حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسين
فريــق العــمـل
فريــق العــمـل
حسين


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 473
معدل التفوق : 1303
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 18/12/2011

في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Empty
21012014
مُساهمةفي نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم



في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Arton6749-51c38
إنّ كلّ كلام عن الإله هو “كلامنا” نحن وإن ظنّ البعض أنه يقول الله كما تعرّف إلينا- على حدّ لغة المتصوّفة-، أي زعم أنّه ليس إلا مجرّد صدى يعيد إنتاج الصوت الأصليّ كما هو. وإذا ما أردنا تخصيص هذه الملاحظة والبحث عن تجسيداتها الحدّية أو القصوى داخل التراث الإسلاميّ، لوجدنا أنّ الفكر السّلفيّ – قديمه وحديثه- هو الممثّل الأبرز لهذا المنزع التأويلي وما أنتجه من عنف تراوح بين حجب جسد الدلالة المخالفة وتهميشها ضمن مجال دوران النصوص، وبين إقصاء جسد المستدلّ أو جعله محلاّ لجملة من الأحكام الفقهية وما يستتبعها من تبديع أو تكفير داخل السياق الفرقيّ المهيمن، وما يعنيه ذلك من“نتائج في غاية الخطورة تتعلّق بالمصاحبة والموالاة والمشاركة والتزاوج والتوارث والعيادة عند المرض والإغاثة من الضائقة والصلاة والترحّم والدفن عند الموت”(1).
ينطلق هذا المقال من بداهة نصّية حاولت كلّ المتون الكلامية أن تجد لها مخرجا معقولا، دون أن تظفر من ورائها بطائل إلاّ مراكمة الأقوال والمواقف التي كان منتهى أمرها أن تسود مجالا جغرا- سياسيّا معيّنا أو مرحلة مخصوصة من مراحل التاريخ الإسلاميّ. وليست هذه البداهة سوى أنّ القرآن لا يقول الله بكلام ذي دلالة واحدة أو بلغة القدامى فإنّه حتّى عندما يحضر “النصّ” الذي لا يحتمل أكثر من تأويل، فإنّ آيات أخرى تدفع بالمتلقّي إلى مدارات التأويل لأنّها تحجب بقدر ما تبين، تنزّه بقدر ما تشبّه وتلك عورة اللغة، كما أسماها الباحث المصريّ نصر حامد أبو زيد عند حديثه عن الشيخ الأكبر ابن عربي. فاللّغة التي هي مسكن الكائن البشريّ في محدوديتهsa finitude، لا شكّ عاجزة عن أن تكون مسكنا للمطلق إلاّ بعد أن يساق الحديث عنه ضمن حدود اللغة وإكراهاتها، وليس أقلّها أهمّية محدّدات التلقّي المعرفية والسلطوية-الايديولوجية.
لم نأت بهذا المدخل إلاّ لإيماننا بأنّ التصدّي للخطاب السّلفي- الأصولي يجب ألاّ يخضع للهيمنة الإشكالية التي يمارسها هذا الخطاب. ذلك أنّ البعض من الحداثيين قد ينجرّون بطريقة لا واعية إلى تكييف مقالاتهم تبعا لمنطق النقض أو التخطئة في الجزئيات “الفقهية”، دون التنبّه إلى أنّ هذا المنهج “الجدليّ” لن يستطيع في أحسن أحواله إلاّ تقوية المرجعيات الفقهية والتمكين لنفس البنية الفكرية التقليدية. ونحن نرى أنّ الخطوة المنهجية الأولى التي ينبغي اعتمادها في مواجهة الفكر السلفي ذي النزعة التكفيرية بنيويّا، هي ألاّ ننحصر ضمن إشكالياته ومفاهيمه، لأنّ التفكيك البنيويّ لا يكون فعّالا، معرفيّا واجتماعيّا، إلاّ إذا تمّت زحزحة الأطروحات السلفية من مستوى الفقه أو أصوله إلى مستوى التأسيس العقدي لتلك الأطروحات التي تمثّل عقبة رئيسية أمام كلّ المحاولات التحديثية. فالمستوى العقائديّ هو بالتحديد ما يمدّ النزعة التكفيرية بأهمّ أدوات إنتاجها للدلالات القطعية المتحكّمة في مسلكها العنيف تجاه كلّ المخالفين من داخل الملّة وخارجها.
أصول الدين، المعلوم من الدين بالضرورة، ما أجمعت الفرق على الأخذ به في بناء أنظمتها العقائدية المتنازعة... قد تبدو هذه المصطلحات مترادفة أو قابلة لضرب من علاقات التبادل. كما قد تبدو لشيوعها أقرب إلى بداهات العقل منها إلى التركيبات التاريخية المحكومة بسياقات إنتاجها وشروط تداولها واستمرارها. ولكنّ الحقيقة أنّ ما يسمّى بأصول الدين ليس في الحقيقة إلاّ بناء “مذهبيّا”sectaire- ولا أقول ملّيا- متأخّرا عن الزمن النبويّ التأسيسيّ، لنظام من العقائد واللاّعقائد التي استدعى تكريسها أو فرضها جملة من العوامل المتجاوزة لقدرة لتلك العقائد ذاتيا على الإقناع العقلي أو الإشباع النفسي. والمتجاوزة كذلك لقدرة تلك العقائد المزعومة على التأصّل العفويّ في القرآن، ذلك النص التأسيسيّ الأوّل لما يسمّيه بنسالم حمّيش “بالإيديولوجيا العضوية”، أي تلك التي حكمت التجربة الإسلامية قبل ظهور الفرق أو ما يسمّيه “بالايديولوجيات المشتقّة”(2). إنّ أصول الدين هي في محصولها نتيجة جدل الفقيه والسلطان، في تحالفهما أو صراعهما، من أجل حكم المجال الإسلامي.
إنّ عملية الدمج أو الإقصاء وغيرها من آليات إنتاج المعنى “الصّراطي” orthodoxe المقبول من لدن ممثّلي الثقافة العالمة، هي عملية تاريخية طويلة ومعقّدة قد استطاعت أن تفرض أنظمة عقديّة مدينية - سلطوية شبه مغلقة. وهي أنظمة لم تكن في واقعها إلاّ الشكل الرّسميّ المدوّن لعقائد عجزت، رغم كلّ ادّعاءاتها، على اختراق المجالات غير الحضرية أو الطرفية التي كانت مجالا لنفوذ العقائد “العاميّة” أو ما يسمّيه علماء الاجتماع بالتديّن الشعبيّ.
لا يطمح الخطاب الأصوليّ إلى إحياء أصول الدين بالمعنى المتداول في الثقافة الإسلامية التقليدية، بل يسعى إلى يسعى إلى بناء أصول بديلة وتكريسها. وهي – لخلفيتها الحنبلية – الوهابية – لا يمكن أن تعيد إنتاج الكلامين الأشعريّ والماتريديّ أو مراجعتهما، ضمن نسق كلاميّ خالص منفتح على ما وفّرته الفلسفات الحديثة والتحوّلات المعرفية الكبرى ضمن السياقات المتعدّدة للتفكير في المقدّس من خارج الأطر التقليدية للمعرفة الدينية. وما ذلك إلاّ لرفض الحنابلة وورثتهم المعاصرين لإعمال العقل في العقائد. الأمر الذي يعني عمليا دمج الكلام في الفقه وإخضاعه لمنطقه، أي الارتفاع بالأنظار الفقهية إلى مستوى “العقائد” التي لا يسع المسلم إلاّ التسليم بها.
إننا أمام ضرب من التفكير“المغالطي” الذي يُخضع الأصل- أي العقيدة- للفرع – أي الفقه- ويؤسّس لتداخل خطير تبنى فيه الأحكام العقدية على الفقهيات، وتطلق يد الفقيه في الأجساد والأموال، بل في المصائر الأخروية يكيّفها كما يشاء. لقد استطاع الفقيه السلفيّ-ونموذجه الأبرز هو الفقيه الوهّابي- أمام غياب المتكلّم، أن يجمع في شخصه العِلْميْن معًا، لكن مع تغليب البعد الفقهيّ وجعله القوّة المتحكّمة في إنتاج الحكم في مستواه الكلامي-العقدي. فهاجس الفقيه كان دائما “وحدة السلوك”l’orthopraxie أو تحقيق التجانس القيمي داخل الفضاء الإسلاميّ، وهو ما يعني أنّ العقائد لن تكون حاضرة عنده بالأصالة والقصد، بل تبعا لوظيفتها في إسناد محصول النظر الفقهي.
يسترجع الخطاب السلفي بطريقة لا واعية وغير مفكّر فيها- وبالطبع غير معترف بها- بنية الخطاب الكتابيّ، ويعيد إدماج الإسلام في روحية يغلب عليها الهاجس التنظيميّ أو ما يسمّيه المتصوّفة بعلوم الظاهر أو “الرّسوم”. تلك العلوم التي كانت ذات وظيفة “تشريعية” مواكبة لحركة المجتمعات التقليدية وبناها الاقتصادية والقيمية، ولكنّها لم تعد قادرة على تنظيم المجال الاجتماعي منذ القرن التاسع عشر مع ظهور ما يسمّيه أحد الباحثين بـ“الانكسار البنيوي”الذي سبّبه التداخل بين البنيتين التقليدية والحديثة دون أن تتغلّب إحداهما على الأخرى أو تنجح في دمجها تركيبيا ضمن بنيتها الفكرية العامة(3).
إنّ الفقيه أو الخطيب السلفيّ الذي أزاح روّاد الإصلاح الديني من ذوي النزعة التحديثية كالأفغاني وعبده عن مجال التأثير العمومي، لا يستطيع أن يقبل بخروج هذا المجال عن سلطة نصوصه المرجعية وآليات إنتاجها للمعنى، رغم أنّها قد صارت متجاوزة بالتراكمات المعرفية الهائلة التي عرفها العقل البشري في العصر الحديث. ولذلك فإنّه بدل أن يبحث عن تطوير مفاهيمه وإشكالياته وتخريجاته كي تواكب الزمن المعيش، فإنّه سيحاول بكلّ وسائل الجدل أن يثبت أنّ هذا الحاضر ليس إلاّ انحرافا أو خروجا عن زمن مثالي-معياري يجب أن يظلّ هو مرجع الحكم والتقويم لكلّ حركة التاريخ وتحوّلاته. ماذا يعني ذلك واقعيا؟
إنّ الخطر الحقيقي للفكر السلفي المتشدّد هو مزجه بين الفقهيات والعقائد، بل ارتفاعه ببعض المناهج أو المبادئ النظرية المؤسّسة للفقه المذهبي -الفرقي إلى مستوى الأصول “الملّية”. وهو خطر نتج عن احتكار الفقيه - الخطيب لعدّة قطاعات معرفية كانت منفصلة في مراحل التأسيس والتدوين. فإذا ما تمعّنا جيدا في منابر الخطاب السلفي“المعولم” كالانترنيت والفضائيات النفطية، لوجدنا أنّ الفقيه السلفيّ يتحدّث من موقع المحدّث والأصوليّ والمفسّر والداعية، وغير ذلك من الألقاب التي يتبارى فيها “الموقّعون عن ربّ العالمين” – كما سمّاهم أحد أقطابهم القدماء. ونحن قد لا نستغرب غياب الفيلسوف أو عالم الأخلاق أو حتّى الصوفيّ من هذه الألقاب، ولكننا لا شكّ سيتبادر إلى أذهاننا سؤال مهمّ: أين عالم الكلام الذي استطاع أن يندمج في كلّ المذاهب الفقهية السنية الرّسمية ما عدا المدرسة الحنبلية؟ إنّه الغائب الأبرز وإن كان غيابه مفهوما لارتباط السلفيات “المعولمة” بالفقه الحنبليّ أساسا، حيث يستحوذ الفقيه-المحدّث على دور المتكلّم واقعيا، وإن كان يرفض في المستوى النظريّ الاعتراف بصدوره عن منظومة كلامية ضمنية.
هل يعني ذلك أننا نحتاج إلى المتكلّم بالمعنى التقليدي لتقليص سلطة الفقيه الذي يكرّس التقليد بكلّ أبعاده ومعانيه؟ إنّ المتكلّم وإن خالف الفقيه في مجال النظر وأدواته ومفاهيمه فإنّ مقصدهما واحد: ألا وهو الدفاع عن الملّة أو الفرقة في مستوى الاختيارات التشريعية أو العقدية. وهو مقصد لا يمكن أن يكون مطلوبا في مجتمع يراد له أن تكون الوحدة الدنيا للتعريف فيه هي المواطنة لا وحدة الإيمان أو السلوك. ولكنّنا نبّهنا إلى غياب المتكلّم من حيث حاجة الثقافة العربية-الإسلامية المعاصرة إلى زحزحة الفقيه من موقع الباني لأنظمة العقائد، وهو تمهيد ضروري في سبيل تنحيته عن موقع المنظّم والموجّه لأنظمة السلوك التي ينبغي أن تكون في المجتمع الحديث من مهام علماء الأخلاق والمشرّعين من رجال القانون.
لقد استطاع الفقيه الحنبليّ – النموذج الأعلى أو الأصليّ لما يسمّى بأهل السنّة والجماعة- أن يجمّع في شخصه سلطات علمية، كانت الثقافة الإسلامية في مرحلة إبداعها قد حرصت على أن تظلّ متفرّقة في قطاعات معرفية تتكامل أحيانا وتتنابذ أحيانا أخرى، ممّا جعل من العسير على أيّ مذهب أن يدّعي القدرة على تمثيل مجمل الفرقة، ومن باب أولى عموم الملّة. ولكنّ الحنبلية الجديدة وورثتها المعاصرين من الوهابية والحركات التكفيرية، قد استطاعوا أن يدمّروا هذه “الحكمة التراثية”، وأن يجعلوا الفقيه السلفيّ هو السلطة المرجعية - الحصرية المعترف بها في شؤون الدّين والدنيا، وهو ما مثّل عائقا من أهمّ العوائق البنيوية في التمكين لأيّ مرجعية علمية أخرى، حتّى وإن لم تفارق الدائرة الإيمانية.
إنّ المتكلّم التقليديّ هو شخص متجاوَز معرفيّا ووظيفيّا داخل المجتمعات الحديثة. ولكنّ ذلك لا يعني أنّ الإنسان المسلم المعاصر لا يحتاج إلى من يملأ الفراغ الذي خلّفه هذا الغياب. فالبحث عن المعنى وإرادة التأسيس للأخلاق في بعديها النظري والعمليّ، والحدّ من هيمنة الفقيه على تشكّل المجال العامّ ونحت علاماته التمييزية الكبرى، كلّ ذلك يجعل من تجديد الكلام أو أصول الدين مهمّة حداثية بامتياز. فالمفكّر الحداثي ينتمي إلى مجتمع مازال يعيش تداخل أزمنة ثقافية متباينة وأبنية ذهنية وقيمية تتأسّس إما في بنية حداثية، وإما في بنية تقليدية، أو في موقع الانكسار البنيويّ بينهما. ولذلك فإنّ من مصلحة الحداثيين أن يزيلوا احتكار الفقيه السلفي لإنتاج المعنى الدينيّ، لا بمعنى منافسته في مجهود الإفتاء والتحدّث باسم المقدّس، بل بمعنى بيان نسبية الموقع المذهبيّ الذي يصدر منه الفقيه وعدم شرعية مسلكه التأويلي بالمعنيين المعرفي والوظيفي.
على المفكّر الحداثي سواء انطلق من موقع المتكلم الحديث أو فيلسوف الأديان أو عالم الأخلاق- ولا مشاحّة في التسمية كما يقول القدامى- أن يبيّن خطر انتقال الموقع المذهبي إلى موقع فرقيّ ثمّ ادعاؤه تمثيل مجمل الأمّة. إنّ تقلّص مرجع الانتماء السلفي(= الحنبلية الجديدة)، يقابله تضخيم للقدرة التمثيلية المزعومة وبالتالي للمنزع الإقصائي الذي يحصر الطائفة الناجية في وحدات دنيا ذات منزع تكفيريّ بيّن. إنّ هذا المنزع التكفيريّ يزداد طرديّا كلّما ابتعدنا عن النواة المعرفية- الايديولوجية المشكّلة للمرجعية السلفية، وهو ما يعني أنّ المفكّر الحداثي قد كان، ومازال، هدفا تكفيريا مفضّلا للخطيب- الفقيه في عملية التعريف الذاتي أو تكريس الشرعية. ونحن نرى أنّ على دعاة الحداثة في هذه المرحلة التاريخية التي يحاول فيها أنصار البنية التقليدية أن يحتكروا الحديث باسم المقدّس، أن يسعوا إلى التصدّي لهذا الاحتكار، ولكن دون أن يتحوّلوا إلى “فقهاء جدد”. فالوظيفة التاريخية المباشرة هي تفكيك الخطابات السلفية وبيان تناقضاتها الداخلية ومحدوديتها الإجرائية في السياقات الحديثة، وتشظية الموقع الفقهيّ السلفيّ بمواجهته بجملة من الإشكاليات المهمّشة وغير المفكّر فيها من قبل العقل الفقهيّ المهيمن وذلك من مثل :
في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Puce_rtl بيان غربة الإله الذي يدعو إليه هذا العقل الفقهيّ عن المتون التراثية وعن المعيش الجمعي. إذ لا تمثّل الروحانية السلفية إلا تيارا “أقلوّيا”MINORITAIRE ضمن المذاهب التراثية المعترف بها من قبل علماء السنّة. وهو ما يبرز خاصة في موقفه من علم الكلام أو من بعض التجارب الصوفية.
في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Puce_rtl بيان عدم صلاحية مفاهيمه ومناهجه المنتمية إلى المجتمعات التقليدية في بناء منظومة دينية قادرة على تقديم صورة كونية للإسلام تنسجم مع قيم الحداثة ومكاسبها. فالفقيه السلفيّ ينتمي إلى زمن ثقافيّ وفضاء عقليّ لا يستطيعان إلا تجذير الاغتراب عن الواقع الحديث بمختلف تجلّياته القيمية والسلوكية.
في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Puce_rtl البرهنة على استحالة تكرير الأصل التأسيسيّ المشكّل للتراث الإسلامي الكلّي أو تحيينه. وهو ما يعني أنّ الفقيه السلفيّ يبني كلّ شرعيته على “وهم المطابقة” للزّمن المرجعيّ كما شكّله المخيل الفرقي، لا كما يمكن إعادة بنائه أو مقاربته بمنظورات حداثية متعدّدة.
في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Puce_rtl إظهار أنّ الفقيه السلفي- بفعل آليات تفكيره ذاتها- لا يفعل إلا ضدّ مقصده المعلن. فإذا كان هدفه هو التوحيد، فإنّ محصول مقالاته هو مزيد التفتيت والتفرقة، وإذا كان هدفه هو عولمة الإسلام باعتباره بديلا حضاريا للنماذج الغربية، فإنّ ما وقع عمليّا هو التمكين لما يسمّى “بالإسلاموفوبيا”. وقد كان الأنسب من جهة التدقيق المصطلحيّ أن تسمّى“السلفية-فوبيا”. لأنّ الإسلام “المعولم” ليس إلا النسخة السلفية –الوهابية التي يحقّ للمسلمين وغير المسلمين أن يتوجّسوا منها خيفة، ولكن يجب على الباحث ألاّ ينساق وراء المماهاة بينه وبين مجمل مكوّنات الإسلام المتعدّدة، لأنّه بذلك يكرّس من حيث لا يقصد مزاعم هذا الفكر في تمثيله لكلّ المسلمين أو للإسلام المعياريّ.
في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Puce_rtl البحث عن تجسيدات ممكنة لروحانيات إسلامية قد لا تكون معارضة جوهريا للفكر الحداثي، أو قد تكون معاضدة له في سعيه إلى الحدّ من هيمنة الفقيه على المجال العمومي. ونحن لا نعني إحياء تجارب روحانية من التراث، بل البحث فيها عن تلك العناصر القابلة للاندماج ضمن تركيبة حداثية للبحث عن المعنى ضمن أفق حداثي محض. ولا يكون المعنى الديني عندها إلا اختيارا من جملة اختيارات روحانية أخرى، يبحث كلّ فرد من خلالها عن مرجعياته القيمية والسلوكية الممكنة، ضمن السياقات الحديثة وما يطبعها من عولمة اقتصادية وعدمية قيمية.
في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم Puce_rtl بيان أنّ تعدّد الأفهام في مستوى الدين وجعله مسألة بحث روحيّ فرديّ لا تعضده أية مؤسّسات دينية أو سلطويّة، هو أحد الشروط الضرورية لتجربة روحية صادقة من جهة، وإحدى الضمانات الأساسية لترسيخ مفهوم المواطنة من جهة أخرى.
ليس هذا المقال دعوة إلى إحياء الكلام التقليديّ أو غيره من المعارف التراثية، ولكنّه تنبيه إلى أنّ الفقيه السلفيّ لا يتحدّث من موقع مفرد، بل من تجميع “مذهبيّ” لجملة من المواقع التي كانت تشتغل منفصلة خارج المرجعية الحنبلية. ولكنّ هذا التجميع لم يقص بعض ممثّلي المعرفة الدينية فقط، بل تعدّاهم ليشمل كلّ ورثة ما يسمّيه محمد أركون بالنزعة الإنسية العربية من الفلاسفة والأدباء والعلماء. فالمفكّر الحداثي لا يستطيع أن يجد إلاّ موقعا مهمّشا بل مرفوضا في فكر كان أقطابه قد كفّروا الفلاسفة وبدّعوا المتكلّمين وخطّؤوا كلّ من لم يصدر عن مرجعيتهم النصية الضيقة. وقد يكون من أحسن ما أختم به هذا المقال، في هذا السياق التاريخيّ المحكوم بتكاثر النزعات التكفيرية، هو استحضار ذلك الإحراج الذي سبّبه “رجل عامّي” لبعض أسلافهم وقد جلس يكفّر كلّ الخلق إلا طائفة من أتباعه، فقال له متعجّبا بحكمة ثاقبة لم تفقد بريقها وراهنيتها بعد : “أجنّة عرضها السماوات والأرض أعدّها الله لك ولثلاثة من حولك....؟؟؟”، إنّه السؤال الذي يخترق التاريخ ليطرح في أشكال متعدّدة، ما دام هناك من يسعى إلى حمل الكافّة على مقتضى نظره وقد ماهى بينه وبين صوت الإله- المشرّع الذي تغيّب كلّ صفات “جماله”، ولا يستحضر إلا في صورة الإله المكفهرّ التي أجاد الباحث النفساني فتحي بن سلامة تحليل مكوّناتها وبيان آثارها النفسية والاجتماعية في كتابه الهامّ “الإسلام والتحليل النفسي” المترجم من قبل الأستاذة رجاء بن سلامة(4).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

في نقد المنظور السلفيّ والتأسيس الفقهيّ للعقائد والقيم

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» التربية من المنظور الإسلامي
»  الوطن العربي في المنظور المستقبلي الغربي
»  الحرب والقيم الأخلاقية
» الوجوديّة ثورة على السلطة الخارجية والقيم الأخلاقية المُستبدة
» المثلية الجنسية (3) الشّهوة المثلية والقيم العقلانية... مجرّد سوء تفاهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المكتبة الشاملة-
انتقل الى: