VN:F [1.9.13_1145]
Rating:
+3 (from 3 votes)
قصص سوريّة
—
عاد
نيرون إلى إحراق البلاد، عاد إلى حمص وإخوتها في جسد آخر، عاد بكل ما فيه
من غطرسة وتكبر ووحشية… فها هو يقصف الخالدية ودير بعلبة وكرم الزيتون في
منتصف هذه الليلة، وجيشه الفاشل قصف باب قبلي ودوما وعربين وجبل الزاوية
ظهر اليوم.. نيرون لا يعيد نفس دوره السابق في مسرحية روما فقط، فهو ليس
مجنون سوريا… نيرون هذه المرة خائف من الشعب كله، فهو لا ينتقم ممن
يكرهونه فقط ، بل ينتقم من كل الشعب على السواء ممن أحبه أو كرهه ذلك أنه
أدرك أخيراً أنه سيعود ساقطاً إلى مزابل التاريخ…
في
مساء هذا اليوم يزيد سجلات مجازر هابيل بمجزرة بشعة في حق الإنسانية ،
فتاة في ريعان شبابها وثلاثة نسوة غيرها ورجل، كلهم من عائلة واحدة، قتلهم
في حي كرم الزيتون هذا المساء… هكذا يكتب بالحرف في صفحات الإعلام
ونشراتها ، ولكن البشرية تخجل من أن تنشر الخبر كاملاً، فلا ناصر للحق ولا
صاحب ضمير حي في هذا العالم، ولا يوجد من يجرأ على الاقتراب من الخبر حتى،
لأنه خبر يمرغ بالأرض كرامة من يشاهده إذا لم يتحرك دفاعاً عن الأبرياء،
فالمصيبة لا تتوقف على حمام رجال ونساء… ففي حي كرم الزيتون هذا النهار
خمسة أطفال لا يتجاوز عمر أكبرهم خمس سنين وأصغرهم يقارب ثمانية أشهر،
قتلوا على يد قوات الرئيس الشاب الذي أتخم إعلامه الشعب بأنه سوف يقود
البلاد إلى صدارة العالم في الحضارة ويعلم العرب العاربة والمستعربة معاني
الديموقراطية وحقوق الإنسان… هكذا كان أولئك الأطفال يسمعون استاذ المدرسة
دون أن يفهموه وهو يخبرهم عن صورة ذلك القائد صاحب العينين الزرقاوتين
الذي يؤمن بشعبه…
أي بشر يذبح الأطفال؟
من كان يتصور أن الملائكة تذبح في بلد الياسمين؟ خمسة أطفال قتلوا نسفاً
وأحدهم أثر سكين الإجرام والتشفي بادية على رقبته.. أي وحشية تنحر طفلاً؟
وأي جيش عقائدي ممنهج على نحر رقاب الشعب ويشلح الجيوب؟ عشرات السنين
والشعب يستهلك عبارات الصمود والتحدي وهو يصبر نفسه بالعيشة التعيسة
فداءاً للجيش كي يُسلح ويُدرب على دحر العدوان الصهيوني والأمريكي
والإمبريالي والعربي وأخيراً أضيف العدوان الوطني إلى القائمة…
جدران
البيت تصرخ صامتة في وجه الجنود “تقتلون الكبار وقد فهمناها أنها بسبب
عدوانيتكم بحق إخوتكم الذين تجرأوا على الخروج على الطاغية، ذلك الطاغية
الذين ترونه رباً ومصلحاً وقائداً وولياً… أما كيف تفسرون غدركم بأطفال
وبأي ذنب قتلتموهم؟
وخجلاً من هذه
الجريمة يتنصل نيرون من أنقاد التاريخ ويتبرأ من بشار، ويقول مدافعاً عن
جنونه أنه ربما هو فرعون موسى من يتقمص بشار؟ أما فرعون موسى فيرجع إلى
البحر ليغرق نفسه مرة أخرى وهو يغرغر برب موسى ليقسم بأنه أرحم من بشار،
فهو قد قتل ذكور بني إسرائيل خشية أن يكون أحدهم قاتله، أما بشار فيقتل
الأطفال من كلا الجنسين، ليس خوفاً من أنو يكبروا على كرهه، بل حقداً
ونقمةً بهم لأنه يراهم أحراراً سيربون بقيم رجال أوفياء لحرية بلدهم لا
بهرطقات شيخ السلطان[1] وبلادة تصريحات الخارجية التي تسعبد عقول مؤيدي
أقوى حيوان في الغابة