أنثوي!! وفي هذا سخرية لا يطيقها حتى بعض الأدباء المهمومين بالكتابة عن المرأة من المتشيعين لها والأوصياء عليها، خشية أن يؤدي هذا التمييز إلى نزع اليقين عن كتاباتهم ووضعها موضع الشك، إن لم يكن البطلان، وإعطاء النساء حق احتكار الاهتمام بشؤونهن الأنثوية لسبب بديهي هو أنهن الأكثر إطلاعاً على ما يدور داخل عوالم جنسهن، وبالتالي كف سطوة الرجل وأدبه وفكره واجتهاداته عن مشاكلهن... |
ساخطون، غاضبون، متوترو الأعصاب، متجهمون إزاء الحياة، مستسلمون لبؤس لا قرار له. وكل هذا لأننا، المثقفين العرب، نفكر كثيرا في السياسة. والسياسة في منطقتنا، الآن ولسنوات طوال قادمة، لعبة وحشية لا نفاذ لنا إليها، وتأثيرنا عليها محدود جدا أو معدوم. ونحن نهتم كثيرا بالسياسة، جالبين الهم على قلوبنا، لأننا غير مقتنعين في أعماقنا بأن الثقافة شيء عظيم يستحق الوفاء له والانشغال به وحده. نعتبر الثقافة تابعة للسياسة، شيئا ربما يفيد أو هو حتى ضروري من أجل السياسة، لكن قيمته الذاتية محدودة. لا. الثقافة... |
لنتفق على الأمور منذ البداية: كل كاتب كبير وراءه مشكلة. قد تختلف نوعية هذه المشكلة من كاتب إلى آخر. ولكن تظل هناك مشكلة، أو جرح غائر لا يندمل. وكثيراً ما تتموضع هذه المشكلة في مرحلة الطفولة الأولى. فالطفولات الجريحة أو السوداوية هي التي تصنع الكتَّاب الكبار. وبودلير ليس استثناء على القاعدة ولن يكون. لكن ما هي مشكلة بودلير؟ إنها تتلخص بكلمة واحدة: زواج أمه بشكل مفاجئ بعد وفاة والده بفترة قصيرة جدا. وممن تزوجت؟ من الجنرال أوبك قائد المنطقة العسكرية لباريس.. كان يعتقد أنها له وحده بعد أن... |
طريقتان للتعامل مع الفلاسفة ونصوصهم: طريقة تدفعنا لأن نفكر مع الفلاسفة وضدهم وبرفقتهم، “نشتغل على” نصوصهم، و“ننشغل بـ”ها، و طريقة أخرى نقتصر فيها على “الاشتغال بـ”النصوص، وتوظيفها، بل والاستناد عليها. في الطريقة الأولى يكون الفلاسفة عظاما لا بما يعرفونه، بل بما لا يعرفون. أما في الطريقة الثانية فهم فلاسفة بما هم أساتذة يفتحون لنا أبواب “المعرفة” الفلسفية، ويحيطوننا علما بتياراتها المتشعبة، و مدارسها المتعددة، وقضاياها الشائكة. في الطريقة الأولى نكون أمام مفكرين نسائلهم و يسائلوننا، أما في الثانية فأمام “معلمين” نستفسرهم عما لم يتضح لنا من معاني وأفكار. في الطريقة الأولى “نشتبك”... |
قد لا يرجع تخيّر الكتابة في المجتمعات القديمة أداة تواصل، إلى قيمتها الذّاتيّة أو إلى نفعيّتها فحسب، وإنّما إلى السّلطة بالمعنى الواسع للكلمة، وصلتها بأحكام الكتابة وتدابيرها وتراتيبها. ولعلّ أخذ هذه “المصادرة” بالاعتبار ممّا يجعلنا نعيد الّنظر في وظيفة الكتابة في المجتمع العربيّ الإسلاميّ في القرون الثّلاثة الأولى للهجرة، فاحتفاء القرآن بالكتابة وأدواتها بدءا من سورته الأولى “العلق”، قد يكتنه في سياق هذه السّلطة سلطة الكلمة المكتوبة لا الكلمة الشّفهيّة. وربّما كان النّصّ (القرآن) منذ لحظة... |
لا يمرّ عام، بل لا يكاد ينقضي شهر، دون أن يصدر كتاب جديد عن الشاعر البريطاني ـ الأميركي الأصل توماس ستيرنز إليوت (1888 ـ 1965)، خصوصاً وأنّ التنقيب في كلّ ما قد يبرهن على عدائه للسامية هو الموضة الرائجة هذه الأيام بين مؤرّخي الأدب، ولكن ليس النقّاد... للمفارقة! غير أنّ الغائب الأكبر عن هذه الدراسات ـ السجالات هو إليوت آخر خفيّ بعض الشيء، رجعيّ في الفكر والسياسة، متعاطف بقوّة مع أفكار وتيّارات لم تكن البتة تليق بموقعه الحداثي في الشعر. ويرى ستيفن سبندر، في كتابه الممتاز «ت. س. إليوت» والذي... |
أثار الجزء الثّاني من مشروع الدّكتور هشام جعيّط في السّيرة النّبويّة والموسوم بـ“تاريخيّة الدّعوة المحمّديّة في مكّة” من جديد السّؤال عن المناهج التي نتوسّل بها لمقاربة مسائل الدّين، خاصّة تلك المتعلّقة بما تعدّه الأديان خوارق ومعجزات تشدّ التّاريخ إلى عوالم ماورائيّة متفلّتة عمّا تعتبره فلسفة العلم الوضعي شروطا موضوعيّة ضروريّة تحكم العالم الأرضي بكلّ ظواهره الطبيعيّة والإنسانيّة. و بقيت “الموضوعيّة الوضعية” منذ نشأتها معول هدم للإيمان الدّيني لأنّ الحقيقة في المنظور الوضعي تتوقّف على قابليّة... |
|