حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 الاله الجديد 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسين
فريــق العــمـل
فريــق العــمـل
حسين


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 473
معدل التفوق : 1303
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 18/12/2011

الاله الجديد  3 Empty
28032017
مُساهمةالاله الجديد 3

الاله الجديد  3 6a00d8341ce44553ef01b7c7efdb0a970b-600wi
لقد عبنا على الاغريق تصويرهم للآلهة على هيأتهم ,وادعينا أننا , خلافا لهم , نجرد الاله عن كل هيئة وننزهه عن التشبيه بالإنسان الناقص .اننا نكذب في ذلك , عن وعي أو عن غير وعي . ذلك أن كلمة الله نفسها تحيل بالنسبة لنا على ذات واعية عاقلة ,أي أنها تحيل على شخصية ,وليس لنا في أعماق نفسيتنا أية صورة للتشخص مخالفة لتلك التي نراها في الانسان ,أي تلك التي نرى بها ذواتنا . لنأخد خشبة المسرح مثالا في هذا الصدد : تعتليها شخصيات بأقنعة مختلفة , هذا يتقنع بوجه الفيل , وذاك بوجه الذئب , والآخر بوجه كائن فضائي , لكنني وأنا أنظر اليهم , لا أجد لا الفيل ولا الذئب ولا الكائن الفضائي... أجد الإنسان, الانسان وفقط ! ذلك أنهم مهما تقنعوا سيظلون شخصيات , و"الشخصية" و "الانسان" مترادفان بالنسبة لي أنا الانسان الذي لم يسبق له أن اطلع على هيئة تشخص مخالفة لتلك التي يوجد عليها .وحتى عندما أنظر الى القط أو الكلب أو الفيل في اواقع لا على خشبة المسرح , لا أستطيع منع نفسي من رؤية الانسان في تلك الكائنات. 
كل محاولة لسلخ مفهوم الانسان عن مفهوم الشخصية هي الى الفشل ما دام الانسان في وضعه الوجودي الذي هو عليه الآن . نظرتنا الحسية التي تقع على العالم المادي أو نظرتنا الفكرية التي تقع على العالم التجريدي لا تخلو من الأنسنة .ما الذي يخطر في بالكم عندما  تنظرون الى لوحة فنية تصور الطبيعة الراقصة ,الغاضبة ,أو المستكينة الهادئة ؟ كيف سيمكن لكم ادراك هذه الأعمال الفنية ان لم تستحضروا صورة الانسان الغاضب ,الراقص أو المستكين ؟ ذلك أن هذه الصفات انسانية محضة بالنسبة لنا. ان الفنان نفسه لم يكن ليوفق في رسم تلك اللوحات لو لم يكن في لا وعيه صورة مرجعية للغضب والرقص والسكون , ولا نعرف لهم صورا معاشة فعليا إلا عند الانسان.
حتى الحيوانات التي ننظر اليها في الغابة , نؤنسنها بشكل تلقائي ومباشر ,فحين نتصور الثور غاضبا نستحضر بشكل تلقائي صورة الانسان الغاضب...وحين نقف متأملين اللبؤة التي تداعب شبلها برفق وحنان ,تحظر في نفسيتنا صورة الأم تداعب طفلها.
خلاصة القول أن صورة الانسان هي المرجع الوحيد الذي نملكه . لهذا فالإغريق أو حتى الهنود ليسوا مذنبين في رؤية الآلهة على شاكلتهم .
ندعي تجريد الاله وعدم أنسنته فيؤول بنا الأمر الى شبح غير محدد الملامح فنقع في نفس الخطأ الذي عبناه عليهم. ذلك أن الشبح مهما بلغ في غموضه وتجرده ,لن يظهر لنا الا كشخصية في نهاية المطاف .انكم مدانون أيها الاغريق ,وذنبكم الوحيد هو :صدقكم مع ذواتكم الذي تمثل في هذه الأنسنة المعلنة .جاء بعدكم بشر حاربوا الأنسنة بشدة, استطاعوا القضاء عليها في عالم الظواهر , لكنها ما تزال حاضرة في نفسيتهم و لاوعيهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الاله الجديد 3 :: تعاليق

حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:36 pm من طرف حسين
الاله الجديد  3 Icon1


[size=32]الجزء الرابع :

[/size]
الاله الجديد  3 2TDUXsj1Dgv_crl60cUN8q9Sp1o
صورة من أحد مخيمات الاعتقال النازية (جهنم الفوهرر) 

ان من يقارن بين الديانات التوحيدية , وعلى رأسها الاسلام من جهة , والأنظمة الشمولية من جهة ثانية , سيجد نقاط تشابه متعددة . " أنا من يعرف كل شيء, أنا من يملك الحكمة كلها , أنا القادر على كل شيء , كلكم ملك لي , مصيركم بين يدي وحدي , أنتم أمامي لا متناهون في الصغر وأنا أمامكم لا متناه في الكبر , عليكم أن تنفدوا أوامري بالحرف الواحد وتجتنبوا ما أنهى عنه , كل زفرة تقومون بها , كل خاطرة تخطر ببالكم , كل نية مبيتة من طرفكم أعرفها مسبق , كل ورقة أو حبة تسقط في ظلمات البر و البحر الا وسبق علمها عندي. توجهوا الي وحدي , لا لأحد غيري , أنا مآلكم ومنتهاكم " . لمن هذا الخطاب يا ترى ؟ قد يكون لموسوليني , أو لهتر , أو لستالين , كما وقد يكون للإله الجديد , اله الديانات التوحيدية . انه خطاب تسلطي بامتياز , ينفي امكانية وجود فعلي للآخر إلا بوصفه عبدا : "لا وجود إلا للعباد , و لي طبعا . فلينحني لي الجميع . فليحييني الجميع . فليخشع لي الجميع . فليخف من بطشي الجميع . ". وبعد كل هذا لا بد للقائد الروحي أن يتصالح مع قطيعه بعد أن يدين له هذا الأخير فيقول في لطف : " فليحبني الجميع " .لكنه حب بلغ أقصى درجات الجنون , اذ ينبغي على المحب فيه أن يحب محبوبه ذاك , القائد , حبا أشد من حبه لأي شيء ,أشد من حبه لنفسه ولأبويه ولأبناءه ولأي شيء آخر في هذا العالم , بحيث يصير من الممكن التضحية بهم جميعا , دفعة واحدة أو على دفعات , في سبيل القائد , الفوهرر . 
" لن يؤمن أحدكم بقضيتنا العادلة , ألمانيا , إلا بعد أن أكون أحب اليه من أمه وأبيه ونفسه ". لا شك أن الفوهرر قالها يوما ما جهرا أو سرا .
أما أولئك الذين يتكبرون عن الخضوع للقائد – عن عبادة الاله الجديد- من يتكبرون عن عبادته ,فينالون العذاب الشديد ويطردون من دائرة الرحمة , ويتم التنكيل بهم حتى يرضخوا للأمر الواقع ويعترفوا بحقارتهم , ولن يكف عنهم العذاب ولن يغفر لهم ولو توسلوا و جاءوا بملء الأرض ذهبا ليفتدوا به , بكل بساطة لأن الأوان قد فات , ولأن الخطيئة المرتكبة (أي التكبر عن العبادة أو لنقل عن تقمص دور العبد ) هي أم الخطايا وأكبر الكبائر , لقد ألحقت بالفوهرر (الاله الجديد) ضررا معنويا خطيرا , وجرحت كبرياءه جرحا عميقا , لقد طعنت في رتبته الوجودية كسيد مطلق , فما كان له من سبيل للانتقام من هذا الضرر إلا بعذاب أبدي للمتسبب فيه . 
شأنه شأن كل الأنظمة الشمولية , بطش النظام الشمولي للاله الجديد لا يطال فقط الذين يقولون "لا", بل حتى أولئك الذين يقولون "نعم" , أي أكثر المخلصين والأوفياء للزعيم. كم من مرة وجد هتلر أو ستالين نفسه ملزمين بالتضحية بأقرب المقربين اليهما , لا لشيء إلا لأنه تقرر أن يلعب أولئك الأقرباء دور الضحية , تقرر أن يموتوا  , "قدر عليهم" ذلك بطريقة ما , امتحان أخير ليؤكدوا اخلاصهم الأبدي للفوهرر . وبالمثل فان الاله الجديد لا يترك المخلصين ينعمون في حياة سعيدة  خالية من المصائب , بل يبلوهم  بالشرور ليمتحن ايمانهم به كقائد, و في الأخير , كلهم مطالبون بالموت , وعليهم أن يتقبلوا هذا المصير المحتوم - تماما كما تقبله المخلصون لهتلر وستالين – كل ذلك مقدم في طابق اسمه : القضاء والقدر . وعندما يتساءل المؤمن : لماذا يحصل لي هذا كله, ولماذا قدر علي هذا كله ؟ لماذا ينبغي أن أعاني , أن أتعذب , ثم أموت ؟ عندما يسأل مثل هذه الأسئلة تكون الاجابة سريعة : ارادة الله في خلقه , ارادة ستالين في شعبه , ولا بد من الخضوع لهذه الارادة الشخصية التي تمتد على العالم , وإلا فالعقوبة وخيمة : مخيمات اعتقال جماعية تلعب دور الجحيم في عالم الاله الجديد .
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:37 pm من طرف حسين
[size=32]الجزء الخامس :[/size]

الاله الجديد  3 1219006017

"لا حاجة لأن يحتج أحد المحكوم عليهم يوم الحساب , بكل بساطة لأن الله لا يظلم أحدا مثقال ذرة , فاحتجاجه ذاك سيكون مضيعة للوقت لا غير" . أقسم أن هذا ما كان يقوله أنصار هتلر وموسوليني وستالين عن زعمائهم كلما احتج الناس عليهم . على الأقل في هذه الأنظمة الشمولية الدنيوية , و رغم القمع الشديد , كان المعارضون يستطيعون الانفلات من قبضة الصمت المحكمة بين الفينة والأخرى وقول ما يريدون الى حين . أما في النظام الشمولي الالهي , فان الصمت المطلق هو السائد , لا أحد يستطيع النطق بكلمة , لسنا ندري كيف سيتحقق ذلك ... ربما بمجرد ما يريد الانسان الكلام يجد لسانه مشلولا لا يطاوعه , أو تعقد الألسنة في الأفواه , وبحركة سحرية من الله , تتحرر ألسنة من يؤذن لهم بالكلام ... لسنا ندري كيف, ففي النهاية , لا يحتاج الاله الجديد الى طرق أو وسائل لتحقيق غاياته , يكفيه ن يقول قول :"كن" فيكون .هذا الأمر شبيه الى حد ما بقدرة الزعماء الشموليين, فكلمة من فمهم تكفي لهدم مدن بكاملها وقطع رقاب شعب بأطفاله ونسائه , كلمة واحدة فقط . لكن تلك الكلمة أمر بشري قد يواجه بالعصيان , أو بحيلة أو مكيدة تمنع تحققه , وان كان هذا مستبعدا وضعيف الاحتمال لكنه حصل مرات عديدة , الأمر الذي –نظريا- لا يمكن ان يقع بالنسبة لكلمة الاله و أمره الذي يتحقق لا محالة : انها قمة الشمولية , وأمامها يقف المرء عاجزا , لا يملك من أمره شيئا , الأمر كله لله , يقص الحق , وهو خير الحاكمين . هذه الشمولية الالهية تقول لك مرددة : " اننا نتحكم في الماضي والحاضر والمستقبل ببساطة , في البر والبحر والفضاء, في الشجر والحيوان والحجر " . انها شمولية زمانية و مكانية , شمولية بالمعنى الحرفي للكلمة , شمولية تشمل كل شيء ... أجل كل شيء . ومن هنا سنكتشف أنه لم يوجد يوما نظام شمولي- بالمعنى الحقيقي  للكلمة- على سطح الأرض , وكل الأنظمة التي ادعت الشمولية لنفسها , كان هنالك شيء من ذلك "الكل شيء" ليس تحت يدها , ناهيك عن أنها لم تنل الشمولية المكانية ولا الزمانية , فامتدادها الجغرافي  كان محصورا, كما هو الشأن بالنسبة لامتدادها الزماني في التاريخ . 
ليس هنالك سوى نظام شمولي حقيقي واحد : نظام الاله الجديد في هذا الكون : كان و ما يزال وسيبقى . ماذا بقي لنا نحن ؟ الانسحاق أو التفجير الذاتي أمام هذه القوة المطلقة . ذلك أنه لا أمل , لا مجال لتغيير هذا القدر المقدر. انه قدر فوق الجميع  , ولا يملك أحد تغييره . ينبغي التعايش معه, مع الحقيقة , أو الانصراف فورا. المشكلة أنه لا مفر من هذا الفوهرر حتى عند اختيار الموت , لأن الموت بدوره سيقذفك في أحضانه من جديد . لا مفر ! بالمعنى المطلق للكلمة . أنت اذن محاصر من كل جهة ... لا وجود حتى لثقب صغير في جدران هذه الزنزانة...تقول لخزنة الاله الجديد : "بالله عليكم أعدموني " وتقول لله : " بك عليك أعدمني " فيجيب وعلى وجهه ابتسامة ساخرة : " أمامك خيار واحد ووحيد , واحد ووحيد , أن تركع " . كيف تستغربون اذن من هؤلاء الملايير الذين قرروا الركوع ؟؟؟ أمام كل نظام شمولي , كثيرون منهم سيستعصمون , لكن ليس أمام هذا النظام الشمولي , بكل بساطة لأنه ينفي امكانية وجود أي مخرج !
هكذا قرر الجميع الركوع , في مشهد مهيب , أمام الاله الجديد , الذي انتفخ أكثر فأكثر وهو يشاهد الكل ينحنون له في ايقاع موحد , و تحققت ذاته تحققا وجوديا مذهلا ,  وشعر بها فعليا عبر طرحه السؤال التالي : "لمن يركع هذا الحشد الغفير ؟ لمن ؟ من الذي يستحق كل هذا التبجيل و الخضوع ؟ التفت يمينا ويسارا فلم يجد أي اله يزاحمه – لقد قضى على جميع الآلهة منذ زمن ليس بالهين– فاستنتج أنهم يركعون له وتيقن من ذلك تيقنا مطلقا . انها " الأنا " الالهية وهي تعيش أجمل لحظاتها , قمة اللذة والانتشاء بالنسبة لها , ماذا بقي ؟ أن تزأر قائلة : "لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟" فيرد الجميع في تناغم :" لك ,لك أيها الاله " .
تلك هي اللحظة التي خلق لها الجميع , لهذا المشهد خلق البشر و أعدت العدة ...لأجل هذه اللحظة ..
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:37 pm من طرف حسين
الاله الجديد  3 1443952430
عندما تندلع انتفاضة العبد على السيد ...تشعل النيران في كل مكان


لكن مهلا , ها هو أحد الراكعين يرفع رأسه , ثم تلاه آخر , وآخر , وآخر ... نظر اليهم الاله الجديد بنظرة يتطاير منها الغضب و الوعيد . انهم يفسدون المشهد المهيب , بالرغم من أنهم قلة قليلة . انهم يصرخون قائلين : " الويل لك منا , لن نركع بعد اليوم , سنحارب , سنتعارك , لن تسلم بعد اليوم من مجانيقنا ... أقبل ان كنت تقوى على العراك , أظهر نفسك". صراخهم يذوب في تسونامي التكبير والتسبيح والحمد الذي يساهم فيه الملايير ,لذلك لم يسمعه أحد , ومن سمعه منهم لم يعره اهتماما . لكنهم هناك , يخططون للطريقة التي سيلحقون بها الاله الجديد بمن سبقوه الى مقبرة الآلهة. 

الاله الجديد, وان أبدى غضبا و عداوة لهم فانه لم يتفاجئ أبدا بتصرفهم ذاك , وأغلب الظن أنه كان يتوقعه بل و يريده , أليس هو نفسه يقول : " فلو شاء لهداكم أجمعين " ؟ ان الاله , ككل سيد , لا يروقه ركوع العبد الى الأبد , لأن ذلك يجعله سيدا أمام الفراغ . يريد السيد أن يبرهن هذا العبد على أنه ما يزال موجودا , وبالتالي على أنه ما يزال عبدا ,وهكذا يستمر السيد في أن يكون سيدا . على العبد أن ينتفض وتقمع انتفاضته باستمرار ليستمر السيد سيدا. 
الخضوع , التسليم , العبودية , التذلل , الانسحاق , الركوع ... كلها كلمات تنتمي الى معجم أسود قبيح عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين البشر. تلك الكلمات, وهي تسقط على مسامع الانسان الحر منا , تثير غضبه و حفيظته , ويثور عليها قبل أن يعيشها حتى , تنطلق ارادته الحرة مدوية في الأفق تصرخ ضدها . لكن بمجرد ما يدخل الاله على الخط , تتلون تلك الكلمات بأحلى الألوان وتصير مقبولة , بل ومطلوبة في ذاتها ... تصير مجالات للتنافس بين الناس : من يستطيع أن يكون أكثر الناس عبودية , من يستطيع أن يكون أكثرهم تذللا و انسحاقا وخضوعا ... من يستطيع أن يكون العبد رقم 1 ؟ وكأن تلك الكلمات تعرضت لنوع من الترويض , تلك الوحوش الشريرة  قلمت أظافرها و انتزعت أنيابها  لتصير كائنات لطيفة و جميلة نمسح على رأسها ونداعبها بعد أن كنا نرتعب ونشمئز منها . ما سبب هذه الطفرة يا ترى ؟ هذا التغير في النظرة الى نفس اللفظ بمقدار 180 درجة ؟ انه الشعور بالفضل , بفضل الله عليك , الله الذي منحك الوجود  , الذي منحك الكرامة التي تتبجح بها أيها الأحمق , الذي منحك انسانيتك التي تبذل كل جهدك لصونها . هذا الشعور بالفضل العظيم يدفع الانسان الى قول ما يلي : " أنى لي الحديث عن كرامة أمام من منحني اياها ؟؟" فلا يجد بدا من الركوع  ثم السجود مرددا : "العبودية لك يا الهي هي مطلق التحرر, التحرر من الشهوات , من الناس , من الذات...". يا لها من محاولة للاستساغة هذه العبودية ! يا له من احتيال مفضوح ...انه بحق اعتراف ينبع من موقف ضعف و وهن , اعتراف بالفضل يخرج في ساعة احساس بالنقص والاحتياج الأزلي لهذا الاله . 
لكن , بمجرد ما يطرح الانسان هذا السؤال ينهار الصنم الذي تم نصبه بسرعة البرق : " هذا الاله الذي أوجدني بملء ارادته , لماذا يطالبني بحقوق له علي ؟ هل استشارني أصلا في أن أوجد أو لا أوجد ؟ ان كان قد أوجدني فليتحمل المسؤولية كاملة , و كل نعمه تلك  ليست الا واجبات لا يملك حق المن بها علي ولا أجد أنه من الواجب علي شكره عليها . ان العبودية تظل عبودية , أكانت للبشر أم للآلهة أم للأبالسة , وستعني دائما علاقة غير متكافئة تعلي من شأن طرف على حساب الطرف الآخر الذي سيجد نفسه ملزما باحتقار نفسه و انكارها جزئيا أو كليا. وحتى ان أنكرها جزئيا فقط فلن يحتفظ إلا بالجزء من ذاته  أو بالأجزاء التي يرغب بها الطرف الآخر . أتسمون هذا وجودا فعليا ؟؟ أن توجد لأجل الآخر ؟ أليس مانح الحرية هو أول طرف ينبغي له تغديتها و تعزيزها عوض حدها و قضم جزء كبير منها ؟ 
هذا الاله يقول لكم بالحرف الواحد : " أيها البشر , كونوا أحرارا أمام بعضكم البعض , لكن ليس أمامي " . لقد أعطى للبشر عطية عظيمة بحق : أعطاهم حرية و نآى بنفسه عنها .هكذا هو شأن الأسياد دائما عبر التاريخ, فما من سيد قال لعبد له:" كن عبدا لعبد آخرغيري أنا" فذلك سيخلق سيدا آخر بجانبه يزاحمه على سيادته. [size=32]على العبيد أن يبقوا أحرارا فيما بينهم كي لا يصعد سادة جدد يزاحمون السيد الأكبر والأول 
. السيد الضامن لحرية العبيد : يالها من فكرة مضحكة ! الاله جالس على عرشه مرتاح في سلام أبدي والعبيد أحرار : من يمكنه تصور وضعية أفضل من هذه ؟؟ [/size]
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:38 pm من طرف حسين
[size=32]الجزء السابع :[/size]

الاله الجديد  3 20160816-57

وقف مشرع أمام الناس من على منصته قائلا :" أيها الناس , انكم أحرار ,ولا وجود حقيقي لكم بلا حرية , عليكم أن تدافعوا عنها بالغالي والنفيس, ولا تسمحوا لشخص أن يستعبدكم !" . لكن شخصا من الحاضرين باغته قائلا : " أتعلم أن الحرية التي تتحدث عنها ستعطيني الحق في انتقاد تصرفاتك وأقوالك أيها المشرع , والسخرية منها ان رأيت فيها داعيا لذلك ؟"
امتقع وجه المشرع و بدأ يتمتم ,ثم قال : "كيف خولت لك نفسك أن تقحمني في الموضوع ؟؟ أنا بعيد عن كل هذا ! أنا هو المشرع وينبغي أن أكون فوق الجميع ". انهار الحاضرون من الضحك وانصرفوا من أمامه بعد أن رموه بحبات الطماطم !!
احذروا أيها الذين أعلنتم الحرب على الاله الجديد , انه متمرس في الدخول من النافدة بعد أن يطرد من الباب . وأعظم سلاح أراه ضده هو عدم الكف عن لعنه. وحتى اذا وجدتم يوما أنفسكم مرغمين داخليا على ابداء الاعجاب به و بقوته , فأبدوا اعجابكم داخل نطاق اللعن , ذلك وحده الكفيل بإبقائكم خارج مستنقع العبادة. 

ليس من السهل أبدا تدمير أزيد من ألفي سنة اشتغلت فيها الديانات التوحيدية ليل نهار لإرساء تصوراتها بكل الطرق ,المشروعة (ابداء الرأي و نشر التصورات بشكل سلمي ) وغير المشروعة (العنف , التخويف والإغراء). في كل بقعة من هذا العالم , تم الاشهار لمفهوم الاله الجديد , الاله الذي لا يرى , الواحد الأحد , اللطيف المحب , لكن الشرس والقاسي أيضا .انه عمل جبار قام به رجال الدين حقا . اذا كان الفلاسفة يأتون ويلقون كلمة ثم يذهبون , فان رجال الدين لا يلقون الكلام ثم يذهبون , بل يلقونه ويحرصون على تحقق محتواه بين العامة بكل الوسائل ,وهم في أتم الجهوزية للتدخل في كل مرة لتدارك الأمور عندما تخرج عن الطريق الذي سطروه لها . انها امبراطورية عالمية بحق , امبراطورية الدين أو امبراطورية رجال الدين, أخطبوط يلف العالم بأطرافه . لقد نشأت امبراطوريات عظيمة خاصة في العالم المعاصر لمضاهاة هذا الشبح (الماسونية ,  الصهيونية , ...) وردعه , لكنها لم تبلغ حجمه لحد الآن , ولا يزال هو المنتصر .الناس يزدادون تعلقا بشكل مهول بهذا الاله الجديد يوما بعد يوم , و الذي ما ينفك يظهر بأبهى الحلل أمامهم , ومستويات التدين تحقق أرقاما قياسية . صحيح أن الالحاد يعرف أيضا صعودا ملحوظا في الآونة الأخيرة , لكنه يبقى بعيدا كل البعد عن مضاهاة ظاهرة الايمان في نفوذها. 
أيها الاله الجديد ,لقد أثبت قوتك بحق . ان من ينظر الى ملكوتك على الأرض لا يجد فيه شيئا يوحي باندثارك قريبا , بل كل المؤشرات تزف لك الحياة الطويلة على هذا الكوكب, الحياة الأبدية : أنت خالد . فحتى بعد أن يسقط الجميع أعلامك من أمام أنظارهم , ستظل في مخيلتهم , ذكرى من وقت مضى , ذكرى لمحارب عنيد صمد أمام الضربات المتتالية , ذكرى لذات حملتها البشرية كل أحلامها خاصة حلم الحياة الأبدية وحلم الحياة السعيدة و حلم العدالة والحق . ستكون مثيرا لحنين الكثيرين حتى من صفوف أعدائك. [size=32]أعدك أيها الاله أننا لن ننساك , و أن ذكراك ستظل حاضرة في أذهاننا .
 ستظل أيضا ذك الشبح  الذي لم يبرع أحد مثله قط في الترهيب والتخويف , كلما تذكرناه اقشعرت جلودنا ورأينا كوابيس في أحلامنا . الظاهر أن الكثيرين استبقوا موتك , فأسسوا لأخلاق جديدة و لقيم من نوع آخر , و وضعوا للبشرية مشاريع بعيدة كل البعد عن طريق الجنة , لكنك قوي , وقوتك تظهر كما تقول عن نفسك : لا متناهية . أما آن لك أن تتوارى عن الأنظار ؟ أما سئمت من الساحة الوجودية ؟ ألا تريد أن تفسح المجال لآلهة أخرى ؟[/size]
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:38 pm من طرف حسين
[size=32]الجزء السابع :[/size]

الاله الجديد  3 20160816-57

وقف مشرع أمام الناس من على منصته قائلا :" أيها الناس , انكم أحرار ,ولا وجود حقيقي لكم بلا حرية , عليكم أن تدافعوا عنها بالغالي والنفيس, ولا تسمحوا لشخص أن يستعبدكم !" . لكن شخصا من الحاضرين باغته قائلا : " أتعلم أن الحرية التي تتحدث عنها ستعطيني الحق في انتقاد تصرفاتك وأقوالك أيها المشرع , والسخرية منها ان رأيت فيها داعيا لذلك ؟"
امتقع وجه المشرع و بدأ يتمتم ,ثم قال : "كيف خولت لك نفسك أن تقحمني في الموضوع ؟؟ أنا بعيد عن كل هذا ! أنا هو المشرع وينبغي أن أكون فوق الجميع ". انهار الحاضرون من الضحك وانصرفوا من أمامه بعد أن رموه بحبات الطماطم !!
احذروا أيها الذين أعلنتم الحرب على الاله الجديد , انه متمرس في الدخول من النافدة بعد أن يطرد من الباب . وأعظم سلاح أراه ضده هو عدم الكف عن لعنه. وحتى اذا وجدتم يوما أنفسكم مرغمين داخليا على ابداء الاعجاب به و بقوته , فأبدوا اعجابكم داخل نطاق اللعن , ذلك وحده الكفيل بإبقائكم خارج مستنقع العبادة. 

ليس من السهل أبدا تدمير أزيد من ألفي سنة اشتغلت فيها الديانات التوحيدية ليل نهار لإرساء تصوراتها بكل الطرق ,المشروعة (ابداء الرأي و نشر التصورات بشكل سلمي ) وغير المشروعة (العنف , التخويف والإغراء). في كل بقعة من هذا العالم , تم الاشهار لمفهوم الاله الجديد , الاله الذي لا يرى , الواحد الأحد , اللطيف المحب , لكن الشرس والقاسي أيضا .انه عمل جبار قام به رجال الدين حقا . اذا كان الفلاسفة يأتون ويلقون كلمة ثم يذهبون , فان رجال الدين لا يلقون الكلام ثم يذهبون , بل يلقونه ويحرصون على تحقق محتواه بين العامة بكل الوسائل ,وهم في أتم الجهوزية للتدخل في كل مرة لتدارك الأمور عندما تخرج عن الطريق الذي سطروه لها . انها امبراطورية عالمية بحق , امبراطورية الدين أو امبراطورية رجال الدين, أخطبوط يلف العالم بأطرافه . لقد نشأت امبراطوريات عظيمة خاصة في العالم المعاصر لمضاهاة هذا الشبح (الماسونية ,  الصهيونية , ...) وردعه , لكنها لم تبلغ حجمه لحد الآن , ولا يزال هو المنتصر .الناس يزدادون تعلقا بشكل مهول بهذا الاله الجديد يوما بعد يوم , و الذي ما ينفك يظهر بأبهى الحلل أمامهم , ومستويات التدين تحقق أرقاما قياسية . صحيح أن الالحاد يعرف أيضا صعودا ملحوظا في الآونة الأخيرة , لكنه يبقى بعيدا كل البعد عن مضاهاة ظاهرة الايمان في نفوذها. 
أيها الاله الجديد ,لقد أثبت قوتك بحق . ان من ينظر الى ملكوتك على الأرض لا يجد فيه شيئا يوحي باندثارك قريبا , بل كل المؤشرات تزف لك الحياة الطويلة على هذا الكوكب, الحياة الأبدية : أنت خالد . فحتى بعد أن يسقط الجميع أعلامك من أمام أنظارهم , ستظل في مخيلتهم , ذكرى من وقت مضى , ذكرى لمحارب عنيد صمد أمام الضربات المتتالية , ذكرى لذات حملتها البشرية كل أحلامها خاصة حلم الحياة الأبدية وحلم الحياة السعيدة و حلم العدالة والحق . ستكون مثيرا لحنين الكثيرين حتى من صفوف أعدائك. [size=32]أعدك أيها الاله أننا لن ننساك , و أن ذكراك ستظل حاضرة في أذهاننا .
 ستظل أيضا ذك الشبح  الذي لم يبرع أحد مثله قط في الترهيب والتخويف , كلما تذكرناه اقشعرت جلودنا ورأينا كوابيس في أحلامنا . الظاهر أن الكثيرين استبقوا موتك , فأسسوا لأخلاق جديدة و لقيم من نوع آخر , و وضعوا للبشرية مشاريع بعيدة كل البعد عن طريق الجنة , لكنك قوي , وقوتك تظهر كما تقول عن نفسك : لا متناهية . أما آن لك أن تتوارى عن الأنظار ؟ أما سئمت من الساحة الوجودية ؟ ألا تريد أن تفسح المجال لآلهة أخرى ؟[/size]
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:39 pm من طرف حسين
[size=32]لجزء التاسع :[/size]

اذا لم تكن التفسيرات بأيدينا , فليس أمامنا سوى التخمين: 

-لعل الاله سئم من تلك المخلوقات التي لا تبرع في شيئا غير قول "نعم " (الملائكة ) والتي أحاط نفسه بها لمدة هي وحدها ,سئم من السلام السائد حوله في هذا العالم و من النظام الكامل الذي أرسى صمتا كليا على أركانه , فأراد أن يكسر ذلك الروتين فأتى بمخلوقات ( هي نحن , المساكين ) مبرمجة مسبقا على الأقل على امكانية قول" لا" ويعلم يقينا أنها ستقول "لا" , وستخلق شيئا من الفوضى يكسر النظام القاتل , شيئا من الصراخ يمزق الصمت , حروبا تنهي عهد السلام الطويل . من خلال هذه الفرضية تكون وظيفتنا الأولية والأساسية كبشر في هذا الوجود هي افتعال قدر كاف من الفوضى لكسر الروتين الذي أصاب الاله , شيء من التسلية : لقد جئنا لنسلي الاله الذي بدأ يشعر  بالملل. المشكلة في هذه الفرضية أن كل الفوضى التي افتعلناها, الله هو مفتعلها الأصلي والحقيقي, فهي كانت في داخله(كرغبة) , وتقيأها على شكل مخلوقات فوضاوية كثيرة و مختلفة بعضها عن بعض , تلك المخلوقات طبعا هي نحن . العملية في الاصطلاح يطلق عليها اسم "الخلق" , لكنني فضلت استعمال كملة "التقيؤ" بالنظر الى الطابع الفوضوي التي خرجت به هذه المخلوقات منذ البداية و من المصدر . ثم ان المتأمل في النوع البشري و حماقاته و جنونه و صورته المقززة (في هذه الفرضية ) سيقسم أنه لم يخرج إلا عبر عملية تقيؤ. 

-لعل الاله كان في خضم تجريب كل الامكانات المتاحة أمامه : كالاستلقاء والإنصات لوحده الى الفراغ الشامل من حوله , أو الانتحار , أو خلق آلهة أخرى تكون مساوية له ... ومن بين ما جربه خلق غبار وغازات بمختلف الألوان تضم الهيدروجين كعنصر أساسي . كذلك جرب خلق كائنات تشع بالبياض ولها أجنحة , و كائنات تشع بالحمرة ولها  قرون , ثم كائنات تمشي على اثنين ولها رأس كبير , ثم جرب خلق تلك التي تمشي على أربع أو تزحف , وهكذا ... مثل الفنان الجالس أمام لوحته يجرب كل الامكانات والأشكال المتاحة أمامه في حماس , ويزداد حماسه عندما يستحضر في ذهنه أن كل ما جربه لحد الآن – على كثرته - ليس سوى جزء صغير من ملايير الامكانات المتاحة الواعدة والخصبة . أو لنقل مثل طفل يلعب بكل بساطة . وهنا عندما نسأل الاله عن أسبابه سيجيب ببساطة : " انني ألعب" .

ان المعارض للديانات الثائر عليها , يجد نفسه أمام ثلاثة خيارات:
اما أن يرفض الايمان بكل فكرة الهية , لأن كل الآلهة عبر العصور , متوجة بالإله الجديد , قد أثبتت قبحها , ولأن فكرة الألوهية في حد ذاتها - على المستوى النظري- تعتبر اهانة للبشر. أو يقطع مع كل أصناف الآلهة و يشرع في بناء الهه الخاص حسب المعايير التي اختارها هو له , أي التوصل الى اله " مستحق للألوهية " , اله حقيقي (موجود أو غير موجود , لا يهم ) يكون مثيرا للإعجاب والاحترام . أو يلزم الحياد فلا يثبت ولا ينفي امكانية وجود اله من الآلهة , لكن مع ضربه كل مفاهيم الألوهية المطروحة لحد الآن عرض الحائط . 

[size=32]قد يغفر البشر للإله الجديد كل أخطائه , لكنهم لن يغفروا له أبدا احتقاره لهم[/size] . ان كان الانسان من صنع الله , فان الله قد صنع مدمره بنفسه , وبذلك يكون هو مدمر نفسه بنفسه : منتحرا. 
قال الانسان لملوك العصر الوسيط في أوربا :لا ! قال للنبلاء الذين يستعبدون الناس ولرجال الدين : لا ! قال للبورجوازيين المتعسفين : لا ! قال لكل سيد على وجه هذه الكرة الأرضية : لا! فهل سيظل دوما يقول للإله : نعم ؟ على السلسلة أن تكتمل , وعلى الانسان أن يخرج من هذا التناقض ويحقق المصالحة والتطابق مع ذاته , ويحققها فعليا في هذا الوجود .
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:40 pm من طرف حسين
[size=32]الجزء العاشر [/size]:

الاله الجديد  3 Images?q=tbn:ANd9GcRyq2brOer2a0OPKhmn7aJPbq9OzGl_cBNZKEmPI_v29wU7HGCb
آريس اله الحرب

سيتحرر الانسان من عبودية هذا الاله ! هل قولنا هذا محض نبوءة خرقاء تنضاف الى تلك النبوءات التي عاب عليها الفيلسوف الفرنسي كاموس كونها تنزل من السماء الى الأرض بلا دليل أو برهان علمي ,و تنبع عن حماس داخلي أعمى , دون مراعاة للشروط الواقعية للإنسان ؟ تلك النبوءات التي بعد أن كانت تقول بحتمية وصول التاريخ لها , صارت تدفعه دفعا قسريا و عنيفا , لاجئة لكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة , لتحقق نفسها بنفسها بعد أن يئست من السير البشري العادي , نبوءات العقلية الألمانية في أرقى مراحلها : نبوءة هيجل و نبوءة ماركس و نبوءة نيتشه !

يبقى المستقبل مفتوحا على جميع الاحتمالات , ويمكن بدل كل ما قيل أن يعود الاله أقوى مما كان أكثر فأكثر, و تزداد قيوده حولنا اشتدادا, ويزداد خضوعنا واذعاننا له حقارة , و نركن الى جانب ضيق من هذا الوجود مختبئين الى الأبد من مواجهته , نسبح و نقدس له ... الى ما لا نهاية !
ما نقوم به هو الاستباق المدفوع بالأمل لا غير, ففي الوقت الذي يتسم فيه الانسان بالواقعية القائلة بأن كل الاحتمالات ممكنة حتى أسوءها , يأتي ذلك الأمل ليخفف عنا محنتنا , وليذكرنا بأن أجمل الاحتمالات أيضا ممكنة , وبحيلة جميلة منه يضخم امكانيتها تلك لتصير الأوفر حظا من بين كل الاحتمالات , وقد يأخذنا الأمل على حين غرة ويجعل منها لا "الأوفر حظا" فقط ,بل " الواقعة التي لا بد لها أن تقع " . تماما كلاعب خفة محترف , وفي رمشة عين , ضرب الأمل بعصاه السحرية على تلك الاحتمالات الجميلة فتحولت من "احتمالات " الى "أمور ستقع في المستقبل"! ما أجمل الأمل و خفة حركاته!

يا من على العرش استوى
يا من يدعي الكمال والقوة
اقطع لساني اللعان 
اخسف بي الأرض بلا هوان
أتدعي الرأفة ؟
يا مبدل الجلود ...من لي بشربة ؟
وأنتم ...
أيها الناجون !
أتنعمون في الجنان 
و أناس في صرير أسنان؟
أتدعون الصفاء ؟
يا كارهي كل أثيم كفاء
أبانا الذي في السماء 
لبنيه أعد ...عقابا أبديا وهلاك
ملعون اسمك ... ملعون ملكوتك ...
ملعونة مشيئتك , كذلك حكمتك
أنك اله .... ونحن بنو انسان
اليك عنا ... ما لك و لنا ؟
يا رب الصباؤوت
قتلت الآلهة ...و على قبورها
جلست تقهقه في سلام
أخبروني عنك 
كيف كنت في أول الأزمان ...
قالوا لي أنك كنت : اله بركان
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:40 pm من طرف حسين
[size=32]الجزء الحادي عشر :[/size]

الاله الجديد  3 06.09.42-72a72b84c437a9ca3c0a7d74745d6f54

" لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ " ... لماذا تكررها يا الله ؟ ألا ترى أنك أفنيت الجميع ؟ لم تسأل ؟ ما فائدة السؤال بعد أن أفرغت الساحة من كل ما من شأنه أن يجيب ؟  ان صراخك ذاك ملأ الدنيا , والذي يسمع ذلك الصراخ دون أن يعرف مصدره الحقيقي, سيقول بلا شك :" انه صراخ مجنون قريب من هنا ". ان هذا النوع من الاعتراف الذي يظفر به الاله في ذلك اليوم المستقبلي لا يصح حتى أن يقال عنه أنه اعتراف منتزع بالقوة , لأن هذا الأخير يفترض أولا أن يبقى الطرف الآخر على قيد الحياة , وأن ينتزع منه اعتراف باستخدام العنف. أما في هذه الحالة, فان الطرف الآخر تم اعدامه ببساطة , وتم مع اعدامه اعدام أي اعتراف وأية امكانية للاعتراف. وكأن الاله يعرف حق المعرفة , هو العارف بكل شيء ,أن بقاء آدمي واحد على وجه الأرض قد يعكر جو تلك اللحظة العظيمة بالنسبة له ,والتي يبرهن فيها لنفسه على فردانيته المتفردة في هذا الكون , وعلى سيادته المطلقة عليه , في غياب أي منافس محتمل . ان الأمر هو أشبه بتصفية المنازلين المحتملين لملاكم ما قبل بداية البطولة, لكي يعلن انتصاره تلقائيا على الحلبة أمام الجمهور, بعد أن ينادي الحكم على المنافسين ثلاث مرات دون مجيب , مع فارق واحد هو أن الاله هنا هو الحكم وهو الفائز وهو الجمهور . " الملك لله الواحد القهار " : هكذا سيجيب الاله الجديد نفسه . [size=32]لم ينل الاله هذا الاعتراف يوما في تاريخ البشرية بشكل جماعي مطلق , كان هنالك دائما من يمارسون حق الفيتو ضد هذا القرار الأممي 
, سواء أ كانوا مشركين أم ملحدين أم أتباعا لآلهة أخرى غير الاله الجديد . ان الخيار الوحيد المتبقي للذات الالهية أمام هذه المعارضة هو تصفيتها , على الأقل للحظة معينة من الزمن . ولا ضير في أن يتم معها تصفية المؤيدين, فتلك خاصية من خصائص كل نظام توليتاري "يصفي الذين يقولون لا وكذلك الذين يقولون نعم " كما تقول حنا أرندت , لا لشيء الا لأن ارادة عليا اقتضت ذلك , ارادة الفوهرر أو الزعيم الأممي . لقد تجاهل الاله ما وضحه هيجل عن جدلية العبد والسيد , حيث يسهر السيد على استمرارية العبد في الحياة (بتوفير الشروط الدنيوية لعيش عبده) حتى يستمر معه  وصفه "عبدا", وبالتالي يستمر وصفه هو "سيدا" . ومتى كان هذا الاله الجديد يلتفت لأقوال الفلاسفة الحمقى ؟ انه العقل المطلق ,وهم العقول الجزئية التي قد تتيه عن مصدرها الأول لتهيم في خزعبلاتها. 

انها حقا نفسية بالغة التطرف تلك التي يلجأ اليها في الأخير الهنا العزيز هذا , نفسية صار هدفها الغاء الطرف المعارض ,اعدامه فلا يبقى مكانه الا لهبوب الرياح , بعد فشل كل الوسائل العنفية وغير العنفية في تطويعه. ان كل واحد منا قد يتحسس هذه الرغبة الشريرة ,عندما تقف معارضة طرف ما أمام إرادته ,وخاصة عندما تصبح هذه المعارضة مؤرقة , فيتمنى بكل بساطة ويرغب من كل قلبه أن يلغى هذا الآخر نهائيا , هذا القطب المنافس الذي يقف أمامي في كل مرة ويحد من توسعي الحر . وشأن كل عمل يحركه التطرف (صرنا نطلق على مثل هذه الأعمال في عصرنا أعمالا ارهابية) , فان وقوع ضحايا من الأبرياء لا يضير.

يا للغرابة ! فالناس لا يبدون أدنى اشمئزاز أو تحفظ عندما يسمعون هذه القصة المعروفة التي تحكي ما سيرتكبه الاله الجديد بحق البشرية جمعاء من تصفية جماعية . بل على العكس , تخشع قلوبهم ويزداد اعجابهم بهذا الاله القوي العظيم وهو في ذلك الموقف, يدوي صوته في الأرجاء وما من مجيب . و سيوجه اشمئزازهم وتحفظهم ضدنا, نحن من نتكلم بكلام لا يقبله "الحس السليم" . سيقولون : " أيها الحمقى ... ألم تدركوا بعد من ذاك ؟ انه الله , خالق كل شيء ,خالق عباده يفعل بهم ما يشاء ,ان يشأ يذهبهم ويأت بآخرين , لا يسأل عما يفعل , ولا يعني له هذا الخطاب الحقوقي الانساني شيئا, خطاب منظمات حماية حقوق الانسان و رعاية المسنين والأيتام , وخطاب جمعيات حماية حقوق الحيوان . توقفوا عن الاحتجاج عليه فلن تظفروا منه بشيء 
[/size]
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:41 pm من طرف حسين
[size=32]لجزء 12 :[/size]

الاله الجديد  3 Abdolhamid-kisk

فلنتأمل ذلك الشعور بالخشوع والهيبة ,ذلك الشعور الذي ينتاب المسلمين بعد سماعهم ما سيحصل في "التدمير الكوني" أو ما يسمى بنهاية العالم , لك الكارثة الكونية التي سيكون الله عز وجل هو مفتعلها , ولننقب عن البواعث الحقيقية التي تغدي وتؤجج هذا الشعور في نفسية المسلم .

صحيح أن من بين تلك البواعث الخوف والاحترام والهيبة والتقديس الذي يكنه كل متدين لإلهه , لكن الى جانب كل تلك العوامل , هنالك أكثر أهمية . وما دفعنا الى افتراض وجود عوامل اضافية الا سبب واحد يتمثل أساسا في كون هذه المشاعر كلها (مشاعر التقديس والهيبة والاحترام والخوف) تكون حاضرة في العديد من الصور التي يتواجد فيها الله (صورة الاله يعذب المذنبين ,أو صورة الاله يبعث من في القبور مثلا) دون أن تعطي تلك الصور الخشوع والرهبة اللذين تتسم بهما صورة " الله لوحده يصرخ بعد تدميره للعالم " . ان هذه الصورة توحي بالكثير من المعاني والأفكار للمتدين المسكين .

"لن يبقى شيء حي على وجه الكون " :هذه الفكرة لوحدها تبث في النفس رعبا و راحة , وللراحة النصيب الأكبر . وانني متيقن من أن هذه الرغبة في العدمية تختلج كل انسان ,خاصة جنس الانسان المتأخر (المعاصر) الذي عاش من الحروب والكوارث والآلام ما دفعه في الأخير الى أن يطلب انتهاء كل شيء دفعة واحدة . هذا العامل الأول هو عامل مشترك بين المتدين وغير المتدين .

أما العامل الثاني الذي سنذكره الآن ,فهو حكر على المتدين . ان هذا المتدين قد ضاق درعا بتلك الأصوات العاصية لربها , التي تعكر جو الايمان البشري على وجه الكرة الأرضية , وقد وصل كرهه لها مقاييس خيالية , الى درجة أنه صار يتمنى زوالها كلها في لحظة معينة , ولا ضير في أن يذهب هو أيضا معها (نجد هذه النزعة خاصة عند الانتحاريين): المهم أن يرتاح العالم منها . 

نضيف عاملا ثالثا لا يقل أهمية عن العاملين السابقين يتمثل في كون صورة الله الصارخ في الأثير أبلغ صورة تبرهن على انتصار هذا الاله في عين أتباعه , تماما كالبطل الذي يصرخ في ساحة المعركة على جثث أعدائه منتشيا بنشوة الانتصار.ان تلك الصورة تعني انتصار الله وقد تحقق أخيرا بشكل كامل . وهذا يدخل السرور في قلوب الأتباع الذين أفنوا حياتهم في البرهان على أن الله هو المنتصر وأن أعداءه هم الخاسرون , دون أن يحققوا هدفهم ذاك يوما بشكل كامل ونهائي . ذلك أن أتباع الشيطان انتصروا في العديد من الفرص التاريخية و مازالوا ينتصرون . وان كان انتصارهم كما يقول أتباع الله انتصارا مؤقتا تعقبه هزيمتهم ,فان التاريخ يبين أنهم, بعد هزيمتهم, يعاودون الانتصار مرة أخرى على أتباع الله وهكذا في حلقة مستمرة . هذه الحلقة المستمرة أعيت ولا تزال تعيي أتباع الله الذين ينتظرون القول الفصل , ثم انها تتسبب في تسلل الشك الى قلوبهم في كثير من الفرص بخصوص قوة حزبهم و تعاليه , لذلك فان صورة الاله الصارخ بين الدمار هي بمثابة القول الفصل المنتظر لمدة طويلة , الخاتمة التي كان الجميع ينتظرها ويعلق عليها العبرة بقوله : "العبرة بالخواتم" . ان ذلك المشهد هو اشباع  لتلك الرغبة المتمثلة في الالتفات تجاه الأعداء والقول بابتسامة منتصرة :" الآن ظهر الحق". وانه لأمر عجيب, فالطرفان معدمان غائبان عن الساحة عند تلك اللحظة بعد الفناء , لكن المتدينين والكفار موجودون رغم ذلك في عمق  المشهد وبشكل رمزي : المتدينون موجودون مع الله , وكأنهم هم من يتساءلون : "لمن الملك اليوم ؟" , و الكفار موجودون في ذلك الدمار والخراب , دمار وخراب العالم , يعترفون بخشوع قائلين : "لله الواحد القهار" . 
هذا ما يحصل على مستوى لاشعور المتدين وهو يستحضر تلك الصورة المهيبة. 
هذه أبرز البواعث التي تقف ,في نظري ,وراء الخشوع الذي ينتاب المتدين أمام صورة "الاله الذي يصرخ بين الدمار" , أضف اليها مشاعر الخوف والتقديس والاجلال والحب الاعتيادية التي يكنها المتدين لإلهه في كل وقت و حين , وستحصل على شخص متخشع أمام تلك الصورة , شارد الذهن , يردد متلذذا جملة : "لمن الملك اليوم ؟" دون أن ينسى أن يخفض صوته تدريجيا في كل مرة يرددها , ويطأطئ رأسه بالإيجاب في كل مرة ينطقها , ويطلق في الأخير زفرة طويلة مسترسلة : "آآآآآآه". ولا تتفاجأ ان رأيته ينهال بالبكاء بعدها , وما أرى تلك الدموع بعد كل ما قيل سوى دموع هيبة و خوف , لكن أيضا وهذا هو الأهم, دموع فرح.

ان هذه الواقعة المستقبلية ما انفكت تذكر على لسان رجال الدين المسلمين , ذلك أنها سلاح فعال ل"تخشع القلوب وتتواضع و ترجع عن تكبرها بعد أن تدرك عظمة الله " . لكن الداعية الذي علق في ذهني في هذا الصدد هو الشيخ كشك , الذي يرويها بالتفصيل الممل , دون أن يغفل شيئا, والأهم من ذلك الطريقة التي يرويها بها, فعندما يصل الى السؤال العظيم :" لمن الملك اليوم ؟" ترتفع حدة نبرة صوته و كأنه هو الصارخ في ذلك الموقف , كأنه هو الله نفسه! وبعد أن يرددها ثلاث مرات بصوت مهيب تهتز له النفس , يجيب قائلا : "للــــــــــــــــــــــــــــــــــــه " مطولا النطق في هذه الكلمة بقدر ما تستحمله رئتاه ,حتى أن السامع لها يظن أن عاصفة ستخطفه . لقد مثل كشك الموقف كما ينبغي ..
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:41 pm من طرف حسين
[size=32]الجزء 14 :
[/size]


الاله الجديد  3 %D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%88%D9%8A-%D8%B7%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8%D9%87-713b7

لم نعد بحاجة الى آلهة . تلك هي الجملة التي سنقتل بها كل اله ينصب نفسه علينا من جديد . تصوروا أن تقال تلك الجملة لله ,الهنا الذي يناقش قليلا ويتوعد كثيرا , لا شك أنه سيرد : " أنا الذي خلقكم و وهبكم النعم ولو زالت عنكم رعايتي للحظة واحدة تهلكون . أ لمثلي تقولون هذا الكلام  الذي تكاد السماوات يتفطرن له ؟ انتهوا يك خيرا لكم !" . بماذا سنجيب نحن ؟ بماذا سنجيب هذا الاله الذي نكن له الكثير من الفضل و الذي ما ينفك يذكرنا بفضله في كل مرة ؟ بماذا سنجيب هذا الاله الذي أثقل كاهلنا بما له من نعم لو جلسنا أبد الدهر نعدها ما أحصيناها ؟ انه اله لن يتوانى عن تذكيرك بمسارك الوجودي مد كنت مضغة في رحم أمك الى أن صرت شابا قويا يستند على ساقين قويتين . بماذا سنجيبه ؟ لن ننكر فضله ذاك على كل حال , لكننا ببساطة سنقول : " من طلب منك أن تمنحنا كل ما منحته ايانا أصلا ؟ هل طلب أحدهم  منك ذلك؟ لقد أعطيت قبل الطلب كما يقول أتباعك الأوفياء بكل اعجاب وكما تغني لك أم كلثوم , دون أن ينتبهوا الى أن الذي يعطي بلا طلب , وان استحق الاعجاب والتنويه , فانه لا يلزم المعطى له بأي حق تجاهه , حتى الشكر ليس واجبا عليه . لست ملزما بأن أشكر الله أو أعبده على ما أعطاني من نعم, لأنه بكل بساطة أعطانيها دون أن آخذها , دون أن أختار أخذها, وعلى رأس هذه النعم نعمة الوجود نفسها التي فرضت علي فرضا . ان الأمر هو أشبه ب"تزويد" و ليس بأخد , "تزويد الصنعة بخصائص وقدرات حسب شهية الصانع و ذوقه" . وبعد أن صنع الصانع صنعته حسب ارادته وذوقه الخاص , قال للصنعة : "اسجدي لي لأنني منحتك كذا وكذا " . أهذا اله أحمق أم تراه يتحامق ؟ هل نحتاج لجهد كي نبين له أن الصنعة  لا ناقة لها ولا جمل , لا خف لها ولا حافر في هذه المنظومة الانتاجية ؟؟ ان جوابنا على جرد النعم الالهية سيكون اذن , لا بالإنكار, وانما بادراك ما يجب وما لا يجب عن مقدمات معينة . " و بعد ؟" هذه اجابتنا . 
الذي يقود معارك مع الله سيجد نفسه منتصرا في كل المعارك : معركة القانون , معركة العقل والمنطق ,معركة الوجدان ولعاطفة , .... الا معركة واحدة سيكون الله رابحا فيها وهي : معركة القوة . ان الله جبار , حتى وان تبين في الأخير أنه أحمق و مطلوب للعدالة , سيبقى قويا , اليه المنتهى واليه المصير. ان القوة هي أول شيء يعرف في الحقيقة هذا الاله , شأنه شأن كل زعيم شمولي , ولا نعني هنا قوة موقف بطبيعة الحال ,أو قوة معنوية من نوع ما , وانما القوة المادية الفعلية , أي القدرة على جعل الآخرين تحت رحمة ارادتك تفعل بهم ما تشاء . ولهذا ستجد أتباعه يقولون لنا دائما : " تكلموا كما يحلو لكم , سنرى في نهاية المطاف  " . ان أعظم شيء يؤثر في نفسية الأتباع هو كون هذا الاله هو نقطة الوصول مهما طالت الرحلة و تفرقت الطرق. انه ينطبق انطباقا تاما مع مفهوم "النهاية". انه البداية والنهاية ...الألف والياء . 
حسين
رد: الاله الجديد 3
مُساهمة الثلاثاء مارس 28, 2017 10:42 pm من طرف حسين


واحدة من الصفات التي يتميز بها الله هي صفة الصمت . نزل قرآن من السماوات العليا في شخص لأنه قال لمحمد : "تبت يداك يا محمد" , ونزل قرآن من السماوات العليا في شخص عير محمد بالأبتر . لن لم ينزل قرآن فيمن قال" مات الاله" , لم ينزل فيمن قال "الانسان أصله قرد" , لم ينزل في خضم النقاش العلمي حول نشأة الكون , و حول وجود حياة على كواكب أخرى , و حول وجود كائنات فضائية ...ربما يرى الله أن أبا لهب والنضر بن الحارث كانوا أحق بأن يرد عليهم من نيتشه و ستيفن هوجينغ وداروين وكبار الفلاسفة الملحدين ... لم ينزل قرآن في هتلر وعقب الحربين العالميتين ... كنا نحب أن يرسل لنا الله تعليقا ولو صغيرا يعني ليس بالضرورة كتابا مقدسا جديدا ...فقط كلمتين أو ثلاثة حول ما وقع في عالمه هذا ...لم ينطق ببنت شفة ! نريد رأي الله في المسائل الفلسفية والعلمية المستجدة التي وقعت طيلة 1400 سنة ! كان القرآن في عهد النبي مسايرا للصغيرة والكبيرة . كان الناس يتكلمون والقرآن يرد ... ثم فجأة انقطع الخط .
تكلموا بقدر ما تشاؤون , سبوه , العنوه ,اسخروا منه ,احتجوا عليه , تمردوا عليه , لن يواجهكم الا بالصمت (حاليا على الأقل , في السابق كان يرد بالخسف و طير الأبابيل لكنه غير من منهجيته بعد موت محمد , بل قبل ذلك بكثير) . واذا نطق ردا على تلك الأصوات ففي أغلب الأحوال ليعلمهم أن موعدهم قريب , وبأن لهم أجلا لن يخلفوه . ليس هو ممن يطيل المحاجة والنقاش والجدال . انه اله مقتصد في أقواله , اله أفعال وليس اله أقوال . التلهف  الذي يلتهم المسلم وهو مقبل على قراءة رد لله على شبهة للمشركين في القرآن , ما هو في الأخير سوى تعطش للردود الالهية القليلة والنادرة, والتي لا تتسم بالوضوح الا ناذرا. وهنا بالضبط يأتي دور رجال الدين  , خدام الله الأوفياء الذين وكلهم عنه ,و الذين سيأخذون على عاتقهم مهمة تضخيم ذلك القليل الغامض من الردود الالهية لتصطبغ بصبغة "الردود الشافية الوافية ,القاطعة والمانعة ,الظاهرة والساطعة " .بالله عليكم , أي سطوع ذاك ؟ أرد مثل " قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ,ان تتبعون الا الظن وان أنتم الا تخرصون " أو مثل " كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم " أو مثل "قل فلو شاء لهداكم أجمعين " من الردود الساطعة الشافية ؟؟ ان من يقرأ مثل هذه الفقرات في القرآن , أقصد تلك التي تتضمن حوارات بين المشركين والله , سيكتشف رويدا رويدا أن أسئلة المشركين كانت أسئلة عظيمة , ترفع التحدي في وجه الاله , أسئلة مشوقة وحماسية للقارئ , لكن الردود الالهية قلما كانت تصل الى المستوى المطلوب: انها ردود "مخيبة للآمال" بحق.
تسلسل الأحداث الراهنة وما يقع الآن لا يهم الله أبدا , ما يهمه هو النتيجة النهائية , العاقبة التي سيؤول اليها كل هذا ... الخاتمة . ولذلك فانه يواجه ب"معطيات " من المستقبل كل من يستدل بمعطيات من الحاضر أو من الماضي . على سبيل المثال , عندما يقدم المشركون الواقع الحاضر والماضي الذي لا يوحي بأية ساعة أو فناء كوني , يقدم الاله مقابل هذا المعطى وعدا مستقبليا بالساعة . ومن الطبيعي أن يقدم دليلا على الساعة من المستقبل في غياب أي دليل عليها من الحاضر أو الماضي . لله مستقبله وللناس حاضرهم وماضيهم , و مستقبل الله ذاك غالبا ما يقدم كزمن سبق وأن أخبر الناس به وأنكروه فوقع . 
وانكارهم ذاك مبني و معلل , وهو بعيد كل البعد عن أن يكون مكابرة و تعنتا . انه مبني على الحاضر وعلى الماضي (وهل من شيء آخر يبنون عليه حكمهم على المستقبل) . فالمشركون ينكرون وحدانية الله في ظل ماض كله شرك وحاضر لا يختلف عن ذلك . وينكرون البعث من القبور لأنه ما من أحد تأتى  له ذلك يوما في التاريخ . وينكرون اليوم الآخر , يوم الحساب , وانكارهم ذاك تحصيل حاصل ونتيجة للإنكار السابق.

حقا انها الكوميديا الالهية تلك التي ترسم ملامحها على شفاه رجال الدين الأوفياء . و شأنها شأن كل كوميديا , فانها تضحك . لكنها في نفس الوقت تبكي . تغلغل الله في صدور فئة عريضة من الناس الى درجة صار شغلهم الشاغل الدفاع عن رايته ومعسكره . الغريب في الأمر أن المتأمل في هذه الكوميديا لن يجد فيها سوى رجال الدين على الخشبة , يعارك بعضهم بعضا تارة , ويرفعون التحدي تارة أخرى ضد خصوم خارجيين . ليس لله حضور فيها : ان الهنا غائب عن الساحة منذ مدة طويلة , ولم يشرفنا يوما بحضوره . هذا أمر طبيعي , ذلك أن الله ليس من الشخصيات التي تلعب طور الاستهلال أو تسلسل الأحداث أو العقدة . وكما هو الشأن بالنسبة للمسرح القديم الذي" يصعد فيه الاله من الآلة " في نهاية المسرحية ليحل العقدة , فان الهنا "سينزل من الآلة" في نهاية المسرحية يوم القيامة ليحل العقدة و"يحكم بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون".

يتبع ...


 الاله الجديد  3 Quote
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساحر القرن الأخير على المشاركة المفيدة:كولمبو
الاله الجديد  3 Post_new يوم أمس, 07:31 PM  رقم الموضوع : [26]
ساحر القرن الأخير
زائر
الاله الجديد  3 New
 

الاله الجديد  3 Icon1


[size]
[size=32]الجزء 16 :[/size]


[/size]
أطلب من الله أن يجلس مستقيما في مكانه ... ويضم يدا الى يد ...ويكف عن الكلام مع الملائكة حملة العرش ...وليفتح جيدا أذنيه ...لأن هذا الدرس موجه اليه بالخصوص...وعنوانه : "كيف ينبغي أن يكون العقاب ؟"
[size]


الانسانية ...هذه الصفة الجميلة التي ابتكرها البشر وجعلوها خاصية تعريفية لهم , مع أنها لم تتوفر فيهم يوما بشكل واضح ونهائي .. ماذا تعني يا ترى ؟ سيفهمها كثيرون على أنها ضرب من ضروب الرحمة والشفقة , أو المحبة , أو الاحسان...لكنها في نظري أعمق من ذلك بكثير... انها تعبير عن كبرياء انساني , عن غرور انساني , عن مشترك انساني نأبى الا أن نراه في الأعالي . حيثما عومل الانسان دون تلك الصورة , حيثما احتقر الانسان وأهين , ستصرخ في داخلي الانسانية احتجاجا . 
لأننا انسانيون لا نعذب المجرم ... لا نسعى الى اهانته و جعله ينظر الى نفسه كحشرة حقيرة , لكن في نفس الوقت -ولأننا انسانيون مرة أخرى- لا نتركه بلا عقاب ... كيف ؟
لا بد من العقاب , لأن المجرم انسان . وبهذا سيكون العقاب هو الضامن لبقاء المجرم في دائرة الانسانية . ان الحيوان لا يعاقب على أفعاله السيئة , وفي هذا رد على أولئك الذين ينعتون المجرمين بالحيوانات والوحوش الضارية , دون أن يدركوا أنهم في الحقيقة يخلصونهم من أية مسؤولية تستوجب العقاب . 
فما الذي أضافه هذا التفهم يا ترى الى سلوكنا تجاه المجرم , اذا كنا في الأخير سنحمله مسؤولية فعله ونقوده الى العقاب ؟ لقد أزاح ذلك الاشمئزاز و التحقير و الكره الذي ننظر به اليه .هذا من جهة , ومن جهة ثانية , لن نختار لعقابه طرقا تجد أصلها في ذلك الحقد وفي ذلك الاشمئزاز . 
بعد أن كان المجرم يقاد الى العقاب بعبوس و تكشير على الأسنان , سنقوده الى العقاب وعلى محيانا ابتسامة.سبق لنيتشه أن طالب القضاة في هذا الصدد بإصدار أحكامهم ضد المجرم بعيدا عن كل رغبة انتقامية . ان العقاب الانساني ينبغي له أن يحفظ كرامة الانسان أولا وأخيرا , وأن يخلو من كل رغبة انتقامية . 
العقاب ليس لتفادي اعادة الجريمة من طرف المجرم , و ليس لردع الآخرين لكي لا يقترفوا نفس الفعل. انه عقاب تمليه الضرورة الانسانية كما بينا أعلاه .
العقاب الذي سنفرضه عليه لن يكون الا نتيجة لكونه انسانا يعرف القانون , يعرف شروط الوضع البشري وما يستلزمه من قواعد والتزامات . "لست في الغابة" , بهذا ,وبهذا فقط ,سيعاقب المجرم . واذا أمعنا النظر في العبارة السابقة لن نجدها سوى مطابقة للعبارة التالية : " أنت انسان " . 
العقاب هنا يأخد منحى آخر, مخالف تماما للعقاب السائد ,ذلك أنه يضطلع بوظيفة حيوية ليست بأي حال هي وظيفة الردع , وانما هي : تذكير المجرم بوضعه البشري , اعادته الى فضاء الانسانية , احتضانه . هذا هو العقاب الانساني , وغيابه أو تعطيله يعني دخول المجرم الى فضاء الغاب . ان العقاب الانساني عقاب احتضاني , خلافا للعقاب السائد الذي هو عقاب انتقامي بامتياز . 
لكل انسان شرف عظيم يتمثل في انتمائه الى ما نسميه بالإنسانية , و العقاب هو بمثابة الحامي لذلك الشرف عند كل انسان ارتكب خطأ يجز به في عالم الغاب . هكذا ينبغي أن ينظر الى العقاب ...
انتهى الدرس

يتبع ....


[/size]
 الاله الجديد  3 Quote
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ ساحر القرن الأخير على المشاركة المفيدة:كولمبو
الاله الجديد  3 Post_new اليوم, 06:35 PM  رقم الموضوع : [27]
ساحر القرن الأخير
زائر
الاله الجديد  3 New
 

الاله الجديد  3 Icon1


[size]
[size=32]الجزء 17 (ما قبل الأخير) :[/size]

يقول الفيلسوف لوكريس : "الآلهة تنعم في سعادة أبدية , لا تهتم لمشاكلنا ولا لحروبنا و لا لأمراضنا... بل انها ليست هي من خلقت هذا العالم وليست هي من تسهر على ضبط قوانينه الكونية ". ومن الطبيعي , بعد أن يسمع أحدنا هذا الكلام , أن يتساءل : " ماذا تفعل آلهة لوكريس هذه اذن ؟ وما محلها من الاعراب في هذا الوجود ؟" . سيجيبك الحكيم بأن لها" شؤونها الخاصة " كما لنا نحن شؤوننا الخاصة . واذا دخلت في علاقة مع البشر , فلتلهم أحدهم مثلا لينظم شعرا , كما حصل مع لوكريس نفسه الذي اعترف لنا بأن كتابته لقصيدته الشعرية الفلسفية المشهورة "عن الطبيعة" كانت بالهام من الهة الحب الاغريقية : أفروديت . لقد كان كل عمل لوكريس , وقبله عمل أبيقور, يهدف الى تخليص البشر من الخوف الذي سكن قلوبهم بخصوص الحياة بعد الموت , بخصوص الجحيم (كان يسمى عندهم بالعالم السفلي أو التارتار), بخصوص تربص الآلهة بالبشر في هذه الحياة و تسليطها البلايا عليهم . لقد جرد الآلهة من كل سلطاتها محاولا انقاذ البشر من كوابيسهم ليعيشوا حياة مطمئنة سعيدة تشبه تلك التي تعيشها الآلهة الى حد ما , مع فارق واحد يتمثل في كون حياة البشر حياة منتهية بينما حياة الآلهة أبدية . 
لقد أنقد البشر من الآلهة, لكنه أيضا أنقذ الآلهة أيضا , أجل ... فكما بين هو نفسه في بداية قصيدته "عن الطبيعة" , بفلسفته الطبيعية المستمدة من فلسفة أبيقور , تجنب الكفر بالآلهة والالحاد. 
اننا في أشد الحاجة الى شخص مثل لوكريس في زمن ساد فيه علينا اله جمع كل السلطات في يده , بل و زاد عليها سلطة عظيمة لم تكن موجودة حتى عند أكبر آلهة الاغريق ألا وهي سلطة القدر . أمدنا الاله الجديد بكوابيس تؤرق حياة الكثيرين , كوابيس جهنم و تبديل الجلود وصرير الأسنان و عذاب القبر ...فأين أنت يا لوكريس ؟ اذا أردنا أن نلخص عمل لوكريس في جملة واحدة فلن تكون الا هذه : " لا داعي لأن تفزعنا الآلهة بعد الآن ".
----------------------------------------------------------------------
مات الله مند زمن طويل , مع مختلف تيارات التمرد التي عرفتها أواخر الحقبة الحديثة و المعاصرة , لكنه ما يزال"حيا في قلوب الملايين" . ولا نرى قربا لموته هناك . اماتة الله في القلب لا يمكن لأحد القيام بها عوضا عن الآخر . الشخص المعني وحده هو القادر على ذلك . انها مسألة ايمانية يبقى فيها الحسم لصاحب السفينة . ذلك أنه لا يكفي أن تسرد أمامه الحجج والبراهين على أن الهه ميت منذ زمن طويل . لا بد وأن يقوم هو بخطوة . ان الله ليس من نوع تلك المقولات الرياضية الخاطئة التي يكفي أمامها البرهان المنطقي لتحطيمها , أو تلك المقولات التجريبية التي تستطيع التجربة تبيان زيفها . انه في قلوب الأتباع مصان من كل امكانية للتخطيء ,يتمتع بحصانة أبدية . حتى بعد تواتر الأدلة والحجج ضده, لن يزيد ذلك من شيء أو ينقص بالنسبة للأتباع. أليس هذا هو الوفاء بحق ؟ أن تتمسك به بعد انهيار كل شيء ؟ بغض النظر عن الزمان والمكان و عن مجريات الأحداث و نتائج الأمور ؟ أليس الوفاء أن تقف مع هذا الاله في السراء والضراء ؟ الأتباع الأوفياء عاهدوا الله عهدا أبديا , لا امكانية لاخلافه . يقطع الله العهود , والمتعاهدان , الله وعبده , يرعيان هذه الشراكة الى الأبد . وبندها الأول : " مهما تبينت لك الأمور ملتبسة بخصوص الاله , و أيا تكن الظنون التي تنتابك بخصوصه , تمسك به , ولا ترتب أبدا " . ان هذا النوع من الضرورات التي نقيد بها أنفسنا تثير الضحك حقا . لقد كنت مرة , في ذروة الايمان , أتصور امكانية أن يحصل أي أمر , الا الالحاد بإلهي العزيز , فقد كنت أقول في نفسي بخصوصه : " يقطع رأسي , بل أفنى قبل أن يحصل ذلك , لا أستطيع العيش بدونك يا الله ".لقد كانت مسألة الله (وجوده , نزاهته ,...) مسألة مصيرية بالنسبة لي , مسألة حياة أو موت . ثم ما ان عشت التجربة حتى اكتشفت حماقتي , وكل ذلك التهويل الذي كنت أتصوره ما كان له أساس من الصحة , وتبدت أمامي آفاق جديدة للتفكير ومسائل عظيمة , جاء عليها الدور لتكون مصيرية , وتعالى داخلي صوت يقول : "ليست المشكلة الوجودية هي الله"[/size]
 

الاله الجديد 3

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  : الاله الجديد
» الاله الجديد 2
»  الحداثة عند عبد الاله بلقزيز: ..بقلم عباس سامي
»  واشنطن و تل أبيب و الوضع الجديد
»  مفهوم الانسان العربي الجديد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: الحــــــــــــــــــداثـــة-
انتقل الى: