لمشاركة : 06 ديسمبر 2011 - 10:01 م
صورة
كاتب المقال: Christopher Hitchens
ترجمه من الانكليزية إلى الاسبانية: Juan Carlos Castillón
ترجمه من الإسبانية إلى العربية: فينيق .. هذا المقال منشور في شهر سبتمبر أيلول .. العام 2007.
تكمن القضيّة بمسألة إن يكن الإسلام بذاته ديناً. بداية حقّق تلبية لاحتياج العرب لامتلاك عقيدة مختلفة وخاصة, وهذا سيكون لهم للأبد عبر تحديده بلغتهم العربية الفصحى, وفتوحاتهم المستقبلية الهامة, والتي لم تكن مذهلة كفتوحات الشاب الاسكندر المقدوني, فقد قامت على أساس أنها تنفيذاً للإرادة الإلهية حتى بلغت اقاصي البلقان والمتوسط. لكن عند اخضاع الإسلام للفحص, فلن يكون أكثر من نسخة واضحة ورديئة لعمليات انتحال, والتي قد توافقت مع كتب وتقاليد سابقة والفرصة كانت تستلزمها. هكذا وبعيداً عن " ولادته تحت ضوء واضح في التاريخ " كما قال Renan, فالاسلام بأصوله يكون مليئاً بالغموض كاولئك اللذين استمدّ منهم منطلقاته. يقوم بتصريحات كبرى, يطلب الخضوع التام لانصاره, ويطلب الاحترام من غير المؤمنين. لا يوجد شيء في تعاليمه يمكنه أن يبرّر كل هذه الغطرسة والغرور.
مات محمد الرسول في العام 632 وفق جدولنا الزمني التقريبي. أول إحصائيّة عن حياته كانت محققة بعد موته بزمن قدره 120 عام وعلى يد إبن إسحق Ibn Ishaq, ولقد ضاع عمله ويمكن الوصول له من خلال العمل المعدّل والمكتوب من قبل إبن هشام Ibn Hisham والذي مات في العام 834. يُضاف لكل تلك الشائعات والغموض, لا يوجد إجماع على كيفية اعادة جمع القرآن من قبل اتباع الرسول, أو كيف تمّ تعديل الأحكام المختلفة { والتي بعضها قد كانت مكتوبة من قبل كتبة محمد }. ويتعقّد الأمر أكثر .. أكثر منه في المسيحية .. مع مسألة الخلافة لمحمد. فبعكس المسيح الذي لم يترك نسل معروف والذي اعتمد مسألة العودة إلى الأرض سريعاً { مع احترامنا لسخافات دان براون Dan Brown }: محمد كان قائد وسياسيّ .. وبعكس الاسكندر الذي كان لديه كثير من الاولاد .. لم يترك أي تعليمات تخصّ خليفته المُفترض بعد موته. بدأت الصراعات على القيادة تقريبا منذ لحظة موت محمد, وهكذا اختبر الإسلام أولى انقساماته الكبرى .. بين السنّة والشيعه .. حتى قبل الانتهاء من إقراره كنظام حكم. لن ننحاز لأيّ طرف بالانقسام, باستثناء الاشارة على الاقل لواحدة من مدارس التفسير التي يمكن أن تكون على خطأ. والتحديد الأولي للإسلام مع خليفة أرضيّ والمعمول به إثر الصراعات على الخلافة المُشار لها اعلاه: يتم تسجيله منذ لحظة بدئه كشيء مخلوق من إنسان.
تقول بعض السلطات الإسلامية بأنه خلال زمن الخليفة الأول أبو بكر الصديق, إثر موت محمد مباشرة: ظهر قلق جديّ من احتمال ضياع أو نسيان كلام محمد المنقول شفهياً. فكثير من الجنود المسلمين اللذين قد ماتوا بالمعارك قد كانوا من حفظة القرآن ولم يتبقّى إلا القليلين منهم وقتها. تمّ أخذ قرار بالاجتماع بكل شاهد حيّ, وجمع كل شيء قد كُتِبَ عليه مقاطع قرآنية: وريقات, احجار, اوراق النخيل, قطع جلود .. الخ. وتوجب تسليم كل شيء وقتها لزيد بن ثابت Zaid ibn Thabit والذي يُعتبر أحد أقدم كتبة محمد ومستشاريه: لكي يقوم بإعادة كتابة نسخة نهائية من القرآن. وبمجرد الانتهاء من تنفيذ هذه المهمة الملحة: امتلك المسلمون المؤمنون النسخة المُرخّصة المُعتمدة من القرآن.
ليكون هذا صحيحاً, فيجب ان يضع القرآن بحقبة أقرب لحياة محمد ذاته. لكن سريعاً نكتشف بأنه لا يوجد يقين أو توافق بالآراء حول صحّة هذه الرواية. يقول البعض بأنّ عليّ .. الخليفة الرابع ومؤسس المذهب الشيعي .. هو من امتلك الفكرة حول تجميع القرآن. كثيرين آخرين .. اغلبيتهم سنيّة |.. يؤكدون بأنّ الخليفة عثمان الذي حكم منذ العام 644 الى العام 656: هو من أخذ قرار تجميع القرآن. فقد وصل خبراً للخليفة عثمان بأنّ صراعاً قد نشب بين جنود مسلمين بمناطق مختلفة حول روايات قرآنية, فقام عثمان بإصدار الأوامر إلى زيد بن ثابت للقيام بتجميع القرآن وتوحيده بكتاب واحد فقط. وبعدما تمّ تنفيذ المهمة هذه, أمر عثمان بإصدار نسخ استاندر وارسالها إلى الكوفة, البصرة ودمشق واماكن أخرى, اضافة للاحتفاظ بنسخة منه في المدينة المنورة. هكذا لعب عثمان دوراً مشابهاً لدور القديس اثناسيوس { بابا الاسكندرية } بما يخص الكتاب المقدس وتحديد النصوص المقدسة والنصوص " المُلفّقة ". وقد تجاوز عثمان دور اثناسيوس حين أمر بحرق وإتلاف كل الطبعات والاصدارات القديمة أو السابقة من القرآن.
حتى لو افترضنا صحّة هذه الحوادث, فلم يكن هناك أيّ مجال أو أيّ فرصة أمام الباحثين لتحديد أو لنقاش ما قد حصل حقيقة بزمن محمد, كانت محاولات عثمان لإلغاء كل ما يخالف عبثيّة. تمتلك الكتابات العربية خاصيتان تجعلها صعبة على التعلُّم من قبل الأجنبي, هما: استخدام نقاط لتمييز أحرف " كالباء " و " التاء ", كما انها تفتقر بصيغتها الاصلية لاشارات أو رموز للاحرف الصوتية القصيرة والتي ربما امكنها أن تنعكس من خلال علامات مشابهة للفاصلة. قراءات متباينة بشكل هائل, حتى حول نسخة عثمان, كانت مُسهّلة عبر تلك التباينات. لم تتم وضع قواعد اللغة العربية ذاتها قبل نهايات القرن التاسع ميلادي, وهنا تحضر قصة الكلمات غير المنقطّة في القرآن: والذي ساهم بحضور تفسيرات مختلفة كلياً عنها ذاتها, وهذا قائم للآن طبعاً. هذا ربما لا يهمنا بحالة رواية كالألياذة, لكننا هنا نتكلّم عن تغيير بكلمات { أخيرة } لله.
يوجد بوضوح صلة بين الضعف الواضح بهذا التأكيد وبين اليقين المتعصب بالمُطلق الذي يقدمه. لاجل أخذة فكرة من الصعب إهمالها: الكلمات العربية والمكتوبة على السطح الخارجي لقبّة الصخرة في القدس, تكون مختلفة عن أيّ نسخة قرآنية ولا تظهر بها.
تتعقّد المسألة ويزداد الغموض عندما نصل إلى الحديث, أو ما تمّ نقله من أفعال وأقوال لمحمد بصورة شفهية, اضافة لقصّة جمع القرآن وأحكام " صحابة الرسول ". فكل حديث ليكون أصليّ حقيقيّ: يجب ان يكون مدعوما من قبل ما يسمى بالإسناد, أو سلسلة من الشهود اللذين يُشهد لهم بالصدق أو بالمصداقية. يرسم كثير من المسلمين حياته اليومية وفق ما ترسمه تلك الاحاديث: كالنظر إلى الكلاب بوصفها نجسة, كمثال, وهذا الموقف يكون مؤسساً على حديث لمحمد فقط أو مبنيّ على ما قاله محمد فقط.
كما هو مُتوقّع, المجموعات الستّ المُعترف بها من الحديث, والتي تعتمد على تكديس القيل والقال إثر القال والقيل بسلسلة طويلة من الإسنادات والتي كانت مستعادة بعد الحوادث التي تصفها بقرون. من أشهر مجموعات الحديث, احاديث البخاري أو صحيح البخاريّ, والذي قد مات بعد موت محمد بزمن قدره 238 عام. يعتبره المسلمون موضع ثقة وعفّة ومصداقية, وقد نال الشكر لقاء عمله الدؤوب بتوثيق 300000 حديث وقد اعتبر أن 200000 حديث تفتقر لأيّ قيمة أو أصل. استثناءات لاحقة من التشكيك بها أو بإسنادها قد أفضى لإلغاء 10000 حديث. أنتم أحرار بالايمان, فيما لو تفضلون رؤية الوضع بهذا الشكل, كتلة من المعلومة لشهود أميين وذوي ذاكرة مثقوبة, مكّنت البخاريّ الورع من اختيار أو انتقاء ما هو صحيح دون المرور على التصويت أو الإقتراع!
احتماليّة خلوّ تلك البلاغة البشرية " من الخلل " أو اعتبارها " معصومة ": تكون مُخفقة كليّاً, ليس بسبب تناقضاتها العديدة, بل أيضاً من خلال طروحات سلمان رشدي بكتابه " آيات شيطانية " والتي كتبها بالنهاية بصيغة مشروع أدبيّ. بتلك المناسبة المثيرة للجدل, في البداية حاول محمد التوفيق بين مشركي مكّة المهمين وبين الطريق الذي اختبر عبره " الوحي " والذي سمح له بمتابعة عبادة بعض الآلهة المحليين القديمين. لكن لاحقاً انتبه محمد بأنّ ههذا لا يمكن أن يكون صحيحاً, وأنه دون انتباه قد " تملكه " الشيطان, وانه لسبب ما قد قرّر إيقاف محاربة الفكر التوحيدي الألوهيّ في مكّة. { لم يعتقد محمد بالشيطان فقط, بل آمن بشياطين صغيرة في الصحراء, بالعفاريت أو الجان }.
أُفيدَ حتى من قبل بعض زوجات الرسول بأنه كان قادراً على تلقي " الوحي " والذي يلبي احتياجاته بوقت قصير, وغالباً ما مازحنه حول هذا الأمر. يحكى لنا ايضاً - من جهات متعددة لا نعرف مدى مصداقيتها – بأنه عندما كان يتلقى الوحي بمكان عام: أحياناً كان يظهر عليه علائم الآلام وكان يشعر بصوت مرعب في اذنيه. كذلك انسكاب العرق من جسمه, حتى في أبرد الأيام يحصل هذا. اقترحت بعض الجهات المسيحية الناقدة بأن محمد كان مصاباً بالصرع { بالرغم من أنهم يتهربون من الاشارة إلى ذات العوارض التي عانى منها بولس الرسال بطريقه إلى دمشق }, ولكن لا يكون بالضرورة هذا التحليل صحيح. يكفينا إعادة طرح سؤال ديفيد هيوم, والذي لا يمكن تفاديه: ما هو الأكثر ترجيحاً, أن يتم استخدام رجل بمثابة ناقل للوحي الموجود من الله, أو أن يقوم بتكرار بعض الوحي المعروف الأقدم ويحاول أن يكون مًقلّداً لدور النبيّ صاحب الوحيّ؟
أما بخصوص الآلام, الضوضاء التي تُسمع, أو تصبّب العرق, لا تترك لنا المجال إلا باعتبار مسألة اختبار الوحي المباشر من الله: لا يكون بمثابة اختبار للهدوء, الجمال والوضوح.
المقال الاصل بالقسم الاجنبي
تعقيبي
مع علمي الدائم برفض هكذا مواضيع من قبل المسلمين .. وهذا ليس مهماً, فالمهم هو نقاش أيّ شيء بعقل مفتوح ودون حسابات مُسبقة, وهكذا فعل كاتب المقال أعلاه حين أوضح الجهة الناقدة وأضاء على وجود رواية شبيهة تخص بولس الرسول وربما نعثر على شخصيات يهودية وبوذية واسلامية ومسيحية وغيرها قد تكون مصروعة أو مصابة بالصرع والامر لا يعدو كونه تحليل لحالة شخصية { مبنية بالضرورة على روايات دينية من مصادر واضحة وليس على اتهامات واساءات كما يظنّ مُخطئاً: كل مسلم أو مؤمن يقرأ هكذا مواضيع } يصعب ربطها بمنظومة ايمانية هائلة وسيما بعد مرور آلاف السنين .. قد تُفيد البعض ولكن البعض الأكبر ممن هجر الاديان لا يتوقف بناء موقفه اللاايماني على هكذا قصص برأيي .. مع التنويه لأن مواضيع تحمل ذات الاسم منتشرة بكثير من المنتديات الدينية واللادينية بين أخذ ورد ونقد ورفض!!
0
الحاصل في العالم العربي الآنْ .. ثورات تقتلع كل طغيانْ!
