bmw2002200 ثـــــــــــــــائر متردد
الجنس : عدد المساهمات : 15 معدل التفوق : 37 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 15/12/2011
| | الأسد يطلق النار على نفسه في خطابه الرابع! | |
محاولته نقل كرة النار إلى لبنان مرهونة بموقف “حزب الله”:
بقلم: فادي شاميةخطاب الرئيس بشار الأسد في جامعة دمشق لا يشبه البتة خطاب الرؤساء، بما في ذلك الذين سبقوه على طريق السقوط، عدا خطاب معمر القذافي، الذي تشابه وإياه في أمور كثيرة (التفريق بين المنصب والمسؤولية، وشتم شعبه الثائر على سبيل المثال). في الخطاب؛ قدّم بشار الأسد صورته النفسية المعقدة، فبدت أفكاره وعباراته استعلائية، واستعدائية، مع كثير من الثرثرة التي تؤكد أنه مصاب بداء “نكران الواقع”. من هذا المنطلق؛ صاغ الأسد مضامين خطابه، دون أن ينتبه إلى أنه يطلق النار على نفسه بما يقول: أولاً:مهاجمة جامعة الدول العربية: لم يكن بشار الأسد مضطراً إلى مهاجمة جامعة الدول العربية إلى حد وصفها بـ “المستعربة”، لا سيما بعد البيان الوزاري الأخير الصادر عن الجامعة، والذي أعطى لنظامه فرصة جديدة!. الغريب أنه راح أبعد من ذلك عندما اعتبر أن تجميد عضوية سوريا في الجامعة هي خسارة للجامعة لأن “سوريا قلب العروبة النابض (ناسباً الكلام إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر) والجامعة لا تستطيع أن تعيش دون قلب”!. مضيفاً: “هم يعلّقون عروبة الجامعة وليس عضوية سورية… العروبة يمنحها التاريخ وليس منظمة، وهي شرف بالانتماء ولا علاقة لها ببعض المستعربين…”. الأكثر استغراباً أن هذه المبالغة في احتكار العروبة يقابلها وقائع تجعل سوريا تابعة لدولة غير عربية هي إيران!. ويأتي هذا الكلام؛ بعد فقدان النظام السوري أي صلة إيجابية له بأميركا وأوروبا (التي سبق أن شطبها وزير خارجيته عن الخارطة)، وبعد مهاجمته الأمم المتحدة وإعلانه عدم اهتمامه لها، وكأنه أراد -من حيث لا يدري- إحراج من عمِل داخل الجامعة العربية لصالحه، بل التسهيل على الجامعة نفسها لإحالة الملف إلى مجلس الأمن… اللافت أن بشار قال هذا الكلام كله، وقد افتتح خطابه بالقول إنه ليس بصدد مهاجمة الجامعة العربية!. ثانياً: مهاجمة الدول العربية: لم يكتف بشار الأسد بمهاجمة العرب مجتمعين من خلال الجامعة، بل هاجمهم بالمفرق أيضاً، موجهاً سهامه إلى الدول الخليجية أكثر من سواها، مستعملاً عباراتٍ من شأنها استثارة الشعور الوطني والقومي تجاهه، من قبيل: “أحياناً الدول العربية أكثر حقداً… إذا كانوا ببعض المال يشترون جغرافيا من هنا وتاريخ من هناك فنقول لهم إن المال لا يشتري أمماً ولا يصنع حضارات.. نحن من أطعم الدول العربية في السنوات العجاف!. إن ردة فعل أي مجتمع عربي –قبل حكامه- إزاء هذا الكلام، هو الضغط الفوري لاتخاذ ما هو كفيل بتسريع سقوط النظام. ثالثاً: مهاجمة شعبه الثائر: على خلاف سابقيه في السقوط، الذين حاولوا استرضاء الشعب بالوعود حتى يهدأ، أطلق بشار الأسد نعوتاً فظيعة على الثوار –متشابهاً في ذلك مع القذافي-. نعوت الأسد جاءت هذه المرة صريحة وبالجملة، فاستغرب أن يكون الثائر –والثائرون عليه جزء واسع من الشعب السوري-: “سارقاً، أو غداراً، أو جباناً، أو خائناً، أو ضد العلم، أو ضد الوحدة، وبلا شرف وبلا أخلاق أو دين”. وصولاً إلى اعتباره المتظاهرين “إرهابيين” (كل من يشارك بالفوضى الآن فهو شريك في الإرهاب)!. كلام بشار كان بمثابة وقود مصبوب على نار مشتعلة، ألهبت سوريا كلها في المساء، وشجعت المزيد من السوريين على الخروج ومواصلة التظاهر حتى إسقاط النظام. لم يكتف الأسد بذلك؛ ففي معرض “تفلسفه” قدّم تعريفاً غريباً للعروبة، مسح فيه الهوية الثقافية والحضارية للأكراد، وهم مكوّن كبير في الشعب السوري، على اعتبار أن العروبة لا علاقة لها بالعرق، فصارت الأقليات العرقية في سوريا عربية بالقوة، الأمر الذي زاد من تحرك الشارع الكردي كما باقي الأقليات العرقية. وفي موقف متناقض أيضاً أعلن الأسد أن الحكومات في سوريا متنوعة أصلاً، ولكنه مستعد للحوار مع الجميع بما في ذلك الذين هم في الخارج، أو الذين ارتبطوا بأحداث الثمانينات، قاصداً “الأخوان المسلمين”، لكنه ما لبث أن سمى في نهاية الخطاب “الأخوان” بـ “أخوان الشياطين”!، علماً أنه بذلك خدم “الأخوان” أكثر مما ضرهم، ذلك أن “دينامية الجماعة” تتعاطف مع الفريق الأكثر استهدافاً، وأحياناً –كما في حال الثورات- الأكثر تشدداً تجاه النظام، وهذا ما تؤكده دراسة حركة الثورة في سوريا؛ فالجماعة التي فقدت تأثيرها على نحو هائل قبل الثورة، باتت أكثر حضوراً، وبات خطابها وأدبياتها أكثر حلولاً على الثورة وأدبياتها… هذا دون أن نتوقف أمام تداعيات شتم حركة عالمية قادرة على تحريك الشوارع العربية، ولديها إمكانات مؤسسية هائلة، وصارت في الحكم في غير بلد مجاور لسوريا. رابعاً:مهاجمة الإعلام: انطلق بشار الأسد من أن رئيس بعثة مراقبي الجامعة، الذي عُين بالاتفاق معه على أمل حل الأزمة -رغم أن تاريخه الأمني وعلاقته بمجازر دارفور لا تؤهله لمهمة أساسها حقوق الإنسان-، قد ساوى في تقريره الأولي بين الجلاد والضحية، واستناداً إلى ذلك قال الأسد: “لم يعد التآمر الخارجي مخفياً على أحد، ولم يعد الخداع ينطلي على أحد”، لكن برغم ذلك فقد اتهم وسائل الإعلام العالمية، المشهود لها بالموضوعية، بأنها جزء من المؤامرة، بدليل أنها –كلها- كانت تتنقل بحرية، “فأتقنوا التزوير والفبركة، فضبطنا الموضوع لنضبط نوعية التزوير”!. موقف كهذا يعطي مصداقية أكبر للمشاهد التي توردها التنسيقيات في الداخل لقنوات العالم كلها، علماً أن تنسيقيات الداخل باتت تملك جيشاً من الإعلاميين؛ المصورين والمذيعين، من صنف: “مراسلي الحرب”، وقد طور هؤلاء قدراتهم إلى درجة البث المباشر، حتى أنهم باتوا هم من يوثق نشاط المراقبين، بدل أن يوثق المراقبون حركتهم… ومن يتابع مواقع الثورة السورية يدرك هذه الحقيقة جيداً. خامساً: مهاجمة أية تسوية: التسوية هي الضحية الأكبر في خطاب الأسد، فهو لم يرفض المبادرة العربية فحسب (بعد أن فصل مهمة المراقبين عن المبادرة)، وإنما أكد أن ما يجري في سوريا هو إرهاب، و”بمفعول رجعي” أيضاً (لا علاقة للأزمة بالإصلاح وكان هذا رأيي من الأساس). وأكثر من ذلك؛ فقد أطلق الأسد النار على “سيناريوهات” راجت مؤخراً من قبل شخصيات وقوى قريبة من نظامه، حول تشكيل “حكومة وحدة وطنية”. الأسد رفض هذه التسمية ابتداءً، ثم انتقل لتعريف المعارضة، ليخلص إلى أنها “حالة مؤسساتية تحددها الانتخابات، وبما أنه لا توجد لدينا معايير قبل الانتخابات المقبلة. لذلك سنعتمد على معايير خاصة للمعارضة”!!. ثم غرق في تفصيلات لا علاقة لها بالواقع؛ من بينها تساؤله عن الأفضل للخروج من الأزمة: الدستور الجديد أم الانتخابات، في حين أن الطرح لدى الثوار يقوم على أساس رحيل الأسد نفسه ونظامه كله، حتى يتحقق الإصلاح!. أين لبنان من تصلب الأسد؟! لعل ما قاله الرئيس الأسد في خطابه الرابع يجعل الجميع، معارضاً أو موالياً، يتفق على أن الرجل أعلن خياره النهائي؛ الدفاع عن النظام حتى النهاية، دون أي تنازلات جوهرية، مع ما يعني ذلك المزيد من الدماء، بل الإكثار من إهراق الدماء، وفق نظرية “مواجهة الإرهاب”، التي عاد وأكد عليها في ظهوره الشعبي في اليوم التالي لخطابه. ومن الطبيعي-والحال هذه- أن يحاول الأسد استخدام أوراقه كلها، فيحاول زعزعة الأمن في المنطقة عن طريق المنظمات “المقاومة” التابعة له، أو عن طريق الضغط على حلفائه، وعلى رأسهم “حزب الله” لتقديم ما يلزم من دعم، سواء في الساحة اللبنانية، أو في مجال الصراع مع العدو الإسرائيلي، بما في ذلك “اليونيفيل”، مع ما يعنيه ذلك من زج للبنان في أتون النار السورية. وكما يبدو؛ فليس ثمة شك في أن الأسد راغب في هذه الأمور؛ راغب في تصعيد الأحزاب الموالية له في لبنان، من حملاتها الترهيبية على المعارضين السوريين، وراغب في إشعال حريق مذهبي بين جبل محسن وباقي مناطق طرابلس، وراغب في رفع “حزب الله” لسقف مواقفه الداعمة لنظامه… بل ربما يكون راغباً في نقل “سيناريو التفجيرات” التي تحدث في سوريا إلى لبنان نفسه، طالما أن أحد الوزراء “الغيورين على المصلحة الوطنية”، قد “سلّفه” إقراراً بوجود “القاعدة” الناشط في لبنان. هذه القلاقل تسمح لنظام الأسد –وفق التفكير الأمني المتحكم به- بإرهاب اللبنانيين والمعارضين السوريين في لبنان وفي سوريا، وبتخويف المسيحيين لإثبات أن نظامه يحمي الأقليات، وبالقول للمجتمع الدولي إن “سلامة المنطقة مرتبط بسلامة النظام في سوريا”، فحذار من أي عمل عسكري يسقطه!… لكن هذه “الرغبات” لا يمكن أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ دون موافقة “حزب الله”، ومن خلفه إيران، صحيح أن الأخيرة تريد بقاء النظام بأي شكل -وهي تدعم عملياً ذلك-، إلا أن حسابات إيران لا تقف عند الملف السوري فحسب. ثمة مؤشر عن التوجه الإيراني، وعن خلاصة الجدل الدائر داخل “حزب الله” حول مقاربة الأزمة في سوريا. هذا المؤشر هو خطاب السيد حسن نصر الله القريب؛ فمن خلاله يمكن معرفة ما إذا كان الحزب سيرقص مع الأسد على حافة الهاوية، أم لا. http://syrianrevolution.org/?p=19023
المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع الثورة السورية وإنما تعبر عن رأي مؤلفها
| |
|