حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

  روسيا المقدسة 1584 - 1645

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد مرزوق
ثـــــــــــــــائر
ثـــــــــــــــائر
avatar


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 55
معدل التفوق : 141
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 26/01/2012

 روسيا المقدسة 1584 - 1645 Empty
19042012
مُساهمة روسيا المقدسة 1584 - 1645

 روسيا المقدسة 1584 - 1645 F78u
روسيا المقدسة 1584 - 1645

الشعب

قال
نادزدين في 1831: "ما عليك إلا أن تلقي نظرة على خريطة العالم ليتولاك
الرعب إزاء قدر روسيا وما قسم لها". وكانت قد وصلت في 1638 إلى المحيط
الهادي عبر سبريا، وإلى بحر قزوين عبر نهر الفولجا، ولم تكن على أية حال،
فقد وصلت بعد إلى البحر الأسود، فقد اقتضى هذا حروباً كثيرة. ولم يجاوز عدد
السكان عشرة ملايين في 1571.وكان يمكن أن توفر الأرض الغذاء لهذه الملايين
في سهولة ويسر، ولولا أن الفلاحة الطائشة المهملة أنهكت المزرعة تلو
الأخرى، فانتقل الفلاحون إلى أرض أقوى وأخصب.

ويبدو
أن هذه النزعة إلى الهجرة أسهمت في نشأة الرقيق. ذلك أن معظم المستأجرين
كانوا يحصلون من النبلاء ملاك الأرض على سلفيات لتنظيف المزرعة وتجهيزها
بالأدوات وإعدادها للزرع. وكانوا يدفعون على هذه القروض نحو 20%، فلما عجز
الكثير منهم عن سداد ما اقترضوا صاروا أرقاء لهؤلاء الملاك. لأن قانونا صدر
في 1497 نص على أن يكون المدين المقصر في الدفع عبداً لدائنه حتى يوفي
الدين.وتفادياً لهذه العبودية هرب بعض الفلاحين إلى معسكرات القوازق في
الجنوب. وحصل بعضهم على حريته بالموافقة على استصلاح أراضي جديدة غير
ممهدة. وبهذه الطريقة استوطنت سيبيريا، وهاجر بعضهم إلى المدن حيث اشتغلوا
ببعض الحرف، أو اشتغلوا في المناجم أو صناعة المعادن أو صناعة الذخيرة، أو
خدموا التجار، أو تجولوا في الشوارع يبيعون السلع. وشكا الملاك من أن هجرة
المستأجرين عن المزارع- دون دفع ديونهم عادة- قد عوقت الإنتاج الزراعي؛
وجعلت من المتعذر على الملاك دفع الضرائب المتزايدة التي تطلبها الدولة.
وفي 1581 وضماناً لاستمرار زرع الأرض؛ حرم إيفان الرهيب على المستأجرين لدى
طبقة الأوبرشنيكي- رجال الإدارة- أن يتركوا المزارع دون موافقة الملاك؛
وعلى الرغم من أن هذه الطبقة كانت تفقد الآن مركزها الممتاز شيئاً فشيئاً.
فقد بقي الرقيق الذي نشأ بهذه الطريقة يعمل في ضياعها. وسرعان ما طلب
النبلاء ورجال الدين الذين تملكوا الجزء الأكبر من أرض روسيا؛ مستأجريهم
بهذا. فكان الفلاحون الروس في الحقيقة؛ إن لم يكن بمقتضى القانون؛ أرقاء
مرتبطين بالأرض.

وكانت
روسيا لا تزال لاصقة بالهمجية. فالسلوك فظ غليظ؛ والنظافة ترف نادر؛
والأمية امتياز طبقي؛ والتعليم بدائي، والأدب في معظمه حوليات رهبانية أو
عظات دينية أو نصوص طقسية، والكتب الخمسمائة التي نشرت في روسيا بين عامي
1613 و1682 كانت كلها تقريباً دينية. ولعبت الموسيقى دوراً هائلاً في الدين
وفي البيت. وكان الفن خادماً للعقيدة الأرثوذكسية، وشادت الهندسة
المعمارية كنائس معقدة زاخرة بأماكن الصلوات والمعابد الصغيرة الملحقة بها.
وبالمباني الناشئة عنها، وبالقباب البصلية الشكل، مثل كنيسة عذراء الدون
في موسكو. وزين فن الرسم جدران الكنائس والأديار بالرسوم الجصية التي حجب
الآن معظمها، أو بالصور الدينية والأيقونات الغنية بالإبداع التصويري لا
المهارة الفنية، كما هو الحال في كنيسة معجزة سان ميكاييل في كراكاو. وفي
1600 لم يعد رسم الأيقونات فناً بل أصبح صناعة تنتج قطعاً متماثلة على نطاق
واسع، للتعبد والتبتل والتقوى داخل البيوت أما الإنتاج الفني البارز في
هذا العصر فهو برج الناقوس الذي يبلغ ارتفاعه مائة متر- وهو برج إيفان فلكي
(جون الأكبر) الذي أقامه أحد المهندسين الألمان في ميدان الكرملين (حوالي
1600) كجزء من برنامج بوريس جودونوف في الأشغال العامة لتخفيف حدة التعطل.

وفي
الكنائس الفخمة المـتألقة بالزخارف الثمينة، المعتمة بالكآبة المتعمدة
والتي تجلب النعاس بالطقوس المهيبة والتراتيل والصلوات الجهورية الرنانة،
طبع رجال الدين الأرثوذكس الناس على التقوى والطاعة والأمل المتواضع. وقل
أن تعاونت عقيدة ما مع الحومة مثل هذا التعاون الوثيق. وضرب القيصر المثل
في التمسك المخلص الصادق بالدين وفي البر بالكنيسة، ولقاء هذا أحاطته
الكنيسة، بدورها، بهالة من القداسة الرهيبة، وجعلت من عرشه حرماً منيعاً لا
تنتهك حرمته، وغرست في الأذهان أن الخضوع له وخدمته واجب يلتزم به الناس
أمام الله. وأسس بوريس جودونوف البطريركية الروسية مستقلة عن القسطنطينية
(1598) ولمدة قرن من الزمان نافس مطران موسكو المقام السامي للقيصر ومكانته
العالية، وفي بعض الأحيان تحدى سلطانه. وفي 1594 عندما أوقد البابا كليمنت
الثامن إلى موسكو، بعثة تقترح اتحاد الكنيسة الأرثوذكسية واللاتينية تحت
زعامة البابا، رفض بوريس الاقتراح قائلاً: "إن موسكو هي الآن رومة ذات
المذهب القديم الحق (الأرثودكسي)". وجعل الجميع يوجهون الدعوات ويقيمون
الصلوات من أجله وهو وحده بوصفه "الحاكم المسيحي على الأرض"(44).


 روسيا المقدسة 1584 - 1645 F78u


بوريس جودونوف 1584 - 1605


 روسيا المقدسة 1584 - 1645 180px-Batukhan


لم
يكن بوريس في الواقع بعد إلا حاكماً فقط. أما القيصر فكان فيودور الأول
إيفانوفتش (1584- 1598)، الابن الهزيل لإيفان الرابع الرهيب وآخر أفراد "آل
روريك" (مؤسس روسيا). وكان فيودور قد شهد موت أخيه الأكبر بضربة شيطانية
من أبيه، فلم يشأ أن يتشبث بإرادته أو يعارض في شيء، وانزوى هرباً من مخاطر
القصر، منصرفاً إلى العبادة والتبتل، وعلى الرغم من أن شعبه لقبه
"بالقديس" فإنه أيقن أنه كانت تعوزه القوة والصلابة ليحكم الرجال. وكان
إيفان الرابع قد عين مجلساً لتوجيه الشاب وتقديم النصح والمشورة له. ولكن
أحد أعضائه، وهو أخو زوجة فيودور- بوريس جودونوف- سيطر وقبض على زمام
الأمور، وأصبح حاكم البلاد.

وكان
إيفان الرابع قد خلف من زوجته السابعة والأخيرة، ابناً آخر، هو ديمتري
إيفانوفتش الذي كان آنذاك (1584) في الثالثة من عمره، ورغبة من المجلس في
أن يجنب الطفل أخطار الدسائس- بخلاف دسائسه هو، أي المجلس- أرسل الطفل وأمه
للإقامة في أوجليبش، على بعد نحو 120 ميلاً إلى الشمال من موسكو. وهناك في
1591 قضى ابن القيصر نحبه بطريقة لم يتم التحقق منها بعد. وتصدت إلى هذه
البلدة لجنة للتحقيق في الحادث، يرأسها الأمير فاسيلي شويسكي أحد أعضاء
المجلس، وجاء تقريرها يقول بأن الصبي قطع حلقومه في نوبة صرع ألمت به. ولكن
أم ديمتري وجهت الاتهام بأنه قتل بأمر من جودونوف. ولكن جريمة بوريس لم
تثبت قط، ولا تزال مثار جدل بين بعض المؤرخين. وأجبرت الأم على الترهب،
ونُفي أقرباؤها من موسكو، وأضيف ديمتري إلى قائمة القديسين الأرثودكس،
وطواه النسيان إلى حين.

وكان
بوريس - مثل ريتشارد الثالث في إنجلترا- أكثر توفيقاً في الحكم أثناء
وصايته على العرش، منه بعد تربعه عليه فيما بعد. وعلى الرغم من أنه كان
ينقصه التعليم الرسمي النظامي، بل ربما كان أمياً، فقد أوتي مقدرة جبارة،
ويبدو أنه بذل جهود مضنية لمواجهة مشاكل الحياة في روسيا. فأصلح الإدارة
الداخلية، وحد من فساد القضاء، وأولى الطبقات الدنيا والوسطى عطفاً ورعاية،
وكلف الأشغال العامة بتهيئة فرص العمل للفقراء من سكان المدن، وخفف من
أعباء الأرقاء والتزاماتهم، وكان- كما يقول أحد كتاب الحوليات المعاصر-
"محبوباً لدى كل الناس". وحظي باحترام الدول الأجنبية وثقتها. ولما مات
القيصر فيودور الأول (1598) طلبت الجمعية الوطنية من جودونوف بالإجماع أن
يتولى العرش. فقبله مع تظاهره بالمعارضة خجلاً من أنه غير جدير به، ولكن
ثمة شبهة بأن عملاءه كانوا قد مهدوا السبيل في الجمعية الوطنية. ونازع
جماعة من النبلاء من الذين كرهوا منه دفاعه عن طبقة العامة.نازعوا في حقه
في اعتلاء العرش. تآمروا على خلعه، فأودع بوريس بعضهم السجن ونفى آخرين،
وأرغم فيودور رومانوف (والد أول قيصر من أسرة رومانوف). على أن يدخل في سلك
الرهبنة. ومات نفر من هذه المجموعة المغلوبة على أمرها. في ظروف مواتية
لبوريس إلى حد اتهامه بتدبير قتلهم. ولما كان يعيش آنذاك في جو من الشك
والفزع. فإنه بث العيون والأرصاد هنا وهناك. وأبعد المشتبه فيهم وصادر
أملاكهم. وأعدم الرجال والنساء. وانهارت شعبيته الأولى. وتركته السنوات
العجاف من (1600- 1604) بغير تأييد ومساندة من الأهالي الذين يتضورون جوعاً
في مواجهة المكائد التي كان يديرها النبلاء في تصميم وعناد.

وثمة
مكيدة أصبحت ذات شهرة في التاريخ، والأدب والموسيقى. ففي 1603 ظهر في
بولندة شاب ادعى أنه ديمتري المفروض أنه مات. والوريث الشرعي لعرش فيودور
إيفانوفتش. واعتبر بوريس الواثق من نفسه، أن هذا الشاب ليس إلا جريشكا
أوتربيف الراهب الذي جرد من ردائه الكهنوتي، والذي كان من قبل في خدمة آل
رومانوف. أما البولنديون الذين كانوا يخشون توسع روسيا، فقد سرهم أن يجدوا
بينهم وفي متناول يدهم، من يطالب بالتاج المسكوفي، وابتهجوا أكثر من ذلك
بزواج "ديمتري" هذا من بنت بولندية، واعتناقه الكاثوليكية. وتغاضى سجسمند
الثالث الذي كان قد وقع لتوه (1602) هدنة مدتها عشرون عاماً مع روسيا، عن
حشد ديمتري لمتطوعين بولنديين. وناصر الجزويت بشدة قضية هذا المدعي. وفي
أكتوبر 1604 عبر ديمتري نهر الدنيير مع أربعة آلاف رجل. فيهم المنفيون
الروس، وجنود مرتزقة ألمان، وفرسان بولنديون. وأيده النبلاء الروس سراً،
ولو أنهم تظاهروا بالحياد. وانضم الفلاحون الآبقين إلى القوات المتقدمة،
ورجب الشعب الجائع الذي طال انتظاره للتعلل بأمل كاذب، بديمتري الجديد،
ورفع لواءه رمزاً للملكية الشرعية والأماني اليائسة. ووسط الهتاف تحرك
الجمهور المتضرع نحو موسكو من الغرب، وانقض من الجنوب القوازق المستعدون
دوماً للنزال. وانقلبت الحركة إلى ثورة.

ولما
رأى بوريس أن هذا بمثابة غزو بولندي، بعث بجيشه إلى الغرب، وهزم فصيلة من
قوات ديمتري، ولكنه لم يدرك البقية. ولم يتلقى جودونوف وهو قابع في قصر
الكرملن إلا أنباء جمهور الرعاع الزاحف المتزايد عدده. والسخط الذي ينتشر،
والأنخاب التي يشربها البويار (النبلاء) حتى في موسكو، في صحة ديمتري الذي
أعلنوا على الشعب أنه ابن القيصر المقدس الذي اختاره الله ليكون قيصراً.
وفجأة، وبعد شكوك وآلام مبرحة معروفة لدى بوشكين وموسور حسكي، ولا يعلم
التاريخ عنها شيئاً- مات بوريس (13 إبريل 1605) وأوصى البطريك بسمانوف
والنبلاء خيراً. ولكن البطريك والنبلاء تحولوا إلى المدعي، وقتل ابن
جودونوف وأرملته، وفي غمرة النشوة الوطنية رحب، بديمتري الزائف، وتوج
قيصراً على روسيا بأسرها.


 روسيا المقدسة 1584 - 1645 F78u


زمن الشدائد 1605 - 1613


لم
يكن القيصر الجديد حاكماً غير صالح، كما هي شيمة الملوك، ولم يكن ذا قوام
يبعث على الرهبة ولا بهي الطلعة، ولكنه كان برغم هذا وذاك قادراً على
امتشاق الحسام وامتطاء الخيل، مثل أي نبيل كريم المحتد. وتحلى القيصر
الجديد برجاحة العقل وسعة الإدراك وفصاحة اللسان وحلاوة الشمائل، وبساطة
غير متكلفة صدمت فواعد السلوك والتشريفات في حياة القصور. وأدهش موظفيه
باهتمامه الجاد بالإدارة، كما أدهش جيشه بتولي تدريبه بنفسه. ولكن تعاليه
على بيئته كان متعمداً واضحاً أكثر مما ينبغي. فأبدى احتقاره صراحة لخشونة
النبلاء وأميتهم وجهلهم، واقترح إرسال أبنائهم لتلقي العلم في الغرب، وسعى
إلى استقدام معلمين أجانب لتأسيس مدارس ثانوية في موسكو. وسخر من العادات
الروسية، وأغفل الطقوس الأرثوذكسية، وأهمل تحية صور القديسين، وتناول طعامه
دون أن ترش مائدته بالماء المقدس، وأكل لحم العجل الذي اعتبرته الطقوس
نجساً. وأخفى- وربما لم يأخذ يوماً بمأخذ الجد- تحوله إلى الكاثوليكية،
ولكنه أحضر إلى موسكو زوجته البولندية الكاثوليكية، يحف بها أخوة فرنسيسكان
وممثل البابا. وكان في بطانته هو نفسه نفر من البولنديين والجزويت، وأنفق
في سخاء من أموال الخزانة، فضاعف رواتب ضباط الجيش، وخصص لأصدقائه الضياع
المصادرة من أسرة جودونوف. ولما كان لا يهوى السكون، كما كان رجلاً عسكرياً
فإنه دبر حملة ضد خان القرم وأعلن الحرب عملياً بإرساله سترة من جلد
الخنزير إلى الحاكم المسلم. وربما كاد أن يخلي موسكو من الجنود تماماً،
بإصداره أوامره إليهم بالتحرك نحو الجنوب، وخشي النبلاء أنه كان يفتح
العاصمة لغزوٍ بولندي.

وبعد
اعتلاء ديمتري عرش روسيا ببضعة أسابيع تآمرت زمرة من النبلاء بزعامة
شويسكي على خلعه. واعترف شويسكي بأنه لم يقر أو يعترف "بالمدعي" إلا لمجرد
التخلص من جودونوف، أما الآن فيجب إبعاد الإدارة التي اصطنعت لهذا الغرض،
وإجلاس نبيل أصيل على العرش. وكشف ديمتري المؤامرة، وأعتقل زعماءها، وبدلاً
من الإسراع بإعدامهم، كما تقضي بذلك التقاليد، منحهم الحق في أن يحاكموا
أمام الجمعية الوطنية التي اختير أعضاؤها لأول مرة من بين جميع الصفوف
والطبقات. فلما أصدرت حكمها على شويسكي وآخرين بالإعدام خفف ديمتري الحكم
إلى النفي، وبعد خمسة أشهر أباح للمنفيين العودة. وكان كثير من الناس
يعتقدون أنه ابن إيفان الرهيب، ولكنهم شعروا الآن- بعد تصرفه على هذا
النحو- أن مثل هذا الاعتدال أو الرفق غير التقليدي يلقي ظلالاً من الشك على
أبوته الملكية. وعاد المتآمرون المعفو عنهم إلى تدبير المؤامرات من جديد.
واشتركت فيها أسرة رومانوف التي احتمى ديمتري بظل الانتساب إليها. وفي 17
مايو 1606 اقتحم شويسكي الكرملن بأتباعه المسلحين. ودافع ديمتري عن نفسه
دفاعاً مجيداً، وقتل بيده كثيراً من مهاجميه، ولكنه في النهاية غلب على
أمره وذبح. وعرضت جثته في ساحة الإعدام، وألقى على وجهه قناع حقير، ووضع في
فمه مزمار، ثم بعد ذلك أحرقت الجثة، وأطلق عليها مدفع حتى تذرو الرياح
رمادها فلا تبعث من جديد بعد الآن.

ونادى
النبلاء المنتصرون بشويسكي قيصراً تحت اسم فاسيلي الرابع: وآلى على نفسه
ألا يعدم أحداً ولا يصادر أملاكاً، دون موافقة "الدوما" (مجلس النبلاء).
وأقسم في كاتدرائية أوسبنسكي أغلظ الإيمان بأنه "لن يلحق بأي إنسان أذى دون
موافقة المجلس "أي الجمعية العمومية التي تضم كل الطبقات". وغالباً ما
انتهكت هذه الضمانات، ولكنها كانت على أية حال خطوة تاريخية على طريق تطوير
الحكومة في روسيا.

وأخفقوا
في تهدئة تلك العناصر الكبيرة من السكان التي تولاها الحزن والأسى لخلع
ديمتري. فاندلعت ثورة في الشمال، ونصب زعيماً لها "ديمتري" زائف آخر، أمده
سجسمند الثالث ملك بولندة بعون غير رسمي. فالتمس شويسكي العون من شارل
التاسع ملك السويد، عدو سجسمند، وأرسل شارل قوة سويدية إلى روسيا، فأعلن
سجسمند الحرب عليها، واستولى قائده زلكوسكي على موسكو، وخلع شويسكي (1610)
وحمل إلى وارسو حيث أرغم على الترهب في أحد الأديار. واتفقت زمرة من
النبلاء على الاعتراف بلادلاس- ابن سجسمند، البالغ من العمر أربعة عشر
عاماً قيصراً على روسيا، شريطة المحافظة على استقلال الكنيسة الأرثوذكسية،
ومساعدة الجيش البولندي للنبلاء في إخماد الثورة الاجتماعية التي كانت تهدد
الحكومة الأرستقراطية في روسيا.

وكانت
الثورة في بداية أمرها استنكاراً دينياً ووطنياً لتنصيب قيصر بولندي، ومنع
هرموجنس بطريك الأرثوذكسية الشعب من حلف يمين الولاء لملك كاثوليكي. وقبض
البولنديين عليه، وسرعان ما قضى نحبه في سجنه، ولكن نداءه جعل من المتعذر
على لادسلاس أن يحكم البلاد. ودعا الزعماء الدينيون الشعب إلى طرد
البولنديين بوصفهم كاثوليك مهرطقين. وبدا أن الحكومة نهار، وعمت الفوضى
روسيا. واستولى الجيش السويدي على نوفجورود واقترح أن يتولى عرش روسيا أمير
سويدي. ورفض الاعتراف بلادسلاس الفلاحين في الشمال والجنوب، والقوازق في
الجنوب، وأقاموا حكماً خاصاً بهم في المقاطعات. وأعملت عصابات قطاع الطرق
السلب والنهب في القرى والمدن، ونكلت بكل من يقاوم، وتعطلت الزراعة ونقص
إنتاج الأغذية، واختلت وسائل النقل، وعمت المجاعة، واضطر السكان في بعض
الأقسام إلى أكل لحوم البشر. ودخل جمهور ثائر موسكو، وفي غمرة الفوضى
والشغب أشعل الحريق فأتت النار على معظم المدينة (9 مارس 1611) وتقهقرت
الحامية البولندية إلى الكرملن، ترقب عبثاً قدوم سجسمند لنجدتها.




 روسيا المقدسة 1584 - 1645 87964674
كوزما مينين يناشد سكان نژني نوڤگورود ليشكلوا جيش من المتطوعين لصد الغزاة البولنديين


وفي
نژني نوڤگورود نظم قصاب يدعى كوزما مينين، جيشاً ثورياً آخر؛ يحدوه
الإخلاص للأرثوذكسية، ودعا كل أسرة إلى التنازل عن ثلث ما تملك لتمويل
الهجوم على العاصمة. وتم هذا بالفعل، ولكن الناس لن ينقادوا إلى زعيم غير
ذي لقب. فدعا منين الأمير ديمتري بوجاركسي ليتولى القيادة، فقبل المهمة،
وانطلق رجال الجيش الجديد إلى موسكو صائمين ضارعين، وما أن وصلوا حتى
حاصروا الحامية البولندية في الكرملن، وصمدت الحامية إلى حد أنهم أكلوا
الفئران ولحم البشر، وكانوا يغلون المخطوطات اليونانية ليحظوا على المرق،
ثم استسلموا وفروا (22 أكتوبر 1613) وظلت ذكرى هذا العام حية عزيزة في
أذهان الروس، على أنه عام التحرير، وعندما أجلي الفرنسيون بعد ذلك بقرنين
من الزمان، عن موسكو التي جللها رماد الحريق مرة ثانية، أقام الروس
المنتصرون نصباً تذكارياً لمنين وبوجارسكي، الجزار والأمير اللذين ضربا
لهما أروع مثل للبطولة في 1612.

ودعا
بوجارسكي والأمير ديمتري تروبتسكوي ممثلين علمانيين ودينيين عن كل أجزاء
الإمبراطورية إلى مجلس لانتخاب ملك جديد. واستخدمت مختلف الأسرات نفوذها
بطريقة خفيفة لتحقيق أغراض خاصة، ولكن كانت الغلبة آخر الأمر لأسرة
رومانوف، واختار المجلس ميخائيل الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر
آنذاك، وفي 21 فبراير 1613 نادى به قيصراً سكان موسكو الذين يمكن تجميعهم
وتوجيههم بسرعة. وبعد أن أنقذ الشعب الدولة، نسب الفضل في ذلك، تواضعاً إلى
النبلاء.

وقضت
الحكومة الجديدة على الخلل الاجتماعي والثورة، وثبتت دعائم الرق وتوسعت
فيه وهدأت من روع السويد بالتخلي عن انجريا، ووقعت مع بولندة هدنة مدتها
أربعة عشر عاماً، وفكت الهدنة أسر فيودور رومانوف، والد ميخائيل، الذي طال
أمد أسره. وكان بوريس قد أرغمه على الترهب، وأطلق عليه اسم الراهب فيلات.
وعينه ابنه ميخائيل بطريريك موسكو، ورحب به مستشار له وبلغ من القوة
والنفوذ حداً أطلق معه الشعب عليه اسم "القيصر الثاني". وتحت الحكم المزدوج
الذي شارك فيه الوالد والولد وبرغم المزيد من الثورات والحروب؛ حققت روسيا
يعد جيل من الفوضى، سلاماً مزعزعاً مقروناً بالسخط والاستياء. أن زمن
الشدائد والمتاعب الذي بدأ بموت بوريس، اختتم باعتلاء ديمتري العرش، وهذا
بدوره كان ابتداء عهد أسرة رومانوف التي قدر لها أن تحكم روسيا حتى عام
1917.


 روسيا المقدسة 1584 - 1645 F78u
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

روسيا المقدسة 1584 - 1645 :: تعاليق

avatar
رد: روسيا المقدسة 1584 - 1645
مُساهمة الأحد أبريل 22, 2012 11:15 pm من طرف نبيل الحميري
الاح احمد خيار موفق
شكرا لك
 

روسيا المقدسة 1584 - 1645

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المدونات العامة-
انتقل الى: