ظهرت تسمية ( إنسان نبراسكا ) في 1922 اعتمادا على سن شبه - بشري تم العثور عليه في نبراسكا في الولايات المتحدة الأمريكية ، و كما يحكي الخلقيون القصة فإن التطوريين قد استخدموا سناً واحدة لبناء فصيلة كاملة من الإنسان البدائي تشمل رسومات له و لعائلته ، إلى أن توصلت الحفريات لاحقاً أن السن إنما يعود لحيوان شبيه بالخنزير Peccary .

صورة

القصة الحقيقية هي في الواقع اكثر تعقيداً من ذلك ، ففي عام 1917 قام هارولد كوك ، وهو مزارع و جيولوجي من نبراسكا ، بالعثور على السن ، و في 1922 قام بارساله الى هنري فايرفيلد اوزبورن ، وهو عالم احاثة و رئيس المتحف الامريكي للتاريخ الطبيعي ، و الذي تعرف على السن بأنه يعود لقرد ، و بسرعة نشر مقالة معلناً عن نوع جديد اسماه هيسبيروبيثيكس هارولدكوكي Hesperopithecus haroldcookii .


القليل من العلماء الاخرين زعموا أن انسان نبراسكا هو سلف بشري ،حتى بعضهم ، ومنهم اوزبورن و زملاؤه ، وصفوه بأنه نوع متطور بشكل ما من القرود العليا primate ، في الواقع فان اوزبورن تفادى خصيصاً أن يقوم بأي افتراضات مبالغ فيها بخصوص كون هيسبيروبيثيكس إنسان – قرد أو سلف بشري.

يقول اوزبورن في 1922 : " لم اصرح بأن هيسبيروبيثيكس هو انسان – قرد او انه جزء من خط السلف البشري المباشر ، فأنا اعتبر أنه من الممكن أن نعثر على قرود شبيه بالانسان ( Simiidae) لها اسنان تحاكي بشدة اسنان الانسان ( Hominidae ) " ، " اذا لم نتحصل على المزيد من الاسنان أو اجزاء من الجمجمة أو الهيكل العظمي فلا يمكننا التأكد اذا كان هيسبيروبيثيكس عضوا من القرود ( Simiidae ) او الانسان ( Hominidae ) " .

معظم بقية العلماء كانوا متشككين حتى من الادعاء المتواضع ان السن يعود الى رتبة القرود العليا primate، فببساطة ليس صحيحا بان العلماء كانوا يعدون انسان نبراسكا انسان – قرد او حتى مجرد قرد بل أن تأثيره على التفكير العلمي في ذلك الوقت جدير بالإهمال و لا يذكر . فعلى سبيل المثال في كتاب "اصول الانسان" المنشور خلال ما يفترض انه ذروة قصة انسان نبراسكا في 1924 قام جورج ماكوردي بنبذ انسان نبراسكا في حاشية واحدة : " في 1920 وصف اوزبورن ضرسين من الفترة البليوسينية في نبراسكا ؛ و عزى ذلك لقرد علوي شبيه بالانسان anthropoid primate و اسماه هيسبيروبيثيكس ؛ الاسنان غير محفوظة بشكل جيد و لذلك فان صحة حكم اوزبورن لم يتم قبولها حتى الآن "

و قام جريجوري بتأكيد ذلك في مقالة عام 1927 وصف فيها السن بصورة صحيحة : " كان العالم العلمي بعيداً من قبول صحة استنتاج بروفيسور اوزبورن بأن احفورة السن من نبراسكا تمثل انسانا او شبه انسان بدون المزيد من الادلة ."
لم يكن تصنيف السن على أنه يعود لرتبة القرود العليا أمراً ساذجاً كما يبدو ، فأسنان الخنزير أو شبيه – الخنزير هي شديدة الشبه بأسنان الإنسان ، و العينة كانت مهترءة و بالية مما جعل التعرف عليها أكثر صعوبة .

صورة

الرسم الخيالي الذي يظهر انسان نبراسكا و الذي يشير له جميع الخلقيون كان من عمل رسام تعاون مع العالم جرافتون ايليوت سميث  وهذا الرسم كان من أجل مجلة شعبية بريطانية و ليست دورية علمية .

كثيراً ما يسخر الخلقيون من رسم انسان نبراسكا الذي يمثل كائنين شبيهين بالانسان لكن شديدي التوحش ، وهو من عمل اميدي فوريستير لصالح " اليسترايتد لندن نيوز " في 1922 ، و هم يشيرون بصدق الى أنه لا يمكن اعادة تركيب حيوان ما من مجرد سن واحد ، و لكن الرسم لم يكن مقصوداً أن يكون إعادة تركيب أو زعم بأنه دقيق أو علمي ، فكان مرتكزاً على احفورة انسان جافا لا على السن ؛ و في تعليق لسميث تحت الرسم المنشور و كذلك في جسم المقالة شدد على طبيعته الفرضية :
" لقد انجز السيد فوريستير رسماً مبهراً ليوصل فكرة عنالاحتمالات المقترحة من هذا الاكتشاف ، فكمالا نعرف شيئاً حول شكل هذا الكائن فإن اعادة التركيب هذه هي مجرد تعبير عن عبقريةتخيلية مذهلة لهذا الفنان ، و لكناذا كان هيسبيروبيثكس هو سلف بدائي لبيثيكانثروبس كما تقترح غرابة السن فإن هذا الكائنقد يكون كما صوره السيد فوريستير "
في حين كان اوزبورن اقل إعجابا بمجهود فوريستير الفني و علق قائلاً : " رسمٌ أو أعادة تركيب كهذا هو بلا شك مجرد نسج من خيال من دون أي قيمة علمية و هو بلا شك غير دقيق ".
قد يكون سميث هو العالم البارز الوحيد الذي كان متحمساً بخصوص وضع إنسان نبراسكا كانسان بدائي ، لكن حتى هو في كتابه " تطور الإنسان " في 1927 كان أكثر حذراً من مقالته في الصحيفة ، رغم انه صرح : " اعتقد أن توازن الاحتمالات هو لصالح النظرة القائلة بأن السن الذي عثر عليه في الطبقة البليوسنية في نبراسكا قد يكون ممكناً ان يكون منتمياً لعضو بدائي للعائلة البشرية " ، و ميز سميث ايضاً أن هيسبيروبيثيكس هو موضع شك و اقر بأن " الاقتراح بأن سن نبراسكا يمكن أن يشير إلى ظهور الإنسان في مرحلة مبكرة من العصر البليوسيني ، كما وضحت في المقدمة ، لا يزال مترددا بشكل كبير ؛ و الادعاء بأن بشراً حقيقيين كانوا موجودين في العصر البليوسيني و الميوسيني يجب أن يعد كمجرد فرضية غير مدعومة حتى الآن بأي دليل كاف "

الخلقيون كثيراً ما يدعون أن انسان نبراسكا استخدم كدليل على التطور خلال قضية " قرد سكوبس " في 1925 [ محاكمة جرت في تينيسي ضد جون سكوبس لانتهاكه قانون بتلر الذي يمنع تدريس أي نظرية تعارض قصة الخلق المقدس كما وردت في الانجيل أو تقول أن الانسان انحدر من رتبة سفلى من الحيوانات ] و لكن ادعاؤهم هذا هو ملفق ، فلم يتم تقديم أي ادلة علمية في تلك المحاكمة ( بعض الادلة تم قراءتها لسجل المحاكمة لكن حتى هذه لم تشر الى انسان نبراسكا ) .
كما انه من غير الصحيح ،كما ذكر ايان تايلور في 1995، ان سحب التعريف الاصلي لم يتم نشره و لم يظهر في عناوين الاخبار ، كما يقول باودين 1981 " القليل من الإشهار تم منحه للخطأ المكتشف " ، ففي الواقع اعلنت كل من صحيفة ذا نيويورك تايمز و ذا تايمز اللندنية الخبر ( ذا نيويورك وضعته في الصفحة الاولى ) كما تمت طباعة تقرير اخباري حول الموضوع ، أما ادعاء تايلور الآخر بأن الخبر تم اعلانه في المطبوعات العلمية في مجرد 4 اسطر في الصفحات الخلفية لمجلة "نايتشر" هو تقريبا صحيح ( كانت 16 سطراً) لكنه ايضاً مخادع جداً ، حيث يخفي الحقيقة بأن صفحة و نصف حملت مقالا حول الخطأ تم طبعها في مجلة " ساينس " المرموقة ، و تايلور كان مفروضا عليه ان يعلم بخصوص هذا المقال لأن مقال " نايتشر " يشير إليه كمصدر صريح .

لا يجب أن يعد إنسان نبراسكا إحراجاً للعلم ، فالعلماء المعنيون كانوا مخطئين و نوعاً ما غير حريصين لكنهم ابدا لم يكونوا غير شرفاء . في الواقع القصة هي مثال رائع للمنهج العلمي و هو يعمل على أفضل وجه ، فبوجود مشكلة في ذلك التعريف قام العلماء بالبحث أكثر و حصلوا على معلومات تكذب أفكارهم السابقة و بكل حزم تخلوا عنها ، على عكس المنهج الخلقي

مترجم بتصرف من موقع توك اوريجنز
لمزيد من التفاصيل و المصادر الرجوع

http://www.talkorigi...a_nebraska.html
04

NOV
0