)
وصل الباص إلى حمص، على مشارفها ظهرت لافتة ضخمة كتب عليها (حمص عاصمة الثورة ترحب بكم)
تقدم الباص وقلوبنا خاشعة وكأنها في الحرم، حتى وصل إلى (دوار أبو موزي)
لم يكن هناك من صنم بل لاحظنا وجود نصب على شكل موزة أو هلال ضخم تخرج منه
أنوار وأشعة مبهجة ترمز لنور الحرية، دققنا في الهلال، كان يحتوي على
أسماء متراصة كتبت بأحرف حمراء لآلاف الشهداء كل حسب حيه أو بلدته.
تابعنا السير، وعند مفترق الطرق عند التربية ظهر بوضوح سهم أرجواني يشير إلى بابا عمرو،
انعطف الباص باتجاه السهم وتابع سيره ، في الأسبوع الماضي زرنا القنيطرة وشاهدنا ما حل بها من خراب،واليوم نزور بابا عمرو.
عند مشارف الحي وجدنا لافتة كتب عليها (أرض البطولات بابا عمرو ترحب بكم )
استقبلنا الدليل ودخل معنا إلى الحي وبدأ بالشرح: تأملوا معي هنا. هذه
الأراض السوداء كانت مزارع خضراء كالجنة حرقها المجرمون بما فيها من ماشية
فأصبحت رمادا
هذه الأحجار الحمراء صبغت بدم عائلة كاملة ذبحت مع
أطفالها، لاحظوا هذ المكان، منه كان الشبيحة والضباط يحملون المسروقات
التي بقيت سليمة.
يا الله ماهذا؟!
الدليل :هنا كان يوجد شارع عامر يغص بالحركة قصفوه بالقذائف على من فيه فإصبح أثرا وتلالا من الأنقاض ضخمة كالجبال.
وهذا الشارع أيضا، وذاك، انظروا هنا هذا ليس من مخلفات القنبلة الذرية على
هوروشيما إنه في سوريا بيد عصابة متوحشة (ويا للعار) كانت تحكمها.
تعالوا إلى هذه الساح، لا تظنوها مصبوغة بأصبغة صناعية ،إنه دم الأحرار
والفتية الذين أعدموا هنا لقد أخرج الطغاة كل فتى وأعدموه لا لشيء إلا
لأنهم وجدوه في الحي ،وما دام في الحي فهو من محبي الحرية وكارهي الطاغية.
أما هنا فقد كان يوجد مدرسة استخدموها للتعذيب والاعتقالات ثم دمروها
،وهذا ركام مسجد ،انظروا رأس المئذنة التي تبرز من الأنقاض ،هذا المنظر لم
يصطنع من أجل فيلم للرعب أو لفيلم نهاية العالم ،بل هو حقيقة كما أراكم
وتروني.
أحد الموجودين: لا أصدق عيني ،الدمار هنا أكثر ولا يقارن بدمار القنيطرة
الدليل: بالإضافة إلى الفرق في شدة التدمير فهناك ملاحظات:
- بابا عمرو ـ يا أصدقائي ـ دمرت فوق أصحابها ، أما القنيطرة التي زرتموها فقد دمرت وهي خالية.
- بابا عمرو دمرها جيش يفترض أنه حامي الوطن لأن سلاحه ورواتبه دفعناها
وتحملنا شظف العيش لبناءه كي يذود عنا عند الحاجة، أما القنيطرة فدمرها
العدو
- بابا عمرو لم يرتو المجرمون من التدمير فوق رؤوس أصحابها بل
أعدموا من بقي منهم حيا ،ولكن في القنيطرة لم تجر إعدامات واغتصابات،لم
تكن هناك دماء صبغت الأرض والجدران ،لم يكن هناك رقص على الجثث.
أصدقائي إذا نسيتم جرائم اليهود والتتار فلا تنسوا جرائم هؤلاء الوحوش.