طفال الثورة.. والوعي بالذات الإدارة | مارس 30، 2011 | التعليقات: 0
نهى سيدعدتُ
إلى روضتي بعد إجازة طويلة قضاها الأطفال ليستكشفوا القوة والقدرة
الإنسانيَّة, لكن هذه المرة ليست من”space toon” بل هي قوة وقدرة حقيقية
على الأرض, يرونها بأعينهم, ويستمعون لضجيجها بآذانهم، أحدهم من أبيه، وآخر
من أخيه، وثالث من إحدى أقاربه، ورابع وخامس…. من شاشات التلفاز التي ما
برحها أهل منزله طوال أيام وليالي الفرح, أيام الثورة المباركة.
وعادوا إليّ أطفالي بوجهٍ غير الذي ذهبوا به.
تحكي لي أم أحد أطفال روضتي, عن زوجها الذي افتتح محلاً جديدًا أسماه
على اسم الطفل أبو “خالد”، فقالت: “ربما كان سيفرح بها قبل الثورة لكنه
اليوم حزن حزنًا شديدًا وقال: لا أريده على اسمي بل أريده باسم شهداء 25
يناير” وتشاجر هو ووالده وجده على الاسم. وعندما رأى معي صورة للشهداء,
قالت عيناه بلا صوت يُسمع: “أعطينيها”..
سألني أحدهم: “هل سنحارب إسرائيل مرة أخرى؟!”.
وآخرٌ أدهشني بسؤاله: “هو ربنا بيحارب معانا؟”.
ورابعٌ ينتقد مهنية قناة الجزيرة – ربما سمعها من والديه – يقول لي: “اللي بيسمع قناة الجزيرة مش بيحب مصر”!.
ما أجملهم عندما اجتمعوا وعلت أصواتهم – مع علمي بأن النظام قد سقط –
ليهتفوا “الشعب يريد إسقاط النظام”, أشعر وكأنهم قوة لا يستهان بها حقًا,
إذا أرادوا.. أرادوا..
تلك هي روضتي بعد ثورة 25 يناير..
البراءة الطاهرة!
أحلام الطفولة!
المشاعر الملتهبة!
الأياد الزاهية!
الرسوم الكاشفة!
وأقف اليوم مندهشة, وفرحة, وقلقة, على مستوى الإدراك الذي وصلوا إليه.
الجيل الآن ليس صفحة بيضاء نملي عليها ما نشاء؛ بل جيل يعي ذاته جيدًا،
ربما سيعرف في الغد ما يريد، يرى بعين ثاقبة كل تحركاتنا, يرسم صورة لمن
كانت يومًا “معلمته”، هل أجبت على كل تساؤلاته بكل شفافية ودقة؟!، هل بُحت
له بكل أسرار الأفكار السامية التي تبني منه “إنسان”؟!. جيل يدرك أنه هو من
سيجني ثمار اليوم والغد لترتسم به أمة الحضارة..
لا أريد أن أفقد أنا وجيلي روح الثورة التي أنجبت مدارك هذا الجيل،
سنحافظ عليها، سنربي عليها أنفسنا ومجتمعنا كي يظل خالد وأحمد وزياد ومهاب
“مجد الغد وجيل الأقصى”.