علي النقاش ثـــــــــــــــائر
الجنس : عدد المساهمات : 48 معدل التفوق : 116 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 12/03/2012
| | أزمـــة الرأسمالية العالميـــة | |
يعرض الدكتور محمد احمد النابلسي هذا الكتاب للمضارب شوروش وهو يناقش أزمة النظام الرأسمالي الأميركي. ومن المنصوح بعد قراءتها مراجعة دراسة الدكتور النابلسي المعنونة: رؤية مستقبلية لمشروع الشرق الأوسط الكبير إضغط هنا تجدر الإشارة الى أن هذه المقالة تعرضت لسرقات وإنتحالات عديدة للأسف. هو عنوان كتاب المضارب جورج شوروش. وهو لمن لايعرفه يهودي هنغاري(لذلك يلفظ اسمه شوروش وليس سوروس كما هو شائع) اميركي الجنسية. وهو الذي ضارب على الجنيه الاسترليني عام 1992 فكسب من الحكومة البريطانية ملياري دولار. وكان كلينتون يعتبر شوروش ثروة اميركية قومية. بل انه كان يستعين به في العمليات الاقتصادية السوداء. وفي عودة للكتاب موضوع حديثنا نرى ان قراءته التحليلية تسمح لنا بتقسيمه الى قسمين رئيسين. الاول عبارة عن سرد نظري-استعراضي هدفه تعظيم الذات و الدفاع عنها في وجه تهم من نوع "المجرم المالي العالمي" وهي تهمة غير مدرجة لغاية اليوم. الا انها في طريقها للاعتماد بوجود اشخاص على غرار شوروش مستعدين لدفع شعوب بكملها نحو الافلاس. عن طريق استغلال قوانين غامضة وغير مستقرة بحيث يسهل التحايل عليها. ويكفينا للدلالة على ذلك اعترافه بالتسبب في ازمة النمور الآسيوية. التي ادت لضرب اقتصاديات هذه الدول واصابتها بالافلاس. اما القسم الثاني فهو يمثل رؤية استراتيجية متينة البنية للاقتصاد العالمي ولثغرات النظام الرأسمالي. وهو يتضمن العديد من المفاجآت غير المتظرة. وكذلك العديد من التحذيرات فائقة الجرأة والصراحة. ويهمنا ان نتوقف تحديدا عند الانتقادات الشوروشية التالية للراسمالية: 1. ان النظام الراسمالي غير قابل للعولمة بسبب معاناته من جملة امراض مزمنة اضيفت اليها فيروسات جديدة قد يكون الشفاء منها صعبا. وهو بذلك ينفي رد فشل العولمة في العديد من الدول الى الفساد المستشري فيها. 2. اذا كانت الشركات العملاقة هي عماد العولمة فهي قد تحولت الى مجرد لاعب صغير في الاقتصاد العالمي. وذلك بالمقارنة مع البيوتات المالية الضخمة ومع صناديق الاستثمار. مما حول السلطة المركزية الى مؤسسات التقويم المالي العالمي. مثل مؤسسة مودي ومؤسسة ستاندرد اند بورز . وهي مؤسسات ترفع من تشاء وتدفه بمن تشاء من الشركات الى الانهيار. وهو يرى ان اشراف الدول على هذه المؤسسات يخدم المصالح السياسية على حساب الاقتصاد العالمي. 3. قصور مقررات مؤتمر بازل (1988) التي اثبتت عجزها عن ضبط التدفقات المالية الضخمة على الدول المتعولمة حديثا. مما يزيد احتمالات وقوع اقتصاداتها ضحية للفراغ الناجم عن عدم انتظام الاقراض/الائتمان. هكذا وعبر هذه النقاط الثلاث يعلن شوروش لاجدوى العولمة. بل هو يجعل منها خطرا داهما على اقتصادات الدول المتعولمة. حتى انه يؤكد في كتابه ان نجاة الصين من الازمة الآسيوية تعود الى تحفظها تجاه ادخال عملتها في سوق التداول العالمية. وبمراجعة مؤتمر سياتل الفاشل يتبين لنا ان دولا عديدة،من بينها الولايات المتحدة نفسها، بدأت باعتماد نصائح شوروش ورؤيته. فماذا عن الادارة الاميركية الجديدة؟. ان معرفة موقف ادارة بوش من آراء شوروش يحسن من قدرات التوقع للمحلل الاقتصادي المتابع لمحاولات بوش الاصلاحية. واذا كانت هذه المعرفة تنتظر الخطوات المقبلة لهذه الادارة (وهي قد تستغرق وقتا لاباس به) فانه بالامكان معرفة مدى احترام هذه الخطوات لتوصيات شوروش وهي التالية: 1. الطابع الايديولوجي-الاصولي للسوق: ويستدل عليه شوروش من الموقف من ماليزيا التي تركت لتواجه مصيرها بسبب هذه الاصولية. ويرى شوروش ان تجربة ماليزيا ستدفع بدول كثيرة الى ضبط التدفقات المالية -الخروج من العولمة- (وهذا ما حصل فعلا). كما انه يرى في هذه المواقف مخالفة صريحة للمنطق. اذ انطلقت العولمة من الاعتقاد بنهاية الايديولوجيات وتخطي الاصوليات لتعود فتسلك سلوكا ايديولوجيا- اصوليا!. 2. ان ضبط وتقليص التدفقات المالية الى بعض الدول يستتبع التراجع، الى درجة الانهيار، لنظام التجارة الحرة. خصوصا لجهة تبادل السلع والخدمات . مما يعني وصول النظام المعولم الى مرحلة التحلل الكارثي. 3. ضرورة اصلاح المؤسسات المالية العالمية. وفي طليعتها صندوق النقد الدولي. فهذه المؤسسات متأثرة باصولية السوق وايديولوجيتها. مما يفقدها مرونتها وقدرتها على قراءة واقع الدول المقترضة وخصوصياتها المحلية. ناهيك عن استعاضة بعض المسؤولين عن هذه المرونة بمجاملات للمسؤولين المحليين مما يشوه واقعية تقارير هذه المؤسسات ويفقدها موضوعيتها. بل ان اعتماد هذه التقارير مستقبلا قد يتحول الى كارثة. 4. الضرورة الحيوية لايجاد آلية للتدخل في السوق لحمايتها من المضاربين و وقايتها من الهزات المالية العنيفة. فاذا ما حاولنا قراءة موقف الادارة الاميركية الجديدة على ضوء معطيات شوروش وانتقاداته فان هذه المحاولة تقتضي الاستنارة بمواقف بوش الأب (الذي لايزال مؤثرا وفريقه بقوة) وبالمواقف الجمهورية عموما. وهنا نقع على تناقضات عميقة في فهم كل من جمهوريي اميركا و ديموقراطييها للنظام العالمي الجديد. فالجمهوريون يسعون لارساء توازن واستقرار اقتصادي عبر تدعيم القدرات الاميركية. اذ يقلصون النفقات بدلا من البحث عن موارد جديدة للانفاق. ويسعون لتامين مصالح اميركا بتحالفات مدروسة بدلا من المغامرات المحدودة. ويعملون على تدعيم قوة التأثير الاميركي على مختلف الصعد بدلا من اجبار الاصدقاء على تقديم الخدمات. وبذلك فهم يسعون للحصول على حاجاتهم بالقوة وليس بالطلب. على هذا الاساس نستطيع قراءة ملاحظات شوروش وترجمتها في سياسة الادارة الاميركية المقبلة على النحو الآتي: · تطوير القدرات التكنولوجية العسكرية الاميركية لتكريس زعامة الولايات المتحدة للنظام العالمي الجديد. بعيدا عن اية مخاوف من اي مصدر اتت. · تكريس العلاقات الاميركية في الاتجاه الذي يخدم مصالحها حتى ولو ادى ذلك الى تغييرات استراتيجية واسعة النطاق. · التخلص من الوسطاء الاقتصاديين والسياسيين والاستراتيجيين. بما يعني رفض استقلاليتهم وشراكتهم وتحويلهم الى التبعية المباشرة للولايات المتحدة. مع تصنيف رافضي هذه التبعية في خانة المارقين. · يبقى النفط السلعة السياسية-الاستراتيجية الاهم في المستقبل المنظور. وعلى الادارة الجديدة تثبيت هيمنتها وسيطرتها على هذه السلعة وعلى اسعارها. لان هذه السيطرة تشكل صمام الامان الاكيد للاقتصاد الاميركي. لذا فهي تستأهل الجهود وتغيير بعض اساسيات السياسة الاميركية بعيدا عن الايديولوجيا والاصولية. · ترك الشركات العملاقة والمؤسسات المالية والدول المتعولمة كي تواجه مصيرها بعيدا عن اية تضحيات اميركية في هذا المجال. · السعي لتعميق العلاقات مع الصين تجنبا للصدام معها في قضايا اساسية محرجة بالنسبة للولايات المتحدة. وايضا انطلاقا من استراتيجية نيكسون الجمهوري الذي يصر على اعتبار الصين لاعبا مستقبليا هاما واجب الاستيعاب عبر علاقات خاصة. | |
|