منتصر رئيـس المـــــــــــنــدى*******
عدد المساهمات : 50 معدل التفوق : 128 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 11/12/2011
| | المتهم الغائب و حق الدفاع | |
المتهم الغائب وحق الدفاع إنّّّّّ مجرّد حضور المتهم أمام المحكمة يعد من الضمانات الهامة في تحقيق العدالة الجنائية وهي من الحقوق الأساسية المتفرّعة عن حق الدفاع. فلئن كان حضور النيابة العمومية ضروريا لصحّة تشكيل المحكمة( ) ولصحة الإجراءات التي تتخذ أمامها إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تنعقد الجلسة في غيابها( ) فإن الحضور بالجلسة يمثّل حقا للمتهم (الفقرة الأولى) كما يمثل حضوره واجبا عليه (الفقرة الثانية) يؤدّي الإخلال به محاكمته رغم أنه لم يحضر ولم يبد أوجه دفاعه في الدعوى( ). وفي هذا يتّحد القانون الجزائي مع القانون المدني إذ أن غياب المدعى عليه في الدعوى المدنية لا يمنع المحكمة من مواصلة النظر فيها وحسب أوراقها ولكن بشرط أن يكون قد تم استدعاؤه بصفة قانونية.
الفقرة الأولى : حق المتهم في الحضور بجلسة المحاكمة إذا كان حق الدفاع يقتضي تمكين المتهم من الرد على أدلّة الاتهام الموجهّة ضده، فذلك يستوجب حتما منحه الوسائل الكفيلة لتحقيق ذلك الهدف أي استدعاؤه للحضور بجلسة المحاكمة (أ) ولكن هل أن الطريقة المتوخّاة من قبل المشرّع التونسي في الاستدعاء للحضور أمام المحكمة الجزائية ناجعة وتمكن من اعلام المتهم في الآجال وبالوقت الكافي لكي يعد وسائل دفاعه ؟ (ب).
أ- الاستدعاء للجلسة : إن الدعوى الجزائية تهم الهيئة الاجتماعية إذ تهدف إلى حماية أمن المجموعة وحماية الفرد في شرفه وحرّيته وماله والغاية منها تسليط عقاب على كل من أخل أو يحاول الاخلال بأمن الهيئة الاجتماعية( ) وقد أوجب المشرّّّّّّّع التونسي استدعاء كل شخص وقع اتّهامهُ بأيّ اعتداء حصل منه على المجموعة قصد تمكينه من الدّفاع عن نفسه إذ لا يمكن محاكمة شخص دون استدعائه بالطرق القانونية. ولكي يكون الاستدعاء قانونيا فإنه وجب أن تتوفّر فيه عدة شروط -1- يترتّب عن الإخلال بها آثار على صحّة المحاكمة -2. وقبل الخوض في هذه المسائل فإنّه وجب الإشارة إلى أنّ المشرّع التونسي تعرّض في مجلة الاجراءات الجزائية "للإستدعاءات" في القسم الأول من الباب الثاني الفصول من 134 إلى 140 من المجلة وقد اكتفى في ذلك بالتعرّض إلى الطريقة المتّبعة في تبليغ الاستدعاءات دون تعريف الاستدعاء، ويقصد بالاستدعاء تلك الورقة التي يرسلها مقيم الدعوى على يد أحد المحضرين إما إلى الخصم المقامة عليه الدعوى أو إلى أحد الشهود فيكلّفه بالحضور أمام المحكمة، وهذا ما تسميه التشريعات العربية ورقة التكليف بالحضور" التي تعرف عادة بأنها "الوسيلة التي تحقق للمتهم العلم القانوني باتّصال دعواه بالمحكمة المختصّة"( ). أما المشرّع الفرنسي فيفرّق صلب الفصول من 550 إلى 565 من مجلة الإجراءات الجزائية بين إجرائين وهما الاستدعاء والاعلام. والإعلام يقصد به ذلك المحرّر الذي يدفع المحضر صورة منه إلى المطلوب إبلاغه أو إحاطة السلطة المختصة صاحب الشأن بمضمون قرارها( ). فالمشرّع الفرنسي إنما يخص الاستدعاء بالحضور أمام المحكمة المختصة أما الاعلام فإنه يخصّ القرارات والأحكام القضائية وهذا ما ذهب إليه المشرّع التونسي الذي يستعمل عبارة الاعلام إذا ما تعلّق الأمر باطلاع المظنون فيه والقائم بالحق الشخصي والنيابة العمومية على قرار قضائي ويلحق الاستدعاء بالحضور أمام المحكمة( ). ويجدر بنا الآن التعرّض إلى شروط صحّة الاستدعاء . 1- الشروط الواجب توفرها لصحّة الاستدعاء : هنالك شروط تتعلّق بشكل الاستدعاء (*) وأخرى تتعلق بمضمونه (*) * شكل الاستدعاء : ينص الفصل 134 م اج على أن "الاستدعاء يكون بالطريقة الإداريّة أو بواسطة العدل المنفّذ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" ويتم استدعاء المتّهم بالطّريقة الإدارية أو عن طريق محضر تحرّره كتابة المحكمة وذلك بطلب من النيابة العمومية أو القائم بالحقّ الشخصي أو الإدارة التي أثارت الدعوى العمومية( ) ويقوم بعملية التبليغ عون المحكمة نفسها أو أعوان الشرطة المؤهّلين قانونا للقيام بهذه المهمّة. ويجب أن يقع التنصيص بجذر الاستدعاء على اسم العون المبلّغ وصفته( ) وعلى امضائه( ) وإلاّ عذّ الاستدعاء باطلا ويكون الحكم الذي اعتمده خارقا للقانون ومستوجبا للنقض. وقد اعتبرت محكمة التعقيب( ) أن "تبليغ الاستدعاء للمتّهم بواسطة عمدة المنطقة وشهادة هذا الأخير بالجذر من أنه بلّغ الاستدعاء لشخص ذات المستدعى الذي أمضى بالجذر وكان الجذر ممضى وبه اسم العمدة المبلّغ وختم مكتبه فإنّ التبليغ صحيح ومثله الحكم الصادر حضوريّا بالاعتبار لعدم حضور المتّهم وليس بقياس ولا مطعن فيه". وانطلاقا من الفصول من 134 إلى 140 م اج يجب أن تتضمّن المحاضر المحرّرة من طرف كاتب المحكمة على التنصيصات التّالية : - التاريخ الذي حرّر فيه الاستدعاء : ينصّ الفصل 140 م اج على وجوب التنصيص بأصل الاستدعاء وبنظيره أو بجذره تاريخ التبليغ دون إشارة أخرى( ) لكن تجدر الإشارة أنّه للتّنصيص على هذا التّاريخ يجب ذكر اليوم والشهر والسنة والساعة وهذا التفصيل قد اعتمده المشرّع التونسي صلب الفصل 6 م م م ت الذي نص على أنه "يجب أن تشتمل المحاضر التي يحرّرها العدول المنفذون على ما يأتي : أولا : "التاريخ الذي حصل فيه الاعلام يوما وشهرا وسنة وساعة..." ومن هذه المحاضر الاستدعاءات ولهذه التنصيصات أهمية بالغة لأنّ بهما تنطلق الآجال إذا ما بلّغ الاستدعاء للمعني بالأمر نفسه. وإذا ما انبنى حكم على استدعاء لم يحترم موجبات الفصل 140 م اع فإنّه يعرّض للنقض( ). - صفة المستدعي : جاء بالفصل 135 م اج أن "الاستدعاء يوجّه بطلب من النيابة العمومية أو القائم بالحقّ الشخصي أو كل إدارة لها قانونا الحقّ في ذلك" وجاء بنفس الفصل فقرة أخيرة "إذا كان توجيه الاستدعاء بطلب من القائم بالحقّ الشخصي فيضمّن به اسم هذا الأخير ولقبه وحرفته ومقرّه الأصلي أو المختار". - إسم المكلّف بالتبليغ وصفته وإمضاءه على كل من الأصل والنّظير : تعتبر وثيقة التبليغ بمثابة التصرّف الرسمي( ) ويجب أن تحرّر فيه نسختين ويجب أن يتطابق كل من الأصل والنظير وكذلك إمضاء المبلّغ. وهذه الشروط هي نفسها التي نجدها صلب الفصل السادس المذكور والذي جاء به "(...) سادسا : إمضاء العدل المنفذ وختمه على كل من الأصل والنظير..." - جهات استلام الاستدعاء : ينص الفصل 139 من م اج على أن الاستدعاء "يسلّم إلى المستدعى نفسه أو وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه بشرط أن يكون مميّزا"( ) والجدير بالملاحظة هو أن المشرّع وسّع من هذه القائمة بشكل يضمن معه وحصول العلم للمستدعى بمضمون الاستدعاء إذ قد يكون متسلّم الاستدعاء شخصا آخر غير المراد إعلامه تربطه بهذا الأخير علاقة قرابة أو علاقة مصاهرة أو علاقة تبعيّة أو قد تكون جهة إدارية( ). وفي صورة تعذّر تبليغ الاستدعاء للمستدعى نفسه فإن المشرّع وضع حلّين الأول يهم الشخص الطليق والثاني يتعلق بالمسجون. ففيما يتعلّق بالشخص الطليق وأمام عدم وجود المستدعى نفسه فإن العون المكلّف بالتبليغ يمكن له أن يسلّم الاستدعاء إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه شرط أن يكون مميّزا. ولا يشترط الفقه المصري أن يكون من هم في خدمة المستدعى خادما بل تشمل هذه العبارة كل من يمكن اعتباره تابعا للمعلن إليه كالموظّف والساعي والبوّاب أو حارس العمارة، ولا يلزم أن يكون عمله لدى المستدعى طوال الوقت أو بعضه مادامت له صفة الاستمرار في الخدمة( ). بالنسبة للبوّاب فإنه يجوز تسليم الاستدعاء له إذا اعتداد القيام بخدمات للمستأجر وتلقّي أجر منه( ). أما بالنسبة لمساكن المتهم، فيقصد بالمساكنة الإقامة العادية المستمرّة وقت الاعلام ويكفي أن يكون ظاهر الحال يدلّ على ذلك حسبما شاهده المحضر، وبالتالي فإنّ الزّائر لا يتوفر فيه معنى المساكنة وكذلك في الشخص الذي وجد بمقرّ المستدعى وقت الاعلام تواجدا عرضيّا. أما بالنسبة لشرط التمييز فإنه لا يجب أن يكون متسلمّ الاستدعاء متمتّعا بأهليّة كاملة بل يكفي أن يكون مميزا ومدركا بأهمية الورقة التي استلمها وأهمية توصيلها إلى صاحبها | |
|