بقلم: سنا السورية

-
عندما تجتمع أكثر من ستين دولة ومنظمة عالمية بمن فيهم دول وقوى عظمى
كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا والسعودية
والجزائر, ليستجدوا موافقة بشار الأسد من اجل السماح لهم بإدخال مساعدات
إنسانية قيمتها لا تتعدى العشرة ملايين دولار ولا يتجرا أي كان حتى على
التصريح بالتدخل العسكري ولا حتى بالمطالبة بحماية قوافل المساعدات
الإنسانية , فذلك يعني أن بشار الأسد وجيشه قوتهم تخيف العالم ويجب على
الجميع الالتزام بقواعد اللعبة معه.
مؤتمر تونس ترجّى من بشار الأسد السماح لمنظمة الصليب الأحمر بالدخول لمدة
ساعتين فقط وذلك لإيصال مساعدات إنسانية للمحاصرين في منازلهم, هذا الرجاء
تم مشفوعا بالتوصية بتقديم طلب اعتماد من المنظمة الدولية بالالتزام
بالأوامر العصابة الاسدية وعدم الحياد عنها, بحيث يتم حضور رئيسة المنظمة
لدمشق والتقدم بطلب رسمي يحدد المهمة المطلوبة ومن ثم بالإمكان دراسة
الوضع والرد عليه بشروط عصابة بشار الأسد, فهل بعد ذلك يوجد كلام. ولكن
للحق يقال فان لجنة الصليب الأحمر الدولية ومنظمة الهلال الأحمر السوري
بعد أن تفاوضت توصلت إلى انجاز كبير ومهم بالاتفاق مع سلطة بشار الأسد
بحيث أنها تمكنت من جرائه إجلاء 7 مصابين و20 شخصا، بين سيدات وأطفال، من
حي بابا عمرو بحمص، وذلك بعد وقف إطلاق نار.
المجتمعون في تونس وجهوا تحذيرا شديد اللهجة للنظام يطالبه بضرورة السماح
للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالوقوف على كل الحاجات الإنسانية بحمص
ومناطق أخرى بكل حرية, على أنهم ملتزمون في حال موافقة النظام بدخول
المساعدات الإنسانية فإنهم سيقومون بإيصال هذه المساعدات فورا وبدون
إبطاء, لكي لا يعاقبهم النظام على تأخرهم, وبذلك يكون النظام قد أخليت
مسؤوليته عن تامين الاحتياجات الإنسانية للسوريين, وأوكلها للمنظمات
الإنسانية وأصبح متفرغا لقتل السوريين بدون داعي لإطعامهم, فهل توجد خيبة
اكبر من هذه !!!.

-
هذا التعهد تقدمت به الأمم المتحدة بشكل رسمي في المؤتمر وتولت فيه تنسيق
جهود منظمات الإغاثة الإنسانية بما فيها التمويل لذلك فالنظام ارتضى من
المجتمعين هذا الطلب وسوف يوافق عليه لأنه تعهد رسمي مشفوع بتوقيع هيئة
الأمم المتحدة, وكأننا في سورية كنا نعاني من نقص في الأدوية والمواد
الغذائية، إضافة إلى قطع الكهرباء والمياه والاتصالات لذلك إذا تعهدت
المجموعة الدولية بتامين المطلوب فالمشكلة السورية وضعت على طريق الحل!!!.
والأمر الآخر المحزن قد تم من خلال التعهد بإعادة إعمار سوريا بعد أن يقوم
بشار الأسد وعصابته بتدمير أحيائها ومنازلها على ساكنيهم, فلا داعي للقلق
من ذلك, فعلى بشار الاستمرار في التدمير والقتل لأننا سوف نعيد بناء
الأحياء والمدن المدمرة من جديد على أسس عصرية, ودمتم لنا يا مجموعة دولية.
ولإجبار بشار الأسد على الانصياع لمطالب المجتمعين في تونس فقد ارتأى
المجتمعون بممارسة الضغوط الشديدة على النظام بفرض قيود تمنع المتورطين
معه من السفر للتمتع بإجازاتهم وإيداع أموالهم في بنوك سويسرا, ولكن طبعا
هناك بعض الاستثناءات الإنسانية لهم, فهل يمكن تصور اكبر من هذه العقوبة
بحق المسؤولين السوريين, أظنهم عندما يبلغوا هذه القرارات سوف يشهقون
ويغمى عليهم من الدهشة !!!.
وقد صرح وزير الخارجية التونسية رفيق عبد السلام بان المؤتمر أعطى رسالة
قوية للنظام بوقف القتل ولكنه حذر من انه “نحن لا ندعو إلى تدخل العسكري،
ولا نرغب في استخدام القوة، أو السلاح، ولا نريد الدخول في لعبة الأمم
الكبرى، كما لا نريد تكرار تجارب تدخل عسكري فاشلة في المنطقة”. فهل يوجد
أكثر من رسالة الاطمئنان هذه ليتم إرسالها لبشار الأسد, أظنه عندما يبلغ
بها سوف يرتعد خائفا من هذا التهديد ويسارع بحمل حقائبه على وجه السرعة
لكي ينجو بحياته من التدخل الذي لن يتم.
رغم هذا فان الأمل لم ينقطع, فهناك جهود حقيقية تمت من المجتمعين بهدف
الوصول إلى إجماع بين دول ذات مشارب شتى وهذا ما تحقق, والمؤتمر قد وجه
رسالة لروسيا والصين بان هناك تحركا دوليا قويا بعيدا عنهما يسعى لمساعدة
الشعب السوري ودعمه مما يضعهما في موقف الداعم لنظام قاتل وحشي مجرم.
وكان الاتفاق الأبرز هو تسمية المجلس الوطني ممثلا للشعب السوري هو خطوة
على الطريق الصحيح, وأيضا الموقف الشجاع لوزير خارجية المملكة العربية
السعودية سعود الفيصل الذي انتفض ورفض كل هذه التوصيات وقال إننا لم نجتمع
من اجل الحاجات الإنسانية بل لوقف النظام عن القتل, والتخلي عن السلطة
طوعا أو كرها, وقال إن تسليح المعارضة هي الفكرة الصحيحة التي يجب المضي
بها وإلا لا فائدة من اجتماعات مضيعة للوقت, وآمال لن تتحقق.
إن نافذة الأمل مازالت مفتوحة والجهود التي بذلت نقدرها لجميع المجتمعين
في سبيل نصرة الشعب السوري ونشكرهم عليها, ولكنها لم تصل إلى المستوى الذي
يواكب تضحيات السوريين في حمص وادلب وحماه ودرعا وريف دمشق ودير الزور
وحلب وباقي الأماكن في سوريا, ومؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس وضع
المسالة السورية على جدول أعمال العالم اليوم ولن يستطيع بشار الأسد مهما
قام من قتل وتدمير إعادة المارد الذي انتفض إلى القمقم.
شكرا لتونس ونشكر كل من ساهم وشارك في المؤتمر وساعد على إنجاحه.