ستخدم بكسلات أكثر، وتستهلك طاقة أقل.
ابتكر العلماء نوعًا جديدًا من الكريستال السائل (liquid crystal) سيمكّن الشركات المصنّعة لأجهزة التلفاز والكمبيوتر وضع ثلاثة أضعاف عدد البكسلات في نفس المساحة من الشاشة، وفي نفس الوقت يقلل كمية الطاقة المطلوبة لتشغيل الجهاز.
إن هذا النوع الجديد من الكريستال السائل أزرق الطّور (blue-phase liquid crystal) فعّال جدًا لأنّه يتجاوز مرشحات الألوان المستخدمة في تقنية صناعة الشاشات الحالية. إنَّ هذا التغيير وحده يُقلّل مقدار الطاقة المفقودة أثناء نقل الضوء بنسبة تزيد عن 40%.
وقال الفيزيائي شين- تسون وو Shin-Tson Wu من جامعة سنترال فلوريدا University of Central Florida، وهو أحد أعضاء الفريق: "الكثافة النقطية لشاشات عرض ريتينا من أبل Apple Retina تبلغ حوالي 5000 بكسل لكل بوصة".
كريستالات سائلة حقوق الصورة: Martelj/Wikimedia
وتابع: "يمكن بواسطة التكنولوجيا الجديدة خاصتنا الحصول على كثافة نقطية تبلغ 1500 بكسل لكل بوصة من شاشة بذات الحجم. وهذا أمر مثير خاصة لنظارات الواقع الافتراضي (VR) أو لتقنية الواقع المعزز، حيث يجب الحصول على دقة عالية في شاشة صغيرة لتكون شديدة الوضوح عند وضعها بالقرب من أعيننا".
في شاشات LCD اليوم، يتم تنظيم إضاءة الخلفية LED البيضاء بطبقة رقيقة من الكريستال السائل الخيطي (nematic liquid crystal)، الذي يعتمد التفافه أو عدم التفافه على مقدار الفولتية التي يتعرض لها.
توفر الترانزستورات بالغة الصغر ما يكفي من الفولتية لنقل إضاءة الخلفية LED عبر كل بكسل في الشاشة، ويتم تطبيق مرشحات الألوان لإنتاج بكسلات حمراء، وخضراء، وزرقاء.
لكن الكريستال السائل بالطور الأزرق الجديد، الذي يستند على تكنولوجيا LCD القديمة التي ظهرت منذ عشر سنوات تقريبًا، سيُنهي عمل مرشحات الألوان هذه بسبب سرعة تحكمه بتغيّر الألوان.
وفقًا لوو وفريقه، يمكن أن يتغير الكريستال السائل بالطور الأزرق بشكل أسرع بـِ 10 مرات من النوع الخيطي، أي يمكن بأقل من ميلي ثانية، إرسال كل لون LED من خلال "بكسلات فرعية" من الكريستال في أوقات مختلفة.
ولأن البكسل الفرعي الواحد يمكن أن يُنتج الألوان الثلاثة جميعها في أي لحظة، فهذا يعني أنَّ من خلال هذه التكنولوجيا يمكن وضع ثلاثة أضعاف عدد البكسل في نفس الحيز مقارنة بشاشات عرض الكريستال السائل الخيطي.
وشرح وو الأمر قائلًا: "مع مرشحات الألوان، يتم إنتاج الضوء الأحمر والأخضر والأزرق جميعًا في الوقت نفسه"
وأضاف: "لكن بواسطة الكريستال السائل بالطور الأزرق، يمكننا استخدام بكسل فرعي واحد لإنتاج جميع الألوان الثلاثة، ولكن في أوقات مختلفة. وهذا يحوّل المساحة إلى وقت، فهي تركيبة توفر ثلثي المساحة، الأمر الذي يضاعف ثلاث مرات الكثافة النقطية."
ولا تزال هذه التكنولوجيا في مرحلة "إثبات صحة مفهومها"، ولكن إذا كان بالإمكان دمجها في شاشات التلفاز والكمبيوتر، فإنها لن تضيف ثلاثة أضعاف عدد البكسل في نفس المساحة من الشاشة فحسب، وإنما سيتم توفير الطاقة أيضًا، وذلك لعدم وجود أي مرشحات ألوان تُبطيء العملية وتؤدي إلى التداخل في نقل الضوء.
وأفاد الباحثون أن مرشحات الألوان يمكن أن تحد من نفاذية الضوء- كمية الضوء التي تمتصها المادة- إلى حوالي 30%، وهذا يعني 30% فقط من الإضاءة الخلفية LED يتم امتصاصها في شاشاتنا في أي لحظة.
إن الكريستال السائل الجديد، من ناحية أخرى، يمكنه حسب ما أفادت التقارير أن يحقق نفاذية للضوء بنسبة 74%، مع فولتية تشغيلية تبلغ 15 فولت لكل بكسل.
ويقول الفريق، بالإشارة إلى شاشة عرض الكريستال السائل أزرق الطور الخاصة بهم على أنها شاشة عرض لون متتابع المجال، وإنَّ هذه الظروف المحيطة تجعل تطوير المنتج أمرًا عمليًا، وهم يعملون مع الشركات المُصنِّعة لجعل النموذج متوفر في العام المُقبل أو نحو ذلك.
إذا حققت هذه التكنولوجيا وعدها - وهو أمل كبير عندما يتعلق الأمر بتحويل " إثبات صحة مفهوم" مثل هذا إلى شيء قابل للبيع- يمكننا أن نتوقع دقة عالية على نحو لا يُصدق، وهو أمر بأمس الحاجة له مطوروا VR.
ولكن دعونا لا نُعلّي سقف آمالنا حتى نرى هذه الأمور في الأسواق. وقال يوغ هوانع Yuge Huange، أحد أعضاء الفريق: "يمكن استخدام شاشات اللون متتابع المجال (Field-sequential colour displays) للحصول على البكسلات الأصغر اللازمة لزيادة الكثافة النقطية".
وأضاف: "هذا أمر مهم، لأن الكثافة النقطية في التكنولوجيا الحالية تكاد تكون في حدها الأقصى."