باسم ثـــــــــــــــائر محــــرض
الجنس : عدد المساهمات : 342 معدل التفوق : 954 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 15/12/2011
| | أي ثورة نحتاج؟ | |
الثورة بتتكلم عربي | انتشرت في الموقع الاجتماعي الأشهر من أيام دعوى للمصريين بالتظاهر والاحتجاج أو للثورة على حد قول البعض في 25 يناير الموافق العيد الرسمي للشرطة المصرية، وانقسم الشباب الذي يمثل الغالبية الكاسحة من مرتادي الموقع إلى فريقين الأول مؤيد بحماس محموم للفكرة ويدعو ويحرض للنزول للشارع بكل قوته بلهجة يغلب عليها الاستعلاء الواضح والوصاية والتوجيه باعتبار أن من يقرر النزول والاحتجاج في هذا اليوم أفضل وأكثر ايجابية ووعياً وحباً للبلد من غيره، فالآخر الذي لا يجد جدوى من النزول سلبي في نظره، والملفت للانتباه أن تطرف بعض هؤلاء داعين مؤسس مجموعة خالد سعيد الذي راح ضحية اعتداء رجال الشرطة في الإسكندرية من شهور إلى حذف التعليقات الرافضة للتظاهر! وهو ما يعني أن المنادين بالحرية أنفسهم لا يعترفون بحرية الآخرين في اتخاذ مواقفهم وقراراتهم وفق قناعاتهم، وهو الأمر المدهش في الموضوع!
ويؤكد هؤلاء أنه من مسئوليتهم أن يثوروا من أجل الفئات الفقيرة التي تعيش في أسوأ الظروف في العشوائيات وغيرها، وهى الفئة الأقل حظاً في التعليم -لو حظيت به- والتي تعيش تحت خط الفقر، والأمر الكارثي هنا أن هذه الفئة تحديداً والتي ترجعها الإحصائيات إلى 15 مليون مصري يعيشون في العشوائيات لا تشعر أن هناك مشكلة من أساسه، ولديها قناعة أن الفقر وسوء الأحوال المعيشية قدر مفروض عليها لا فكاك منه ولا سبيل لتغييره، ولا تفكر مجرد التفكير في الغضب لنفسها على أوضاعها المتردية التي قد تصل لعدم وصول المياه النقية لهم، إن أعظم أحلام بعضهم –بصدق- أن تصله المياه في منزله! وليس لدى هذه الفئة أي رغبة حالية للاحتجاج أو رفض واقعها وإعلان غضبها عن النظام، فلو كان هذا الموقف موجوداً لشهدنا أي حركة أو خروج لهؤلاء، ولكن هذا ما لم يحدث حتى الآن.
والسؤال الآن ما معنى أن تخرج فئة هي الفئة النخبوية المثقفة لتدافع عن حقوق فئة أخرى؟ أعتقد أن هذا لن يجد المصداقية الكافية لدى النظام، ولا حتى المتابعين للموقف. الأمر أشبه بمن يصرخ في أحدهم يدك مكسورة، في حين ينظر له صاحب اليد المكسورة قائلاً بتعجب: ولكنها سليمة! عدم خروج الفئة المظلومة حقاً من المصريين سيعطي النظام الحجة المعتادة كي يلقي عباراته المحفوظة من قبيل: إنها القلة المندسة! ولن يتعامل مع المطالب بالجدية المطلوبة الأمر يحتاج لخروج هذه الفئة المظلومة الفقيرة المعدمة، وهو ما يحتاج وعيا وثقافة مفقودة لديها، وهذا المطلوب منا جميعاً وممن امتلك حظاً من الوعي والتعليم والثقافة الأمر بحاجة لسنوات طوال من العمل على إخراج هذه الفئة مما هي فيه، نحن بحاجة لتنمية هؤلاء البشر أولاً تنمية حقيقية.
والأمر بحاجة إلى أن نكون نحن ككل المجتمع خالياً من الأمراض المستعصية التي ظلت تنخر في عظام المجتمع لسنوات طويلة بداية من التدين الشكلي القاصر ومروراً بانتشار الرشاوى "على عينك يا تاجر" وحتى العلاقات الاجتماعية المفككة وارتفاع نسبة العنف والعنوسة ومعدلات الطلاق الذي وصل لحالة طلاق كل 3 دقائق كما نشرت المصري اليوم مؤخراً، نجن بحاجة لثورة داخل أنفسنا أولاً، وثورة على أنفسنا أولاً على كل مناحي حياتنا الاجتماعية التي طالها فساد عظيم لا أحد يتحدث عنه، الكل يتحدث عن ثورة سياسية واقتصادية ولا أحد يتحدث عن ثورة اجتماعية أبداً!
لا أرى أن مجتمعاً تنتشر به هذه الأمراض قادرٌ على أي ثورة من أي نوع، فنحن بحاجة لسنوات من العمل الدءوب على أنفسنا، بحاجة لحب العلم والبحث والقراءة، فالمتعلم سيعرف وحده دون وصاية من أحد ما يجب عليه فعله، وقد سحرتني إجابة الدكتور مجدي يعقوب حين أجاب على سؤال عمرو الليثي في برنامج واحد من الناس: لا وقت لدى للسياسة لقد كرست حياتي لأمرين فقط هما العلم والمرضى! تخيل لو كل منا كرس حياته لأمر واحد فقط وأخلص فيه، تخيلوا كم مجدي يعقوب سنمتلك.
أما التيار الثاني الذي يعارض الخروج للاحتجاج فقد انهال بسخرية لاذعة على هذه الدعوى متهماً الشباب المنادى بها بأنه شباب فارغ لا يعرف شيئاً خارج نطاق الفيس بوك، وهناك من أطلق نكات على شاكلة "يجب أن يحصلوا على تذاكر سينما" أو أول ثلاثة متظاهرين يصلون ميدان التحرير سيكونون وزراء في الظلام الجديد. وهكذا، وهو أيضاً ما استفزني، فإذا كنت ترى أنه لا جدوى من النزول يومها لا تسخر من آراء الآخرين وحرياتهم الشخصية فيما يرونه مناسباً للقيام به.
وفي النهاية هذه هي صورة المنادين بالحرية لا يعترفون بحرية الآخرين، فإما يمارس الوصاية على الآخرين أو يسخر منهم، فهل هؤلاء وأولئك يستحقون الحرية حقاً؟ أو هل يدركون معنى ما يطالبون به؟
والحقيقة أنهم ينادون بالحرية وأشياء أخرى عديدة وواسعة تتمثل في رفع مستوى المعيشة، والقضاء على البطالة ورفع الدخول وتحسين معاملة الشرطة مع المواطنين وإطلاق الحريات العامة ووقف تصدير الغاز لإسرائيل، وتنفيذ أحكام القضاء من حل مجلس الشعب وإخلاء الجامعات من رجال الشرطة، وحل الحكومة ورحيل مبارك رئيس الدولة! كل هذا يجعلها أهدافاً غير محددة تثير التساؤلات أكثر مما تجيب على حلول المعضلة التي يعانيها المجتمع المصري. فعلى الجميع أن يحدد أولياته ويعرف ما يريد تحديداً لنعرف أي ثورة نحتاج؟
|
| |
|
الجمعة ديسمبر 16, 2011 11:11 am من طرف حمورابي