الجنس : عدد المساهمات : 73 معدل التفوق : 185 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 26/02/2012
04052017
لغز ظاهرة الديجا فو: الآن نفهمها
تشعر وكأنك قد قرأت هذا من قبل؟ معظمنا قد شهد الألفة الغريبة لظاهرة الديجا فو Déjà vu، أو ما يعرف باسم ظاهرة "رؤي من قبل". أما الآن، فقد كشفت مسوح الدماغ الأولى لهذه الظاهرة كيف تكون الديجا فو دليلًا على أن دماغنا يفحص ذاكرته.
كان يعتقد سابقًا أن ظاهرة الديجا فو ناتجة عن صنع الدماغ لذكرياتٍ خاطئة (أي أنه يختلق ذكرياتٍ كاذبة)، ولكن البحث الذي قام به أكيرا أوكونور Akira O'Connor وفريقه في جامعة سينت أندروز في المملكة المتحدة، يشير إلى أن هذا غير صحيح.
بقيت آلية عمل ظاهرة الديجا فو لغزًا لفترةٍ طويلة، ويرجع ذلك جزئيًا لطبيعتها العابرة وغير المتوقعة، والتي تجعل من الصعب دراستها. وضع أوكونور وزملاؤه -بهدف تجاوز الصعوبة السابقة- وسيلةً لتحريض إحساس الديجا فو في المختبر.
تستخدم تقنية الفريق طريقةً موحدةً لتحريض ذكرياتٍ كاذبة، وتنطوي على سرد قائمةٍ من الكلمات التي توجد بينها صلة ما أمام الشخص -مثل سرير ووسادة وليلة وحلم- ولكن بدون قول الكلمة الرئيسة التي تربط بينها، وهي في هذه الحالة النوم. عندما سئل الأشخاص في وقتٍ لاحقٍ عن الكلمات التي سمعوها، فإنهم مالوا إلى الاعتقاد أنهم سمعوا أيضًا "النوم" وهي هنا ذاكرة كاذبة.
لخلق شعور الديجا فو، سأل فريق أوكونور الأشخاص أولًا فيما إذا كانوا قد سمعوا أي كلمة تبدأ بالحرف "ن". وأجاب المتطوعون أنهم لم يسمعوا ذلك.
وهذا يعني أنهم عندما سُئلوا في وقتٍ لاحقٍ إذا كانوا قد سمعوا كلمة "نوم"، كانوا قادرين على تذكر أنهم لا يمكن أن يكونوا قد سمعوها (كونهم لم يسمعوا كلمة تبدأ بحرف النون)، ولكن في الوقت نفسه، شعروا أن الكلمة مألوفة. وهنا يعلق أوكونور: "لقد أخبرونا عندها أنهم قد مروا بتجربة الديجا فو".
التعارض في الدماغ [size] استخدم فريقه الرنين المغناطيسي الوظيفي لمسح أدمغة 21 متطوعًا أثناء مرورهم بظاهرة الديجا فو. ومن المنطقي أن نتوقع أن تكون مناطق الدماغ التي لها دور في الذكريات -مثل الحصين- نشطةً خلال هذه الظاهرة، ولكن الأمر لم يكن كذلك. إذ وجد فريق أوكونور أن المناطق الجبهية من الدماغ التي تشارك في صنع القرار كانت نشطةً بدلًا من تلك المشاركة في الذاكرة.
قدم أوكونور هذه النتائج في المؤتمر الدولي للذاكرة في بودابست في المجر. كما يعتقد أوكونور أن تَفَحُّص الذاكرة هو على الأغلب أحد وظائف المناطق الجبهية من الدماغ، وأنها ترسل إشاراتٍ عندما يكون هناك خطأ ما في الذاكرة، كأن يكون هناك تعارض بين ما مررنا به في الواقع وبين ما نعتقد أننا قد مررنا به.
ويقول ستيفان كولر في جامعة أونتاريو الغربية في كندا: "تشير الدراسة إلى وجود نوع من (التعارض في التمييز) conflict resolution في الدماغ خلال ظاهرة الديجا فو".
دماغ سليم [/size] [size] وإذا تأكدت هذه النتائج، فإنها تشير إلى أن ظاهرة الديجا فو، هي علامة على أن نظام فحص الذاكرة في الدماغ يعمل بشكلٍ جيد، وأنك أقل عرضةً للتذكر الخاطئ للأحداث.
من شأن ذلك أن يتوافق مع ما نعرفه بالفعل عن آثار التقدم بالسن على الذاكرة، حيث إن الديجا فو أكثر شيوعًا في الشباب، وتخف تدريجيًا في سن الشيخوخة عندما تتدهور الذاكرة. ويعقب أوكونور: "من المحتمل أن يكون نظام التحقق العام في تراجع، وهذا يعني أنك أقل عرضةً لملاحظة أخطاء الذاكرة".
ويقول كريستوفر مولان Christopher Moulin من جامعة بيير منديز-فرنسا في غرينوبل، إن النتائج لا تبشر بالخير بالنسبة للأشخاص الذين لا يمرون بظاهرة الديجا فو على الإطلاق، ويعقب: "لا أقصد أن أكون فظًا، ولكن هؤلاء الأشخاص عندما يقومون بالتذكر، فإنهم لا يُعمِلون نظام التحقق بشكل فعال".
ويستدرك أوكونور موضحًا أن الناس الذين لا يمرون بظاهرة الديجا فو، قد تكون أنظمة الذاكرة لديهم أفضل من غيرهم أصلًا، ذلك أن ذاكرتهم لا ترتكب الأخطاء، ما يعني أنه لا يوجد ما يحفز ظهور ظاهرة الديجا فو.
ما زلنا لا نعرف فيما إذا كانت هذه الظاهرة مفيدة، ويقول كولر: "يمكن أن تكون ظاهرة الديجا فو تجعل الناس حذرين، كي لا يثقوا بذاكرتهم كثيرًا. لكننا لا نملك أي دليل على ذلك حتى الآن". [/size]