حسين فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 473 معدل التفوق : 1303 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 18/12/2011
| | المجتمع بين مشكلة الأديان ونسبية العلمانية … بقلم سليم صفي الدين | |
“إننا حينما نتيقظ إلى قيمنا المدنية، فعلينا ألا ننسى المشكلة الكبرى، مشكلة تدعى الدين…” تعرضت لمقولة ريتشارد دوكنز هذهِ منذ عامين تقريبًا، ومن حينها لم تفارق ذهني، وكان هناك أسئة كثيرة مطروحة نتيجة لتلك العبارة شديدة الأهمية، فإدراكها في رأيي يعني حلول لكثير من مشاكل مجتمعنا الكبيرة.هل الأديان بالفعل مشكلة؟هل الأديان تفرق بين الناس؟ماذا عن أنماط الأديان في المظهر؟ بالأحرى هل الأديان عنصرية؟ حيث أن العنصرية هي التمييز والتفريق بين الإنسان على أساس الدين أو اللون أو المظهر إلى آخره!ولكن السؤال المناسب في رأيي، وهو محور مقولة دوكينز، هل الأديان بالفعل تتعارض مع القيم المدنية؟ بالأحرى مع القانون الوضعي؟حتى نحصل على إجابة وافيه يجب أن نعرف ما هو القانون وما هو الدين، دون أن نغفل الدولة التي تجمع وتنظم بين الإثنين، أما الدين في اللغة يعني الطاعة والانقياد، وهو ما يعتنقه الإنسان ويعتقده ويدين به من أمور الغيب، ويطلق ذلك على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضح الغاية من الحياة حسب أفكار معتنقيها.يتضح من هذا التعريف أن الدين “مُطلق” أي ثابت لا يتغير ولا يتطور، وبالتأكيد هو أمر مقدس لا يقبل المساس بهِ من قبل معتنقيه، وهو تسليم بأمور غيبية لا دليل عليها مُطلقًا سوى ما جاء في الكتاب المقدس لهذا الدين _أتحدث هنا عن أي دين_.أما القانون فهو مجموعة من القواعد العامة المجردة _لاحظ كلمة المجردة_ الملزمة، والتى تحكم سلوك الافراد داخل المجتمع ويترتب على مخالفتها جزاء توقعه السلطة العامة، والقوانين كلها وضعية ومتغيره بحسب احتياج المجتمع، كما أنها إحدى الأساسيات التي ترتبط بوجود الدولةلأنهاتعمل على تحديد حقوق أي شخص والتزاماته تجاه الدولة والعكس.وهنا تظهر المشكلة، من واقع تعريف القانون ومفهومه يتضح أن القانون “نسبي” أي متغير بشكل دائم ومستمر، كما أن القانون ينتصر للفرد، ومن هنا نفهم أن الدولة هي مجموعة من المؤسسات التي تدير العمل بالدولة لصالح المواطن عن طريق الدستور والقانون “المتغيران بحسب احتياج المجتمع”، وتراعي تلك المؤسسات الوقوف علي أبعاد متساوية من كافة المواطنين .إذن القانون متغير ويسعى للإنتصار للفرد وعدم التفريق بين المواطنين، ولكي نصل إلى تطبيق القانون بشكل صحيح وكامل، يجب أن نفصل بين القانون والدين بالأحرى الدولة والدين، فلا دين لدولة ولا دولة لدين.فالدولة قد تتبني أيديولوجية اقتصادية معينة، إشتراكية أو شيوعية أو رأسمالية،فالقضية ليست في أيديولوجية الدولة وإنما في تطبيق تلك الأيديولوجيا بما يحقق العدل والمساواة بين أبناء الوطن، وإن لم تحقق تلك الأيديولوجية المراد من تطبيقها، فبكل بساطة يمكن تغيير تلك الأيديولوجية بما يحقق النهوض الإقتصادي والعدالة الإجتماعية، فقد تتحول دولة من الإشتراكية إلى رأس المال والعكس، وقد حدث ذلك كثيرًا، ولكن كيف تتحول الدولة من دين إلى دين؟!هنا تقع المشكلة، لو تبنت الدولة دين ما، فانه ثابت في قواعده وأسسه، ويجب بالطبع أن يطبق على كل أفراد الوطن حتي الذين لا يدينون بهذا الدين، وهنا يقع الظلم، فمثلًا في مصر حدث ولا حرج، بين كل مسجد ومسجد يُبني مسجد جديد، حتى أنني شعرت بأن وزارة الأوقاف تسعى لتحقيق “مسجد لكل مواطن”! وعلى النقيض يحتاج المسيحيون إلى وقفات إحتجاجية ومظاهرات ولا مانع من تقديم قرابيين حتي يتمكنوا من بناء “كنيسة”! فضلًا عن البهائيين والشيعة الذين لا يستطيعون ممارسة طقوسهم بشكل مُعلن دون خوف، غير الملحدين واللادينيين الذين يُعرضون يوميًا للسب والتهديد والهروب من الوطن.الحل لكل هذا يتلخص في العلمانية، والتي عرفها الدكتور مراد وهبه أنها التفكير بشكل نسبي، والوقوف على أبعاد متساوية من كافة المواطنين، دون النظر إلى الدين أو اللون أو العرق إلى آخره، هنا فقط يصبح المسلم والمسيحي والملحد كيان واحد يسمي “المجتمع” الذي يشكل “الدولة” التي تفصل بين كل هؤلاء بالقانون فقط.نهايةً يجب أن نسعى للنسبية “أي التغير بشكل دائم”، والقانون “الوقوف على أبعاد متساوية من كافة المواطنين”، والعلمانية “الفصل التام بين المُطلق والمتغير، الدين والدولة”. | |
|