محمد فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 465 معدل التفوق : 1251 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 15/12/2011
| | لوجودية لا تعني الإلحاد | |
يوجد اعتقاد خاطئ أن الفلسفة الوجودية تعني الإلحاد في مضمونها، وهذا غير صحيح، الوجودية كالماركسية تبناها –كفكر- مؤمنين وملحدين معا..
ولتبسيط كيف حدث ذلك تعالى نعرف يعني إيه وجودية..
الوجودية هي اتجاه فكري يعقب كل صراع كبير بحيث يشكل هذا الصراع صدمة في الوجدان الإنساني، وتعريفها المبسط هو إن الإنسان هو مصدر الفكر من حيثية (وجوده) يعني الإنسان هو الفكرة والموضوع في نفس الوقت، ودا اتجاه مضاد لكل فكرة أيدلوجية
يعني إيه؟
يعني الأيدلوجيا قد تمثل حزب أو تيار أو مذهب أو دين، والأدلجة يعني التفكير في هذه الأشياء، أما الشخص الوجودي هو لا يهتم بهذه المظاهر الأيدلوجية ويضع نفسه قوة مفكرة وعاقلة وقاهرة في نفس الوقت لتلك المظاهر، بمعنى آخر هو إنسان حر جدا بل وصل لقمة التفكير الحر والاستقلالية في كل شئ
وبسبب معارضة الوجوديين لكل مظاهر الأيدلوجيا السابقة اتهمت الوجودية بالإلحاد كونها وقفت ضد الدين اللي هي بتعتبره أيدلوجيا، وهذا فهم خاطئ ..لأن الشخص الوجودي هو باحث عن الحقيقة في الأخير..حتى لو وضع نفسه مصدر أو معيار لتلك الحقيقة، بمعنى أنه يمارس التأمل والتدبر والبحث المجرد الخالي من أي رواسب، وهذا سلوك طيب في الأخير.
نعم ليس كل الوجوديين ملحدين، يوجد أشهر الوجوديين المصريين في العصر الحديث المستشار.."سعيد العشماوي"..وكتابه.."تاريخ الوجودية"..مرجع في نشأة وطبيعة هذا الفكر..ويرى عشماوي إن البشرية لا تنهض بدون وجودية، وإن كل منجزات الحضارة أساسها اعتناق أصحابها الفكر الوجودي وإن لم يصرحوا به
وكلام عشماوي يعني انك ممكن تفعل الفعل وأنت تجهل طبيعته أو مدلوله، وفي تقديري كلام عشماوي ينطبق على كثير من الليبراليين ودعاة حقوق الإنسان، بل ينطبق على بعض المؤدلجين أحيانا اللي انحصرت أيدلوجيتهم في جانب نظري فقط..أما العملي تلاقيه إنسان مختلف، وأمثال ذلك -في رأيي- إنسان متدين يكره العلمانية..بينما يؤمن أن الشيخ لا يصلح للرئاسة وأن يرفض تدخل رجال الدين في أحواله الشخصية كالطعام والملبس والعمل..إلخ..في النهاية هو رفض العلمانية نظريا ولكن طبقها عمليا، وهذا معنى أن تكون إنسان وجودي مؤمن بحرية الاختيار حتى ولو بشكل غير مطلق.
كذلك الوجودية جانب من الفكر (اليهودي) وهو فكر مؤمن، ويوجد رموز لهذا الجانب زي الحاخام إبراهام هيشل والفيلسوف الإسرائيلي مارتن بوبر..وغيرهم
وبمتابعة أصحاب ودعاة الوجودية سترى أن نزعاتهم (تأملية) بالأساس، ولو بحثنا عن أصحاب هذه النزعة هتلاقيهم كثير من المتصوفة، يعني التصوف له جانب وجودي هو اللي بيخلي الإنسان الصوفي يرفض أي توجه أيدلوجي ويعيد تقييم كل هذه الأفكار المؤدلجة إلى تأملاته..
أخيرا: الوجودية هي الوجه للآخر للفلسفة الوضعية، وإن سيقت بألفاظ وأساليب أخرى، بدلالة اهتمام الوضعيين بالجانب الحسي واعتباره أداة الحقائق، والحسية تعني العودة للذات في التقييم وهو اتجاه وجودي أصلا..كذلك تاريخ نشأة الوضعية بعد صدمات وصراعات وحروب القرن 18 وأوائل القرن 19 ، وهي نفس ظروف نشأة الوجودية كتعريف واتجاه واضح بعد الحرب العالمية الثانية..
والكلام عن الوجودية طويل وملئ بأفكار جذابة ومتنوعة في رأيي أن حلول كثيرة لمشاكل العالم تبدأ وتنتهي بإعادة الاعتبار للإنسان وإحياء قوة التأمل والبحث الحر فيه | |
|