لعلّ الآيات القرآنيّة الّتي تذكّرنا بطبع الإنسان [العجول] “وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً” (سورة الإسراء، الآية 11)، أو [الكفور] “وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُورًا”، أو [القتور] “قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا” (سورة الإسراء، الآية 100)، أو [المجادل] “وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا” (سورة الكهف، الآية 54)، أو تلك الأحاديث والمواعظ الّتي تريد أن تحطّ من شأنه بتذكيره بجشعه “لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب” (صحيح البخاري) أو معصيته “وفي بعض الكتب: عَبْدي، كم أتحبّب إليك بالنِّعم وتَتبغَّض إلي بالمَعاصي! خَيْري إليك نازل، وشرُّك إليّ صاعد.” (العقد الفريد)، أو “وقال أيضاً (أي عليّ بن أبي طالب): من أراد الغِنَى بغير مال، والكثرةَ بلا عَشية، فليتحوَّل من ذُلِّ المَعصية إلى عزِّ الطاعة” (العقد الفريد)، إنّما هي خطابات متنوّعة الإستراتيجيّات تهدف إلى الحدّ من كبرياء الإنسان وصلفه وتذكيره بأنّه مخلوق من مخلوقات الله، بل من أكرم مخلوقاته “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا” (سورة الإسراء، الآية 70). غير أنّ هذه الإستراتيجيّات الخطابيّة لم تكن كافية بمفردها لتجعل الإنسان يشعر بمهانته ودونيته. فهذا الوعي الحادّ بالتّفاهة والهوان humiliation لم يحصل إلاّ في الأزمنة الحديثة. وقد ولّد هذا الإحساسُ الحديث بهذه التّفاهة insignifiance، أو قل “هذا المرض النّرجسيّ”، في ضمير الإنسان الحديث إحساسا بالعظمة والتّفوّق كان يستند، في الآن نفسه، وعلى نحو لم يخل من مفارقة، إلى وعي حادّ بالطّابع البائس للوجود البشريّ. وقد عبّر باسكال عن ذلك في صورة بليغة لمّا تصوّر الإنسان مجرّد ذرّة غبار تافهة في هذا الكون اللاّمتناهي، ولكنّه رغم ذلك يعي كلّ الوعي بتفاهته، وذاك هو ما يجعله كائنا متميّزا. ففكرة العظمة الّتي تتعارض مع “البؤس الواعي بذاته” لا مع فكرة البؤس، إنّما هي تصوّر أنموذجيّ حديث. غير أنّ هذا الوعي بالبؤس ما كان لينشأ بذاته. ولأجل ذلك احتيج إلى معرفة ما يؤسّس هذا الوعي أو هذه المعرفة بالبؤس. فالمشكل لا يتعلّق فحسب بأن نعرف، أو أن نكون على علم تامّ بهذا البؤس، وإنّما أن نكون على بيّنة بمتمّمه أو بالمكوّن الآخر الّذي يكمله على نحو جوهريّ. فالإحساس بالبؤس ملازم لأمر آخر هو معرفة الفعل التّكنولوجيّ، أو العلم بما هو سلطان le savoir comme pouvoir. فهيمنة البشر التّكنولوجيّة على الطّبيعة في الأزمنة الحديثة قد كان ملازما لشعور الإنسان بالمهانة (1). فكلّما تفاقمت سيطرته على الطّبيعة ازداد إحساسه بالهوان حدّة. وبذلك نرى كيف تنهض فلسفة الذّاتيّة الحديثة على هذه المفارقة الأساسيّة المتكونة من هذه الثّنائيّة: هوان الإنسان التّجريبيّ وسموّ الذّات المتعالية، ونقف في الآن نفسه على ما يميّز تفكير الذّاتيّة الحديث. وهو على ما يبدو تفكير مجرّد من كلّ نزعة إنسيّة humanisme، بل هو في الأصل تفكير “مضادّ للإنسيّة anti-humanisme”. فهذه النّزعة قد وسمت فكر النّهضة بميسمها لمّا احتفت بالإنسان بوصفه درّة الخلق، وأكرم مخلوق في سلسلة المخلوقات، في حين أنّ الحداثة في أتمّ معانيها لم تصبح ممكنة إلاّ حين فقد الإنسان منزلته الرّفيعة المتميّزة وانحدر إلى مرتبة عنصر، أو مجرّد عنصر من الواقع. ولهذا الخسران، أي خسران هذا الامتياز، قرينه تتمثّل في بروز الذّات l’émergence du sujet ، لا بوصفها جزءا لا يتجزّأ من الواقع وإنّما بصفتها فراغا خالصا غير مادّيّ.
وقد عبّر فرويد في نصّ شهير بالغ الأهميّة عن هذا الخسران بما صار يعرف بـ“الجروح النّرجسيّة الثّلاثة Les trois blessures narcissiques”. يقول في كتابه “مدخل إلى التّحليل النّفسيّ”: “وجّه العلم على مدى قرون إلى أنانيّة البشر السّاذجة تكذيبين خطيرين. أمّا التّكذيب الأوّل فقد كان لمّا بيّن العلم أنّ الأرض بعيدة كلّ البعد عن أن تكون مركز الكون، فهي لا تشكّل سوى جزء حقير من النّظام الكوسميّ الّذي لا نكاد نستطيع تمثيل عظمته. فهذا التّبيان الأوّل قد ارتبط عندنا باسم كوبرنيك Copernic، رغم أنّ العلم الإسكندرانيّ قد أعلن عن شيء شبيه بهذا. أمّا التّكذيب الثّاني فقد وجّهه البحث البيولوجيّ إلى البشريّة لمّا قضى على ادّعاءات الإنسان قضاء تامّا في احتلاله محلاّ ممتازا من نظام الخلق وذلك بتنزيله ضمن مملكة الحيوان وبيان الطّابع الدّائم لطبيعته الحيوانيّة. وقد أنجزت هذه الثّورة الثّانية في أيّامنا هذه بفضل أعمال شارل داروين Darwin ووالاص Wallace ومن أتى بعدهم، وهي أعمال قد أثارت عند المعاصرين ردود فعل بالغة الحدّة. ويتوقّع أن يوجّه تكذيب ثالث إلى جنون العظمة البشريّ mégalomanie بفضل البحوث النّفسانيّة الجارية في أيّامنا، وهي تقصد إلى أن تبيّن للأنا أنّه لم يعد بمفرده سيّدا في منزله الخاصّ، وأنّه قد أجبر على أن يرضى بمعلومات نادرة ومجزّأة على ما يجري خارج وعيه، وفي حياته النّفسيّة...” (2).
بيد أنّ لهذه الجروح النّرجسيّة الثّلاثة بعض التّبعات اللاّهوتيّة قد ارتبطت بصفة واضحة بالجرحين النّرجسيين الكوبرنيكيّ والدّاروينيّ. ولأجل ذلك سينصبّ اهتمامنا عليهما رغم ما أحدثه الجرح الفرويدي من شروخ في جهاز الذّات النّفسي بنقل كلّ ما يجري فيها إلى “المشهد الآخر” l’autre scène خارج كلّ وعي.
****
أمّا الجرح الّذي أحدثته الثّورة الكوبرنيكيّة فقد تجلّى في أنّ الحداثة الوجوديّة قد جعلت البشر يرون في معرفة “من هم؟” سؤالا أقلّ قيمة من معرفة “أين هم؟”. وهذا الانقلاب في قيمة الأسئلة ليس مردّه زوالَ الوهم عن موقع الأرض المركزيّ من الكسموس، وإنّما إلى هذا الكون اللاّمتناهي الّذي طُلب من إنسان الأزمنة الحديثة أن يسلّم به. ولقد عبّر كبلر Kepler عن قلقه من نظريّة الكون اللاّمحدود إذ رأى أنّها تحمل في طيّاتها نوعا من الفزع السّريّ الخفيّ. فهو يشعر بأنّنا في الواقع نهيم في فضاء بلا حدود، قد زالت عنه كلّ الحدود وكلّ نقطة مركزيّة، فزال من جرّاء ذلك كلّ نوع من أنواع الفضاء الثّابت. وعلى غرار كبلر Kepler تعيّن على العالم الإنساني أن يتعلّم كيف يقبل في كلّ يوم حقائق جديدة تخصّ هذا الخارج البرّانيّ الّذي لا علاقة له بالكائن الإنسانيّ. وهي حقائق مافتئت تؤكّد أنّ الإنسان قد أحيط من كلّ جانب بخارجيّات extériorités موحشة تنفخ في اتّجاهه صقيع النّجوم وتظهر له تعقّد هذا الخارج غير البشريّ.
لقد فقد الإنسان بتطلّعه الاستكشافيّ على أسرار الكوسموس ملجأه الثّابت الّذي كان يشغله منذ أزمنة ضاربة في القدم حين نسف دروع الوهم وأجهزة المناعة الّتي تكوّنت على مدى زمن طويل من التّطوّر البشريّ. من ذلك أنّه لمّا بيّن الفيزيائيّ الأنقليزيّ طوماس ديجاز Thomas Digges سنة 1570 بطلان الاعتقاد القديم في وجود القشور السّماويّة من منظور فيزيائيّ، شعر مواطنو الأزمنة الحديثة أنّهم وجدوا في وضعيّة جديدة. فعلاوة على زوال الوهم الّذي جعل أرضهم تحتلّ مكانة مركزيّة من الكوسموس تهافتت الفكرة الخياليّة المُعزّية الّتي ترى أنّ الأرض قد تدثّرت بدوائر كرويّة تشبه معاطف سماويّة مدفّئة. ومنذ ذلك الحين تعيّن على أناس الأزمنة الحديثة أن يتعلّموا ما ينبغي فعله للوجود مثل نواة مجرّدة من كلّ لحاء. فقول باسكال “إنّ الصّمت السّرمديّ للأفضية اللاّمتناهية ليفزعني” إنّما يعبّر في واقع الأمر عن عقيدة النّاس الحميمة في تلك الأزمنة. ومعنى ذلك أنّ العيش في الأزمنة الحديثة يعني أن ندفع ثمن غياب الغطاء. وبذلك أضحى الإنسان الحديث يشعر بالخيبة والبرد واليتم لمّا فقد دفء الوهم بتملّك المحيط الّذي كانت ترتبط به الإنسانيّة القديمة (3). وقد عبّر نيتشه في كتاب “المعرفة الجذلى” عن هذا الفقدان بأسئلته الحارقة الواردة في الشّذرة 125§ الموسومة بـ“المعتوه” «L’insensé». يقول: “من ذاك الّذي أعطانا الإسفنجة لنمحو الأفق برمّته؟ وما الّذي صنعناه لمّا قطعنا الأرض عن الشّمس؟ وإلى أين تمضي بدورانها الآن؟ أبعيدا عن كلّ الشّموس؟ أو لم نتعجّل السّقوط على نحو مستمرّ؟ أ[هو سقوط] إلى الوراء أم جانبا أم إلى الأمام أم في كلّ اتّجاه؟ أولسنا نهيم كأنّنا [نهيم] عبر عدم لا نهائيّ؟ أولا نشعر بهبوب الفراغ؟ أوليس الجوّ باردا؟” (4). بيد أنّ التّبعات اللاّهوتيّة للثّورة الكوبرنيكيّة لم تظهر في الإبّان. فقد احتاجت إلى وقت حتّى نعرف أنّ ما فقده الإنسان بزوال وهم مركزيّة الأرض في الكوسموس إنّما هو “موت الله”. وهذه العبارة قد أطلقها نيتشه، وكثيرا ما كان يستدلّ بها على إلحاده. ولكنّها في الحقيقة عبارة مرتبطة بزوال الوهم الكوسميّ. ففي الشّذرة 125§، يتابع نيتشه أسئلته على لسان “المعتوه” قائلا:
“(...) أولا نشعر بهبوب الفراغ؟ أوليس الجوّ باردا؟ أو لسنا في ليل لا يتوقّف ولا يني على أن يكون ليلا؟ أو لا ينبغي أن نشعل القناديل منذ الصّباح؟ أو لم نسمع بعد صخب الحفّارين الّذين دفنوا الله؟ أو لم نشعر بعد بالتّعفّن الإلهيّ؟ فالآلهة أيضا تتعفّن! الله مات! الله ظلّ ميّتا! ونحن الّذين قتلناه! فكيف نتعزّى، نحن، قَتَلَةَ القَتَلَةِ؟” (5). بيد أنّ هذا الموت لا يعني شيئا سوى زوال الآخر الكبير Autre زوالا لا يمكن تلافيه. فعندما تحدّث نيتشه عن موت الله فإنّه في الواقع كان يتحدّث عن موت فكرة الآخر الكبير Autre الخالصة بما هي استعارة مطلقة عن الغيريّة الّتي هي الله (6).
****
أمّا الجرح الدّاروينيّ فمرتبط بنظريّة عالم الطّبيعة الأنقليزي شارل داروين Charles Darwin (1809-1882) في أصل الأنواع. ففي سنة 1859، عرض هذا العالم في كتابه الشّهير “أصل الأنواع”، نظريّته في التّطوّر بواسطة “الاستصفاء الطّبيعيّ”la sélection naturelle ، أي بحفظ الأنواع المحظوظة بواسطة الصّراع من أجل البقاء. ولقد قام استدلاله على إقرار مزدوج. فقد بيّن أنّ كلّ الكائنات الحيّة معرّضة للتّنويعات الفرديّة العرضيّة المرتبطة باستعمال عضو من الأعضاء أو عدم استعماله، أو للظّروف الخارجيّة ( كالمناخ والتّغذية...) الّتي يوجد فيها. كما تسبّب تكاثر الأنواع على وجه الأرض في صراع حقيقيّ للبقاء. ومن ثمّة أمكن لداروين أن يؤكّد أنّ بعض الأفراد من هذه الأنواع قد تجسّمت فيه تنويعات منحته بعض الميزات لخوض هذا الصّراع، وهي ميزات ستنقلها إلى خلفها. وهذا هو بالضّبط ما يطلق عليه داروين تسمية “الاستصفاء الطّبيعيّ”. وهو عمل يمتدّ على فترة زمنيّة طويلة بما يسمح للخصائص بأن تتنوّع، وتتشكّل منها أنواع جديدة. ولكن في المقابل سيحدّد “الاستصفاء الطّبيعيّ” زوال الأشكال الأقلّ جودة. ولكن في حالات كثيرة انضاف إلى كلّ ذلك الاستصفاء الجنسيّ الّذي يضمن للذّكور الأفضل تكيّفا أكبر عدد ممكن من الخلف.
ولكن حين ظهر كتاب “أصل الأنواع” سنة 1859 كان النّجاح منقطع النّظير. فقد سحب من الطّبعة الأولى 1250 نسخة نفدت كلّها يوم صدورها، ثمّ 60 ألف نسخة بيعت جميعا سنة 1876 بإنقلترا فقط. وكما كان النّجاح عظيما كانت الفضيحة أعظم. وكلاهما (أي النّجاح والفضيحة) يعود إلى قيمتهما اللاّدينيّة الّتي أضفيت على الأثر رغم حيطة المؤلّف. فنظريّة داروين تعارض ما جاء في التّوراة الّتي جاء فيها أنّ الله هو من خلق النّبات والحيوان حسب أنواعها. وبإجراء نفس الأفكار فيما بعد على أصل الإنسان تصبح نظريّة داروين في أصل الأنواع معارضة لقصّة خلق آدم وحوّاء. وعلى هذا نرى أنّ التّحوّليّة transformisme الّتي وسمت نظريّة داروين قد أثارت سخط المهاجمين من اللاّهوتيّين المسيحيّين وحماسة المدافعين من المفكّرين الأحرار. ويرجع هذا التّعارض بين الفريقين إلى أنّ التّحوّليّة تمثّل صورة من مذهب الإلحاد. ومازال هذا التّعارض قائما إلى اليوم بين التّحوليّة والخلق الإلهيّ créationnisme.
غير أنّ هذا كلّه لا يفسّر ما لا يحتمل في اكتشاف داروين. فليس ظهور الإنسان ضمن سيرورة التّطوّر الطّبيعيّ هو ما لا يطاق، وإنّما الطّابع الفوضويّ ذاته لهذا التّطوّر، أي هذا الطّابع اللاّغائيّ non-téléologique الّذي يجعل كلّ “توافق بين الرّوح والعالم” مدعاة للسّخرية. “فحيثما كان لامارك يولي أهمّية كبرى لطابع الطّبيعة المعقول والحقيقيّ كان داروين يتلذّذ بشذوذهاexcentricités وغرابتها bizarreries، ويتمتّع من حين لآخر بغبائها. لقد كان يبحث عن الهامشيّ والمتفكّك ليسند أطروحته في لانتقاء الطّبيعيّ (...) ويمكن أن نبرهن على أنّ الطّبيعة قد تلذّذت لذّة عظيمة بجمعها للمتناقضات حتّى تسحب كلّ أساس من نظريّة التّناغم الموجود سلفا بين العوالم الدّاخليّة والخارجيّة. وها هنا نلمس جوهر الدّاروينيّة الخالص. فلا وجود لخلق خاصّ، ولا لتكيّف مثاليّ، ولا لتوافق نوعيّ بين الرّوح والعالم. فهذه التّنافرات، إن أردنا الدّقّة، هي الّتي فتنت مباشرة داروين” (7).
وعلى هذا النّحو نقف على الإحراجات اللاّهوتيّة الّتي عصفت بالتّفكير الدّيني منذ الأنوار، ولكنّها إحراجات قد كانت أيضا ملازمة لبروز الذّات في الأزمنة الحديثة، وبفضلها أصبحت حداثتنا ممكنة.