+6 (8 اصوات)
A.ALH
—
في
الحقيقة إن التاريخ الفعلي لبداية الثورة السورية هو محل تساؤل و سيبقى
كذلك لفترة طويلة، فهذا الشرف العظيم الذي يريد الجميع أن ينسبه إلى نفسه
يستحق ذلك، فليس بعد هذا الفخر فخر و ليس عقب هذه الشجاعة شجاعة أخرى
تدانيها، و يحق لكل من يظن في أفعاله الأثر الكبير لإيقاد الثورة أن يدافع
عن حقه في نسبة هذا الفعل إلى نفسه.
سيجادل الكثيرون أن بداية الثورة
السورية كانت مع الصفعة التي تلقاها الشاب التونسي في بو زيد و أن تسلسل
الأحداث الذي انطلق تالياً هو وليد هذه الصفعة.
كما سيجادل الكثيرون
أن بداية الثورة السورية كان مع الدعوات المتلاحقة التي ملأت الفيس بوك مع
بدايات آذار، و ما تلاها من تجمعات في مناطق متفرقة من دمشق و يحددون
الخامس عشر من آذار تاريخاً لذلك.
و سيجادل البعض حتى أن بذور هذه الثورة قد كانت مع الانتفاضة الشعبية التي تزعمها الإخوان المسلمون في مطلع الثمانينات الميلادية.
و
سيتفق أغلب الثوار على الأرض و خصوصاً في درعا و حمص و ادلب أن الثامن عشر
من آذار هو التاريخ الحقيقي لانطلاق الثورة، كما أن درعا هي المهد و
المنطلق لهذه الثورة .
و طبعاً لكلٍ من أصحاب الآراء الواردة أعلاه
الحجة و المنطق للدفاع عن رأيه و التمسك بموقفه، و يمكن اعتبار هذه الآراء
تملك ما يكفي من الأسباب الصحيحة لإعلاء هذا المنطق، و لكنني فيما يلي
سأقدم رأياً مخالفاً لرأي الأغلبية و يحمل من الأصالة و المنطق ما يكفي
لكي أعبر عنه.
إن الثورة كانطلاقة و
بداية لا تعني إطلاقا تجمع لعددٍ من الأفراد و تحديهم للنظام القائم
بوسائل مختلفة، فهذا الأمر كان يحصل باستمرار و لكنه كان ينتهي غالباً
بسرعة و دون عواقب، و ابلغ مثال الانتفاضة الكردية عام 2004، ولكن الثورة
كانطلاقة و بداية هو انتشار الوعي الشعبي العام لدى فئات واسعة من المجتمع
التي اعتادت على الابتعاد عن أي نشاط سياسي أو عام لتصبح حاملة و مستعدة
للفعل السياسي و الاهتمام بالشأن العام، أي الانتقال إلى بداية التنظيم
الاجتماعي الذي يملك القدرة على الفعل و الاستمرار في الفعل .
بالنسبة
للثورة السورية فالدعوات التي أطلقت عبر صفحات التواصل الاجتماعي و ما
تلاها من تجمعات لا تمثل بالتأكيد الوعي الجماهيري لدى أبناء المنطقة
المعنية بضرورة الثورة.
و حتى في حالة مدينة درعا فيمكن اعتبار
التاريخ الذي تبناه ثوار درعا 18/03/2011 كتباشير لبداية الثورة ، و لكن
الحقيقة و استناداً إلى القناعة بتعريف انتشار الوعي الشعبي و الاستعداد
للعمل و الاستمرار بناءً على القناعة بضرورة الوقوف بوجه النظام، فالتاريخ
الحقيقي لبداية الثورة هو يوم الأربعاء 23/03/2011.
لكن
لماذا هذا اليوم بالذات، لمن نسي فهذا اليوم هو اليوم الذي هبَت فيه قرى
درعا للوقوف إلى جانب درعا البلد، و هو اليوم الذي شهد المجزرة الأولى في
الثورة السورية، في هذا اليوم كان التجلي العظيم لفكرة المصير الواحد، و
كان ما سبقه هو الفجر أما بزوغ شمس الثورة الفعلي و السطوع لهذه الشمس
فكان يوم الأربعاء 23/03/2011
و ختاماً يبقى آذار هو بداية ربيع الثورة و تبقى درعا المهد لهذه الثورة العظيمة و التي غدت سوريا كلها ساحةً لها.
بوركتم و طبتم عسى أن يورثكم الله الأرض انه عزيز حكيم .
الأحد مارس 18, 2012 8:10 pm من طرف gimi5