سوسية ثـــــــــــــــائر نشيـط
الجنس : عدد المساهمات : 159 معدل التفوق : 341 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 05/03/2012
| | فلسفه الاخلاق | |
[size=44]فلسفه الاخلاق (2)[/size] - اقتباس :
هشام حتاته الحوار المتمدن-العدد: 5492 - 2017 / 4 / 15 - 23:10 المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تناولنا فى الحلقة الاولى من هذه الدراسه القصيرة ان الضمير – الاخلاق تنشا اساسا من الردع ولكن هناك فارق كبير فى انواع الردع ، فارق فى الدرجه وايضا فى النوع وكالعادة دائما ... علينا انه نبحث عن البدايات الاولى فى الفلسفة والدين على ضفاف النيل كانت مصر بلا جدال هى السباقة فى انبثاق الضمير ووضع اللبنات الاولى لقانون الاخلاق فى العالم القديم ، فقد كانت من أوائل الشعوب التى رسخت قواعد الأخلاق، فكانت حضارتهم حضارة أخلاقية جعلت جوهرها الحق والخير والعدالة، التى كانت المعيار الخلقى العام الذى نظم الكون والمجتمع وحكم علاقة الفرد بغيره، وحكم علاقة الحاكم كانت الإلهة ماعت تمثل لدى قدماء المصريين "العدل" و"الحق" والنظام الكوني و "الخلق الطيب" ، بهذا تتبوء ريشتها في محكمة الآخرة مركزا مميزا ، حيث يقاس بالنسبة لريشة الحق "معات" وزن قلب الميت لمعرفة ما فعله الميت في دنياه من حياة صالحة سوية مستقيمة تتفق مع "الماعت " أم كان جبارا عصيا لا يؤتمن إليه كذابا يحتفظ المتحف البريطانى بمجموعه كبيرة من اوراق كتاب الموتى ، وهو مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التي كانت تستخدم في مصر القديمة، لتكون دليلاً للميت في رحلته للعالم الآخر، فيه دعوات للآلهة وأناشيد وصلوات، ثم وصف لما تلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من الحساب وما يلحقها من عقاب وثواب ، العذاب ان يلتهمه الوحش ( عمعموت ) والثواب هو البقاء مع الحبيب اوزيريس لم يكن النجاه من المحاكمه الاوزيريسية يتطلب اكثر من عده تعاويذ يرددها الكاهن على الميت ،حيث كان المعتقد فى هذا العصر ان الكلمة خالقة بذاتها وهو ماعرف فيما بعد بـ ( اللوجوس ) يقوم الكاهن بتلقين الميت ماسوف يردده امام المحاكمة حتى ينجو وهو مايطلق عليه ( الاعتراف بالنفى ) (السلام عليك أيها الإله الأعظم إله الحق. لقد جئتك ياإلهي خاضعا لأشهد جلالك، جئتك ياإلهي متحليا بالحق، متخليا عن الباطل، فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري، لم أكن كذبا ولم أكن لك عصيا، ولم أسع في الإيقاع بعبد عند سيده. إني (ياإلهي) لم أجع ولم أبك أحدا، وماقتلت وماغدرت، بل وماكنت محرضا على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنس شيئا مقدسا، ولم أغتصب مالا حراما ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبع قمحا بثمن فاحش ولم أغش الكيل. أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر. وما دمت بريئا من الأثم، فاجعلني ياإلهي من الفائزين ) انتهى ومن يراجع هذه الابتهالات سيعرف انها وحدها كافيه لانبعاث الضمير – مجموعه من الاخلاقيات السامية التى لم تتوفر لاى شعب اخر من شعوب المنطقة بدون اى عقوبات جزائية تحمل من الترهيب اكثر مما تحمل من الترغيب كما سنرى فى شريعه حمورابى ** قوانين حمورابى (شريعه حمورابى ) تعتبر شريعة حمورابي-سادس ملوك مملكة بابل القديمة - من أقدم الشرائع المكتوبة في التاريخ البشري وتعود إلى العام 1790قبل الميلاد هذه القوانين مسجّلة على لوحٍ أثري من حجر ( ديوريت الأسود ) الذي يصل ارتفاعه إلى 2.25 متبراً ، وهو محفوظ في متحف اللوفر في مدينة باريس إلى الآن وان كان صلب مقالتنا يتحدث عن فلسفة الاخلاق ، وان كانت قوانين حمورابى هى قوانين جزائية فى المقام الاول لتنظيم امور الدولة والعقوبات فيها مغلظه تصل الى حد الموت فى معظم الاديان ، الا اننا ومن واقع ماذكرناه بان الردع هو بدايه الضمير ، فان مثل هذه العقوبات الوارده فيها والتى تعتمد مبدا( العين بالعين والسن بالسن ) وفيها الكثير من القسوه والبطش الذى لايمكن معه ان تُكون الضمير الاخلاقى الداخلى للانسان وان كانت تحافظ على كيان الدولة : الحكم بالموت على سيّد البيت ، إن قام بإيواء أحد الهاربين ( ذكراً أو أنثى ) ، ولم يقم بإظهاره أمام المحكمة . الحكم بالموت على الذي يقوم بسرقة الابن الأصغر لأحد الأشخاص . الحكم بالموت على الذي يُقبض عليه متلبساً وهو يسرق . الحكم بالموت على ابنة رجلٍ ، إذا تسبّب هذا الرجل بموت امرأة حرّة ، ويحكم عليه بدفع عشرة شيكلات إذا تسبب بفقدان جنينها فقط . تقطع أذن العبد إذا قال لسيّده ( أنت لست سيدي ) . يخلع سنّ الرجل إذا تسبّب بخلع سنّ رجل آخر يكون مساوياً له . ( أي الحر بالحر ) . تقطع يد الولد ، إن ضرب والده . يكسر عظم الرجل ، إن تسبّب بكسر عظم رجل آخر . تفقع عين الرجل ، إن تسبّب في فقع عين رجل آخر أثناء ضربه .... الخ ) انتهى ولكن الفلسفه بمعناها المتعارف عليه اليوم لم تبدأ الا مع سقراط وارسطو وصراعهم مع السفسطائيين ** كان الفيلسوف اليونانى سقراط (469 ق.م - 399 ق.م) حسب علمنا هو اول من تناول مفهوم الاخلاق فلسفيا فى مقابل ما يتناوله السوفسطائيين القائلين باللذة وإن علامة العدالة هي سيادة الأقوى وإذعان الأضعف له، وإن الجميع يبتغون السعادة فلا ضرورة للخضوع لأي قانون، لأنه يكفي أن يتعهد الإنسان في نفسه أقوى الشهوات حتى تتحقق العدالة والفضيلة والسعادة، إذ على الشخص أن يستخدم ذكاءه وشجاعته لإرضاء شهوته مهما بلغت من قوة وفى حواره مع السوفسطائى (ثراسيماخوس ) نرى الاخير يقول : ماجدوى الاخلاق ؟الرجل المرتشي يكسب أكثر من الرجل الأمين. النصاب والمزور يدفعان ضرائب أقل من الرجل الصادق. المنافق يبلغ أسمى المراكز والمناصب. التلميذ الغشاش ينجح بدون حق. التاجر يكسب البلايين من احتكار السلعة. السياسي بإخفاء الحقائق، يفوز بالانتخابات وبإظهارها ينتهي مستقبله السياسي، إلخ. إننا دائما نجد الشخص الغير متمسك بالأخلاق، هو الفائز. يكسب أكثر من زميله المستمسك بها ) الا ان سقراط يخبرنا اثناء حواره مع ثراسيماخوس بأن الأخلاق لا تصب بالضرورة في مصلحة الأقوى. فيصر ثراسيماخوس على رأية، بأن التمسك بالأخلاق مصيبة، وليست من مصلحة الشخص بصفة عامة والتمسك بالأخلاق شئ مفيد مفعوله أكيد. وعدم التمسك بالأخلاق، أمر قميء رديء غير مربح ويحدد سقراط الاخلاق فى : 1)فعل الخير لذاته، مثل فعل أشياء تعطينا البهجة والمتعه 2)فعل الخير لعواقبه أو تجنبا لضرر ما، مثل تناول الدواء 3)فعل الخير لذاته وأيضا لعواقبه، مثل الحفاظ على الصح ويقول أن ما جاء بالبند الثالث السابق، هو كل ما يعنيه بالأخلاق. لكن معظم الناس تعتقد أن تعريف الأخلاق ينطبق على البند الثاني فقط، أي طلبا للخير أو تجنبا للضرر ** ثم جاء افلاطون ( 427 ق.م - 347 ق.م ) ليكمل مسيرة سقراط ويثبت العكس حيث تابع أفلاطون أستاذه سقراط ابستمولوجيًا وأخلاقيًا، ففي المعرفة فصل بين المعرفة الظنية بالمحسوسات والماهيات المفارقة للمادة "المثل"، ومن هنا عد الخير أسمى المثل وهو عنده مصدر الوجود والكمال، مخالفًا بذلك سقراط إذ أنه تجاوز الماهيات المتحققة في الموجودات المحسوسة إلى ما سماه ولأفلاطون دور كبير في إبطال الاتجاه السوفسطائي الذي أقام الأخلاقية على الوجدان، إذ استهدف أفلاطون جعل القانون الأخلاقي عامًا للناس في كل زمان ومكان "ولا يتيسر هذا إلا بإقامته على أسمى جانب مشترك في طبائع البشر ونعني به العقل ، وزاد خطوة عن موقف أستاذه تجاه السوفسطائية، فرأى أن الفعل الخلقي يتضمن جزاءه في باطنه، وأن الإنسان الفاضل يؤدي الفعل الخير لذاته باعتباره غاية في نفسه، وأبطل بذلك المذهب السوفسطائي الذي وضع غاية الأخلاقية خارجها، ورهن الخيرية باللذة التي تنجم عنه واعتبر أفلاطون كأستاذه سقراط أن النفس أسمى من الجسد، فهي الحاصلة على الوجود الحقيقي وما وجود الجسد إلا وجودًا ثانويًا وغير مؤكد "وهو الذي يحمل قواها الروحية النبيلة ويوجهها وجهة غير أخلاقية لأنه مصدر الشرور والآثام ولهذا فإن النفس تشقى بهذا الوجود الأرضي، وتعود فتحاول الانطلاق من محبسها لتصعد إلى العالم المعقول وفي نهاية الفصل الأول من كتاب الجمهورية، لاحق سقراط ثراسيماخوس بالأسئلة، مما جعله يترك المشهد غاضبا وفى المقاله القادمة والاخيرة سنناقش فلسفة الاخلاق فى الاديان الابراهيمية الثلاثة فالى لقاء
| |
|
الإثنين أبريل 17, 2017 8:49 am من طرف ترنيمة الألم