روسيا امام مسؤولية اخلاقية.. اثرياء يسلحون المعارضة وصفقات اسلحة من ليبيا
دم كولفين في يد بشار... ليست وحدها من قتلت هناك.. حولوا ملفه لمحكمة جرائم الحرب
2012-02-23
لندن
ـ 'القدس العربي': عندما يقتل صحافيون اجانب في صراعات الشرق الاوسط،
ويرتفع الصراخ اكثر، ويزيد ارتفاعا عندما يقتل مراسلون على مستوى ماري
كولفن، مراسلة صحيفة 'صندي تايمز' لاكثر من عقدين في قصف بالصواريخ على
مركز للاعلام تابع للمعارضة في بابا عمرو - حمص.
وعلى اعتبار كولفن
واهميتها وتاريخها في تغطية الحروب وشجاعتها وفقدانها احدى عينيها اثناء
تغطية عملية فاصلة انهت وجود نمور التاميل في سيرلانكا، فلم تكن هي
الوحيدة فالى جانبها المصور ريمي اوشليك، وصحافيان اخران، لكن المهم ان
هناك 80 ضحية او اكثر قتلوا في نفس اليوم.
وفي خضم الثناء والشجب
للنظام واتهام عساكره باستهداف المبنى الذي كانت فيه، واقوال عن اعتراض
مهاتفات بين القادة والجنود على الميدان تطالبهم باستهداف الاعلام،
فالدعوات الان تتركز على ضرورة تدخل عسكري بشكل او بآخر او تسليح
المعارضة، وفتح معابر انسانية، ووقف اطلاق النار وهي المطالب التي ستطرح
على طاولة المحادثات تونس حيث سيجتمع اصدقاء سورية في العالم بغياب واضح
لسورية. وقبل الاجتماع فقد تقرر مستقبل الرئيس السوري، فعليه التنحي
والخروج من السلطة لانه بدأ حربا لا يمكنه وقفها او الانتصار بها حسب
صحيفة 'التايمز' التي تعتبر كولفن واحدة من مؤسساتها، بل وحملت الصحيفة
بشار الاسد مسؤولية قتلها وقالت ان دمها في يديه، ودعت وبشكل حاسم لتدخل
المحكمة الدولية لجرائم الحرب كي تحقق في ممارسات النظام وفظائعه ضد شعبه
وضد الصحافيين الاجانب الذين قالت انهم خاطروا بحياتهم كي يكشفوا الحقيقة
للعالم.
وتؤكد الصحيفة ان كولفن في تغطيتها لما يجري في حمص قالت ان ما
يجري في المدينة هو على نفس مستوى الحروب الفظيعة التي غطت احداثها طوال
تجربتها الصحافية. وتتساءل 'التايمز' عن وضع الاسد الذي قالت انه رجل ضعيف
تم جره نحو الرئاسة وعليه فهل وصل الطبيب المتدرب في بريطانيا وزوجته
المصرفية المولودة في لندن الى مرحلة لم يعد فيها قادرا على السيطرة على
قواته، وهل سيكون قادرا على وقف هذه التجاوزات. ودعت الاسد لوقف سريع
لاطلاق النار والسماح للمساعدات الانسانية لدخول المدينة وفتح المعابر
الانسانية وتسهيل نقل جثة كولفين. وحذرت النظام قائلة ان عليه معرفة انه
لم يعد له مكان يخفي فيه ارصدته، ولم يعد لديه اصدقاء يساعدونه، ولن يتوقف
العالم عن دعم اصرار الشعب السوري على تقرير مصيره ومواصلة كفاحه. وتختم
بالقول ان الاسد بدأ شيئا لم يعد قادرا على اتمامه وحربا لن يكون قادرا
على الانتصار بها. وقالت ان كولفن دفعت حياتها ثمنا لان تكون شاهدة على
قسوته وبربريته والامر مرهون بمن تركتهم وراءها كي يكملوا المهمة.
واجب اخلاقي
وبعيدا
عن المطالبة بمحاكمة الاسد رأت صحيفة 'اندبندنت' ان الوضع الانساني السيىء
في حمص يستدعي وقفة اممية صلبة، وقالت ان الموقف الروسي حول الدعم
الانساني للمدينة لا يكفي، وتساءلت ما الذي تحتاجه روسيا حتى تقتنع وتغير
موقفها، مشيرة الى ان المسألة لم تعد مسألة 5500 قتيل، فبعد عام فان
الصراع الذي يدور توسع واصبح كارثة انسانية، فبعد اسابيع من قصف حمص
وحصارها يعاني السكان من نقص في الطعام والغذاء والماء، ويزدحم المشردون
في المساجد للاحتماء من القصف، مشيرة الى الصليب الاحمر الدولي كسر صمته
وطالب بوقف لاطلاق نار وفتح معابر لدخول المساعدات الانسانية، فرفض النظام
السوري للمطالب يقدم اشارات على انه يخرق ميثاق جنيف القاضي بالسماح
للصليب الاحمر تقديم المساعدات للمنكوبين في محاور الحرب، كما قالت ان
الوقت قد حان لاحالة الاسد الى المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي
لمحاكمته على الجرائم التي يظهر ان قواته ارتكبتها. وتعتقد الصحيفة ان دعم
روسيا وقف اطلاق النار لساعتين لنقل المساعدات لاهالي حمص بادرة جيدة.
لكنها في هذا الوقت غير كافية ولا يحرر روسيا من مسؤوليتها الاخلاقية،
ومسؤوليتها كي تجبر حليفها الذي لا يمكن الدفاع عنه الجلوس على طاولة
المفاوضات.
وتشير الى مؤتمر اصدقاء سورية الذي سينعقد اليوم والذي
سيناقش كيفية اغاثة المدينة المنكوبة، وفرض عقوبات جديدة والبحث عن طرق
لدعم المعارضة المنقسمة على نفسها. ومع ان الدعوات بعد مقتل الصحافيين
تصاعدت لتسليح المعارضة لكن 'الاندبندنت' دعت الى ضبط النفس وعدم التسرع
باتخاذ قرارات بهذا الاتجاه. وفي الوقت الذي يجب عدم استبعاد الخيار من
الطاولة الا ان وضعه موضع التطبيق يعني جر سورية نحو حرب طائفية، بل اكثر
من ذلك فسيحولها الى منطقة جذب للمتطرفين.
وبعد كل هذا ترى الصحيفة ان
العقبة الوحيدة لوقف نزف الدم في سورية تظل روسيا ويجب ان لا تستمر
معارضتها لاي تحرك ضد حليفتها. فهناك فرق بين الوقوف الى جانب نظام شرس
وبين لعب دور في تسهيل مرور المساعدات الانسانية. وتعتقد ان روسيا وبدرجة
اقل الصين، في محاولتهما التوصل لصيغة حل بعيدا عن مبادرة الجامعة العربية
التي افشلت في الامم المتحدة لا يعني تخلي المنظمة هذه عن دورها ويجب ان
تعود وتتوصل الى قرار بشأن سورية وفي اسرع وقت ممكن. وتشير الى ما قالته
ماري كولفن قبل يوم من قتلها حيث تساءلت الى متى سيقف العالم متفرجا على
ما يحدث في حمص، وتضيف الصحيفة ان على الامم المتحدة اجبار روسيا الاجابة
عن هذا السؤال.
وترى 'التايمز' ان كولفن وان لم تكن الوحيدة التي قتلت
في سورية من الصحافيين الاجانب، الا انها عرفت المخاطر التي تحيط بمهمتها
كصحافية وكانت تعتقد بانه يجب ان تكون شاهدة على الحرب وان مهمة كهذه
تستحق التضحية من اجلها. وفي الوقت الذي يشجب فيه العالم نظام الاسد لمنعه
المساعدات الانسانية واستهدافه مراكز المعلومات التابعة للمعارضة حتى يحجب
المعلومات عن العالم، تواصل المعارضة بحثها عن سبل للتسلح وتطالب العالم
بدعمها.
اثرياء يسلحون المعارضة
وفيما يتعلق بطريقة حصول
المسلحين السوريين على السلاح اشارت 'اندبندنت' الى ان اثرياء سوريين في
الخليج يدعمون جيش سورية الحر. فقد نقلت عن مقاتل لقبه 'ابوقتيبة' قضى 19
عاما في دولة خليجية قوله انه يقوم بشراء الاسلحة والذخائر من تجار
الاسلحة في الاردن ولبنان والعراق على الرغم من ارتفاع سعر السلاح في
السوق السوداء، حيث ارتفع سعر البندقية من نوع (اي كي -47) من300 الى 1500
دولار امريكي، واضاف ان الطلب على السلاح يمثل 'فرصة لهم كي يبيعوا
الاسلحة بسعر مرتفع'. ويقول ابو قتيبة ان مرحلة التظاهر السلمية مضت بدون
عودة، وان النظام لن يسقط الا من خلال حل عسكري.
واشار الى تلكؤ
المجتمع الدولي لتسليح المعارضة حيث قال 'يستحق الناس الذين يتعرضون
لمذبحة ان تكون لهم فرصة للدفاع عن انفسهم'. ولهذا قام قبل اسابيع بالسفر
لليبيا لتأمين شحنة اسلحة للمقاتلين حيث استطاع شراء بنادق وذخائر وستر
واقية وما الى ذلك.
ويضيف قائلا انه في اي مكان توفرت فيه الاسلحة فان
المسلحين يستخدمونها كي يدافعوا عن انفسهم. وأكد ان المعارضة المسلحة
تحتاج الى من يساعدها كي تطيح بالاسد 'ولوحدها ومهما كان الثمن'. ولم يقل
ابو قتيبة من اين حصل على الاسلحة في ليبيا، وان كان المجلس الانتقالي قد
وفرها له، لكنه قال ان بعض الثوار زوده بها مضيفا ان 'هناك الكثير من
الليبيين الذين يريدون مساعدة، ويريدون توجيه الصفعة له لان دعم القذافي،
فقد عاشوا نفس ظروفنا'. وعبر ابو قتيبة عن تفاؤله من حصول المقاتلين على
الاسلحة من دول الخليج، حيث يقول ان المعارضة وببطء تحصل على دعم الدول
هذه وكذا الجامعة العربية والوقت ليس بعيدا عن التدخل العسكري، اما بتقديم
السلاح او التدخل المباشر.
المعارضة تريد التدخل الخارجي
ويبدو
ان هناك شبه اجماع داخل المعارضة حول ضرورة التدخل الخارجي، فقد نقلت
'ديلي تلغراف' عن مسؤولة بارزة في المؤتمر الوطني السوري قوله ان المجلس
بدأ ينظر للتدخل العسكري على انه الحل الوحيد، مشيرا الى ان هناك حلين
كلاهما مر، التدخل العسكري او حرب اهلية طويلة الامد. فبدون اي تقدم على
المستوى السياسي فهناك حاجة كي يسمح فيها للدول الصديقة للشعب السوري
تسليح المعارضة بناء على قرارات مستقلة. وتشير الى الحالة الطارئة التي
تعيشها سورية وحاجة الناس للمساعدة الدولية وشعورهم بأن العالم تخلى عنهم.
وتقترح المسؤولة فتح معابر من لبنان الى حمص ومن تركيا الى ادلب ومن
الاردن الى درعا.
ونقلت الصحيفة عن المعارض لؤي حسين قوله ان المعارضة
في الداخل تشعر بأن المجتمع الدولي تخلى عنها خاصة ان النظام اصبح اكثر
شراسة بعد فشل قرار الامم المتحدة، مضيفا ان النظام يبتعد اكثر فاكثر عن
الحل الدبلوماسي. ونقلت عن مسؤول قالت انه غربي ان روسيا لن تقوم بالجهد
الكافي كي تضغط على الاسد حيث تريد ان تكون جزءا من الحل لكنها لا تقدم
نفسها بهذه الطريقة، فهي تترك الاسد مواصلة جرائمه التي يقوم بها.
ويشير
مؤيدو المجلس الوطني الى غياب التجانس فيه مما يعرقل اية جهود للاعتراف
به، ويريد داعموه رؤية بيان مشترك منه وخطة عملية للمرحلة الانتقالية. وفي
الوقت الحالي يخطط الاتحاد الاوروبي سلسلة من العقوبات منها حظر على
الطائرات التجارية السورية كي تهبط في 27 دولة.