حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 متقدّمون ساعة متأخّرون قرونا بقلم: فتحي بن الحاج يحيى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد
فريــق العــمـل
فريــق العــمـل
محمد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 465
معدل التفوق : 1251
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 15/12/2011

متقدّمون ساعة متأخّرون قرونا بقلم: فتحي بن الحاج يحيى Empty
18122013
مُساهمةمتقدّمون ساعة متأخّرون قرونا بقلم: فتحي بن الحاج يحيى

عديل السّاعة على التّوقيت الصيفي، تماشيا مع الزّمن الأوروبي، وترشيدا للطّاقة، أمر أحبّذه شخصيّا لسبب بديهيّ يتمثّل في مغادرتي الشّغل مساء والشّمس لم تغرب بعد. فالضّوء ظاهرة فيزيائية أجمع عليها علماء الطبّ النّفسي والجسدي لإثبات منافعها على الأعصاب وإيجابياتها في مقاومة الكآبة والسآمة والضّجر والإحباط المعنوي بشتّى ألوانه. ونحن بلد يحتاج كثيرا إلى تمديد ساعات الضّوء أملا في الحدّ من انتشار ظاهرة الاكتئاب النّفسي التي يصعب رصد عوارضها وتجلّياتها عدا في حالاتها القصوى التي قد تؤدّي إلى الانتحار بماء “الجافال” أو بما تيسّر للمكتئب الحصول عليه من عقاقير في متناول اليد وبحسب ما تتيحه القدرة الشرائية للمواطن.
أغلب الحاضرين كانوا من المثقّفين النّقابيين وغير النّقابيين من اتجاهات متنوّعة ومتضاربة. والصّفة الأولى التي تجمعهم، على الأقلّ، أنّهم يرون في أنفسهم بدائل فكرية ومجتمعية ممكنة، ويتوسمون في ذواتهم مشاريع مستقبليّة لهذا البلد
القاسم المشترك الثّاني الذي جمعهم، أو جمع أغلبيتهم، أنّ الجموع بدأت تتوافد على القاعة حوالي الساعة العاشرة صباحا في حين كان الموعد على الساعة التاسعة، ولم أفهم إن كان في الأمر موقف سياسي من النّظام الحاكم لتلاعبه بالزّمن دون استشارة المعارضة والشّعب أم هو مجرّد سهو في تعديل ساعاتهم بما يوافق التوقيت الصيفي الجديد الذي أتينا على ذكر محاسنه ؟
ومهما كان الأمر، فقد يكون عذرهم أنّ اليوم هو اليوم الذي يرتاح فيه الربّ، فما بالك بعباده ! والأهمّ أنّ المحاضرة تمّت على كلّ حال... وخرجنا أكثر اكتئابا من ذي قبل، وأعمق وعيا بأنّه لا دخل للضّوء والفيزياء في الموضوع.
المحاضر المسكين أخطأ العنوان تماما ولم يدرك الأمر سوى بعد فوات الأوان. كان ينتظر أن يتلقّف الحاضرون صدى هواجسه وتساؤلاته الكثيرة وثمرة جهد فكريّ امتدّ على مدى أكثر من ثلاثين سنة من الدّراسات والتّفكير والعناء. كان يتحدّث بلغة فرنسية واضحة لا تعقيد فيها ووفق منهجية تواصلية وتدرّج بيداغوجي أسهل فهما وإفهاما ممّا أنا بصدد كتابته.
بدأ بإثارة قضية من أخطر وأعمق قضايانا الحضارية ألا وهي مسألة اللّغة العربية من خلال تاريخيّتها أي زمن انفتاحها على اللّغات والحضارات الأخرى وثراء قاموسها وتبوئها مكانة لغة المعرفة لشعوب المتوسّط إلى حدود أواخر القرن الثالث عشر (إشارة إلى وفاة ابن رشد) ثمّ تراجعها إلى لغة فقه وانكماش على الذّات وتوقّف جدليتها المعرفية وسقوطها تحت هيمنة الدين والإيديولوجيا.
وفي معرض حديثه، أشار إلى قضية التّعريب ورهاناتها ومسألة المغرب العربي ككيان له مقوّمات خاصّة تؤهّله لأن ينظر إلى مستقبله كدائرة أولى ضمن دائرة العالم العربي الذي أكّد على تعريفه كفضاء للنّاطقين باللّغة العربية بقطع النّظر عن الانتماء الدّيني.
كنت أستمع إليه، وفي ذهني تساؤلات كثيرة عن مسألة خصوصية اللّغة العربية في علاقتها بالدين الإسلامي، وهل أنّ في اعتبارها اللّغة التي تكلّم بها اللّه ونزل بها القرآن، بعض تفسير ممكن لمدى صعوبة تقبّلها لحيز معارف وعلوم حديثة لا يمكن للذّهن العربي تقلّبها دون أن يتنكّر لذاته الدينيّة، أو بتعبير آخر هل يمكننا كشعوب لها هذه الخاصية في علاقتها بدينها أن تتقبّل القطائع الإبستومولوجية والمعرفية التي تقتضيها متطلّبات العصر؟ وهل لغتنا العربية قادرة على أن تكون قناة تمرير هذه المعارف الثورية وأن تلعب دور محمل الحداثة بينما هي في الوقت ذاته الوعاء الذّهني الذي تُنسج منه، وداخله، شبكة ذهنيتنا الجماعية وتصوّراتنا للعالم؟
لم يسعني الوقت لصياغة تساؤلاتي ضمن تركيبة لغوية قادرة على الإيفاء بالمعنى والمسك بتعقيدات المسألة، حتّى هبّت مجموعة صغيرة من الحاضرين على يسار الحاضرين، وعلى يمين المحاضر، لتقاطعه بنوع من الهيجان النّضالي العقائدي، فتطلب منه أن يتوقّف عن الحديث بالفرنسية وأن يتحدّث بلغة الهويّة...
وطبعا لم يكن المجال سانحا لأركون لإفهام هؤلاء المثقّفين، أنّ التحدّث بالفرنسية أو الانجليزية له أكثر من دلالة تشير إلى صلب المعضلة، وأنّه نوع من الشّهادة على أنّ تغييب اللّغة العربية عن سيرورة العصر قد أفضى بها إلى افتقاد طاقتها على التّعبير على مشاغل العصر وعلى وضع الإصبع على مكمن الدّاء فينا.
وحتّى يتمكّن من مواصلة محاضرته انتقل إلى الحديث باللّغة العربية عن مأساة اللّغة العربية، ومن ورائها مأساتنا جميعا في التلذّذ بمازوشية القعود داخل جرح الهويّة...نكاية بالأعداء.
بقيّة المحاضرة كانت أشبه بحديث رهينة بين أيدي مختطفيه. وكان رهينة داخل اللّغة العربية، فأتم ما جاء لغرضه، إيفاء بالوعد، وكان حديثا مقتضبا يتسلّل بين محرّمات المعاني، ومتاريس الحراسة للإشارة إلى عدم وعينا بأهمية المفهوم الجديد للمواطنة في الاتّحاد الأوروبي وعمق الثّورة الذّهنية الجديدة التي تضاهي في حجمها ثورة الأنوار من حيث تجاوز مفهوم المواطنة لمفهوم الأمّة بتعريفاتها الرّاجعة إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بينما لا زلنا نبحث نحن عن مفاهيم تجاوزها الزّمن.
كان نداؤه الأخير نداء أمل في أن تضطلع المنظمة الشغيلة التونسية، بصفتها أقدم نقابة في العالم العربي، بمهمّة إشاعة ثقافة جديدة تؤسّس لعقلانية حديثة في التّطرّق لمسألة الوحدة المغاربية وما يتبعها.
هكذا انتهت مداخلته، وتفرّقنا لشرب القهوة ثمّ عدنا إلى مناقشته. حوالي عشرين متدخّلا أخذوا الكلمة. بعضهم شكر المحاضر على قيمة مداخلته، وبعضهم طرح أسئلة فرعية أو استيضاحات بسيطة قبل أن تتحرّك الدبّابة الفكرية للأخوة القوميين العرب والتي مفادها حسب ما فهمته أنّ أمّة عندما تكون مغلوبة ومقهورة من قبل الأميركان وبني صهيون فإنّه يحقّ لها أن تستعمل جميع الأسلحة...بما في ذلك سلاح الجهل...لأنّ المعرفة شيء معقّد، إذا دخلنا متاهاتها خسرنا المعركة من جديد...وهي (أي المعرفة وما يترتّب عليها من قيم حقوق الإنسان وغيرها) أقرب إلى مصيدة الفأر منها إلى شيء آخر...ونحن قرّرنا أن لا نكون، من اليوم فصاعدا...فئرانا.
ثمّ كانت غزوة الإسلاميين. أحدهم استهلّ كلمته ببسملة مطوّلة جاء فيها أنّه يتحدّث باسم اللّه الرحمان الرحيم ثمّ حمده مذكّرا الحاضرين أنّه ربّ العالمين، وصلّى على محمّد، وقد يكون الأخ المتدخّل متخوّفا من أن يلتبس علينا الأمر فيذهب بنا التّفكير في محمد عطّار الحيّ أو واحد من المحمّدات الكثر في الاجتماع وعلى رأسهم محمد أركون بالذّات، فأعلمنا أنّه يقصد محمّدا نبيّ اللّه ورسوله وليس محمّدا آخر. وبعد أن تبيّن له أنّ الأمر أصبح واضحا في أذهاننا، بدأ مداخلته، وعلا صياحه في الميكروفون عملا بقاعدة أنّ صحّة الأفكار وعمقها إنّما تقاسان بوحدة “الدّيسيبال” الصوتية.
ومرّة أخرى يجد المحاضر المغبون نفسه عميلا فاشلا لمشروع الشرق الأوسط السّيئ الذّكر، ووسيطا متطفّلا بين الغرب والشّرق، فلا الغرب يعترف به، ولا الشّرق يريده، وكافرا يطعن في دين ملّته، ومُنْبَتًّا يتنكّر لأهله... وفي كلمة لم يبق له سوى الانتحار أمامنا من على المنصّة، ذات يوم أحد من شهر مارس، بفندق “أميلكار” بتونس العربية المسلمة.
كان محمّد ينظر إلى جهلوت قريش ولا ينبس بكلمة. وعندما طلب منه المشرف على الجلسة الإجابة عن مداخلات الإخوان قال: “أتمنّى أن يقع تدوين كلّ ما قيل هنا، وأن يبادر أستاذ جامعي بتوفير المادّة لأحدلاطلبته في علم الألسنية ليستخرج منها قاموس المفردات والنّعوت والصيغ والمعاني التي وردت في جلستنا. فسنخرج بمعان كثيرة تغنيني عن أيّة إجابة!”
أشهد أنّه لم يقل حرفيّا : “على من تقرأ زابورك يا داوود”
وأشهد أنّه لم يقل “ملاّ عملة عملتها” (ماذا فعلت بتفسي)
وأشهد أنّ الأذهان لم تكن معدّلة على نفس الزّمن، ولا علاقة لهذا بالتّوقيت الصيفي.
أمّا ما لا تصحّ لي الشهادة فيه فهو أنّه قد يكون خمّن في عنوان محاضرته القادمة في الجيولوجيا عن التّربة الكتيمة واستحالتها تشرّب ماء المطر، وربّما عن الحكمة الإلهية في عدم تسرّب الغيث داخل أرض غير ذات زرع. هذا إن قُدِّرَ له يوما أن يعود إلينا !
أمّا أنا فسأبقى هنا، وأعود للمرّة الألف إن لزم الأمر لكي لا يتحوّل مشروع هؤلاء إلى أمر واقع. لا أريد لابنتي أن تعيش في بلد يحتمي بقرآنه ليرتّل ماضيه تعويذا يقيه من حاضره، وتعويضا يرهن فيه مستقبله.
أحد المتدخّلين القوميين كان من نوع الذين إذا ما سمعتهم يتحدّثون عن فلسطين تقول في نفسك : لو فضّت القضية الفلسطينية بما يرتضيه الفلسطينيون لأنفسهم، لخلقوا فلسطين أخرى في مكان آخر. قيل لي أنّه كان من نقابة التعليم الثانوي. هو أستاذ لأطفالنا. وأنا أخاف على أطفالنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

متقدّمون ساعة متأخّرون قرونا بقلم: فتحي بن الحاج يحيى :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

متقدّمون ساعة متأخّرون قرونا بقلم: فتحي بن الحاج يحيى

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» دِينُ أُمِّ المعارِكِ الثلاثاء بقلم: فتحي بن الحاج يحيى
» ضمائر الحداثة المنفصلة والمتصلة و...المعاقة بقلم: ياسين الحاج صالح
» لإسلام من منظور التحليل النفسي(1من2) الثلثاء 31 كانون الثاني (يناير) 2012 بقلم: فتحي بن سلامة ترجمة : محمّد الحاج سالم
» الحجاب الثّيولوجيّ د. فتحي بن سلامة بقلم: فتحي بن سلامة
» تودوروف يعيد ضبط عقارب ساعة الأدب على محورالمعنى بقلم: أحمد المديني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: الحــــــــــــــــــداثـــة-
انتقل الى: