6 يناير 2009 - 08:42 م
صورة
بقلم: Daniel Barona Narvaez
ترجمة: فينيق, خصيصاً لمنتدى الملحدين العرب.
ضمن مجتمعنا, عند الحديث عن الاخلاق والحكمة, واحد من أوائل الكتب التي يتم ذكرها, يكون الكتاب المقدس. يُظن عادة بأنه في الكتاب المقدس, ككتاب مليء بالاخلاق المطلقة, العدالة, الحبّ والتعاليم التي لا مثيل لها. مع ذلك, عندما يغامر أحدنا بقراءة الكتاب المقدس بتفصيل ممل, دون الاقتصار على قراءة ما يحدده الكهان عادة لنا للقراءة, الكتاب يعاني من تحوُّل شديد: يمضي ليكون كتاباً للفظاعات واللااخلاق عوضاً عنه للمحبة والحكمة, أو في أحسن الاحوال, الاخلاق المزيّفة.
كمثال, في سفر الخروج 32/ 25-34 يمكننا رؤية عيّنة من موقف يتجلي فيه الإله عديم الرحمة ومغرور:
32: 25 و لما راى موسى الشعب انه معرى لان هرون كان قد عراه للهزء بين مقاوميه 32: 26 وقف موسى في باب المحلة و قال من للرب فالي فاجتمع اليه جميع بني لاوي 32: 27 فقال لهم هكذا قال الرب اله إسرائيل ضعوا كل واحد سيفه على فخذه و مروا و ارجعوا من باب إلى باب في المحلة و اقتلوا كل واحد اخاه و كل واحد صاحبه و كل واحد قريبه 32: 28 ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى و وقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة الاف رجل 32: 29 و قال موسى املاوا ايديكم اليوم للرب حتى كل واحد بابنه و باخيه فيعطيكم اليوم بركة 32: 30 و كان في الغد ان موسى قال للشعب انتم قد اخطاتم خطية عظيمة فاصعد الان إلى الرب لعلي اكفر خطيتكم 32: 31 فرجع موسى إلى الرب و قال اه قد اخطا هذا الشعب خطية عظيمة و صنعوا لانفسهم الهة من ذهب 32: 32 و الان ان غفرت خطيتهم و الا فامحني من كتابك الذي كتبت 32: 33 فقال الرب لموسى من اخطا الي امحوه من كتابي 32: 34 و الان اذهب اهد الشعب إلى حيث كلمتك هوذا ملاكي يسير امامك و لكن في يوم افتقادي افتقد فيهم خطيتهم
أول ما يمكننا رؤيته, يكون حالة الغرور والانانية لإله الكتاب المقدس, لكن أكثر ما يصدم, والموقف الغير اخلاقي أكثر, بأنه ذاته يعلن موقفه بكونه إبادة لأبرياء. لأي سبب؟ لأجل لاشيء, اذاً من المفترض أنه قد كان نوع من التضحية التي ستخدم لأجل التعويض عن الخطيئة المُقترفة. لكن للأمام قليلاً, الإله يقول لموسى, بأنه في يوم العقاب { الحساب }, هم سيدفعون ثمن خطئهم.
هنا يوجد تناقض مع الفكرة الشعبية عن إله مطلق خيِّر ومطلق رحيم, حيث أن الإله يصرّ على أن الشعب سيدفع ثمن الخطيئة { الخطيئة لم تكن سوى عبادة آلهة أخرى, ما يعطي شهادة لكيفية تأصيل عدم التسامح نحو أديان أخرى لآلهة أخرى }على الرغم من تعرض الشعب للابادة التي قد رتبها الإله ذاته.
الخلاصة: الإله مُحال وحقود بشكل مطلق.
في حالة أيضاً المفاجأة تكون أكبر, عند رواية قتل شخص, قد انتهك حرمة يوم الراحة للرب { السبت }:
15: 32 و لما كان بنو إسرائيل في البرية وجدوا رجلا يحتطب حطبا في يوم السبت 15: 33 فقدمه الذين وجدوه يحتطب حطبا إلى موسى و هرون و كل الجماعة 15: 34 فوضعوه في المحرس لانه لم يعلن ماذا يفعل به 15: 35 فقال الرب لموسى قتلا يقتل الرجل يرجمه بحجارة كل الجماعة خارج المحلة 15: 36 فاخرجه كل الجماعة إلى خارج المحلة و رجموه بحجارة فمات كما امر الرب موسى
سفر العدد: 15/ 32-36
في هذا المشهد, بوضوح الشعب لا يكون واثقاً مما يجب عمله مع ذاك الشخص, لكن قد أتى الإله ليضع الامور في نصابها: الموت لذاك الشخص. هذا الموقف يمكننا تصنيفه كانتقام دموي, ولاتسامح مطلق. هل قام ذاك الشخص بالاساءة لشخص آخر؟ كلا بديهياً. خطأه الوحيد كان بالقيام بنشاط يراه الإله غير مرغوب في يوم الراحة. ما كان يريده الإله هو تخصيص ذاك اليوم لعبادته.
الخلاصة: الإله مطلق الغرور.
في رسائل بولس الرسول لاهالي رومية, 13/ 1-7 نعثر على عيّنة واضحة من طلب الخضوع المطلق للسلطة:
1 لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لانه ليس سلطان الا من الله و السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله
2 حتى ان من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله و المقاومون سياخذون لانفسهم دينونة
3 فان الحكام ليسوا خوفا للاعمال الصالحة بل للشريرة افتريد ان لا تخاف السلطان افعل الصلاح فيكون لك مدح منه
4 لانه خادم الله للصلاح و لكن ان فعلت الشر فخف لانه لا يحمل السيف عبثا اذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر
5 لذلك يلزم ان يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل ايضا بسبب الضمير
6 فانكم لاجل هذا توفون الجزية ايضا اذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه
7 فاعطوا الجميع حقوقهم الجزية لمن له الجزية الجباية لمن له الجباية و الخوف لمن له الخوف و الاكرام لمن له الاكرام
هذا المقطع لا يمكن أن يكون أكثر وضوحاً: السلطة هي السلطة, وعدم الخضوع لها, يعني ارتكاب الخطيئة بحق الإله. أيّ عذر أفضل من هذا, سيكون ممكناً استعماله من قبل أي مدير للسلطة, لأجل أن يجعل الشعب كالخاتم باصبعه؟ بوضوح هذا المشهد, قد كان " مصمماً بذكاء " لأجل غايات سياسية. فيما لو أنك لن تخضع, الله سيعاقبك. هذا هو المطلوب للحفاظ على العقول النقدية النائمة, وضمان استقرار الوضع.
الخلاصة: الإله غير عادل مطلقاً, وهو مرتبط بمصالح سياسية بشكل وثيق.
أخيراً, في انجيل لوقا 3/ 7-9 يوجد مثال يوضح الجحيم كعقاب خالد, جزاء من لا يتمم طلبات الإله:
7 و كان يقول للجموع الذين خرجوا ليعتمدوا منه يا اولاد الافاعي من اراكم ان تهربوا من الغضب الاتي
8 فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة و لا تبتدئوا تقولون في انفسكم لنا إبراهيم أبا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم
9 و الان قد وضعت الفاس على اصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار
النقطة الاولى المأخوذة بالاعتبار هنا هي: التوبة. الكتاب المقدس يُبرز الإثم بوصفه جزء من الكائن البشري, والشيء الوحيد لمكافحته يكون التوبة. كل كائن بشري يحمل إثماً فطرياً { بحسب الكتاب المقدس } ولهذا يتوجب عليه أن يتوب. لكن, أن يتوب من ماذا؟ يظهر أن المهم أن يقوم بالتوبة من الآثام بالعموم { دون تخصيص الاثم ذاته }, ما قوله, المهم هو التحوُّل لكائنات خاضعة مستعبدة, دون إثم حقيقي فطري, لكن التوبة عن اشياء لم يتم اقترافها. بكل الاحوال, ما يريد قوله إله الكتاب المقدس, يكون بتوجُّب التوبة ببساطة على كل مولود, حيث أن الخطيئة تُولد بلا اي قابلية للعلاج مع الواحد, والإثم يصاحب حياتنا كلها.
والشيء الثاني المُعتبر مما قيل في المقطع الاخير, للمشهد المشار له: " و الان قد وضعت الفاس على اصل الشجر فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار ". هذا يريد القول بأننا جميعاً نكون متكيفين مسبقاً. منذ اللحظة التي وُجدنا فيها, وبحسب ما يمكن ان نكون خيرين أو شريرين, يقطعنا أو لا.
ألا يكون هذا تعذيباً نفسياً؟ في حال نكون اشرار, سنُحاسب وسنذهب للجحيم, بعذاب أبديّ. سيتوجب التفكير بأنه لا شيء أكثر من روح غير مادية سيكون ممكناً حرقها بنار ماديّة. من جانب آخر, مفهوم " الكائن الشرير " سيتم رؤيته وفق ما يراه الإله من شرّ, الذي, كما رأيناه, يكون متناقضاً بشكل كبير, متغيّر ومُحال, يضعنا بالتالي بحال من الشرطيّة الثابتة والارتياب الاكبر.
الخلاصة: الإله المعذِّب والمحقّق الخالد.
بعد كل ذلك, نوجز, لدينا الإله مُحال وحقود بشكل مطلق, مطلق الغرور, غير عادل مطلقاً, وهو مرتبط بمصالح سياسية بشكل وثيق. إذاً, عن مَنْ يتم الحديث, عند الاشارة لإله مطلق الرحمة, مطلق الخير ومطلق المعرفة؟ ففيما لم تتم المقارنة بين الإله المُتداول شعبياً وإله الكتاب المقدس, سيظهر لدينا شخصيتان مختلفتان ومتعارضتان كلياً.
إله الكتاب المقدس أبعد ما يكون عن الخير, الرحمة والحكمة.
الاكثر ترجيحاً هو أن الناس تستخرج من الكتاب المقدس ما يناسبها لتكوين فكرة عن الإله, وتترك الجانب السيء, كما لو أنه غير موجود. لديهم الجرأة على التصريح بأن الكتاب المقدس, هو الكتاب ذو المحتوى الاكبر من الاخلاق والحكمة بتاريخ البشرية.
سيتوجب علينا سؤالهم: بماذا تؤسسون نظرتكم هذه؟
المقال الاصل موجود في القسم الاجنبي
تعليقي على المقال
لا يمكن لأحد انكار وجود افكار تدعو للمحبة والخير بالكتب الدينية .. ولكن بذات الوقت هناك افكار تدعو للحقد والكره ومحاربة الآخرين والتعصب بحجج مختلفة .. هنا أتذكّر البعض من أديان مختلفة .. حيث التابع لأي دين خطابه مع الملحد يشبه لحد بعيد خطاب مؤمنين آخرين بأديان مختلفة عن دينه .. المفارقة هي بالخطاب فيما بينهم ككمؤمنين بأديان مختلفة حيث الإلغاء سيد الموقف باعتبار أن كل مؤمن يعتبر دينه الوحيد على حق والوحيد الممتلك للحقيقة .. هذه المواضيع مكررة ولكنها ستبقى تتكرّر لغاية الانتهاء من جدوى طرحها وفظاعات الكتاب المقدس لها نظائر في القرآن بالطبع والحال من بعضه!!