[rtl]عندما نشرت مقالي سابقاً حول مغالطات التطوّر نظرت إلى التعليقات وأدركت أنّ هنالك مشكلة كبيرة لديهم مع الإنتخاب الطبيعي حيث أنّ الغالبيّة لا يفهمونه بالشكل الصحيح، لذلك قرّرت أن أكتب مقالاً آخر أتحدّث فيه عن هذه الآلية التطوريّة الرائعة.[/rtl] [rtl]ما هو الإنتخاب الطبيعي:[/rtl]
[rtl]في الواقع من غير الجيّد إعطاء تعريف قصير لمثل هذه المصطلحات، فمن الممكن أن يكون التعريف ناقصاً لكنّ الإنتخاب الطبيعي في الأساس يحدث عندما يتباين الأفراد في مجموعة ما جينيّاً بحيث أنّ بعض الصفات تعطي للكائن الحي قدرة و فرصة أكبر للبقاء و نشر جيناته، ففي الأجيال الّلاحقة ستكون الألائل الّتي تمكّن الكائن الحي من البقاء ذات تواتر اعلى من تلك الألائل السيئة إن صحّ التعبير، لم تفهم شيئاً من هذا الكلام؟[/rtl][rtl]لابأس لأنّي الآن ، لكن قبل ذلك سأقول أن الإنتقاء الطبيعي هو عمليّة إنتقاء لاعشوائيّة لتغيّرات عشوائية و أقصد هنا بالتغيّرات العشوائيّة الطفرات الوراثية[/rtl]
- ملاحظة : الأليل هو نسخة أو شكل مغاير لنفس الجين فالجين المسؤول عن لون العينين له عدة نسخ بعضها يعطي عيونا بنية و بعضها يعطي عيونا خضراء
[rtl]ماذا يعني كل هذا؟[/rtl]
[rtl]لفهم معنى الإنتقاء الطبيعي لابدّ من وضع مثال و شرحه، فلنفترض أنّ لدينا مجموعة من الحشرات الخضراء الّتي تعيش في بيئة بنيّة وهنالك طير مفترس يرى الّلون الأخضر بشكلٍ ممتاز، ستحدث طفرات وراثيّة عديدة هنا و هنالك في هذه المجموعة والآن لدينا عدّة إحتمالات:[/rtl][list="margin-right: 5px; margin-bottom: 20px; margin-left: 0px; outline: 0px; list-style-position: initial; list-style-image: initial; border: 0px; box-sizing: border-box; font-size: 21px; padding-right: 0px; padding-left: 0px; vertical-align: baseline; direction: rtl; unicode-bidi: embed; color: rgb(10, 10, 10); font-family: alyssa, \"open sans";"]
[*]
أن تنشأ طفرة وراثيّة تؤدّي لظهور حشرة بنيّة الّلون.[*]
تنشأ طفرة وراثيّة تؤدّي لظهور حشرة ذات لون معيّن بحيث أن الطائر قادر على رؤيته بشكل أفضل من الأخضر.[*]
تنشأ طفرة وراثيّة تؤدّي لظهور حشرة ذات لون معيّن بحيث أنّ لدى الطائر قدرة ضعيفة على رؤيته.[*]
تنشأ طفرات وراثيّة لا تتعلّق بالّلون و قد تكون ضارّة أو مفيدة أو محايدة فمثلاً يمكن أن تنشأ طفرات وراثيّة تؤدّي لظهور حشرات ذات صلابة ممتازة و هذه صفة نافعة.[/list]
[rtl]الآن وبناءً على هذه الإحتمالات يتحدّد إذا ما كانت الحشرات ستنجو أم لا، والصفات النافعة الّتي تمنح أصحابها أفضلية بقائيّة ستنتشر وتسود في المجموعة، فلو ولدت حشرات بنيّة الّلون فإنّ الأمر سيكون جيّداً، فستبقى هذه الحشرات و تتكاثر بينما تموت الحشرات ذات الألوان السيّئة وهكذا يكون الإنتخاب الطبيعي قد فضّل الصفة النافعة على الضارة .[/rtl] [rtl]التنوّع الحيوي:[/rtl]
[rtl]إفترض أنّه لديك مجموعة من الكائنات الحيّة تعيش في بيئة معيّنة، طبعاً الموارد الغذائيّة في البيئة محدودة وعمليّة التكاثر تزيد عدد الأفراد بشكل كبير ممّا يجبر العديد من الأفراد على الإنتقال إلى بيئة مختلفة، الآن لدينا مجموعتان منعزلتان جغرافيّاً كلّ منهما في بيئة مختلفة، كلّ منّ المجموعتين تتعرّضان لضغوط تطوّرية، والضغوط التطوّرية الّتي تخضع لها إحدى المجموعتين تختلف عن الضغوط الّتي تتعرّض لها الأخرى.[/rtl][rtl]
[/rtl]Stated Clearly
[rtl]بالنسبة للحشرات في مثالنا السابق، إفترض أنّ مجموعة من الحشرات إنتقلت إلى بيئة يكون فيها الّلون الأزرق هو الأفضل حينها ستنتشر هذه الصفة في المجموعة وتسود إن حالف التطوّر هذه الحشرات، لاحظ معي التطوّر هو من يقود الكائنات وليست هي من تقوده، ما أعنيه أنّ الحشرات هنا لم تأتي و تقول: ”الّلون الأحمر جميل إنّي أحبّه وسأنشره“، لا! الأمر يعتمد على الضغوط التطوريّة.[/rtl][rtl]هل الّلون الأحمر صفة نافعة؟ نعم! فيسود في المجموعة، وإن كان الجواب لا! فإمّا أن تظهر صفة نافعة كطفرة أو تنقرض الحشرات في هذه البيئة، فالتطوّر كما نرى هو تغيّر تراكمي تحدّد نتائجه الضغوط التطوريّة، أي أنّ تطوّر الأحياء يعتمد على الضغوط التطوريّة والطريق التطوّري الّذي تسلكه المجموعة وليست هي من تقرّر الطريقة الّتي ستتطوّر بها، ستبدأ الإختلافات بين مجموعتي الحشرات بالإزدياد إلى أن يصبح الإختلاف كبيراً لدرجة عدم القدرة على التكاثر، وهنا نقول أنّه قد أصبح لدينا نوعان من الحشرات، فتعريف النوع هو مجموعة من الأحياء قادرة على التكاثر فيما بينها و غير قادرة على التكاثر مع المجموعات الأخرى.[/rtl][rtl]مثال توضيحي:[/rtl]
[rtl]الآن وقبل أن أنهي كلامي سأذكر مثالاً حقيقيّاً عن الإنتخاب الطبيعي: كانت فيلة الماموث تعيش في شمال أوراسيا وشمال أمركيا، وكانت متكيّفة مع البرودة بوجود شعرٍ كثيفٍ نوعاً ما يحميها من البرد، ظهرت طفرات وراثية في هذه المجموعة أدّت لظهور أفراد أشعر من غيرهم، وعندما إنتقلت هذه الفيلة إلى مناطق أكثر شماليّة إزدادت البرودة، ومع الزمن و الأجيال الّلاحقة، وبما أنّ هذه الصفة تعطي أفضليّة بقائيّة فقد إنتشرت وسادت في المجموعة، لاحظ معي كيف أنّ الضغوط التطوريّة حدّدت نتائج التطوّر و بالطبع ستؤثر صفات أخرى مثل كمية الشحم في الجسم .[/rtl] [rtl]البيئة هي من تختار الأصلح:[/rtl]
[rtl]إفترض أنّه لديك مجموعة من الطيور، بعض هذه الطيور لها مناقير قويّة و بعضها مناقيره ضعيفة نوعا ماً، لكنّ الأفراد الّذين يملكون مناقير ضعيفة لديهم سرعة عالية في الهروب بينما أصحاب المناقير القوية بطيئون، الآن لدينا إفتراضان:[/rtl][rtl]
[/rtl]ibtimes
[rtl]الأوّل: وضعنا الطيور في بيئة فيها أشجار ذات ثمار قاسية جدّاً ولا يوجد مفترسين في هذه البيئة[/rtl][rtl]الثاني: وضعنا الطيور في بيئة فيها مفترسين وأشجارها ذات ثمار عادية القساوة[/rtl][rtl]في المثال الأوّل: صفة السرعة ليست مؤثرّة ولا تعطي أفضليّة بقائيّة، بينما قوّة المنقار صفة تعطي أولويّة بقائيّة وقدرة أكبر على النجاة، ستنجو الطيور ذات المناقير القويّة وتموت ذات المناقير الضعيفة، حيث أنّ الإنتخاب الطبيعي فضّل المنقار القوي على الضعيف، أي الصفة النافعة على الصفة الضارة.[/rtl][rtl]في المثال الثاني: الثمار عادية ولا تحتاج مناقير قويّة، بينما لديك مفترسين سينقضّون عليك، والطيور السريعة لديها فرصة أكبر للنجاة من تلك البطيئة، الآن سيعمل الإنتخاب الطبيعي ويفضّل الصفة النافعة على الضارة، سيموت البطيئون ويبقى أصحاب السرعة العالية، أمّا صفة قوة المنقار فلا علاقة لها بالبقاء، فلن يتدخّل الإنتخاب الطبيعي.[/rtl]
- ملاحظة: عندما لا يكون للصفة تأثير على البقاء! فإنّ الإنتخاب الطبيعي لن يتدخل وإنّما الإنزياح الوراثي (سأتحدث عنه في مقال آخر).
[rtl]النتيجة النهائيّة:[/rtl]
[rtl]الإنتخاب الطبيعي عمليّة إنتقاء لاعشوائي لتغيّرات عشوائيّة، وهي الطفرات والضغوط التطوريّة هي من تحدّد نتائج التطوّر وليس الكائنات الحيّة من تتكيّف مع البيئة بإرادتها فهذا خطأ قاتل، أتمنّى أن تكون الفكرة قد وصلت وشكراً[/rtl]
الثلاثاء أبريل 04, 2017 10:20 pm من طرف فؤاد