بد للمرء أن يشد على أيدي المستشارين الملكيين لنباهتهم وإن كانت في الاتجاه السالب. فأولئك أناس يسهرون ليلا ونهارا على حماية الملكية من الانزلاق إلى هاوية ما اصطلح عليه بالربيع العربي. فمنذ تولي محمد السادس للعرش سنة 1999 بدأت الحبكة السياسية التي استساغها حتى أولئك الذين عاشوا بين جدران سجن تازمامارت بل وعائلات المقتولين والمفقودين أيضا في سنوات الرصاص لسلفه الحسن الثاني.
لقد نجحت الملكية المغربية في تدجين الحقل السياسي المغربي وترويض الأحزاب المعارِضة عبر التغلغل إلى مركزها لتصبح من أركان النظام الاستبدادي بدل قمعها كما كان يحدث في سنوات الرصاص. وقد قبلت الأحزاب المعارِضة باللعبة الملكية الجديدة إيمانا منها بشعارات الإصلاح التي لوح بها محمد السادس إبان تدرجه إلى الحكم أو طمعا في المنافع المادية التي قد تنالها لولائها للنظام الملكي.
وقد جاء ذلك الارتماء في أحضان المخزن المغربي أحيانا كرد فعل من قبل بعض الأحزاب والهيئات المعارِضة نظرا للاختلافات الايديولوجية والعقائدية العميقة فيما بينها. ونجح النظام في بلوة تلك الفجوات عبر أطراف داخل هذه الهيئات والأحزاب والجماعات محفزا إياها على الدفع بالحراك السياسي نحو التركيز حول الاختلاف فيما بينها بدل الوحدة ضد الاستبداد، علما بأن الوحدة بين الفصائل والمكونات السياسية والدينية المعارِضة هي السبيل نحو مواجهة الأقلية المستبدة الحاكمة.
وبعد أن ظهرت قوة الشارع المغربي المتمثلة في إمكانية تحالف اليسار العلماني والجماعات الإسلامية، واللذيْن وإن اختلفا في الرؤى والمناهج، فهما يتفقان في الغايات المتمثلة في تأسيس دولة الحق والقانون المبنية على العدالة والإنصاف والتوزيع العادل لثروات البلاد ومحاسبة الفاسدين وإنهاء الظلم وإنصاف اليد العاملة، ظلت الشكوك عالقة بين الطرفين، وتحاكما إلى ميزان عقائدي أو فكري يحسب الفوز والخسارة، فلم ينجحا معا في التحالف ضد الاستبداد محققين بذلك حلم النظام الملكي المستبد إبان أوج ‘الربيع العربي’.
وما رأيناه من حديث عن الإصلاح والتنمية المستدامة وحقوق للإنسان والديموقراطية والمصادقة على تشريعات مدنية وإنشاء لهيئات من قبيل الإنصاف والمصالحة والقطع مع أزمنة الرصاص لم يكن سوى استراتيجية مخزنية لتعميق الفرقة بين المعارضة والحيلولة دون التحامها في صف واحد. وقد تبين أن مناخ الحوار الذي فتحه النظام المغربي وغلفه بغشاء الإصلاح لم يكن سوى خطوة ماكرة تدفع بالفاعلين في التيارات اليسارية والإسلامية للدلو بدلوهم بغية إعادة تشكيل الطريقة التي تعمل بها المعارضة السياسية بالمغرب.
السبت أبريل 01, 2017 10:09 pm من طرف Admin