مثل الكتابة أنت حبيبتي!
كلاكما يوزعني على طرق عدة
لكني لا أنتهي إلى أي طريق.
مع الكتابة، تعلمت أن الليل مسكن الكاتب.
وفي حبك، صدقت كل أعراس العدم.
صدقت أن الرجل والمرأة لا يلتقيان إلا في الحلم.
ليس لأن الحلم هو ما ينقض الواقع
بل لأنه الواقع المنفي.
في حبك حبيبتي، صدقت كل شيء.
صدقت أن جسدي لا مشاريع له ولا مستقبل سواك،
فهو بدونك مجرد حلم رسم طريقنا
وجعلنا نحيا من عطر كأس فارغ.
مثل الكتابة أنت حبيبتي
كلاكما يدعوني للترحال
لبناء مسكن لي في الصحراء؛
حيث أكون وحيدا، فالعزلة تحمي الحب.
صدقت وركبت خطواتي
أجرجر الكون من حولي،
أتيه بين الواحات وزوابع الرمال؛
أستقبل العصافير المهاجرة، وأنصت لرنات الصمت.
ولما انتقلت على خط منكسر مابين الكلمة والحب،
انتهى إلى سمعي ذات صباح
همس حبات الرمل، توجهني نحو الصواب،
وترحب بي في جنان الحب،
تماما كما لو كانت تُطَمْئِنُني على لُقياك،
على أنشودة عشق غنيناها معا.
فَرِحْتُ وألفيتُني معانقا إياك
أقبلك وتقبلينني،
ورُحْنَا في غسق الليل نتسكع في الطرقات.
يدي لا تبرح يديك.
رُحْنَا نُغَنِّي نجاة الصغيرة، أم كلثوم،جاك بريل وشارل أزنفور...
لكن كل ما غنيناه ليلا تبخر غداة صباح.
فعُدْتُ منكسرا مرة أخرى
أحشُد حفنات الرمل،
عساني أهتدي إلى عبقك الهارب مني.
أسأل الكلمة لكن لا فائدة،
فالكلمة بدورها خاصمتني
وإن نطقَتْ كلمتني عن جرح تجهل أصله.
تقول لي : الغياب هو روح السؤال
فلا أكترث، ثم أعاود الإنصات للصمت من جديد
يجيبني هو الآخر : العدم هو موضوع اهتمامنا.
ولما تعبت جيئة وذهابا مابين الكلمة والصمت،
توسَّلْتُ حبات الرمل من جديد
وناجيت لحظات الصحراء.
عندها نادتني الورقة البيضاء
تعالى اقترب : فالطريق في حاجة لمن يكتشفه.