الطغاة العرب : تشابه وتباين وسيناريو سوري
عمر سعد الشيباني
الحوار المتمدن
-
العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 08:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا
الكاتب-ة مباشرة
حول الموضوع
[b]
[/b]
var addthis_config = {"data_track_clickback":true};
[b] لاشك أن الكثيرين
منا لاحظ أن هناك شكل من أشكال التشابه والاختلاف بين الانظمة العربية.
لأننا دون فهم هذا التباين، لانستطيع أن نجيب على سؤال هام :لماذا سقط
نظام بن علي ومبارك بفترة قصيرة بعد سنين طويلة من الدكتاتورية ونظام
الاسد لم يسقط بعد؟ أو لماذا احتاج معمر القذافي لتدخل خارجي مثله مثل
صدام حسين ؟ ولم يحتج حسني مبارك لذات الشيء. علماً أن الموقف الامريكي
كان واضحاً على الأقل في مظهره بأنه أيد التغيير في كل من مصر وتونس
مجازفاً بحلفاء خدموه وخدموا إسرائيل. هنا لاشك ، من معرفة أن أي نظام
مهما كانت قوته الاقتصادية والسياسية، لابد أنه يعتمد على الخارج
للاستمرار إم بجمع عدة أوراق يستطيع أن يبيعها واحدة تلوى الاخرى أو
الاعتماد على قوة خارجية احادية. في الاعتماد على قوة خارجية واحدة، كان
بن علي ومبارك وعلي صالح، يعتمدون على معونات خارجية من الولايات المتحدة
واوروبا اضافة إلى التحالف السياسي معها. نقيض على ذلك، كان صدام والاسد
والقذافي قد فتحوا حوانيت لبيع الاديولوجيات السياسية للداخل وتنفيذ مآرب
سياسية للخارج. بالنسبة لصدام كان الوكيل في شن حرب على إيران، أي كان
متذبذبا مثل الاسد والقذافي. يوما ضد امريكا ويوما معها. في مسألة
المواجهة مع امريكا، كانت شكلية، لأن ما إن أتى الهجوم على العراق في حفر
الباطن حتى سارع الاسد إلى الالتحاق بركب امريكا. أي تنفيذ بعض الاجراءات
لتبقيه متوازنا خارجيا. ثم استغلال التناقضات الدولية بين الصين والغرب أو
روسيا والغرب، واللعب على ذلك. أظن لولا تدخل امريكا في العراق ، لأستمر
صدام أو ورث ابنه من بعده ولولا تدخل النيتو في ليبا لاستمر القذافي أو
طال وجوده واغرق ليبا في الدماء قبل الرحيل. السبب في ذلك، هو أن هذه
الانظمة التي كانت أكثر دموية في تعاملها مع الوطن والمواطن وقد تحررت
كليا من الاخلاق والشعور بالذنب حيال الجرائم. هي ذاتها حكمت في الداخل
بطريقة طائفية، أو قبيلية . فقد تشابه نظام صدام والاسد بعدة قضايا
واشكاليات حتى وكأنه فولة وقد انفلقت إلى نصفين. فكلهما من حزب البعث،
وكلاهما أقلية ضمن غالبية وكلاهما لعبا على الاوراق الخارجية وكلاهما
ارتكبا مجازر ضد شعبيهما . وهنا ناتي إلى السؤال: لماذا انحاز الجيش بشكل
كلي بقياداته العليا إلى الشعب والوطن وحقن الدماء في كل من تونس ومصر ثم
احداث انشقاقات واسعة ضمن كتائب بكاملها من ناحية ليبيا واليمن، ولم يحدث
ذلك في سوريا؟ بل مازالت الانشقاقات في سوريا تحدث بشكل فردي، أي لم تنشق
كيبة أو لواء بكامله مع عتاده وسلاحه أو حتى الان رغم أن البلد على شفى
حرب أهلية ولم يحدث أي انقلاب أو انشقاق يضع النظام تحت الامر الواقع.
والسبب هو أن الشكل الهرمي لأجهزة الامن والجيش يمنع مثل هذا، خاصة إذا
كانت الهرمية تمتد بشكل عائلي ثم طائفي. هذا مايفسر الانشقاق الفردي في
سوريا والاسلحة الخفية التي يحملها هؤلاء. بمعنى آخر لو لم يكن تركيبة
الجيش والامن طائفية، لحدث انشقاق مثل مصر وتونس . وهذا ماجعل الثورة
تستمر والقتل يستمر دون أي رؤيا سياسية للنظام في الخروج من الازمة
المرعبة للبلد.
أما
التدخل الخارجي، فهو غير مجمع عليه كما كان في حالة ليبيا والعراق. فهذين
البلدين يملكون البترول الذي شنت امريكا حرب من أجله ودمرت اقتصادها ولو
بشكل جزئي. وفعلت في ليبا ذات الشيء فالقرارات كانت سريعة في مجلس الامن،
أولا، لأن امريكا واوروبا تستفيد من البترول الليبي وثانيا أن هذه البلد
باستطاعتها أن تدفع فاتورة الحرب للبلاد التي قامت بالمساعدة على خلع
القذافي. أما في سوريا فليس هناك نفط كافي لدفع الفاتورة أو حتى للشركات
الاجنبية للاستثمار. ولذلك، تردد الغرب، وركبت روسيا رأسها في مجلس الامن.
أظن أن هناك بضع سيناريوهات داخلية ممكن أن تحدث: أولا، وبعد احد عشر
شهرا من الاحتجاجات، مازال النظام يصر على المضي بسياسة الارغام والعنف
لإطفاء جذوة الثورة ولكي يضمن لنفسه امتلاك سوريا خمسين سنة لقدام، مع
ازدياد الانشقاقات العسكرية الفردية، مما ينبيء بمواجهة محتومة في الجيش
السوري، مما ينهك الجيش الاسدي النظامي، وهنا سينهار على مراحل . وانهياره
سيكون بأن يفقد السيطرة على أحياء ثم قرى ثم مدن. كما يحصل الان. لقد فقد
السيطرة على مناطق مثل الزبداني وباب عمرو وديربعلبة بسبب وجود الجيش الحر
. سيناريو هذا الانهيار سيكون مكلفاً وسيحدث فيه عسكرة الثورة وعندما
تتعسكر الثورة فهناك سيكون هرب أهلية طويلة المدى بسبب الضغائن التي
يراكمها نظام الاسد مع الشعب ضد بعضه البعض. هذا المشهد ليس فيه أي تدخل
خارجي وممكن أن يستمر من السنة إلى السنتين. المشهد الثاني الداخلي، هو
احداث انقلاب من داخل النظام حماية للبلد وللناس ضد الاسد من ضباط الطائفة
وهذا مستبعد، بسبب التماهي الشديد بينه وبين ضباطه. مشهد آخر داخلي يمكن
أن يحدث بشكل فجائي، هو قتل أو موت بشار أو اخيه ماهر، مما يضعف الحلقة
وتنهار خلال شهر على الارجح.
أما السيناريو الخارجي وتغيراته، وهنا
نعني التدخل، أما بتسليح الجيش الحر وهذا يينهك النظام بسرعة كبيرة. أو
اصدار قرار من مجلس الامن وفرض منطقة عازلة ثم حظر جوي وهذا مرهون
باحتمالين خارجيين: الاول ايران، أي بمعنى ركوب رأسها واغلاق مضيق هرمز
مما سيضطر الغرب مع امريكا بشن هجوم مكثف وقصير لمنشآت ايرانية ، أي بمعنى
حرب ذات مدلول تهديدي وامتحان لقوة ايران وربما هذا محتمل بسبب مغادرة
امريكا العراق. وإذا حصلت هذه الحرب القصيرة النوعية يكون الغرب قد قرر
بشكل فعلي اسقاط النظام السوري كي يضمن تغير بالسياسات واعادة ترتيبها.
أما إذا حدث شكل من أشكال المقايضة على أن تبتعد ايران عن التصنيع النووي
مقابل بقاء النظام السوري. وهذا محتمل، لكنه لن يدم فترة طويلة، لأن إيران
مازالت تشكل تهديد لنفط الخليج، وهذا خط أحمر دفع صدام العراق ثمنه. أظن
وهذه مجرد رؤيا، أن النظام السوري سيتمر إلى 8 اشهر اخرى، والانهيار سيكون
مدوياً، بسبب ارتباط اوراق كثيرة بوجوده.
وأظن أن احتمال اخماد
الثورة، كما يرى النظام مسألة وهمية، لأسباب كثيرة، هي الاستمرار بالقتل
والعنف المفرط وهذا يلغي أي توافق سياسي بينه وبين الثوار، لأن المشكلة
ليست بينه وبين المجلس الوطني أو هئية التنسيق، بل بينه وبين غالبية الشعب
الذين نزلوا إلى الشارع كي يسقطوه أو يستشهدوا والامر الاخر هو الاصرار
على اسقاط النظام وتعدي مرحلة الخوف التي كان قد فرضها النظام لمدة خمسين
سنة. وهنا أذكركم بحرب فيتنام، والعبرة فيها هنا أن الفيتنامي كان يهاجم
الامريكان ويحتمل الجوع والتعب بسبب أنه يحمل قضية سامية هي الدفاع عن
الوطن ودحر العدو أو الشهادة، أما الامريكي يقاتل دون أي من هذه الحوافز.
ولذلك انتصرت فيتنام على أكبر قوة في التاريخ. والان المواطن السوري يفعل
ذات الشيء في اصراره على اسقاط القوى العمياء . وهنا، فإن العسكري ورجل
الأمن ليس عنده إلا أن يقاتل مقابل المال أو الدفاع عن رجل يشكل في ذهنه
قيادة كاذبة.
النظام السوري هو على شاكلة اسرائيل التي لم تتنازل
خلال كل هذه السنين عن أي قطعة أرض، والاسد ايضا لايستطيع أن يعيش إلا
بالقوة والارغام، ولن يتنازل عن أي شيء، لأن في تنازله ، سيشهد انهياره. [/b]