فؤاد فريــق العــمـل
الجنس : عدد المساهمات : 786 معدل التفوق : 2214 السٌّمعَة : 22 تاريخ التسجيل : 17/12/2011
| | البحث في التاريخ التطورّي للقبلة. | |
عيناها واسعتان حينما تحدّقُ في عينيْك، و أنتَ تضعُ ذراعك حول خصرها و تقرّبها منك، يتلصقُ وجهُها بوجهك، ثم تُميلُ أنتَ و جهَك، إلى اليمين طبعا، ثم تنطبقُ شفاهكمُا على بعضهما البعض. إنّ هذا الإحساس الخاطف يجعلك تتساءل في حيرة '' لماذا بحقِّ الجحيم أقوم بفعل هذا؟ ''.لا شكّ أنّ الجواب الأبسط هو أنّ البشر يقبّلون بعضهم البعض لأنّ الأمر يعطي شعورا جيّدا، غير أنّ بعض الناس قد يروْن أن هذا التفسير ليس كافيّا، لذلك يقرّرُ هؤلاء دراسة البنيّة التشريحيّة و كذا التاريخ التطوريّ للقبلة، و يسمّون أنفسَهم بعلماء القبلةPhilematologists.إلى حدّ الآن لم يستطع علماء القبلِ تحديدَ الأصل الحقيقيّ للقُبلة، إلا أنّهم طرحوا بعض النظريّات بهذا الصدد، كما استطاعوا تحديد الطريقة التي يتأثّر بها جسدُنا من جرّاء القُبلة العاطفيّة.يوجد سؤال آخر ذو أهميّة كبيرة في هذا المجال، و هو ما إذا كانت القبلة أمرا فطريّا أم مكتسبا، إذْ يرى البعضُ أنّها سلوك مكتسبٌ، بحيث يرجعون هذا السلوك إلى أسلافنا البُدائيّة، حيثُ من المفترضِ أنّ الأمّهات كنّ يقمن بمضغ الطعام و وضعه في فم أطفالهنّ عديمي الأسنان، حتّى بعد أن ينبتَ الأطفال أسنانا، تستمرّ الأمّهات في وضع شفاههنّ على خدود الأطفال لغاية التطمين.غير أنّ البعض الآخر من المهتمّين بهذا الموضوع يرى أنّ التقبيل سلوكٌ فطريّ، و يستشهدون على ذلك بكون الحيوانات أيضا تمارس هذا السلوك، فبينما تقوم كثير من الحيوانات بحكّ أنوفها مع بعض البعض تعبيرا عن العاطفة تجاه الطرف الآخر، تقومُ حيوانات أخرى بتقبيل بعضها البعض تماما كما نفعل نحن البشر باستعمال الشفتين. قردةُ البونوبو على سبيل المثال، تخلتقُ أطنانا من الأعذار من أجل تقبيل بعضها البعض، هذا السلوك يعتبرُ اعتذارا من قردة البونوبو بعد أن تتعارك فيما بينها، في إشارة إلى أنّها تطمئنّ الطرف الآخر، و لغاية تطوير الوشائج الاجتماعيّة، و في بعض الأحيان، تقوم بهذا السلوك بدون غاية محدّدة، تماما مثلنا نحن البشر.النظريّة الأكثر قبولا في أيّامنا بخصوص القبلة هي النظريّة القائلة بأنّ وظيفة القبلة تمكن في كونها وسيلة مساعدة على شمّ جودة الشريك، حينما تكون أوجهنا قريبة من بعضها البعض، تتواصل الفيرومونات الخاصّة بنا مع بعضها البعض و تتبادل المعلومات البايولوجيّة حول ما إذا كان الطرف الآخر شريكا جيّدا للتنجب معه ذريّة أم لا. النساء على سبيل المثال، و بغير وعي منهنّ، يقمن باختيار الرجل صاحب التشكيلة الجينيّة الخاصّة بنظام المناعة المختلفة عن تشكيلتها الخاصّة، و هذا يوحي لها بأنّ هذا القرين سوف ينتج لها ذريّة تتمتّع بنظام مناعة قويّ، و بالتالي فرصٍ أقوى للبقاء.غير أنّ أغلب الناس لازالوا يفضّلون التفسير القائل بأنّ البشر يقبّلون بعضهم بعضا لأنّ الأمر يعطي شعورا بالراحة، إذْ إنّ شفاهنا و ألسنتنا تمتلك نهايات عصبيّة، ممّا يساعد في تكثيف الشعور الفاتن الموحي بالوقوع في الحبّ عندما نطبق فمنا على فم شخصٍ آخر، إلّا أنّ الخوض في هذه التجربة المثيرة نادرا ما يدفعنا للتساؤل حول الدافع وراء هذا السلوك، بل إنّ الخوض فيها يجعلنا نرغب في تكرار هذه التجربة أكثر فأكثر. | |
|