[rtl]تتكون جماعة انتروفرن Groupe d'entrevernes من سيميولوجيين ودارسين للكتاب المقدس. وقد أسست بمدينة ليون الفرنسية مركزا من أجل تحليل الخطاب الديني. ثم نشرت كتابا هو عبارة عن تطوير لسلسلة من المقالات، نشرت بين 1976 و 1978. ألف الكتاب جان كلود جيرو Jean-Claude Giroud ولويس بانيي Louis Panier عنوان هذا الكتاب هو: "تحليل سيميولوجي للنصوص"(*).[/rtl]
[rtl]نحاول هنا تقديم بعض المرتكزات والمنطلقات المنهجية التي تحدد استراتيجية التحليل عند هاته الجماعة. فهي ترى أن السيميولوجيا لعب. هذا اللعب المعرفي الذي يقوم به السيميولوجي لا يهتم بمؤلف النص، ولا بالعصر، ولا بالرغبات التي يتعين على هذا المؤلف الاستجابة لها. إنه لا يهتم ب: "ماذا يقول النص؟"، ولا ب: "من قال هذا النص؟"، ولكن ب: "كيف قال هذا النص ما قال؟". إن التحليل منصب إذن على هذه الكيفية. وعليه، فهذا التحليل لا يريد أن يتوصل إلى المعنى الحقيقي للنص، ولا يريد أن يبحث حتى عن معنى جديد. إنه يسعى إلى البحث عن الشروط الداخلية للمعنى. ولذلك يجب أن يكون محايثا. وهذا يفيد أن إشكالية العمل السيميولوجي تقوم على أساس الوظيفة النصية للمعنى، وليس على أساس العلاقة التي يمكن أن تربط النص بمرجع خارجي. إن المعنى هو حصيلة لعب ناتج عن علاقات بين العناصر الدالة من داخل النص.[/rtl]
[rtl]والمعنى لا يكون إلا بواسطة/ أو في الاختلاف: هذا هو المبدأ الذي تعرف عليه دوسوسور ويلمسلف Hjelmslev، والذي كان قاعدة للتطورات التي عرفتها الدراسات البنيوية. وتحليل هاته الجماعة بنيوي ما دام يسعى إلى وصف شكل المحتوى أو شكل المعنى، ليس المعنى ولكن معمارية المعنى.[/rtl]
[rtl]والتحليل السيميولوجي هو تحليل للخطاب. وهذا يجعل السيميولوجيا "النصية"، تمييزا لها عن سيميولوجيا غير "نصية"، تختلف عن اللسانيات البنيوية. إن هذه الأخيرة تهتم ببناء وإنتاج الجمل، لذا فعملها أو اشتغالها محصور فيها. أما السيميولوجيا فيكون موضوعها هو نظام وإنتاج الخطابات والنصوص.[/rtl]
[rtl]وإذا نحن اعتبرنا النصوص حصيلة تركيب تؤسسه القواعد والعلاقات فإنه يتعين التعرف على الوحدات القادرة على الدخول في هذا اللعب المكون من القواعد، وفي منظومة العلاقات، لهذا يبدو ضروريا تمييز مستويات الوصف، التي انطلاقا منها تكون العناصر وقواعد اندماجها معروفة بشكل ملائم.[/rtl]
[rtl]وعليه، فإذا تركنا جانبا (من أجل تفادي المزيد من تعقيد هذا المدخل الخاص بالسيميولوجيا) مستوى بنيات التجلي فإننا نرى بأن التحليل سيتطور اعتمادا على مستويين:[/rtl]
[rtl]- مستوى السطح[/rtl]
[rtl]- مستوى العمق.[/rtl]
[rtl]على مستوى السطح نتكهن بأن مكونين اثنين يقعدان نظام العناصر المعروفة بشكل ملائم في هذا المستوى:[/rtl]
[rtl]- مكون سردي: ينظم تعاقب وتسلسل حالات وتحولات[/rtl]
[rtl]- مكون خطابي: ينظم داخل نص تسلسل وجوه وأفعال المعنى.[/rtl]
[rtl]على مستوى العمق، هنا خطاطتان للتنظيم تكونان معدتين لتنظيم وترتيب العناصر التي ستكون معروفة بطريقة تلائم هذا المستوى:[/rtl]
[rtl]- شبكة للعلاقات تنجز سلما ترتيبيا لقيم المعنى حسب العلاقات التي تربطها فيما بينها.[/rtl]
[rtl]- منظومة الأفعال التي تنظم المرور من قيمة إلى أخرى.[/rtl]
[rtl]وترى هاته الجماعة بأن أي عرض، سريع وتلميحي، للنظام السيميولوجي يمكن أن يبدو متخذلقا ومعقدا. واعتمادا على تصورها رأت بأن الخطوة الأولى - ل. بنيات السطح - تكون مخصصة لفحص الإعداد انطلاقا من المستوى الأول: قسم أول سيكون مكرسا للتحليل السردي، وقسم ثاني لفحص المكون الخطابي.[/rtl]
[rtl]والخطوة الثانية تتعلق بالاشتغال على البنيات العميقة - ب بنيات عميقة - وفي الأخير يكون البحث، أكثر ما يمكن، من أجل تطبيق ما تم إعداده نظريا. لهذا السبب سيتم تحليل نصين:[/rtl]
[rtl]- الأول موجز "رسائل مطحنتي" “Letres de mon moulin” لالفونس دودي، المسمى ب: "أسطورة الإنسان ذي المخ الذهبي" “La légende de l'homme à la servelle d'or”. تحليل هذا النص يوضح بناء النظرية السيميولوجية: ليس فقط الأمثلة التي سوف تؤخذ من هذا النص من أجل توضيح المعطيات النظرية، ولكن بعد كل مرحلة مهمة سيكون هناك وصف تطبيقي.[/rtl]
[rtl]- الثاني موجز "سفر التكوين"، وهو السرد المشهور لـ "بناء برج بابل". وبعد عرض عناصر التحليل السيميولوجي فإن هذا المثال يريد أن يبرز كيف يهتدي تطبيق للتحليل وكيف ينبني، بالنسبة لنص، تشخيص لاشتغال المعنى.[/rtl]
[rtl]انطلاقا من هذا التصور العام تم تقسيم الكتاب إلى قسمين وملحق. كان الاشتغال في القسم الأول على المكون السردي، حيث كانت دراسة السردية والبرنامج السردي ومفاهيم أخرى.[/rtl]
[rtl]وترى هاته الجماعة بأن المعنى يوجد حيث يوجد الاختلاف. وبالنظر إلى هذا الارتباط الوثيق بينهما، يمكن القول بأنهما وجهان لعملة واحدة. والتحليل السيميولوجي للنصوص هو، في العمق، إعادة معرفة ووصف الاختلاف الموجود في النصوص.[/rtl]
[rtl]وعليه، فإننا حينما نصف المكون السردي للخطاب فإننا نختار وصف الاختلافات التي تظهر في متواليات النص. ذلك أننا في سرد، على سبيل المثال،نتتبع تطور شخصية. هذا التطور يبدو باعتباره تعاقبا لحالات مختلفة لهاته الشخصية.[/rtl]
[rtl]في قاعدة هذا التحليل السردي يوضع تمييز بين الحالات والتحولات، بين ما يعود إلى الكائن وما يعود إلى الفعل. إن حالة تعبر عن نفسها بواسطة فعل من صنف "être" أو "avoir". والتحليل السردي للنص هو أولا وضع ترتيب لتعبيرات الحالة وتعبيرات الفعل.[/rtl]
[rtl]ومن أجل تحديد أكثر دقة لتعبير الحالة، نستعمل مصطلحي ذات وموضوع. التعبير عن الحالة يناسب العلاقة الموجودة بين الذات والموضوع، "الإنسان" و "المخ الذهبي" على سبيل المثال. لكن لننتبه، إن الذات ليست شخصية والموضوع ليس شيئا، أنهما أدوار، حيث لا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر. لذلك لا وجود لذات دون موضوع ترتبط به وتتحدد به، ولا وجود لموضوع دون ذات يرتبط بها. وهناك شكلان للتعبير عن الحالة، أي شكلان للعلاقة بين الذات والموضوع، شكلان فقط.[/rtl]
[rtl]- تعبير منفصل عن الحالة، حيث تكون الذات والموضوع في علاقة انفصال. وإذا أخذنا V باعتبارها علامة على الانفصال، نكتب هذا الشكل وفق الصيغة التالية: (ذ V م) (ذ = الذات، م = الموضوع). مثال ذلك: "الإنسان فقد كل ذهبه" تكتب (ذ V م).[/rtl]
[rtl]- تعبير متصل عن الحالة. الذات والموضوع يكونان في علاقة اتصال. وإذا أخذنا ^ باعتبارها علامة على الاتصال، نكتب هذا الشكل وفق الصيغة التالية: ( ذ ^ م) مثال ذلك: "الصديق له قسط من الذهب" تكتب على النحو التالي: ( ذ ^ م).[/rtl]
[rtl]والتحول هو المرور من حالة إلى أخرى. وهناك شكلان للتحول، شكلان فقط.[/rtl]
[rtl]- تحول الاتصال، وهو تحول من حالة الانفصال إلى حالة الاتصال. ويكون ذلك وفق الصيغة التالية: (ذ V م) --< ( ذ ^ م).[/rtl]
[rtl]السهم يعني المرور من حالة إلى أخرى.[/rtl]
[rtl]- تحول الانفصال، وهو تحول من حالة الاتصال إلى حالة الانفصال. ويكون ذلك على النحو التالي : ( ذ ^ م) --< (ذ V م).[/rtl]
[rtl]بالنسبة للتحليل كل التعابير المتعلقة بالفعل يجب أن تكون مصنفة في إطار تعبيرات الاتصال وتعبيرات الانفصال.[/rtl]
[rtl]البرنامج السردي[/rtl]
[rtl]نسمي برنامجا سرديا تتابع الحالات والتحولات التي تتسلسل أو تترابط، وفق قاعدة تتعلق بعلاقة بين الذات والموضوع وتحولات هاته العلاقة. إن البرنامج السردي إذن يتضمن عددا من التحولات المتمفصلة والمتراتبة.[/rtl]
[rtl]بالنسبة لسردنا (النون الدالة على الجماعة في كل هاته المقالة تعود على جماعة انتروفرن) نعرف البرنامج السردي الذي يقوم بتجميع الحالات والتحولات، التي تترابط فيما بينها على قاعدة العلاقة بين "الإنسان ذي المخ الذهبي" مع "المخ الذهبي"، والتي تصل إلى الانفصال.[/rtl]
[rtl]ويكون ترابط الحالات والتحولات المكونة للبرنامج السردي منظما منطقيا - لهذا السبب يكون الكلام عن برنامج - والتحليل السردي تكون غايته هي وصف نظام البرنامج السردي.[/rtl]
[rtl]بالنسبة للتحليل، نسمي بسهولة البرنامج السردي انطلاقا من التحول الرئيسي، نتكلم مثلا عن البرنامج السردي انطلاقا من تبديد الذهب.[/rtl]
[rtl]الإنجاز والذات العاملة[/rtl]
[rtl]في السرد الذي يصلح مثالا عندنا، يتحقق البرنامج السردي من المرور من حالة الاتصال إلى حالة الانفصال: إنه سرد يتعلق بالفقدان. والعملية التي تنجز هذا المرور تسمى الإنجاز La performance. وكل عملية تنجز حول حالة نسميها إنجازا. هاته العملية المنجزة ( بفتح الجيم) تتطلب فاعلا، هو الذات الفاعلة أو العاملة. هنا أيضا يتعلق الأمر بدور وليس بشخصية.[/rtl]
[rtl]في سردنا هناك عدد من الشخصيات تتدخل بوصفها ذواتا عاملة في إطار الانفصال: "الوالدان"، "الصديق اللص"، "المرأة"، و"الرجل" ذاته. وفي التحليل السردي نتعرف على نموذجين للذات:[/rtl]
[rtl]- ذاتٌ حالةٌ، تكون في علاقة اتصال أو انفصال مع الموضوع: العلاقة بين (ذ - م) تحدد ملفوظ الحالة.[/rtl]
[rtl]- الذات العاملة، وهي تكون في علاقة مع إنجاز تنفذه: نسميها أيضا ذاتا للفعل. وتحدد العلاقة بين الذات العاملة والفعل ملفوظ الفعل.[/rtl]
[rtl]ف (ذ) ==< [(ذ V م) --< (ذ ^ م)][/rtl]
[rtl]إن حرف الفاء يعني هنا الفعل، والسهم المزدوج ملفوظ الفعل. كل الأدوار العاملية المختلفة التي رأيناها تتناسب مع مختلف الوضعيات في هذه الصيغة العامة.[/rtl]
[rtl]القدرة[/rtl]
[rtl]إن تنفيذ التحول من قبل الذات العاملة يتطلب من هاته الأخيرة أن تكون قادرة على تحقيق الإنجاز، أو هي قادرة أيضا.[/rtl]
[rtl]و سنسمي قدرة (التاء المربوطة بفتحتين) كل الشروط الضرورية لتحقيق الإنجاز. ويمكن أن نرد قدرة الذات العاملة إلى أربعة عناصر: وجوب الفعل، والرغبة في الفعل، والقدرة على الفعل، ومعرفة الفعل.[/rtl]
[rtl]لقد قدمنا الإنجاز بوصفه عملية تقوم بتحويل الحالات، حيث يكون المرور من حالة اتصال إلى حالة انفصال (أو العكس). وهناك شكلان للتحول، وشكلان للانجاز يتناسبان داخل النصوص مع شكلين للتلفظ السردي.[/rtl]
[rtl]1 - ملفوظ سردي متصل:[/rtl]
[rtl]ف (ذ) ==< [(ذ V م) --< (ذ ^ م)][/rtl]
[rtl]2 - ملفوظ سردي منفصل:[/rtl]
[rtl]ف (ذ) ==< [(ذ ^ م) --< (ذ V م)][/rtl]
[rtl]وقد تم تخصيص فصل في الكتاب لتبيان كيف أن هذين الشكلين للتلفظ يمكن أن يندمجا في السرد. وخصص فصل آخر لوصف وضعية الذات العاملة في الإنجاز.[/rtl]
[rtl]وفي التركيب السردي تكون الوحدة (بفتح الحاء) المركبة المناسبة هي البرنامج السردي (متوالية منظمة ومتراتبة من التحولات والحالات انطلاقا من تحول رئيسي). وكل برنامج سردي يتضمن منطقيا أربع خانات: تحول - قدرة - إنجاز - نتيجة. وكل خانة تتطلب الأخريات. وحينما نتعرف من خلال النص على واحدة من هاته الخانات، يجب أن نحاول اكتشاف الأخريات بغية إعادة تركيب الكل المكون للبرنامج السردي.[/rtl]
[rtl]وفي الفصول اللاحقة سنحاول تطوير الوصف الخاص بهاته الخانات المختلفة للمتوالية السردية. لن نقدمها وفق ترتيبها "الكرنولوجي" (تحول - قدرة - إنجاز - نتيجة)، لكننا سننطلق من وصف الإنجاز (الوصف الثاني) باعتباره نقطة مركزية، انطلاقا منها تنظم لحظات المتوالية منطقيا نفسها. ثم نقدم لاحقا قدرة الذات العاملة على الإنجاز ونظام صيغ الفعل (الفصل الثالث). أما الفصل الموالي فسيهتم بالنتيجة (الفصل الرابع) التي تعقب الإنجاز، وندخل المشاكل الخاصة بالمعرفة والحقيقة في السرد بشكل عام، مادمنا، في النتيجة، سنفسر الإنجاز. وهذا يؤدي بنا إلى إنهاء هذا العرض بالعناصر الضرورية للتحول (الفصل الخامس). وسينتهي تقديم المكون السردي بخاتمة (الفصل السادس)، وتمرين تطبيقي (الفصل السابع) حيث سنقدم التحليل السردي لنص دودي Daudet، الذي يصلح لنا لتقديم الأمثلة عبر كل هذه الفصول.[/rtl]