قلم: أحمد النعيميكان يحلم الأسد أن يخرج أمام مجلس شعبه قبل نهاية العام
الماضي، وبداية هذا العام ليعلن واده لثورة الشعب السوري، كما كان يمهد
لهذا الخطاب في العديد من الصحف، ولكن سفينة الشعب السوري والتي تحدت
عواصفه وزوابعه منعته من الخروج في رأس السنة الجديدة، لأن حلمه الذي
ينتابه في كل خطاب لم يتحقق، ومضت أيام عشرة من السنة، رافقها قرار عربي
جديد بإعطائه مهلة جديدة، بل والذهاب معه إلى إثبات أكاذيبه بوجود عصابات
مسلحة داخل سوريا، طلبت منها الجامعة العربية وقف أعمال القتل كما دعت
المجرم الأسد إلى مثل هذا الأمر، لتتساوى الضحية مع الجلاد، ولكن هذا
التواطؤ لم يرق للأسد، شجعه في هذا أن الجامعة لم تتخذ أية قرار يخيفه،
فعاد يكرر نفس اسطوانته القديمة ونفس خطاباته التي مللنا منها، حتى بدا
خطاب اليوم نسخة من الخطابات السابقة، وظهر أن الأسد كان محقاً عندما وصف
نفسه بأنه مجنون، بل ومعوق فكرياً وكسيح لا يدرك ما يجري حوله، وأنه ومن
معه من إعلاميين ومسئولين كـ”لعبة” وضع بداخلها جهاز تسجيل، كلما ركلتها
بقدمك صدحت بنفس الكليشة المسجلة داخلها، وكلما زدت الركل أعادت عليك
العبارات نفسها، ولا شيء سوى هذا الصوت المزعج المكرر.
وهذه هي مقارنة بسيطة بين خطابه الأول والخطاب الأخير:
النقطة الأولى:
حيث بدأ خطابه الأول بقوله: ” أتحدث إليكم بلحظة استثنائية
تبدو الأحداث والتطورات فيها كامتحان لوحدتنا ولغيرتنا وهو امتحان تشاء
الظروف أن يتكرر كل حين بفعل المؤامرات المتصلة على هذا الوطن وتشاء
إرادتنا وتكاتفنا وإرادة الله أن تنجح في مواجهته كل مرة نجاحاً باهراً
يزيدنا قوة ومنعة”
الخطاب الرابع: ” أتحدث إليكم اليوم بعد مضي عشرة أشهر على
اندلاع الأحداث المؤسفة التي أصابت الوطن وفرضت ظروفا مستجدة على الساحة
السورية، هذه الظروف التي تمثل لنا جميعا امتحانا جديا في الوطنية لا يمكن
النجاح فيه إلا بالعمل الدءوب وبالنوايا الصادقة المبنية على الإيمان بالله
وبأصالة شعبنا وبمعدنه النقي الذي صقلته العصور فجعلته أشد متانة وأكثر
إشراقا”
النقطة الثانية:
الخطاب الأول:” أنا اعرف تمام المعرفة أن هذه الكلمة ينتظرها
الشعب السوري منذ الأسبوع الماضي وأنا تأخرت بإلقائها بشكل مقصود ريثما
تكتمل الصورة في ذهني أو على الأقل بعض العنوانين الأساسية والرئيسية من
هذه الصورة لكي لا يكون هذا الحديث اليوم بعيداً عن الإنشاء العاطفي الذي
يريح الناس، لكنه لا يبدل ولا يؤثر في الوقت الذي يعمل فيه أعداؤنا بشكل
منظم وعلمي من اجل ضرب استقرار سوريا.. وسوريا اليوم تتعرض لمؤامرة كبيرة
خيوطها تمتد من دول بعيدة ودول قريبة ولها بعض الخيوط داخل الوطن تعتمد هذه
المؤامرة في توقيتها لا في شكلها على ما يحصل في الدول العربية”
الخطاب الرابع: ” لم يكن من السهل في بداية الأزمة شرح ما
حصل، لقد كانت الانفعالات وغياب العقلانية عن الحوار بين الأفراد هي
الطاغية على الحقائق أما الآن فقد انقشع الضباب ولم يعد بالإمكان تزوير
الوقائع والأحداث من قبل الأطراف الإقليمية والدولية التي أرادت زعزعة
استقرار أمن سوريا، الآن سقطت الأقنعة عن هذه وجوه هذه الأطراف وبتنا أكثر
قدرة على تفكيك البنية الافتراضية التي تؤدي إلى هزيمة نفسية ومعنوية تؤدي
لاحقا إلى الهزيمة”
النقطة الثالثة:
الخطاب الأول:” هناك صرعة جديدة اليوم هي ثورات بالنسبة لهم
ونحن لا نسميها كذلك، هي حالة شعبية بمعظمها، ولكن بالنسبة لهم إذا كان
هناك شيء يحصل فيكون الغطاء موجوداً في سوريا ثورة، هناك ثورة، هناك إصلاح
هنا الحرية الشعارات، الوسائل كلها نفسها، وبالتالي إذا كان هناك دعاة
للإصلاح وكلنا دعاة للإصلاح سنسير معهم من دون أن نعرف ما الذي يجري حقيقة،
المتآمرون قاموا بالخلط بين ثلاثة عناصر الفتنة والإصلاح والحاجات
اليومية.. الدولة انكفأت تجاه مكافحة الفتنة وما حصل وتركت الجواب
للمواطنين وهذا ما حقق المعالجة السليمة والسالمة والأمينة والوطنية وأعاد
الوحدة الوطنية بشكل سريع إلى سوريا.. المتآمرون بدءوا أولاً بالتحريض وبدأ
التحريض قبل أسابيع قليلة من الاضطرابات في سوريا في الفضائيات والانترنت
ولم يحققوا شيئا وانتقلوا بعد الفتنة إلى التزوير، زوروا المعلومات والصوت
والصورة وكل شيء، اخذوا المحور الآخر المحور الطائفي واعتمدوا على التحريض
ورسائل ترسل بالهواتف المحمول تقول لطائفة انتبهوا من الطائفة الأخرى
ستهجم، وللطائفة الثانية الطائفة الأولى ستهجم لكي يعززوا مصداقية هذا
الشيء، أرسلوا أشخاصاً ملثمين يدقون الأبواب على حارتين متجاورتين من
طائفتين ليقولوا للأولى الطائفة الثانية أصبحت في الشوارع ليتمكنوا من
إنزال الناس إلى الشارع، ولكنا تكمنا من خلال الفعاليات من درء الفتنة ولكن
المتآمرين تدخلوا بالسلاح وبدءوا بالقتل العشوائي لكي يكون هناك دم وتصعب
المعادلة”
الخطاب الرابع:” بحثوا في البداية عن الثورة المنشودة فكانت
ثورتكم ضدهم وضد مخربيهم وأدواتهم، هب الشعب مند الأيام الأولى قاطعا
الطريق عليهم وعلى أزلامهم وعندما صعقتهم وحدتكم حاولوا تفكيكها وتفتيتها
باستخدام سلاح الطائفية المقيت بعد أن غطوه برداء الدين الحنيف، وعندما
فقدوا الأمل بتحقيق أهدافهم انتقلوا إلى أعمال التخريب والقتل تحت عنوانين
وأغطية مختلفة كاستغلال بعض المظاهرات السلمية واستغلال ممارسات خاطئة حصلت
من قبل أشخاص في الدولة فشرعوا بعمليات الاغتيالات وحاولوا عزل المدن
وتقطيع أوصال الوطن وسرقوا ونهبوا ودمروا المنشآت العامة والخاصة، وبعد
تجريب كل الطرق والوسائل الممكنة في عالم اليوم مع كل الدعم الإعلامي
والسياسي والإقليمي والدولي لم يجدوا موطئ قدم لثورتهم المأمولة”
النقطة الرابعة:
الخطاب الأول:” لم نكتشف بنية المؤامرة كلها بعد، ظهر جزء
منها وكلها بنية منظمة، هناك مجوعات دعم لها أشخاص في أكثر من محافظة وفي
الخارج، هناك مجموعات إعلام، هناك مجوعات تزوير وهناك مجموعات شهود العيان،
وهي مجموعات منظمة مسبقاً.. نحن أفشلنا الهزيمة هذه الهزيمة الافتراضية
المخططة في عام 2005م بالوعي الشعبي، اليوم الوضع أصعب لان انتشار الانترنت
أكثر ولأن وسائلهم أحدث ولكن بنفس الوقت الوعي الشعبي الذي رأيناه في هذه
المرحلة كان كافياً للرد السريع وعلينا أن نعزز أكثر هذا الوعي”
الخطاب الرابع:” هناك أكثر من ستين محطة تلفزيونية في العالم
مكرسة للعمل ضد سوريا، البعض منها يعمل داخل ضد الداخل السوري والبعض منها
يعمل لتشويه صورة سورية في الخارج، هناك العشرات من مواقع الانترنت
والعشرات من الصحف والوسائل الإعلامية المختلفة، يعني نحن نتحدث عن المئات
من وسائل الإعلام، كان الهدف أن يدفعونا باتجاه حالة من الانهيار الذاتي كي
يوفروا على أنفسهم الكثير من المعارك”
النقطة الخامسة:
الخطاب الأول:” لا يوجد عقبات في الإصلاح يوجد تأخير ولا يوجد
أحد يعارض الإصلاح ومن يعارضون هم أصحاب المصالح والفساد، ولكن الآن لا
يوجد عقبات واعتقد أن التحدي الآن ما نوع الإصلاح الذي نريد أن نصل إليه،
وبالتالي علينا أن نتجنب إخضاع عملية الإصلاح للظروف الآنية التي قد تكون
عابرة، لكي لا نحصد النتائج العكسية”
الخطاب الرابع:” علاقة الإصلاح بما يحصل في سوريا محدودة جدا،
أجرينا عملية فرز بين من يريد الإصلاح وبين الجزء الخارجي، تبين أن لا
علاقة للازمة بالإصلاح، وكان هذا رأيي من الأساس، ولكن لم يكن من الممكن
الحديث عنه لأن الأمور لم تكن واضحة.. نفس الدول التي تدعي الحرص على الشعب
السوري كانت في البداية تنصحنا بموضوع الإصلاح، طبعا هي لا يوجد لديها
أدنى معرفة بالديمقراطية وليس لها تراث في هذا المجال ولكن كانوا يعتقدون
بأننا لن نسير باتجاه الإصلاح وسيكون هناك عنوان لهذه الدول لكي تستخدمه
دوليا بان هناك صراعاً داخل سوريا بين دولة لا تريد الإصلاح وشعب يريد أن
يصلح أو يتحرر أو ما شابه”
النقطة السادسة:
الخطاب الأول:” نريد أن نسرع ولكن لا نريد أن نتسرع”
الخطاب الرابع:” عندما نتحدث عن سوريا المقبلة فنحن لا نتحدث عن سوريا الجديدة وإنما عن سوريا المتجددة”
النقطة السابعة:
الخطاب الأول: ” وأد الفتنة واجب وطني وأخلاقي وشرعي وكل من
يستطيع أن يساهم في وأدها ولا يفعل فهو جزء منها، والفتنة أشد من القتل كما
جاء في القران، فكل من يتورط فيها عن قصد أو من غير قصد فهو يعمل على قتل
وطنه، وبالتالي لا مكان لمن يقف في الوسط فالقضية ليست الدولة بل الوطن،
والمؤامرة كبيرة ونحن لا نسعى لمعارك”
الخطاب الرابع: ” كل من يشارك بالفوضى الآن فهو شريك في الإرهاب”
وختم الأسد خطابه الأخير بقوله: ” تعليق عضوية سوريا يعني تعليق
عروبة الجامعة.. ولا يجوز أن نربط بين العروبة وبين ما يقوم به بعض
المستعربين” ناسباً أصله إلى العرب حتى وإن كان أصله فارسياً يعود إلى جده
بن نصير الفارسي، وحتى وإن واصل قتله وإجرامه ليل نهار، طالباً من العالم
أن يقف إلى جانبه ومشاركته طقوسه الإرهابية، ويعيد اسطوانته المشروخة دون
إي حياء أو خجل، ويردد عباراته التافهة المكررة ليل نهار، وإن ظهر للعالم
بأنه لا يعرف من الكلام سوى ما حشي به جوفه من تسجيل، وخطاباته لا تخرج عن
هذه الكليشة أبداً؛ إلى أن يتحول إلى مجرم هارب ملاحق من قبل الشعب في كل
مكان، ويلاقي مصير المجرم القذافي، دون أن يستفيدا أبداً من نهاية فرعون،
ويقولا كما قال زين العابدين من قبل بأنه قد فهم شعبه، فبعد للأسد كما بعد
القذافي من قبل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع هرمنا وإنما تعبر عن رأي مؤلفها