هل أثر إسم الدفاع الجوي السلبي
والذي أطلق على كافة الإجراءات والتدابير المتخذة من أجل التقليل من
تاثير الهجمات الجوية المعادية ، على مضمون تلك الإجراءات والتدابير
وإنساب مدلول كلمة (سلبي ) إلى العقول بمفهومها اللغوي ليغطي على مفهومها
الإصطلاحي حين اقترنت بالدفاع الجوي، وأحدث إرتباط شرطي جعل حدود الدفاع
الجوي السلبي لا تتعدى المستوى التعبوي وإجراءاته تحاط بشئ من عدم
الإهتمام أثناء التطبيق ؟!!
قبل التطرق الى
علاقة الدفاع الجوي السلبي بالبعد الإستراتيجي نلقي نظرة تحليلية للدفاع
الجوي السلبي من البعد الإستراتيجي ، لنتعرف اولا على نشأته وتأثيراته فى
بعض الحروب الحديثة ، و إجرأته وتدابيره .
كان
أول استخدام للدفاع الجوي السلبي فى سنة 1914 عندما قام امر إحدى الوحدات
العسكرية الفرنسية بالإستعانة بفنان من أجل إخفاء وتمويه مواقع وحدته
وبالرغم من بساطة تلك التدابير التي أستخدمت فقد كان لها تأثير كبير مما
جعل القوات البريطانية والألمانية تستخدم تلك الإجراءات ، وبمرور الوقت
إزدادت تلك الإجراءات تطورا لتواكب تطور وسائل الإستطلاع والهجوم الجوي
فشملت إجراءات وتدابيرابعد من الخنادق والإنتشار . و حرب الخليج الثانية
اوضحت مدى أهمية الدفاع الجوي السلبي .
تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
رغم
الحصار الطويل الذي سبق الغزو والذي منع العراق من تحديث وسائل الدفاع
الجوي . ورغم التفوق التقني والعددي الهائل لقوات التحالف والذي أكسبها
سيادة جوية مطلقة منذ الأيام الأولى للغزو، فقد إحتاجت تلك القوات الى 21
يوما من القصف الجوي قبل ان تتحرك القوات البرية وإلى نفس العدد من
الإيام من العمل المشترك للقوات الجوية و البرية لتحقق اهدافها بمساعدة
الطابور الخامس وذلك من خلال وضع وحدات التوجيه الليزري في محيط المنشأات
العسكرية ،وقد قدرت تكلفة الأسبوع الأول من القصف الجوي مابين ثلاثة ألى
خمس مليار دولار أمريكي أنفقت من أجل قصف أهداف كان أغلبها أهداف وهمية .
ماذا تتضمن إجراءات وتدابير الدفاع الجوي السلبي ؟
إجراءات وتدابير الدفاع الجوي السلبي تتضمن مايلي :-
1.
الغش والتمويه ويشمل مجموعة الإجراءات والتدابير التي تتخذ لغرض تضليل
العدو بالنسبة لتوزيع وغرض ووضع المنشأت والوحدات والمعدات القتالية
وإيصاله الي الإستنتاجات والقرارات الخاطئة ويتظمن :-
- الأهداف الوهمية ( مواقع هيكلية ، مصادر حرارة لإرباك السطع والتوجيه الحراري ) .
- المرسلات الوهمية .
- تنظيم فترات الإرسال .
- المواقع المدمرة جزئيا .
- الستائر الدخانية و حواجز البالونات.
2-
الإختفاء وهى مجموعة الإجراءات والأعمال التي تتخذ من أجل إخفاء المنشأت
والوحدات والمعدات القتالية عن وسائل السطع والهجوم الجوي المعادي وتتظمن
:-
(( الخنادق والملاجئ ، الإنتشار، شباك التخفي ، الطلاء المضاد للحرارة ))
القارئ
الكريم بهذا التوضيح المبسط لنشأة وإجراءات الدفاع الجوي السلبي نصل الي
جوهر المقال وعلاقة الدفاع الجوي السلبي بالبعد الإستراتيجي وهنا يأتي
السؤال :-
لماذا الدفاع الجوي السلبي بالغ الأهمية ؟ !!
سؤال وثيق الصلة بدرجة كبيرة جدا بالإجابة والتى هى :-
أولا : الموارد المتوفرة من الدفاع الجوي الإيجابي ، والتى إن سمحت بتخصيص دفاع
جوي إيجابي لكل الأغراض والمنشأات التى يمكن ان تستهدف بهجوم جوي ( سياسيه
، صناعيه ،عسكريه ) سيؤثر سلبا على ميزانية الدفاع أو ربما يؤثر على
قرار ترتيب أولويات الأغراض الواجب توفير دفاع جوي إيجابي لحمايتها
ثانيا : الكلفة الإقتصادية ، إجراءات الدفاع الجوي السلبي وخصوصا إذا تم تخطيطها
كأحد المراحل عند تخطيط المنشأت الحيوية في الدولة فإنها لن تشكل عبئا
على ميزانية الدفاع ويكون تأثيرها إيجابي جدا فى الحفاظ على قيمة تلك
المنشأت