ـإلى أنّا بلانديانا نصّا على نصّ
ماذا لو نحن وُلِدْنَا في السّبعينَ أوِ السّتّينْ!؟
هلْ كنّا لِـنكونَ سوى حُـكماءٍ مُكتهلينْ
نحْدِسُ منذ اليوم الأوّل كالحيواناتْ
أيّ طريقٍ نتنـكـّـبُ أو نسلُـكُ في مفترقِ الطرقاتْ
هل كنّا لِـنكونَ سوى ما شِئـْـنا!؟
***
لا يمضي يومٌ إلاّ كنـّا أصْغرَ مِـمّا كُـنّا
نمشي أو نجري أو نقفزُ فِتْيانـًا في رَيَعانِ فـُتُـوّتهِمْ
حتّى نبلغَ بابَ الحبِّ وقد رَاهَـقـْـنا العشرينْ
وتكونُ ليالينا ـ إذ نتقلّـبُ طولَ الليلِ على جـَـنـْـبَـيْـنـَاـ
! أضــغاثَ نساءْ
(واحدةٌ تتقاطرُ مثـْـلَ دُراقِنـَةٍ في جلْدٍ من مُـخـْـمَـلِها العسَـلِيِّ،
وواحدةٌ تـتـقـشـّـرُ كالآناناس،
وواحدةٌ تتفـتـّـحُ كاللوزةِ في لَبَنٍ من خـُضـْـرتها الزغـْــباءْ)
***
ثمّ يكونُ لنا بيتٌ وامْـرأةٌ.. ويكونُ لنا أبـناءْ
الأبـنـاءْ!؟
سيكونونَ على أيّةِ حالٍ أكـْـبَرَ منـّـَا بكثيرٍ نحنُ الآباءْ
مادامَ الواحدُ منهمْ يُولـَدُ في السّبعينَ أوِ الستـّينَ كما نحنُ وُلِدْنـَا
***
لا يمضي يومٌ إلاّ كنـّا أصْغرَ مِـمّا كُـنّا
حتـّى يأتِيَ يومٌ يأخذ فيه الأبناءُ بأيدِينا
يومٌ يتوعّدنا فيه الأبناءْ
إن نحن تسَـلّـلْـنا من بينِ أصابعِهِمْ
وذهبنا أبعد من حارتنا
أو إن نحن رجعنا بعد هبوط الليلِ إلى منزلنا
يومٌ فيه يعلـّمُنا الأبناءْ
أنْ نتهـجّى الكونَ بأصواتِ طفولتنا
ونُسَمّي الأشياءْ
(هذا بابٌ..هذا شبّاكٌ.. هذا قطٌّ.. هذا عُصفورٌ.. هذا كوبٌ..هذا ماءْ...)
***
ويـُهـَدْهِدُنـَا الأبناءْ
في دِفْءِ أسرّتِنا أو في برْدِ ليالينا ويغـَنـُّونَ لنا
ويقصُّ علينا الأبناءْ
قـَصَصَ الحيواناتْ
حتـّى لكأنـّـَا نصْحَبُها أطفالاً سعداءْ
في الغاباتِ وفي الفلواتْ
***
لا يمضي يومٌ إلاّ كنـّا أصْغرَ مِـمّا كُـنّا
نمشي لكن نـَكـْبـُو..
نـَكـْـبُو لكن نـَحْـبُو..
واللغـَة ُ الأمّ ُ تـَغِـيمُ بأعيُنِـنـَا والأسماءْ
تتلاشى والأصـواتْ
لا يبقى إلاّ ضحكٌ وبكاءْ
إلاّ لغة ُ الماءِ الجاري في الماءْ
***
نـَـصْـغـَرُ حتـّى نـَقـْدِرَ أنْ نتـخـفـّى في فجَواتِ الأشجارْ
نـَـصْـغـَرُ حتـّى نـَقـْدِرَ أنْ نتـخـفـّى في أُصَصِ الأزهارْ
***
نـَـصْـغـَرُ حتـّى نـَـغـْـدُوَ أصـغـَرَ من حبَّةِ قـمْـحْ
أصـغـَرَ من حبَّةِ مِلْحْ
***
ويجيءُ الأبناءُ صباحًا:
ـ لا شيءَ هنا في هذا المَهْدِ الخالي!
لا شيءَ سوى رائحَةٍ بيضاءْ!
الثلاثاء ديسمبر 31, 2013 10:05 am من طرف حسين