Rating:
0 (from 0 votes)
زجاج
النوافذ الذي ملأ الطرقات يعود إلى النوافذ كأن شيئاً لم يكن… حجارة
المباني المتناثرة في كل مكان تتراصف من جديد فوق بعضها البعض مشكّلةً
جدراناً جديدة… السحب السوداء في سماء بابا عمرو وحمص تتلاشى… الجثث التي
خلفتها عصاباتي في كل ركن من أركان سورية تعود إلى الحياة من جديد… وتتلون
الدنيا بألوان زاهية…..
آه لقد كان كابوساً…
لقد
رأيت في المنام أن شعبي بكبيره وصغيره خرج عليّ! هاتفاً ولاعناً وحاقداً…
في درعا وحمص، في دير الزور ودمشق في البوكمال وحلب في حماة التي حسبتها
ماتت قبل ثلاثين عاماً… في كل قرية ومدينة.. في لاذقيتي في طرطوس وبانياس…
لكن…
تبين لي أنه كابوس….
ولكنه كان كابوساً جريئاً وقميئاً…
آه يا أسماء…
الناس في الكابوس كانوا يتفننون في السخرية مني… يلعنون والدي وأمي وأجدادي وكل ذريتي…
من
المؤكد أنه كابوس.. إذ … هل يجرؤ من كانوا يحلفون بحياتي وينظمون الرحلات
إلى قبر والدي لقراءة الفاتحة على روحه… ويقيمون المهرجانات للتغني بي
وبإنجازاتي التي لا تعد ولا تحصى… ويتبارى شعرائهم في مدح كمالي وجمالي
ووطنيتي وممانعتي… هل يجرؤ كل هؤلاء على مجرد التفكير بينهم وبين ذاتهم
وفي خلواتهم أن يلعنوا والدي ويسبوا أمي ويشتموني بأقذع الألفاظ؟
آه يا أم حافظ…
رأيت
في الكابوس أنني أصبحت موضع احتقار الصغير والكبير… أرسلت كلابي لتنهش
لحوم العباد الذين ما هربوا… بل وقفوا يتحدون الخوف….. أحدهم في لحظاته
الأخيرة في هذه الدنيا قال: يلعن روحك يا حافظ… ثم قال: أشهد أن لا إله
إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله…
تصوري أنهم قفزوا
فوق أصنام والدي وحطموها.. الصنم تلو الصنم.. تسلقوا صوري وطعنوها
بخناجرهم… ثم قطّعوها وأحرقوها حتى أنني اضطررت أن أقيم حرساً لكل صورة
وصنم باقٍ….
لقد كان كابوساً جريء….
يبدو أنني قد أكلت كثيراً ليلة الأمس… أو أن الطاهي دسّ شيئاً في طعامي…
سأستيقظ الآن من هذا الكابوس…
يا حراس… هاتوا الطباخ وعائلته وكل من يعرفه أو رآه طيلة حياته… وارموا بهم في غياهب السجن والنسيان…
التوقيع: مندس من زمان
الخميس أبريل 19, 2012 11:42 pm من طرف faraglo