بقلم: سنا السورية من وقت للآخر تصدر تصريحات عن مسؤولين عرب من دول تعتبر نفسها مدافعة عن
القضايا العربية وحقوق الشعوب العربية ولكنها في مجملها تتفق على قمع
الحريات والاستمرار في الحكم بدون تحقيق المتطلبات المحقة لهذه الشعوب وان
تدعمها وتناصرها, هذه الجهات تتفق بمعظمها على أنها ضد الثورة وضد
فعالياتها و تعمل فعلا على محاربتها سياسيا بتبني قرارات وتعطيل مبادرات
وذلك بهدف إفشال تحركات انتفاضات الشعوب ضد حكام ظالمين قتلة, ويتعدى ذلك
لتقف ضد الثورات و تنظيماتها السياسية التي تمثلها, فبعضهم يهاجم المعارضة
بشكل عام بدون تحديد جهة منها ويوصمها بالتفكك وعدم الاتفاق على برنامج
سياسي واحد يجمعها, ليجعل منها مثلبا يؤجل الحل للقضية السورية, وآخرون
يرددون اتهامات سفسطائية موجهة إلى المجلس الوطني ويجرح بشخصياته, وبعضهم
يتحدث عن عصابات مسلحة ويطالب بوقف هجمات الجيش الحر بوصفه عصابات مسلحة
تشن هجمات ضد النظام والمقرات الحكومية وتعمل على تخريب البلد وتدمير
مقدراته, كلهم اجتمعوا على هدف واحد هو الدفاع عن النظام القاتل المجرم
بشتى الوسائل, او التثبيط عن الثوار ودعم بشار الأسد ونظامه.
-
يمكن أن نطلق على هؤلاء تسمية “الشبيحة الخارجيين” تميزا لهم عن شبيحة
النظام في سوريا ويمثلهم حزب الله في لبنان ودول مثل العراق المالكي
والجزائر, ويوجد قسما آخر يدافعون عن كل تصرفات النظام ويدعمون كل تحركاته
بشكل علني بدون مواربة, واغلبهم من الذين يرتبطون مع هذا النظام بعلاقات
ومنافع سابقة أو كان النظام يقدم لهم تسهيلات وامتيازات ومساعدات, فهم من
باب رد الجميل يحتفظون لهذا النظام بعلاقة ما, ويريدوا بهذا التصرف رد
الدين الذي يطوق كاهلهم ومنهم حركة حماس.
قد تصل الأمور “بالشبيحة الخارجيين” إلى تبني مواقف وقرارات داعمة
ومؤيدة للقاتل وتدافع عنه بشكل مستميت, وتعاند وتنفرد باتخاذ قرارات
وسياسات هدفها فقط الدفاع عن النظام بغض النظر عن تبعاته بالنسبة للشعب
السوري, وان يتم تبني تصريحات مختلفة بين العلن والسر منعا للحرج وخوفا من
القول أنهم يقفون مع القاتل ويساندونه, أولئك يمكن أن نطلق عليهم المراءون
الذين يقولون ما لا يفعلون, والمثال واضح في تصريحات وزير خارجية الجزائر
مراد مدلسي في زيارته لواشنطن, فعلى لسان الناطقة باسم الخارجية فيكتوريا
نولند صرحت أنه قال وصرح في الولايات المتحدة وضمن الاجتماعات مع أعضاء من
الإدارة الأمريكية وفي داخل الأماكن المغلقة قالت عن لسانه “بان الوضع لم
يتحسن, وانه لا يزال عنيفا,وان هذا ليس مقبولا”, بينما التصرفات التي
تتبعها الجزائر في اجتماعات الجامعة العربية وداخل أورقة الجامعة هي الدفاع
المستميت وقتل المبادرات واللعب على الوقت وإعطاء المهل لنظام بشار الأسد.
وموقفا آخر تتبناه بعض الدول في الجامعة العربية وتظهره من خلال تصريحات
الدابي المتتالية منذ دخول بعثة المراقبين العرب إلى سوريا وقوله أن الوضع
في سوريا ليس بالخطير وهناك مبالغات, وبتقريره الفاضح أمام اللجنة وزراء
الخارجية العرب المشكلة لمتابعة المسالة السورية التي يقول فيه بوجود
عصابات مسلحة في سوريا, وهجومه المفاجئ والعنيف على المراقب الجزائري أنور
مالك بسبب تشكيكه بعمل اللجنة والتوصيات التي سيتم اعتمادها لاحقا, هي
تصرفات مدعاة للشك بصدقية الرجل والجهة التي يمثلها والداعمة له وتوجهه
المسبق بالهجوم على الشعب السوري وتبني موقف سلبي من ثورته ومن قضية الحرية
والكرامة التي ينشدها, فهل هناك تفسير آخر لهذه التصريحات ؟؟؟؟.
-
وبعض الصحفيين والمحللين السياسيين بعضهم عن غير قصد منهم وبعضهم يبث السم
في الدسم يحاولوا تثبيط الهمم والإيحاء بان الأزمة السورية عصية على الحل,
أو في انسداد الأفق العام لها, أو في إمكانية فشلها, فصحفي سوري لا أريد
ذكر اسمه كتب في مقالته أمس أن “الأزمة السورية تزداد تعقيداً شهراً بعد
شهر، حتى كادت أن تصل إلى طريق مسدودة مغلقة أمام أي حل محتمل أو حتى أمام
أي تسوية”, فنتسائل هل يوجد أحدا من المعارضة طالب أو تحدث عن قبول تسوية
بين النظام من جهة والشعب السوري المنتفض من جانب آخر, ولم يريد تثبيط همم
الثوار في الساحات والشوارع بقوله “وهكذا وصل الطرفان إلى طريق مسدودة لا
نافذة فيها ولا ضوء في آخرها”, فلم التحدث عن انسداد الأفق أمام الشعب
السوري, ولماذا يريد قطع الأمل في إمكانية إسقاط النظام, إنني على ثقة من
معرفتي بكتابات هذا الصحفي انه يريد الخير للثورة ولكن يجب شحذ الأقلام
بروح الأمل والتفاؤل لتحقيق الغاية المنشودة والتشجيع عليها, ولا مانع من
إبراز المخاطر والتنبيه لها, لنتمكن جميعا من اجتيازها أو تجنبها.
-
الجامعة العربية وبعض الأطراف الإقليمية يطالبون وينصحون ويقترحون تجميع
وتوحيد المعارضة تحت سقف واحد ذات رؤية واحدة وسياسة مشتركة وهي التي تضم
عدة تنظيمات وتآلفات من أحزاب سياسية من اليمين واليسار: ليبرالية وإسلامية
وقومية ويسارية، ولايزال بعضها يعمل تحت راية النظام أو رعايته, وآخرون هم
مدسوسون على المعارضة من النظام, فهم كمن يتحدث كأننا في جمهورية افلاطون,
فكيف تطالبون بالوصول والاتفاق على برنامج مشترك وخارطة طريق بينهم
ومعظمهم له أجندة النظام ويعمل تحت سقفه, وهل من الممكن مقارنة المجلس
الوطني الذي يمثل غالبية المعارضة الفعلية للنظام والذي تبنى شعارات الحراك
الشعبي كما هي, وبين هيئة التنسيق الوطنية التي تطلق على نفسها (معارضة
الداخل) التي لا يمثلها في الحراك إلا فئة قليلة وغير مؤثرة ولا يوجد من
يؤيد سياستها في الشارع, فالكفة تهوي إلى جانب المجلس الوطني, بينما هيئة
التنسيق وبرنامجها السياسي لا تعبر عن الحراك الشعبي الذي يريد إسقاط
النظام والتدخل الدولي لحماية المدنيين كما نادت به الجموع في شوارع سوريا.
-
أما الدور الروسي في مجلس الأمن المعطل لأي قرار يدين النظام في سوريا,
قيمكن تجاوزه عن طريق إجباره على التصويت واستخدام الفيتو ضد مثل هكذا
قرار, ويجعله مكشوفا لدعمه عصابة مجرمة قاتلة وخاصة إذا تم رفع القضية
السورية وإحالتها لمجلس الأمن بعد إعلان فشل المبادرة العربية من قبل
اجتماع وزراء الخارجية العرب المتوقع عقده في تاريخ 22 من الشهر الحالي.
و الذين يتحدثون عن عدم رغبة المجتمع الدولي بالتدخل الدولي بشؤون سوريا
اقصد هنا الولايات المتحدة والدول الأوروبية, حتى يرى بعضهم أن الولايات
المتحدة لم تقرر حتى الآن إسقاط هذا النظام, فهذه تصريحات أمير قطر تفند
ادعائهم بذلك, بإبداء رغبته عن إمكانية تشكيل قوات عربية للتدخل في سوريا
لحماية المدنيين, فهو يسحب البساط من تحت هؤلاء المتآمرين على الثورة ويسقط
خططهم.
-
أن مطلب تدويل الأزمة واستقدام قوات عسكرية لحلها, لم يأتي من المعارضة بل
هو ما تم فرضه عليها بعد أن تعدى النظام كل الحدود ولم يوقف آلة القتل
والدمار والتهجم على الأعراض والممتلكات في كل أنحاء سوريا, ولم يستجب إلى
مبادرة الجامعة العربية ويطبق ويلتزم بما قررته, ولا يلزم اتفاق أطراف
المعارضة على هذه السياسة بمجملها, فالمجلس الوطني هو المكون الرئيسي لها
والذي يتبنى شعارات ومطالب الحراك الشعبي هو من يمثلها ويدافع عنها خارجيا,
وتبعثر أطراف المعارضة الأخرى وتبنيهم لسياسات وبرامج لا تتفق مع متطلبات
الشعب السوري لا يلزمنا الوقوف وانتظار توحيد المعارضة لوضع برنامج سياسي
شامل يجمع كل الأطراف, وخارطة طريق لوضع الأزمة السورية على طريق الحل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع الثورة السورية وإنما تعبر عن رأي مؤلفها