يمكن تقسيم الجهاز العصبي بناءً على وظائفه المختلفة، لكن التقسيمات التشريحية تختلف عن التقسيمات الوظيفية. يتشارك الجهازان العصبي المركزي والطرفي نفس الوظائف، ولكن هذه الوظائف تُعزى إلى مناطق مختلفة من الدماغ (مثل قشرة المخ والوطاء (hypothalamus)) أو إلى عُقد (ganglia) مختلفة في الجهاز العصبي الطرفي. تكمن المشكلة عند محاولة ملاءمة الاختلافات الوظيفية مع التقسيمات التشريحية في أنه أحيانًا ما تكون البنية التشريحية نفسُها جزءًا من عدة وظائف. على سبيل المثال، يحمل العصب البصري إشارات من الشبكية والتي إما أن تُستخدم في الإدراك الواعي للمحفزات البصرية، وهو ما يحدث في قشرة المخ. وإما أن تستخدم في الاستجابات الانعكاسية لأنسجة العضلات الملساء حيث تتم معالجتها من خلال الوطاء.
هناك طريقتان للنظر لكيفية تقسيم الجهاز العصبي وظيفيًا. الطريقة الأولى هي تقسيم الجهاز العصبي وَفقًا للوظائف الأساسية له، وهي الإحساس (sensation)، والتكامل (integration)، والاستجابة (response). الطريقة الثانية تكون بتقسيم الجهاز العصبي وفقًا للتحكم في الجسم، والذي قد يكون تحكمًا جسديًا (somatic control) -وهو التحكم الإرادي بالأعضاء كالتحكم بالعضلات- أو تحكمًا مستقلًا (autonomic control) -وهو التحكم اللاإرادي بالأعضاء كالتحكم بالغدد- وتتحدد هذه الأقسام الأخيرة بشكل كبير وفقًا للبُنى المشاركة في عملية الاستجابة. كما توجد هناك منطقة في الجهاز العصبي الطرفي تعرف بالجهاز العصبي المعوي (enteric nervous system) والتي تقوم بمجموعة من الوظائف المتعلقة بالتحكم المستقل (autonomic control) بوظائف الجهاز الهضمي.
الوظائف الأساسية
[size]
يقوم الجهاز العصبي باستقبال المعلومات من البيئة المحيطة (الإحساس) ويقوم بتوليد استجابات لهذه المعلومات (استجابات حركية)، وعليه يمكن تقسيم الجهاز العصبي إلى مناطقَ مسؤولة عن الإحساس (الوظائف الحسية) ومناطق مسؤولة عن الاستجابة (الوظائف الحركية). ولكن يجب شمل وظيفة ثالثة حيث يتم دمج المعطى الحسي مع الأحاسيس الأخرى، وكذلك مع الذاكرة والحالة العاطفية أو التعلم (الوظائف المعرفية). وتعرف بعض المناطق في الجهاز العصبي بمناطق التكامل أو الترابط، فتقوم عملية التكامل بدمج المُدرَك الحسي مع مستوى أعلى من الوظائف المعرفية (
cognitive functions) مثل الذاكرة، والتعلم، والعواطف لإنتاج استجابة.
[/size]
- الإحساس (sensation): يعد الإحساس أول وظيفة أساسية في الجهاز العصبي، وهي استقبال معلومات عن البيئة المحيطة للحصول على مدخلات عمّا يحدث خارج الجسم (أو أحيانًا، داخل الجسم). تقوم الوظائف الحسية بتسجيل وجود تغيرات في التوازن الداخلي للجسم أو أي حدث معين خارج الجسم، وهو ما يعرف بالمنبه (stimulus).
- عندما نتحدث عن الحواس فعادة ما نشير إلى "الحواس الخمس": التذوق، والشم، واللمس، والنظر، والسمع. أما منبهات حاستيّ التذوق والشم فهي مواد كيميائية (جزيئات، مركبات، أيونات... الخ)، أما منبهات اللمس فهي فيزيائية أو ميكانيكية حيث تتفاعل مع الجلد، ومنبهات النظر عبارة عن منبهات ضوئية، ومنبهات السمع عبارة عن منبهات صوتية، والذي يعد منبهًا فيزيائيًا مشابهًا للمس إلى حد ما.
وفي الحقيقة، هناك حواس أخرى، ولكن هذه الحواس تمثل الحواس الرئيسة بشكل أساسي. هذه الحواس الخمس تستقبل منبهات من العالم الخارجي بحيث يكون هناك إدراك واعٍ لهذا العالم الخارجي. و يمكن أيضا أن يتم استقبال منبهات حسية من البيئة الداخلية (من داخل الجسم)، مثل الشد في جدار عضو ما، أو زيادة تركيز أيون معين في الدم.
- الاستجابة (response): ينتج الجهاز العصبي استجابة معينة بناءً على المنبه الذي تم استقباله عن طريق البُنى الحسية. ومن الأمثلة الواضحة على الاستجابة حركةُ العضلات، مثل سحب اليد من على موقد حار، ولكن هناك استخدامات أوسع للمصطلح. ويمكن أن يؤدي الجهاز العصبي إلى انقباض أيٍ من الأنسجة العضلية الثلاثة. فعلى سبيل المثال، تنقبض العضلات الهيكلية لتحرك الهيكل العظمي، وتتأثر العضلات القلبية خلال التمارين الرياضية فتزيد من معدل نبضات القلب، وتنقبض العضلات الملساء لتساعد على حركة الطعام في الجهاز الهضمي. وتشمل الاستجابة أيضًا التحكم العصبي بالغدد في الجسم، مثل إنتاج وإفراز العرق من الغدد العرقية الناتحة (eccrine) والغدد العرقية الفارزة (merocrine) والتي توجد في الجلد وتعمل على خفض درجة حرارة الجسم.
ويمكن تقسيم الاستجابات إلى تلك الإرادية أو الواعية (انقباض العضلات الهيكلية)، وتلك اللاإرادية (انقباض العضلات الملساء، وتنظيم عضلات القلب، وتفعيل إفرازات الغدد). تخضع الاستجابة الإرادية للجهاز العصبي الجسدي، أما الاستجابة اللاإرادية فتخضع للجهاز العصبي المستقل، وسوف تتم مناقشتهما في القسم التالي.
- التكامل (integration): يتم توصيل المنبهات التي استقبلتها البنى الحسية إلى الجهاز العصبي حيث تتم معالجتها هناك، وهو ما يعرف بالتكامل. تتم مقارنة أو مكاملة المنبه مع غيره من المنبهات، أو مع ذكريات المنبهات السابقة، أو مع وضع الشخص في وقت معين، وهذا يقود إلى توليد استجابة محددة. ففي لعبة كرة المضرب، عند رمي الكرة لضارب الكرة فإنه لا يقوم بضربها بشكل تلقائي، بل يجب وضع مسار وسرعة الكرة بالحسبان.
[size]
التحكم في الجسم[/size]
[size]
يمكن تقسيم الجهاز العصبي إلى قسمين بناءً على الاختلافات الوظيفية في الاستجابات. يقوم الجهاز العصبي الجسدي (
somatic nervous system) بوظائف الإدراك الواعي والاستجابات الحركية الإرادية. الاستجابة الحركية الإرادية تعني انقباض العضلات الهيكلية، ولكن ليس ضروريًا أن تكون هذه الانقباضات إرادية بمعنى أنك رغبت بالقيام بها؛ فبعض الاستجابات الحركية الجسدية هي منعكسات، وعادة ما تحدث بدون قرار من الوعي لدى الشخص.
[/size]
البنى الجسمية، والمستقلة، المعوية للجهاز العصبي. تشمل البنى الجسمية الأعصابَ الشوكية بأليافها الحركية والحسية، وكذلك العقد العصبية الحسية (عقد الجذور الخلفية وعقد الأعصاب القحفية). وتتواجد البنى المستقلة في الأعصاب، وهي تشمل العقد الودية واللاودية (sympathetic and parasympathetic). يشتمل الجهاز العصبي المعوي على النسيج العصبي في القناة الهضمية [size]
فمثلًا إذا قفز شخص ما أمامك فجأة وصرخ بوجهك "بوو!" وأنت غير منتبه فسوف ترتعب، وربما تصرخ أو تقفز إلى الوراء. أنت لم تقرر فعل هذا، وربما لم تكن تريد أن تفعل هذا فيسخرَ الآخرون من ردة فعلك، ولكنه منعكس اشتمل على انقباض عضلات هيكلية. كما أن هناك استجابات حركية تصبح تلقائية (بكلمة أخرى، بدون وعي) عن طريق تعلم مهارات حركية يشار إليها بتعلم العادة
(habit learning)، أو "الذاكرة الإجرائية"
(procedural memory).
يعد الجهاز العصبي المستقل (
autonomic nervous system) المسؤولَ عن التحكم اللاإرادي في الجسم، وهذا التحكم عادة ما يكون للحفاظ على التوازن في الجسم (تنظيم البيئة الداخلية للجسم). ويكون مصدر المدخلات الحسية للوظائف المستقلة آتيًا من بنًى حسية تستجيب للمنبهات إما من البيئة الداخلية أو من البيئة الخارجية. ويمتد المخرج الحركي من الجهاز العصبي المستقل للعضلات الملساء، والعضلات القلبية، وكذلك لأنسجة الغدد.
ويعمل النظام العصبي المستقل على تنظيم عمل أعضاء الجسم المختلفة، والذي يعني التحكم في توازن الجسم. فعلى سبيل المثال، يتحكم الجهاز العصبي المستقل بالغدد العرقية، فعندما تشعر بالحرارة يساعد العرق على خفض درجة حرارة الجسم، فهذا أحد أشكال التوازن في الجسم. ولكن عندما تكون متوترًا تبدأ بالتعرق أيضًا، وهذا ليس له علاقة بتوازن الجسم، بل هو مجرد استجابة نفسية لحالة عاطفية.
هناك قسم آخر من الجهاز العصبي يقوم أيضًا باستجابة وظيفية، وهذا القسم هو الجهاز العصبي المعوي، والذي يتحكم بالعضلات الملساء وأنسجة الغدد في الجهاز الهضمي ويشكل جزءًا كبيرًا من الجهاز العصبي الطرفي، وهو ليس معتمدًا في عمله على الجهاز العصبي المركزي. ومن المناسب أحيانًا اعتبار الجهاز المعوي جزءًا من الجهاز العصبي المستقل وذلك لأن الأعصاب المكونة للجهاز العصبي المعوي هي جزء من النظام المستقل الذي ينظم الهضم. هناك بعض الاختلافات بين الاثنين، ولكن بناءً على غايتنا هنا، ثمة تداخل بينهما. انظر الشكل 1 لأمثلة على أماكن تواجد أقسام الجهاز العصبي.
[/size]
- #الدماغ
- [url=https://nasainarabic.net/education/articles/tag/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B8%D8%A7%D8%A6%D9%81 %D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D8%A9]#الوظائف الحسية[/url]
- [url=https://nasainarabic.net/education/articles/tag/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B6%D9%84%D8%A7%D8%AA %D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9]#العضلات الهيكلية[/url]
- [url=https://nasainarabic.net/education/articles/tag/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%B2 %D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A8%D9%8A %D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%84]#الجهاز العصبي المستقل[/url]