abdo ثـــــــــــــــائر
الجنس : عدد المساهمات : 68 معدل التفوق : 176 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 28/01/2012
| | الملكية والأحزاب في المغرب. مقاربة السياسة الحزبية للملكية | |
الملكية والأحزاب في المغرب.
مقاربة السياسة الحزبية للملكية
يونس برادة
في افتتاح السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية السابعة حرص الملك محمد السادس على وضع تصوره لمكانة الحزب في النظام السياسي المغربي ودوره المحتمل في التوازنات التي تعتزم الملكية بلورة خيوطها للعهد الجديد على مستوى الإستراتيجية السياسية المركزية. ويتمثل التوجه الجديد في ضرورة انخراط الأحزاب في ما يوصف بالمشروع المجتمعي القائم على”بناء مغرب ديمقراطي موحد، منتج وتضامني، متقدم ومنفتح” وهو ما يتطلب – برأي الملكية –”تقوية دور الأحزاب بإيجاد إطار تشريعي جديد وفعال يستمد فيه الحزب شرعيته القانونية من مشروعيته الديمقراطية ويأتي بإجابات جماعية متميزة عن قضايا مجتمعية عريضة، وليس تلبية لمطامح شخصية أو فئوية ضيقة” [1]. وفي غمرة المراجعة الدستورية لسنة 1992 التي جاءت لتتوج مسارا دستوريا سياسيا جسد تنازعا مضمرا ومعلنا بين الملكية والمعارضة التاريخية – الممثلة في أحزاب الحركة الوطنية الرئيسية- لم يخرج العاهل الحسن الثاني (1961-1999) عن النسق الفكري الإيديولوجي الذي أصلته الملكية منذ الاستقلال ليفصل في أمر التغيير على مستوى انطلاقا من محددين ”الإسلام يمنع إقامة ملكية دستورية يفوض فيها الملك جميع سلطه ويصبح يملك دون أن يحكم”[2] و”الملك هو فوق الجميع وأب الجميع وراعي الجميع”[3]. بهذا التأصيل الذي يمزج بين مفهومي الملكية الحاكمة والتحكيمية تكون الملكية قد اختزلت طبيعة النظام السياسي المغربي وحددت الموقع المقترح لباقي الفاعلين وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية التي شكلت أداة لاستجلاء حدود التغيير في البنيات السياسية بالمغرب ومعاينة مواطن التمايز بين الممارسة الفعلية للسلطة السياسية ووضعية التموقع داخلها أو إزاءها مرحليا أو استراتيجيا. فالحديث عن الإصلاح الحزبي مرتبط في جوهره بالعلاقة بين الفاعل المركزي المتمثل في المؤسسة الملكية والمكونات الحزبية ضمن تصور تظهر في خضمه السلطة السياسية مسيجة ببنيات الحكم ومقوماته المركزية. ومن هنا فالحزب داخل النظام السياسي المغربي يطرح كمحدد لفهم طبيعة هذا النظام والوقوف على ملامح تطوره أو انحصاره وعلى آلياته وضوابطه وحركيته أو سكونيته باعتبار أن الظاهرة الحزبية تظل مكونا أساسيا في المشهد السياسي بالمغرب إذ أنها تعد انطلاقا من أطرافها وطبيعة الرهانات المتصلة بها تجسيدا للمسار السياسي في المغرب بمختلف تجاذباته. وتأسيسا على هذا التصور يبدو أن التعامل مع المسألةالملكية والأحزاب في المغرب الحزبية داخل النسق السياسي المغربي ينطلق من تحديد المركز السياسي للفاعل المحوري المتمثل في المؤسسة الملكية قبل الوصول إلى التمثل الاستراتيجي للفعل الحزبي ضمن تصور المؤسسة الملكية. وهو ما يسمح منهجيا بالنبش في بعض ملامح ما يمكن وصفه بالسياسة الحزبية للملكية. المبحث الأول - المركز الاستراتيجي للملكية تنطلق الملكية في تصورها لمكانتها الدستورية من اعتبارات تتجاوز المنطوق الدستوري لتستحضر جوانب مستمدة من الثقافة السياسية السائدة اعتمادا على شرعية تقليدية تمزج بين الدين والتاريخ. أولا - الموقع الدستوري
بقطع النظر عن السلطة التأسيسية التي ظلت حكرا على الملكية منذ دستور 1962 يتضح أن الملكية اتجهت إلى الدلالات الدينية لتوظيفها في خطابها السياسي قصد تأكيد سموها السياسي/الدستوري معتبرة أن أمر الحكم في المغرب يتصل برابطة بين الملك وشعبه والتي تبقى – حسب تعبير الملك الحسن الثاني – ”أكبر عامل في صنع تاريخنا المديد، فهي التي كفلت استمرار المغرب طيلة قرون تحت سلطة أسلافنا المقدسين كدولة لها كيان محفوظ وحوزة منيعة ومقومات محترمة”[4].
ومن هذا المنظور اختارت الملكية دستورا”يتلاءم مع التقاليد المغربية والمزاج المغربي والإنسية المغربية"[5]. وهو ما يفسر التداخلات التي تمزج بين المضمر والمعلن والعرفي والمكتوب في التعامل مع الشأن السياسي في المغرب[6].
وعلاوة على الاختصاصات الكلاسيكية لرئيس الدولة يبدو أن المكانة السياسية/الدستورية للمؤسسة الملكية تحتل موقعا مهيمنا في الهرم الدستوري برمته كما يجسد ذلك الفصل التاسع عشر الذي ينص على أن الملك هو ”أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة[7] وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور. وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات. وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة". وبذلك يتجلى نظام الحكم في المغرب ملكيا شكلا ومضمونا، إذ أن الملكية تسود وتحكم. وهذا ما يذهب إليه الحسن الثاني بقوله ”إن الشعب المغربي اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى ملكية شعبية إسلامية، ولهذا يحكم الملك في المغرب، والشعب نفسه لا يستطيع أن يفهم كيف يمكن أن يكون ملكا ولا يحكم. فلكي يستطيع الشعب أن يعيش.. وتكون الدولة محكومة، يجب أن يعمل الملك وأن يأخذ بين يديه سلطاته ويتحمل مسؤولياته"[8].
ويبدو أن الفصل التاسع عشر من الدستور جاء ليؤسس أو ليكرس على أعلى مستوى”هذه المسؤوليات” التي تنم في دلالاتها وأبعادها ومستوياتها والتوظيفات التي شملتها عن حقيقة السلطة في المغرب، وهو ما جعل رأي كثير من الباحثين ينحو بلا تردد إلى اعتبار الملك”المسؤول الرئيسي الفعلي والأخير عن تطبيق كل القواعد العليا"[9].
وإذا كان الفصل التاسع عشر من الدستور مفتاحا مبدئيا لتبين مركز المؤسسة الملكية في البناء الدستوري، فهو يجسد أيضا المنطلقات العقائدية الكبرى التي تراهن عليها الملكية لإدارة دفة الحكم في البلاد. وهو ما يفسر استحضار الملك محمد السادس – الذي تولى السلطة رسميا في 30 يوليوز 1999- لمنطوق هذا النص في خطابه للشعب[10] تأكيدا بذلك لاستمرارية المؤسسة الملكية الاعتبارية والمادية ومركزية مكانتها الدستورية. ومن خلال قراءة شكلية للدساتير المغربية يتضح أيضا أن الملكية كانت حريصة أشد الحرص على إبراز سموها في النصوص التي بلورتها من خلال التحكم في الجهازين التشريعي والتنفيذي على حد سواء، خاصة وأن مبدأ فصل السلط الذي يعد الأساس المبدئي في المنظومة الديمقراطية لم يجد موطئ قدم له في النص الدستوري المغربي خاصة في المحاور المتعلقة بالسلطة الملكية ومجالات تحرك الملك الدستوري.
ولعل هذا التصور هو ما استحث الملك الحسن الثاني على الدفع بأن مبدأ فصل السلط لا ينسحب إلا على السلط الثلاث الكلاسيكية المتمثلة في الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية دون أن يشمله بأي شكل من الأشكال. ”فإذا كان هناك فصل للسلط – يقول الحسن الثاني – لا يمكن في مستواي، بل فصل السلط هو في مستوى أدنى. فالملك يحكم بلاده ويسير سياستها مستعينا بسلطتين.. السلطة التنفيذية وهي الحكومة والسلطة التشريعية وهي البرلمان”[11].
وترتيبا على ذلك، ظلت الملكية منذ دستور 1962 محافظة على موقعها المحوري في الهرم الدستوري إذ لم تكن سلطتها محل نقاش أو موضع تقليص فعلي بمناسبة المراجعات الدستوري الأساسية لسنوات 1970 و1972 و1992 و1996. ذلك أن دائرة التدخل تهم الحكومة والبرلمان -بما في ذلك وضع حد للحياة البرلمانية وفق سلطة تقديرية واسعة سطرها الفصل الخامس والثلاثون- علاوة على سلطة كبرى في مجال التعيين –وبالتالي التحكم في طبيعة النخب وحركتها- إذ يعين الملك في الوظائف المدنية والعسكرية والقضائية[12]. فمجالات التحرك السياسي/الدستوري تخول للمؤسسة الملكية إمكانية التحكم في سائر المؤسسات ليصبح المسلسل الدستوري في المغرب ”مسلسلا للمحافظة على السلطة"[13] التي”يضبطها ويوجهها القصر” حسب تعبير الباحث الأمريكي جون واتربوري[14].
ويحيل البناء الدستوري في المغرب على تركيبة ثنائية تمزج بين الطابع التقليدي الذي يجد أساسه في ”البنية المخزنية للنظام”[15] والشكل التحديثي/ الحداثي من خلال التماهي مع بعض الأسس المتعارف عليها مبدئيا في المنظومة الديمقراطية، ولاسيما في ما يتصل باختصاصات الجهازين التنفيذي والتشريعي والعلاقات بينها وبعض مبادئ دولة الحق والقانون.
وتأسيسا على هذا التوجه الازدواجي البناء يصبح النظام الدستوري المغربي – كما خلص إلى ذلك الباحث كيبال- محكوما بهاجس”المحافظة على استمرار الموروث الدستوري وولوج التحديث دون تحريف الموروث"[16]. ثانيا - حقيقة السلطة أو المكانة السياسية للملكية عندما تتحدث الملكية عن نفسها، غالبا ما تلجأ إلى تمجيد مكانتها السياسية من خلال استحضار بعدين متداخلين: الأول ديني/سياسي يتمثل في البيعة والإمامة الشرعية، والثاني براغماتي يتمحور حول ضمان وحدة الشعب والتراب.
فعلى المستوى الأول، تحرص الملكية في مواجهة باقي مكونات الحقل السياسي وخاصة الأحزاب السياسية -ولاسيما أحزاب الحركة الوطنية التي كانت تركز خطابها على شرعية نضالها ومدها المطلبي في عهدي الاستعمار والاستقلال– على إبراز مصدر وجودها بناء على نظرية تحيل على جعل أساس السلطة السياسية مسألة توقيفية أجل من أن تكون شانا عاما[17] فهي”أمانة –يقول الحسن الثاني– لا يمكن تفويتها ولا تفويضها”[18] لأنها تجسيد”لبيعة الإمامة الشرعية التي تطوق عنقنا وعنقك-يقول الملك محمد السادس– موصولة بما سبقها على امتداد أزيد من اثني عشر قرنا موثقة السند بكتاب الله ورسوله الكريم ومشدودة العرى إلى الدستور المغربي”[19].
أما البعد الثاني فيؤكده خطاب الخصوصية الذي يعتبر ركنا ركينا في تحديد شرعيات النظام السياسي المغربي من خلال الإشارة المتواصلة والمكثفة إلى دور الملكية في تاريخ المغرب. فالحسن الثاني لا يتردد في الجزم بأن المؤسسة الملكية هي التي”صنعت المغرب"[20] وأنها”كانت ضرورة ولزوما”[21] إذ ارتبط بها المغرب ارتباطا يصل إلى درجة الحتمية التي يعبر عنها العاهل المغربي بقوله ”لولا ملكية شعبية لما كان المغرب أبدا”[22]
وتعتبر الملكية في هذا السياق أنها تظل صمام أمان وحدة البلاد” إذ لولا الملكية التي ارتضاها المغاربة –يقول الحسن الثاني– في هذه البلاد عن طواعية واختيار لرأينا ملوك الطوائف"[23].
وإذا كانت السلطة كما يرى ذلك الباحث الفرنسي جورج بوردو”وظيفة لا يمكن امتلاك ناصيتها إلا بممارستها”[24] فان الملكية تنطلق في نظرتها للشأن العام من زاوية الممارسة الفعلية للسلطة مع السعي باستمرار إلى الحفاظ على جوهرها.
وتأسيسا على هذه المحددات يمكن الذهاب مع الرأي المتجه إلى أن بنية السلطة تتصل على نحو تلازمي بأشكال التنظيم السياسي[25] مما يبعث على الدفع بأن ممارسة السلطة من قبل المؤسسة الملكية تتسم بطابعين مترادفين يتمثلان في الحرص على الحضور الشامل والتحكم في”سلطة التأويل الاستراتيجي”. 1- الحضور الشامل يقترن الحضور الشامل للمؤسسة الملكية في المجالات المتصلة بالسلطة السياسية بالاختصاصات الواسعة التي تعود للملكية دستوريا وسياسيا وحرصها على فرض نوع من الاكتساح المجالي. وهو ما يحول الأحزاب السياسية إلى أطراف غير وازنة بقوة الأشياء من زاوية إمكانية تقاسم السلطة أو المشاركة الفعلية أو المباشرة في تدبيرها.
ولعل هذا الواقع يجد سنده بصفة مركزية في البنية المخزنية المتمثلة في سيطرة أساليب الحكم التقليدية التي تعتمد على ”الإرادة والقرار والتعليمات وموازين القوى في التعامل مع القضايا البشرية"[26]أ كما أن عهد الحماية في عقوده الأربعة لم يكن ليستأصل الموروث المخزني رغم تحويله لدور المخزن التقليدي الذي يظل حاضرا ماديا وسوسيولوجيا وإن كان غير وارد صراحة على المستويين القانوني – المعياري والعقائدي – المذهبي26ب.
وبالوقوف على ملامح ”السياسة المخزنية” في مغرب الاستقلال يتجه عدد من الباحثين بالرأي إلى أنها قامت في مجملها على تدعيم السلطة المركزية[27] من جهة، والتهميش الفعلي للفرقاء السياسيين، خاصة أحزاب ما يمكن وصفها بالمعارضة التاريخية[28] المشكلة من مكونات الحركة الوطنية من جهة ثانية[29] إضافة إلى إعادة تشكيل الوسائط التقليدية في البوادي وإعادة تحريك العالم القروي من الناحية السياسية لتجعله ذائدا عن حياض العرش –حسب تعبير ريمي لوفو[30] مع الاعتماد على النخب المحلية في المدن والبوادي[31] وإحكام الطوق على”الجهاز البيروقراطي"[32]
وفي هذا المنحى تتحول الطبقة السياسية إلى دعامة اسنادية[33] بدل أن تكون طرفا وازنا في القرار السياسي الذي يتحول بذلك إلى قرار مغلق[34]. وهو الواقع الذي يمكن التساؤل في خضمه عن الموقع المفترض أو المأمول للحزب في تركيبة النظام وهندسته العامة[35].
والعلاقة بين الملكية والأحزاب وفق هذا المنظور محكومة بالعلاقة الجامعة بين الملكية والشعب والتي تقوم –حسب التصور الملكي– على ارتباط عضوي لا يحول دونه حائل بما في ذلك المنظمات الوسيطة وفي مقدمتها الأحزاب السياسية. فالعلاقة قبل كل شيء علاقة أبوية في كنهها وهو ما يفسر –نظريا على الأقل– الحضور الشامل للمؤسسة الملكية سياسيا ودستوريا ومجتمعيا. وتكون الملكية –مبدئيا على الأقل– وراء كل المبادرات ذات الطابع السياسي الاستراتيجي كتطور الحياة الدستورية والمؤسسات السياسية إذ لا يمكن تصور أي مبادرة سياسية تهم السلطة ونظام الحكم في المغرب خارج الإرادة الملكية[36]. كما تحرص على إثبات تواجدها بل وتأثيرها الحاسم على المسار الاقتصادي من خلال رسم التوجهات الاقتصادية الإستراتيجية[37] وعلى الوضعية الاجتماعية في أشمل أبعادها خاصة منها تلك التي تهم العمليات الكبرى ([38]. ولا يتصور مطلقا في المغرب السياسي أن تكون المؤسسة الملكية غائبة عن الملفات الكبرى (كملف التعليم مثلا)، أو غير متواجدة على مستوى رسم التوجهات المركزية في القضايا التي يكون صداها واسعا إعلاميا وشعبيا[39]. كما أن حضور الملكية الرمزي في المواسم والزوايا بواسطة الهبات والهدايا يدل على رغبة معلنة في التواجد ماديا واعتباريا ارتكازا على رؤية مجالية يقترن فيها الوطني بالمحلي وتمتزج فيها السلطة المركزية بمختلف المكونات المجتمعية خاصة منها تلك التي تتصل بالسلطة السياسية بشكل من الأشكال. وتحيل وضعية من هذا القبيل على مسألة احتكار السلطة كلازمة في المنظومة المخزنية التي تلجأ إلى الاستحضار المكثف للموروث بما في ذلك الترسانة الرمزية وما يستتبعها من طقوس ضمن رؤية تشارف مجتمعات البلاط[40]. ويكفي في هذا الخضم الإشارة إلى حرص عدد كبير من الجمعيات والهيئات على كسب صفة ”الرعاية الملكية السامية” لملتقياتها حتى تكتسي أهمية أكبر إلى جانب تقليد راسخ في الممارسة السياسية والإدارية وغيرهما يتمثل في بعث برقيات الولاء والإخلاص إلى الديوان الملكي بعد انتهاء أشغال الملتقيات الهامة أو المجالس الإدارية للمؤسسات والمكاتب العمومية. ذلك أن تقليدا من هذا القبيل يصب رأسا في خانة تكريس الحضور الشامل للمؤسسة الملكية من منظور تفاعلي أفقيا وعموديا. 2- اللجوء إلى التأويل الاستراتيجي
تحيل المكانة السياسية للملكية على دور مركزي في السلطة التقديرية الواسعة للمؤسسة الملكية في التعامل مع الشأن العام وتصريف الأمور والتفاعل مع المستجدات وفق منظور يقوم على المحافظة على النظام والتوازنات الأساسية دون إغفال مواكبة التحولات حسب مستلزمات ”الميثاق السياسي الضمني” –وفق تعبير الباحث الفرنسي ريمي لوفو[41].
وبالرجوع إلى منطوق النص الدستوري يتضح أن الملكية حاولت على امتداد المراجعات الدستورية جعل مكانتها فوق كل اعتبار متجنبة رهن سلطتها بحدود دستورية –في مفهومها الضيق– إذ باستثناء تقيدات إرادية شكلية ابتداء من دستور شتنبر 1992 ومكرسة في دستور 1996 الساري المفعول[42] ليس هناك أي بند حصري للسلطة الملكية وخاصة في ما يتصل بالجانب التقديري.
وتعتبر إمارة المؤمنين تجسيدا لهذا المسار إذ يضمن للملكية حضورا استراتيجيا في المجال الديني عبر التحكم في السياسة الدينية للدولة وقطع الطريق على حركات الإسلام السياسي[43] واللجوء إلى استعمال هذه الصفة على نحو توقيفي في اللحظات الحرجة سياسيا باعتبارها سلطة دينية وسياسية[44] وهو ما يؤهلها بداهة إلى إخضاع السلطة السياسية لمنطق ما يمكن الاصطلاح عليه ب”التأويل الاستراتيجي” الذي يجعلها في حل من كل التبريرات القانونية الصرفة المختزلة في مسألة المشروعية كما تكون قادرة وفق هذا التصور على وضع التكييفات الملائمة لتصورها للشأن العام والمصلحة العامة في لحظة ما من تطور المغرب السياسي. والتأويل الاستراتيجي الذي تراهن عليه الملكية سواء في تبرير تصورها لطبيعة المرحلة السياسية أو في بسط منظورها للشأن العام في طور معين يشكل مدخلا لفهم سياسة الملكية في علاقتها بالأحزاب السياسية. المبحث الثاني - الأحزاب في السياسة الملكية جعلت الملكية من التعددية الحزبية مبدءا دستوريا ثابتا يلخص مراهنتها الإستراتيجية على واقع سياسي تعددي ينسجم مع طبيعة المؤسسة الملكية الحاكمة والتحكيمية أولا ويجسد ”الانتصار” السياسي الذي حققته الملكية في صراعها المضمر أو المكشوف مع حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وتجد التعددية الحزبية في المغرب ترجمتها الدستورية في البند الثاني من الفص الثالث من الدستور الذي ينص على أن “نظام الحزب الوحيد غير مشروع” كما أن الفصل التاسع يشدد في بنده الثالث على حرية جميع المواطنين في تأسيس الجمعيات والانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم. وإذا كان هذان الفصلان يلتقيان موضوعيا في تصور التعددية الحزبية كاختيار قطعي في النظام الدستوري المغربي فان البند الثاني من الفصل الثالث يثير في منطوقه وعلى مستوى الاحتمالات السياسية المتصلة به خمس ملاحظات أساسية. - أولا : هذا البند يلغي مبدئيا احتمال وجود حزب قادر على اكتساح الساحة السياسية. - ثانيا: اعتمادا على قراءة بعدية لا يعني حظر نظام الحزب الوحيد حسب مفهوم هذا البند عدم استساغة تنظيم انتخابات بمشاركة حزب وحيد شريطة ألا يكون طرفا متفردا في المنافسة السياسية. وقد أظهرت الممارسة التشريعية في برلمان 1970-1972 أن مشاركة الحركة الشعبية بمفردها في غياب سائر الأحزاب الوطنية التي قاطعت الانتخابات لم يكن حائلا -قانونيا على الأقل– دون تنظيم الاقتراع الذي شهد دخول اللامنتمين. ومن هنا قد يستسيغ الذهاب بالرأي إلى أن الحظر المقصود هنا يتعلق بطبيعة المشهد الحزبي وليس بطبيعة المشهد البرلماني. - ثالثا: بناء على منطق الدستور لا يستساغ تشكيل تحالف حزبي استراتيجي ينصهر في شكل تنظيم موحد يماثل ”الكتلة التاريخية” ويكون قادرا في مرحلة معينة على جعل الأحزاب الأخرى عاجزة عن المنافسة السياسية. - رابعا: يعتبر التنصيص على عدم مشروعية الحزب الوحيد تأكيدا باللفظ لما ورد بالمعنى إذ الحديث في البند الأول من الفصل الثالث عن الأحزاب بصيغة الجمع يفيد في مؤداه التعددية السياسية، كما أن إقرار حرية تأسيس الجمعيات السياسية في الفصل التاسع يمثل اعترافا صريحا بوجود تعددية حزبية.
- خامسا: يلتقي هذا البند موضوعيا مع المعنى الذي كرسته الملكية لمفهوم”الملكية الدستورية” التي توجب ”حتما أحزابا سياسية لا حزبا واحدا”[45] وإجمالا يمكن مقاربة تعامل الملكية مع المسألة الحزبية ونظرتها لماهية ودور الحزب في النظام ارتكازا إلى محددين متداخلين يتمثلان في المستوى الدستوري وفي تأصيل الملكية لمضمون العمل الحزبي. أولا - الحزب في النسق الدستوري بقراءة الدستور المغربي يتضح أن المشرع الدستوري انتقل على مستوى ضبط التحرك الوظيفي للحزب السياسي من البعد العام إلى مستوى”تعويمي” أو تحجيمي. فقد حدد البند الأول من الفصل الثالث من دستور دجنبر 1962 وظيفة الحزب داخل النسق السياسي المغربي في كون “الأحزاب السياسية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم” مختزلا بذلك الوظيفة الحزبية في ثنائية التنظيم والتمثيل السياسي مع إضفاء بعد عام على المجال الوظيفي الحزبي من خلال عدم إقحام تنظيمات أو هيئات أخرى غير المنظمات السياسية في هذا التحديد.
وبالرجوع إلى القانون الدستوري المقارن يتبين أن الفصل الرابع من دستور 1958 الفرنسي ينص في بنده الأول على أن “الأحزاب السياسية والتجمعات السياسية تساهم في التعبير عن الاقتراع” كما ينص الفصل 21 من القانون الأساسي للجمهورية الألمانية على أن الأحزاب السياسية تساهم في ”تشكيل الإرادة السياسية والتعبير عنها”[46] وفي هذا المضمار يتبين أن الدستور المغربي مضى في تحديد الوظيفة الحزبية ارتكازا على منطلقها العام المتعارف عليه في التصنيف الكلاسيكي الذي يحدد ثلاث وظائف للحزب السياسي تتمثل في تشكيل الرأي واختيار المرشحين وتأطير المنتخبين. ذلك أن تطرق الدستور لمسألة التأطير يحيل بداهة على الوظيفة التأطيرية التي تعتبر إحدى الوظائف المركزية للحزب السياسي خاصة في المنظومة الثالثية[47].
ولا يختلف التوجه المبدئي للملكية عن هذا التمثل التعبوي الذي يتعين موضوعيا إدراجه في سياقه العام من جهة وتحديد ملامحه استنادا إلى المقومات الإستراتيجية للنظام السياسي المغربي من جهة أخرى. وهذا واقع يمكن استشفافه من خلال ما ذهب إليه الحسن الثاني الذي اعتبر أن الأحزاب السياسية اضطلعت في عهد الحماية بمهمة ”تأطير السكان وإذكاء الحس الوطني”[48]، أما دورها في عهد الاستقلال فيتجسد في رأي الملكية في ضرورة ”تأطير السكان من أجل تكوينهم وتنويرهم"[49]
ومن هنا تغدو الأحزاب المتماهية مع التصور الملكي للوظيفة الحزبية ناهضة ب”دورها الوطني” ومرتعا حقيقيا للأطر السياسية، على اعتبار أن مجال تحرك الحزب السياسي ومضمون عمله يؤهلانه إلى أن يكون ”الإطار السياسي للرأي العام"[50].
وعلى مستوى التمثيلية يلاحظ أن الدستور المغربي ترك الباب مشرعا دون أن يربط التمثيلية الحزبية للمواطنين بالمسلسل الانتخابي. فتعامل الملكية مع الأحزاب السياسية لا ينطلق بالضرورة من مبدأ الاقتراع أو مدى تمثيلها لقاعدة انتخابية معينة. وهو معطى قد يتغير مع قانون جديد حول الأحزاب يعطي للوزن الانتخابي مقابلا سياسيا على مستوى التعامل أو التفاعل. وترتبط الوظيفة التمثيلية للأحزاب من جهة أخرى بمهمة تأمين الوساطة داخل النظام السياسي[51]. وهو ما لا ينسحب من منظور الملكية على منطق النسق السياسي المغربي الذي لا يقر بأي وساطة بين الملك والشعب[52]. ومع ذلك يمكن الاتجاه بالرأي إلى أن دستور 1962 أضفى على الوظيفة الحزبية طابعا عاما قابلا للامتداد سرعان ما توارى في خضم تجاذبات الحياة السياسية خاصة منذ إعلان حالة الاستثناء سنة 1965 لينعكس ذلك على التحديد الدستوري للوظيفة الحزبية. وفي هذا السياق يلاحظ أن المشرع الدستوري لجأ منذ 1970 إلى”تعويم” ذي معنى تقليصي لوظيفة الحزب في النسق السياسي المغربي. وبذلك أصبح الحزب السياسي مجرد طرف في تنظيم المواطنين وتمثيلهم ترتيبا على منطوق البند الأول من الفصل الثالث من الدستور الذي ينص على أن ”الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم”. ويطرح هذا الإقحام ملاحظات أساسية يمكن إجمالها في أربعة استنتاجات. أولا- مزج التعديل الدستوري في هذا الباب بين التمثيلية السياسية كمعطى لصيق بالأحزاب السياسية من الناحية المبدئية وتمثيليات أخرى غير مشابهة في جوهرها وفي محصلتها داخل النظام السياسي كالتمثيلية النقابية والمهنية. ثانيا- ربط هذا البند بين التنظيم في مفهومه العام الذي تنهض به نظريا الأحزاب السياسية والتنظيم في مفهومه الحصري ومعناه الضيق الذي يتعلق بشرائح معينة كالتنظيم النقابي والمهني. ثالثا- أفرغ هذا البند المسألة التأطيرية من محتواها الحزبي التعبوي بعد أن جعل التنظيم يهم الجماعات المحلية والغرف المهنية، ليصبح التأطير المقصود بذلك تقنيا في مضمونه وإجرائيا في أبعاده. رابعا- بقراءة البند الثاني في الفصل الثالث الذي ينص على أن”نظام الحزب الوحيد غير مشروع” يبدو أن المشرع الدستوري كان يروم بـ"تعويمه” البند الأول من هذا الفصل التنقيص من أهمية التمثيلية السياسية للأحزاب ودورها في المجتمع السياسي عموما، على اعتبار أن البند الثاني ظل حكرا على الأحزاب السياسية. ويلاحظ أن هذا التعديل جاء بموازاة إدراج صفة جديدة على المؤسسة الملكية إذ أصبح الملك بمقتضى الفصل التاسع عشر هو ”الممثل الأسمى للأمة”، وهو ما يعزز السلطة التقديرية للمؤسسة الملكية في التحكم في التوازنات السياسية العامة وتدعيم إمكانيات التأويل الاستراتيجي وفق المنطق الذي ترتئيه الملكية للنسق السياسي المغربي بمختلف مكوناته وأبعاده ومستوياته. ولعل هذه الصفة تجعل الوظيفة التمثيلية للحزب السياسي –والتي لا يمكن فهم وجوده أصلا في غيابها آو تغييبها– في درجة ثانية مقارنة بما يمكن الاصطلاح عليه”التمثيلية العليا” المجسدة دستوريا وسياسيا في المؤسسة الملكية. ثانيا - تحديد الملكية لجوهر العمل الحزبي
وعت الملكية منذ السنوات الأولى للاستقلال أن وجود أحزاب سياسية يبقى ممرا إجباريا للحديث عن النظام الديمقراطي. وهو ما جعلها تنظر إلى الأحزاب السياسية الفاعلة كشريك ضروري –من الناحية المبدئية- في خطاب ”التحديث السياسي”، على الأقل في مستوياته الشكلية ضمن إستراتيجية ”الملكية الدستورية". غير آن المراهنة على الأشكال العصرية لم تكن تعني في مؤداها إحداث قطيعة مع البنيات السياسية الموروثة عن عهد ما قبل الحماية، مما أفرز إرثا مزدوجا ”ارث الماضي بأعرافه وسلوكياته إزاء السلطة وإرث الحماية مجسدا في بنية مركبة”[53] وهما إرثان حاول المغرب السياسي المزج بينهما للاستمرار في مضمون ما يسمى بـ”الشخصية المغربية"[54]. وكانت لـ”سطوة إرث الماضي”[55] اليد العليا في تعامل الملكية مع الأشكال العصرية ومن بينها الأحزاب السياسية حيث الرجوع إلى الماضي يظل نظاما ”معياريا” للتعامل مع الحاضر السياسي. على هذا المستوى يمكن مقاربة أبرز ملامح الفعل الحزبي داخل النظام السياسي المغربي انطلاقا من موقع الملكية إزاء الحزب من جهة واستنادا إلى تحديد مضمون العمل الحزبي من جهة ثانية. 1- موقع الملكية إزاء الحزب يحيل الحديث عن موقع الملكية مقارنة بموقع الاحزاب السياسية على التعامل مع منطلقين محددين لتفاعل الملكية مع الأحزاب وهما التحكيم الفاعل والتسامي عن الصراع.
على المستوى الأول يتضح أن مسألة الملكية الحاكمة كمرجعية سياسية ثابتة تطرح بجلاء في توظيف التحكيم بين الفرقاء إذ تدفع الملكية بأن اختصاصاتها الواسعة تعتبر ضمانة لسير الأمور في الاتجاه السليم وتحقيق التوازن الضروري بين سائر الأطراف. فالملك –يقول الحسن الثاني- ”لم يأخذ من الاختصاصات إلا ما كان يلزم لتمكينه.. من التدخل عندما يختل سير الأمور”[56]
ولعل هذه القراءة الواسعة للاختصاصات هي التي جعلت الملك الحسن الثاني يؤكد مباشرة بعد الاستفتاء على مشروع دستور 1962 أن الدستور يجعل من الملك حكما[57] رغم أن منطوق الدستور لا يتضمن إشارة صريحة إلى مفهوم الحكم. فتكون بذلك الملكية قد استحضرت مفهوم ”الدستور التقليدي” الذي يترجم على مستوى انعكاساته السياسية حقيقة السلطة في النظام السياسي المغربي. وتحيل اختصاصات الملكية الواسعة على مفهوم ”الحكم الفاعل” الذي يمكنه تنحية كل من يتجاوز قواعد اللعب 58م وهو ما يتماشى في دلالاته وأبعاده مع مراهنة المؤسسة الملكية استراتيجيا على التحكم في تلابيب الحياة السياسية والدستورية والنهوض بدور ”الموجه المرشد والناصح الأمين والحكم الذي يعلو فوق كل انتماء” حسب تعبير الملك محمد السادس في خطاب العرش الأول بعد توليه الحكم[58]. أما على مستوى التسامي على الصراع الذي يجد سنده في ما يوصف بالملكية فوق الأحزاب فيقترن مبدئيا بأن يكون الملك خارج دائرة الصراع بين الفرقاء أي فوق الصراعات الحزبية وكل ما يوثر في الحياة الحزبية.
ويبدو أن صفة الحياد المنطلقة من التصور الأبوي للحكم كركيزة عقائدية ونظام عام للسلطة في المغرب تجد تفسيرها المبدئي/النظري في كون الملك يعتبر ”فوق الجميع وأب الجميع وراعي الجميع”[59] وهو توجه غالبا ما يتهاوى في مواجهة حقيقة السلطة ولعبة التوازنات السياسية التي تجعل الملكية منخرطة مؤسساتيا في دائرة الصراع لوجودها أصلا في صميم السلطة السياسية. وهو ما جعل الملكية تراهن على بلورة توازنات سياسية مرحلية أو إستراتيجية اعتمادا على أحزاب موالية عضويا لاختياراتها السياسية والمجتمعية حتى تكون واجهة انتخابية أولا ومحورا للتوازنات البرلمانية والحكومية المنسجمة مع طبيعة النظام وجوهر السلطة ثانيا[60].
ولعل الأزمة السياسية المستحكمة التي ترتبت عن غياب التراضي حول طبيعة ممارسة السلطة في المغرب كانت محددا للعمل الحزبي برمته. وهو ما حاولت المؤسسة الملكية تجاوزه نسبيا من خلال طرح مشروع التناوب على العمل الحكومي وإشراك مكونات مركزية من المعارضة التاريخية في التوازن السياسي الجديد الذي أطلق عليه ما بين مارس 1998 ونونبر 2002 حكومة التناوب. إلى ذلك، يمكن الاتجاه بالرأي إلى أن الملكية تنطلق في تعاملها مع الأحزاب السياسية من مقاربة ذاتية للفعل الحزبي تقوم على تحديد مضمونه وفق اختياراتها الإستراتيجية وترتيبا على واقع موازين القوى وتطور المجتمع السياسي. 2 - جوهر العمل الحزبي حسب التصور الملكي إذا كان التأطير المجالي للعمل الحزبي من طرف المؤسسة الملكية لا يعني بالضرورة تلازما عضويا بين واقع الممارسة الحزبية وطبيعة الرهانات الملكية، فإنه يعكس مع ذلك التصور العام الذي ترسمه الملكية –مبدئيا على الأقل– لعمل الأحزاب السياسية كما يختزل في ذاته تجاذبات الحقل السياسي المغربي. وهو تصور يقوم في مضمونه على لازمة ”الحزب كدعامة للنظام".
وفي هذا المنحى يمكن القول إن تمثل الملكية لمكانة الحزب السياسي لا يخرج عن تصورها العام للسلطة السياسية ووجودها الحتمي في جوهرها باعتبارها وظيفة أصلية للملكية لأنها تستمدها من ”كلمة الشعب. وكلمة الشعب هي "البيعة”[61]. وهو تصور يحكم على الأحزاب السياسية أن تكون في أساسها دعامة للنظام ولاختياراته المركزية التي قد تختلف من حقبة إلى أخرى حسب طبيعة المرحلة ومستلزمات التحول[62]. من هذا المنطلق أفرزت الممارسة السياسية مقومات للدعامة الحزبية يمكن تجزيئها إلى مقومات أصلية متصلة بجوهر السلطة والتوازنات السياسية وأخرى فرعية تهم بعض الأدوار الحزبية. أ - المقومات الأصلية تختزل الملكية مبدئيا المقومات الأصلية الخاصة بتصور الحزب كدعامة للنظام في تعبئة الأحزاب السياسية لخدمة البلاد ومساهمتها في العمل السياسي.
على المستوى الأول، لا تتردد الملكية في الدفع بأن العمل الحزبي يجب أن يقوم على”التجند والمشاركة في البناء”[url= | |
|