فؤاد فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 786 معدل التفوق : 2214 السٌّمعَة : 22 تاريخ التسجيل : 17/12/2011
| | إن كنت تستطيع شرب الحليب فأنت دليل على طفرة نافعة و على التطور | |
إن كنت تستطيع شرب الحليب فأنت دليل على طفرة نافعة و على التطورلدينا حليب في الأسواق دائماً ، لكن لا يستطيع الجميع التمتع به، فكأس من الحليب يعني لحوالي 10% من الأمريكيين، 10% من قبيلة توتسي الأفريقية ، 50% من الفرنسيين والإسبانيين ، و99 % من الصينيين اضطرابات في المعدة و أعراض هضمية أخرى مزعجة. في الواقع ، معظم البالغين في العالم لا يحتملون اللاكتوز lactose و لا يستطيعون هضمه ، علماً أن اللاكتوز هو السكر الأساسي في الحليب. و رغم هذا ، و بغض النظر عن أجدادنا ، بدأ معظمنا حياته بشرب الحليب بكل سعادة من القوارير أو من الثدي مباشرة ، إذاً ما الذي تغير منذ وقتها؟ لمَ يستمتع الأطفال باللاكتوز على عكس الكثير من البالغين؟يتم هضم اللاكتوز عن طريق أنزيم اسمه اللاكتاز lactase ، و الذي يتصرف كمقص جزيئي يفصل مركب اللاكتوز إلى جزئين ، كلّ من يشرب الحليب في صغره يحمل نسخة جينية فعالة لشفرة اللاكتاز ، و في الأفراد البالغين الذين لا مشكلة لديهم مع اللاكتوز يستمر هذا الجين بالعمل بسبب طفرة ، ليصنع البروتين الذي يهضم اللاكتوز جاعلاً من أكل البوظة تجربة ممتعة. لكن في من لا يطيقون اللاكتوز يتعطل هذا الجين بعد الفطام ، و الآن و وفقاً لبحث جديد يبدو أن أجداد الأوروبيين الذين عاشوا في العصر الحجري لم يكونوا قادرين على هضم الحليب أيضاً ، إذاً كيف تحولوا من آلام المعدة إلى شاربي حليب؟ يكمن الجواب في قصتنا التطوريةأين التطور؟أغلب الثدييات تفقد القدرة على إنتاج اللاكتاز بعد الفطام و بالتالي لا تتحمّل شرب الحليب و فقط 35% من البشر البالغين قادرين على شرب الحليب.ينتشر تحمّل اللاكتوز في شمال أوروبا فيما يقل في جنويها ، كما ينتشر تحمل اللاكتوز في الجزيرة العربية و جنوب الصحراء الكبرى.الطفرات التي تبقي جين اللاكتاز فعالاً شائعة مثلاً بين الأوروبيين المعاصرين ، لكن لم يكن الوضع هكذا عند أجدادهم.في مارس من عام 2007 قام فريق من الباحثين البريطانيين والألمان بالإعلان عن سعيهم لإيجاد هذه الطفرات في بقايا بشر أوروبيين عمرها 7000 عاماً ، لم تثمر هذه المحاولة حيث قام الباحثون باستخراج طول (مقطع) من الحمض النووي على علاقة بطفرات احتمال اللاكتوز من ثمانية أفراد عاشوا في العصر الحجري الحديث و واحد من العصر الحجري الوسيط ، لكن تسلسلاتهم الجينية لم تحمل الطفرة المميزة ، و تفترض هذه النتائج أن معظم الأوروبيين لم يستطيعوا هضم اللاكتوز كبالغين حتى 5،000 سنة خلت ، وأنهم لم يطوروا القدرة على هضم اللاكتوز كمجتمع إلا لاحقاً.تبدو القدرة على هضم اللاكتوز اليوم كأفضلية واضحة ، لكنها لم تكن دائماً كذلك. حيث أن فائدتها محصورة بالمجتمعات التي تملك حيوانات منزلية تدرّ الحليب.تدل عدة خيوط من الأدلة المأخوذة من جينات الإنسان و جينات المواشي و السجلات الأثرية على أن الشرق الأوسط و شمال أفريقيا قامو بتأهيل المواشي في الفترة بين 7500-9000 سنة خلت. و أن تلك الحيوانات جُلِبت لاحقاً إلى أوروبا.تظهر أهمية تحمل اللاكتوز في تلك البيئة ، حيث تعتبر القدرة على شرب الحليب مباشرة دون تحويله إلى جبنة قليلة اللاكتوز أفضلية ، حيث تقدم المزيد من الغذاء و تكون مصدراً للماء أثناء الجفاف. و بعد الظهور العشوائي للطفرة (كما كل الطفرات الجينية) الذي أدى إلى تحمل اللاكتوز ظهرت معه أفضلية واضحة لأصحابه ، الذين فضلهم الانتقاء الطبيعي لتُنشر تلك الطفرة عبر سكان أوروبا القدماء و غيرهم ممن انتشرت بينهم الطفرة مع اعتمادهم على الحليب ومشتقاته ، و بعد آلاف السنين نحن نشهد الآن التأثير غير المباشر و الشهي الذي سببه نجاح تلك الطفرة..المصدر هنا !! | |
|