سأهيم على وجهي إذا ما عدتُ يوماً خالي الوفاض من سرٍّ أليمٍ يحزُّ في حلمي وأعرجُ إلى ذاك النهر السائر بين ضفتين بعيدتين عن الوادي الباكي، فماذا يقول إذا ما عاد يوماً ولم يجد طائراً أو حشرةً ترتوي من ماءٍ لم يعد صالحاً للشرب بعد كل هذا الجدال على جنح بعوضةٍ شربت من دمٍ ليس دمي، وعلام المزيدُ من السهاد قرب العتبات وإن سكب الليلُ على الجبال ماءهُ مضطراً لارتياد الأرض التي تدور كالرحى، فماذا عن الحبوب التي هربت من مصير أخواتها؟ أقدرٌ ما يقودها إلى حتفها أم حسرةٌ على ماضٍ مضى كالسراب؟
وإذا جادت المقلُ بالحنين وسألتني ما بالُ عينيك تفصحُ عن عتبٍ، أأقول عتبٌ كالصباح أصاب مقتلي بلا فتوى أو جريرة، أم ماذا، و ليكن ما كان، ما ضرَّ لو عدتُ ارتوي من شهدٍ لا علاقة للنحل به، ربّما هي المفاتيح تنتظر أبوابها كما ينتظر الغيثُ السحاب، حتى لا يقال: أمطرت بلا غيوم هذا اليوم، فاليوم خريف وعزرائيل ينتظر عند الباب، وأرجمه كلمّا أعار للنفير صوته وأسدي النصح لمن أهوى وأشدّد قبضتي على هوسي بالمجون والسلام الداكن مستنفداً كلّ الأوراق المتاحة لي إلا ورقةً واحدةً تتحدى إرادة الإنسان بالنسيان، كُتبَ بين طياتها:
الخرائب تأخذني إلى الماضي
والماضي يأخذني من أنايَّ
فأبقى وحيداً
بلا وجهٍ
أو زينةٍ
أو ثياب
التينُ..
ملَّ العصافير
والزيتون..
هجر الكتب المقدسة
فعلام الخوض في جرحٍ
ليس نهراً
أو مخاضه؟؟