حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فؤاد
فريــق العــمـل
فريــق العــمـل
فؤاد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 786
معدل التفوق : 2214
السٌّمعَة : 22
تاريخ التسجيل : 17/12/2011

من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب Empty
21042017
مُساهمةمن سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب

من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب Afeon-cover


بدايةً، تخيلوا معي هذا السيناريو: لو كان لديك طفلٌ صغير، وأردت أن تردعه عن السرقة مثلاً، فقرّرت وعظه مخاطبًا إيّاه على هذا النحو: سأصحبك معي إلى بيت الجار بشرط أن تعدْني ألاّ تسرق شيئًا كما فعلت في المرة السابقة، وإن وعدتني ألاّ تفعل وكنت عند وعدك فسأسرق لك من متجر الألعاب المجاور لعبةً رائعة. تخيل هذا السيناريو وأسقطه على فكرة الثواب والعقاب الإلهي. القصة ليست ببعيدة والمقارنة واردة.
فكّر فقط، كيف لهذا الطفل أن يُدرك أنّ المكافأة التي وُعد بها ستكون من نفس جنس العمل الذي نُهي عن فعله؟ (لا تنسى أنّ بطل هذا السيناريو هو طفل وليس شخصًا بالغًا راشدًا)، فالمفترض بالبالغ أن يسأل ويستفسر ويفكّر، وأن يعيد كل شيءٍ إلى العقل والمنطق.
لطالما زُرع في مخيلتنا أنّ مفهومَي الثواب والعقاب هما أهمّ أساليب التعامل مع البشر للتعريف بما يجب فعله وما لا يجب وما يُستحب وما لا يُستحب.
سأحاول أن أستعرض عدة تساؤلاتٍ حول هذين المفهومين الإلهيين الغريبين كطريقةٍ للجذب والرّدع عن القيام بتصرّفٍ ما، بدئًا من السؤال الأول:
هل من الممكن أن نجد وسيلةً أخرى للحثّ على فعل شيءٍ ما أو النّهي عنه دون اللجوء إلى الترغيب والترهيب؟
هل نعجز عن إقناع شخصٍ ما بألاّ يقتل أو يسرق أو يغش دون سنّ قوانين توقفه عنده حدّه، أو دون أن نُضطرّ إلى اللجوء إلى عرض مكافآتٍ تغريه للإعراض عن مجرّد التفكير بالإقدام على مثل هذه الأفعال؟
من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب Afeon-1
هل نعجز عن دفع شخصٍ ما مثلاً للتبرع بما يفيض عن حاجته إلى محتاجٍ، أو نصرة مظلوم، أو الرأفة بيتيمٍ أو مريضٍ أو طفلٍ أو عجوز. دون اللجوء إلى استعراض حوافزٍ مغريةٍ تدفعه دفعًا للقيام بذلك؟
هل يجب أن يوازي مفهومَي العقاب والثواب بعضهما البعض من حيث قوة التأثير؟ وهل هنالك من ركائز لرسمهما أو شروط خاصة لنوعيتهما أو ماهيتهما؟
هل لغيابهما أثرٌ بالغٌ حقًا؟ وهذا سيقودنا إلى سؤالٍ أزليٍّ آخر:
هل الإنسان شريرٌ بطبعه ميّالٌ للأذيّة؟ تقولبه الأعراف الاجتماعية وما تحويه من إرثٍ لغويٍّ: غلط، عار، حرام، خطيئة، إثم. لترويضه على الخير؟
هل جاءت فكرة الله من هنا؟ أي من ضرورة إيجاد ذاتٍ مؤلَّهةٍ منزَّهةٍ تتسم بالكمال المطلق ترسم الحق والباطل وتتبعه بحتميّة الثواب والعقاب؟
ما السبب خلف ضرورة خلْق فكرة ما سُمّي بـ «الأنبياء»؟
سأتوقّف عند هذه النقطة وأحاول أن أستفيض قليلاً من وجهة نظري:
خلقت مخيّلة الإنسان الأنبياء المشاهير من آدم وصولاً إلى عيسى نظرًا للحاجة الماسّة للتنظيم، للقانون، وكصلة وصل بين ذلك الإله المؤلّه على عرشه، والذي من غير المقبول أن يخاطبنا هو بجلالته وقدسيته، بل ذهب الإنسان في تفخيم الإله إلى حدّ تقزيم نفسه، والأهم من ذلك كله، أوجدهم – سواء الإله أو الأنبياء – للحاجة «الإلزامية» لتطبيق الخير والابتعاد عن نقيضه وعمّا اتفقوا على وصفه بالشر.
هل من الممكن أن نعتبر أنّ الأديان وُجدت بالأساس كفكرةٍ بدائيةٍ لتنمية الرقابة الذاتية بالنفس البشرية؟
وعلى فرض أنّ هذا صحيح، إذن:
لمَاذا لم يعمل الدّين على التركيز على تقوية ما يمكن أن نسميه بالرقابة الذاتية عوضًا عن تقوية مفهومي الثواب والعقاب بصيغتهما الطفوليّة تلك؟
لنلقِ نظرةً على فكرة الجنة والنار كتجسيدٍ دراماتيكيٍّ في فنّ الترهيب والترغيب.
تقاسمت الأديان موضوع الحياة الأبدية، مع اختلافات بسيطة، في الإسلام وصفٌ دقيقٌ لما تحويه جنة عدن ممّا لذّ وطاب من الأطعمة والمشروبات ومن النساء العذارى والغلمان. وفي المسيحية وصفٌ يتقاطع مع بعض ما جاء في الإسلام من حيث وصف أنهار عدنٍ والأشجار المذهلة بأجواء أكثر روحانية. لكنهم يتشاركون فكرة الحور العين، بل نجد أن عددهن في المسيحية يفوق بكثير عمّا في الإسلام بحسب ما جاء بإنجيل مرقص 29:19، «فأجاب يسوع: الحق أقول لكم ما من أحدٍ ترك لأجلي ولأجل الإنجيل بيتًا أو إخوةً أو أخواتٍ أو أمًّا أو أبًا أو أولادًا أو حقولاً 30 إلاّ وينال مئة ضعفٍ الآن في هذا الزمان، وفي الزمان الآتي الحياة الأبدية»
وفي إنجيل متى/19: «فكلّ من ترك امرأةً يأخذ مئة ضعفٍ ويرث الحياة الأبدية»
بينما يُؤخَذ على اليهودية أنها لم تسهب في وصف الجنة، لكنّ الأهمّ عندهم؛ أنهم يعتقدون أنّ الجنة خُلقت لليهود ولا يدخلها غير اليهودي.
ما تتقاسمه جنة الأديان إذن، إنّ كلّ ما حُرم منه الجنس البشري على الأرض سيناله فيها، كالخمر (وفقًا لجنة المسلمين) والجنس المباح بالدرجة الأولى. الغريب هنا أنّ الإله قد أتقن فن «تقزيز» أتباعه من هذين الأمرين بالتحديد في الدنيا – أي الجنس والخمر (عند المسلمين) – لكنه بنفس الوقت حلّل لهم الجنس المباح على الأرض ببصمته الخاصة تحت مسمياتٍ كثيرةٍ يندى لها جبين الإنسانية!
تساؤلٌ آخر يطرح نفسه هنا: ما سرّ فقدان الإله للثقة بأتباعه، ولمَ لا يخاطبهم كجديرين بالمسؤولية؟ فمثلاً، عندما يمنعهم عن الإتيان بفعلٍ ما، نراه يكتفي بالمنع فقط دون توضيح سبب هذا المنع، ومن سيقول لي ربما هناك أشياء لن نفهمها وهي الحكمة الإلهية الخفية المعهودة، فاسمحوا لي أن أذكركم بما تدّعون من شروحٍ علميةٍ عديدةٍ في القرآن خاصةً، حشر الدين أنفه فيها بالفلك والطب أو الجيولوجية، وكان المسلمون أكثر من يبرّرون ذلك بأنه سيأتي العلم يومًا ما وسيثبت ماقيل في كتابهم، أي أنّ حجة مراعاة الإله لعقول رعيته ليست واردة.
فما السرّ خلف احتفاظ الإله ببعض الأسرار لنفسه أو لأجلٍ غير مسمّى كما تتخيلون؟
سأبحث عن الإجابة المحتملة بالعودة لموضوع الجنس المحرّم دنيويًا المحلل «آخرويًا» الإله الإسلامي حلّل زيجاتٍ غريبةٍ عجيبةٍ من باب أنّ الإسلام دين يسر: كالمسيار والمتعة والعرفي والجهاد الجنسي مؤخرًا، وإن ادّعى البعض بطلان هذا الأخير إلاّ أنّهم لن يستطيعوا أن يقولوا بأنه ليس من الإسلام بشيء، بل من شرّعه استند حتمًا على أنّ: الضرورات تبيح المحظورات (بالمناسبة، العبارة الأخيرة هي من أغرب وأخطر التصاريح في الدين الإسلامي برأيي، وهي التي سدّت ثغرات كل تناقضٍ يعترضهم). إذن الجنس مباحٌ وله تسهيلاتٌ كثيرةٌ قد لا تخطر ببال. السؤال هنا، لماذا اعتُبر الجنس مستهجنًا على الأرض مباحًا بكل إسفافٍ بالجنة؟ بل إنّ من كتب القرآن واسترسل بوصف معالم الجنة قد غاص بتفاصيل وأفكار لا يمكن أن يكون قد استقاها إلاّ من قصص دعارةٍ اجتماعيةٍ مشاعة، القصص ذاتها التي كان مستعدًا ليحلل رأس مرتكبيها تحت ذريعة أنها فاحشة، وكأنّه إن أراد اثنان إقامة علاقةٍ بينهما وتبادلوا أطراف عبارة: زوجتك نفسي، ستنتهي المشكلة أخلاقيًا برأيهم.
والتناقض الأكبر، نجده عند إله المسيحيين، الذي حرّم الجنس كليًّا على من نذر نفسه للكنيسة وللرب وللرّعية كما يصفونه، وكأنّ الإقدام على هذا الفعل ينتقص من قيمته أو أنّ الابتعاد عن ممارسته سيرفع منها! ويعدهم بالجنة بالنساء كما سبق وذكرت.
السؤال الأكبر هنا هو: لماذا يستخفّ هذا الإله بأتباعه؟
من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب Afeon-2-725x1024فنجده مثلاً حينما نهى عن شرب الخمر وأسماه منكرًا قد تغاضى عن أنّ قليله مفيد، لماذا لم يطلب من أتباعه ألاّ يكثروا منه وليشربوه باعتدال؟ بل نجده قد نهاهم عنه نهائيًا بحجة أنه يُذهب العقل.
لماذا يعامل عبيده كما نعامل أطفالنا قبل أن يحْبُوا أو يتعلموا النطق؟ فنحن مثلاً إن أردنا أن نحميهم من النار أو من الاقتراب من الأدوية نمنعهم من ذلك دون الاضطرار إلى شرح الأسباب فهم أساسًا لن يفهموا الشرح. أما لو كانوا أكبر قليلاً فالطريقة الأفضل لنهيهم عن أيّ تصّرفٍ، هي أن أشرح لهم مضارّه وتبعاته وأسباب منعي لهم من القيام به، عندها النتائج ستكون أفضل لأنه بالطبع سيُعرِض عن القيام به عن قناعة لا عن خوف أو تسليمٍ ساذج.
نستنتج هنا، أنّ صورة الإله حسب تعاليمه التي وردتكم تبيّن أنّه يراكم غير جديرين بالمسؤولية وغير أهلٍ للثقة! هو يمنع ارتداء الذهب للرجال لكن لا يشرح لنا السبب، يمنعكم من الاقتراب من الخمر رغم ما يُعرف من أنّ الإكثار منه هو المضرّ فقط ولا يشرح السبب، وبخصوص العلاقات الجنسية نجده قد أحاطها بالكثير الكثير من القيود أو ما يعتبره المؤمنون بالضوابط بحجّة اتقاء انحلال المجتمع ودرء نشر الرذيلة فيه، لكننا لا نرى رذيلةً تفوق طقوس الزواج والعلاقات الأخرى لديكم وما من داعٍ لإعادة سرد حالات الزوجات و(الخليلات أو الجواري) في الإسلام، أما في المسيحية مثلاً فقد حُقّر الجنس إلى حد أنه اعتبر الابتعاد عنه شرطًا من شروط التقرب لله وكسب مرضاته، ولن نسرد الآن ما أفرزه هذا الكبت من فضائح وتجاوزات ملأت الدنيا، من حوادث تحرّش واغتصاب تحت أسقف الكنائس.
ولو تطرّقنا إلى مهزلة تعدد الزوجات في الإسلام، وعدم وضع سنٍّ محددةٍ للزواج، وفكرة السبي وملكات اليمين، زد على ذلك زواج المتعة والمسيار. – ألا يعدّ هذا هو الانحلال والرذيلة بعينها؟
ففي الغرب مثلاً لا قيود مباشرةً تُفرض على ممارسة الجنس أو الزواج، ونسبة التشرذم الأسري تكاد تكون متساوية بالمقارنة بين بلادنا وبلادهم، لكن برأيي، الأهم هنا هم الأطفال، فهل أطفالنا في ظلّ تشتت الأسرة كما أطفالهم متساوون من حيث الحقوق والاهتمام ومتابعة الدولة لهم؟ لا أحد يستطيع منع حالات الانفصال والأطفال غير الشرعيين – من سفاح قربى أو اغتصاب وغير ذلك أو ما نسميهم في بلادنا بمجهولي النسب – في أي مجتمع بسهولة، لكن الاحترام لمن أوجد أفضل الحلول لهذه الأزمة الاجتماعية.
فقد زُرع في رؤوسنا أنّ الغرب يحسد مدن الشرق المحافظ على تقديسهم للأسرة، لكن نكتشف بجولةٍ بسيطةٍ على أنّ الغرب يقدّس الأسرة تطبيقيًا وليس نظريًا، فالانغلاق والتعتيم الذي تعاني منه أسرنا يجعل إمكانية إيجاد أيّ حلّ لأيّ مشكلةٍ فيها أصعب. ولن أدافع عن الأسر الغربية ولكن لن أدافع عن الأسر الشرقية أيضاً، بل ما أصبو إليه هو أسرةٌ متوازنةٌ سعيدةٌ، تُحفظ فيها حقوق الجميع، نضع أيدينا على الخطأ فيهاإن وُجد فنصلحه، لا أن نضع خطوطًا حمراء لا يمكن حتى نقاشها.
بالعودة إلى ما بدأنا به في هذا الجزء سنجد السؤال الأغرب بخصوص «فوبيا الجنس والمرأة» التي تتقاسمها كافة الأديان والتي تدور حولها فكرة الثواب والعقاب سأسأل:
لماذا تعارض بلاد المسلمين فكرة وضع منهاجٍ علميٍّ توعويٍّ بالمدارس بما يندرج تحت مسمّى (الثقافة الجنسية)؟ على غرار الدول المتحضرة والتي سبقتنا إنسانياً وعلميًا وحتى أخلاقيًا (وإن اعترض البعض)، بدلاً من أن يبحث الطفل أو المراهق عن مصادر مشبوهة لاستقاء المعلومات التي حتمًا سيمرّ بفترةٍ سيحركه فضوله للبحث. بينما المفارقة الكبرى وإشارة الاستفهام الأكبر هي في أنّ هذه المجتمعات التي تعارض ذلك بحجة المحافظة هي نفسها من تزوّج أبناءها في سن الطفولة؟
من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب Afeon-3
لماذا يرتعدون من مجرّد فكرة الحديث العلمي المسؤول عن الجنس بحجّة أنهم أطفال ويريدون حمايتهم من التطرق لمثل هذه الفواحش بينما تزويجهم في هذه المرحلة هو شيءٌ طبيعي؟
من جهةٍ أخرى لو سألنا: هل حقًا يعجز الإنسان عن تهذيب علاقاته الجنسية ورغباته دون دوافع أو روادع؟
لكن بنفس الوقت هناك تساؤل آخر يطرح نفسه هنا: هل من الممكن احتساب فكرة تشريع الخيانة في الإسلام نقطة في صالحه وليست ضده؟
مثلاً مسألة الخيانة الزوجية هي مسألةٌ تحدث في كل بيئةٍ وفي كل مجتمع، ومن المستحيل القضاء عليها، فهل نقلها إلى العلن عوضًا من عن ممارستها بالسر هو خطوةٌ تجاه حل المشكلة أم يزيدها تعقيدًا؟ ألسنا من نُعيب على مجتمعاتنا المنغلقة أنها مجتمعاتٌ تمارس الفاحشة بالباطن والالتزام بالظاهر؟ ماذا لو مُورست الفاحشة كالخيانة الزوجية مثلاً بالعلن وتحت أعين المجتمع كله بما يسمى بتعدد الزوجات أو التسميات الأخرى كملكات اليمين؟
وفي مقلبٍ آخر قد يسأل سائلٌ: ما الفرق بين بيوت الدعارة في الغرب وأسواق النخاسة في الإسلام؟
ربما علينا هنا البحث في النتائج لإيجاد الإجابة، فكما يقال العبرة في النتائج، فما يترتب على تشريع الخيانة لا يمكن اعتباره نقطةً في صالح الدين الإسلامي، بل هم من يجب أن يكونوا أكثر من يرفض تجميل الرذيلة باعتبارهم أكثر من يتغنى «بالأخلاق والمحافظة والالتزام» تلك المفاهيم المطاطة بين أيدي المشرّعين في الأديان قاطبة. النتائج هي فيما ينعكس على المرأة أولاً وعلى الأطفال ثانيًا وعلى المجتمع بالمحصلة.
بعد محاولة استعراض غالبية ما يشوب الهالة القدسية المتخبّطة المحيطة بطبيعة العلاقات الجنسية من وجهة نظر المؤمنين، نجد الإله في النهاية قد أباحه وبكل فخرٍ بل أطلقه بجنةٍ افتراضيةٍ أقل ما يمكن وصفها بـ «الإباحية».
وبعد كل التضييق والتحذير والتهويل الذي لازمها نرى مسألة وصفها في الآخرة بدقةٍ يندى لها الجبين قضيةٌ ليست بالمستهجنة لدى المؤمنين ومن ينعتون أنفسهم بالمحافظين!
وقد يسألنا مؤمنٌ هنا: طالما أنتم متحرّرون فلماذا تهاجمون فكرة الجنة «الجنسية».
الجواب ببساطة وبعد التنويه إلى فكرة الحب والاحترام في العلاقة والتي ليست مجرّد فعلٍ جسديٍّ وهوما يفتقده الوصف المخزي لحوريات المؤمن الفائز بالجنة، الجنس لدينا هو حاجة، نرفض تعدد الزوجات، نرفض فكرة الخليلات والأخلاء والجواري والعبيد، نرفض التعرّض للطفولة. الجنس كعلاقة بين اثنين شوهته الأديان بينما نراها تزعم العكس.
والآن سنقلب السؤال لكم: طالما أنتم تجدونها رذيلةً فلماذا تتقبلونها في الآخرة ببساطة؟ وكيف للشيء أن يكون هو ونقيضه في أنٍ معًا؟
لماذا تجابهون المثلية بينما ما من مشكلة فيها بالآخرة؟
على الأقل نحن نعتبر العلاقة الجنسية بين اثنين هي حريةً مسؤولة ً وعليها أن تحصل برضا الطرفين بالدرجة الأولى، وبما يوافق الحقوق الإنسانية بالدرجة الثانية، ويكفل الحريات بالدرجة الأخيرة. أضف إلى ذلك أنّ جلّ ما نفعله هو الاستغراب ممّن ينعت ذلك بالفاحشة ثم يدافع عنه فقط لمجرّد تغيير المكان والزمان الذي سيُمارس به. فلو كان تعاملكم معه في دنياكم وما تسمّونها آخرتكم بنفس الطريقة لما وقعتم في هذا التناقض الصارخ ولما جُوبهتم بكل هذا اللوم! هنا الفكرة عزيزي المؤمن، في الانفصام المبدأي وفي غياب ما صنّفته أنت كثوابت وقيم والتي تُصدّع رؤوس البشرية بأنك الوكيل الحصري لصونها.
بعد كل هذا عزيزي المؤمن عامةً وعزيزي مسلم الحوريات العذارى والغلمان وأنهار الخمور خاصةً، هل الثواب الإلهي قائمٌ على أنّ ما حُرمتَ منه دنيويًا لأنه حرام سيشرّع في الآخرة ليتحوّل إلى حلال بمباركة الرب نفسه؟ ألا ترى الأمر مضحكًا تمامًا كفكرة أن نقطتين من الحبر على ورقة أو مجرّد جملة كـ: زوّجتك نفسي، ستكون كالتعويذة التي تقلب الحرام حلالاً؟ وهنا سأسأل ما تفسير انتشار ظاهرة الزواج العرفي وما الفرق بينها وبين المساكنة؟ لماذا تهاجم المساكنة مع أنك أنت تحديدًا لا يحقّ لك مهاجمتها طالما أنك تمارسها مستخدمًا مرادفًا آخر في وصفها ليس إلاّ؟ مع التذكير المساكنة في الغرب مثلاً تستوفي شرط الإشهار على الأقل، والذي يفتقده الزواج العرفي الذي أفرزته المجتمعات الدينية ولن تستطيع التملّص من هذه الحقيقة. لست أدافع عن المساكنة في مجتمعاتنا لكن فقط كي تقف مع نفسك ومع مدلولات ثوابتك قليلاً.
كان ذلك بخصوص الجنة، أمّا بخصوص النار، الازدراء الأبدي، بحيرة الكبريت، جهنّم، السعير. فإذا كان الإله قد كوّن الكون بتعويذة كن فيكون، وقد جهّز كل شيءٍ مسبقًا لاستقبال حدث هبوط أسيادكم آدم وحواء إلى الأرض، فأشعل النار في جهنّمه استعدادًا لاستقبال من لم يعجبه نظام الحياة الدنيا الذي وضعه هو – أي الله – بكل ما حرّمه وما حللّه «مؤقتًا» متناسيًا مفهوم الأخلاق المطاط الذي سيحاسب عبيده على أساسه!
كيف يكون الثواب متداخلاً مع العقاب هكذا؟
كيف ستتصافح الخطيئة مع الفضيلة بالنهاية؟
كيف سيعانق الحلال الحرام بعد إسدال ستائر العرض الدنيوي هذا؟ والأهم: لماذا؟
ربما لو أخفى عنكم إلهكم الجوائز التي ستنالونها لو اتبعتم صراطه المستقيم (والذي سيكسره في الحلقة الأخيرة من هذه الكوميديا السوداء) ربما لكان أفضل، ولتكن هنا تلك الحكمة والمفاجئة التي لا يعلمها إلاّ الله، عوضاً عن أن تتلطّى تلك «الحكمة» خلف الكوارث والمواقف الدنيوية الشاذّة. فكان أكثر ما يثير الريبة ويستفزّ المنطق هو هذا الخلط المضحك بين فكرتَي الثواب والعقاب الإلهي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

من سيربح الأفيون؟ أسئلة في الثواب والعقاب

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» ماهية مبدأ شرعية التجريم والعقاب
» العدالة والعقاب في المتخيّل الإسلامي: تقديم كتاب كريستيان لانغ
» أسئلة من أجل سوريا
» أسئلة جريئة: من خلق الكون؟
» أسئلة جريئة: كيف أصبح جسد المرأة شرفًا للرجل؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: الحــــــــــــــــــداثـــة-
انتقل الى: