حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 محمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (3) مثقفـو المُقَابَسات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ميمونة
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ميمونة


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 272
معدل التفوق : 796
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 17/12/2011

محمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (3) مثقفـو المُقَابَسات Empty
26122013
مُساهمةمحمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (3) مثقفـو المُقَابَسات

محمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (3) مثقفـو المُقَابَسات Arton7556-8dd4b

[1]

العنوان للمفكّر الراحل محمد عابد الجابري، وَرَدَ ضمن كتابه "المثقفون في الحضارة العربية، محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد". وهو جزء من السياق العامّ للكتاب الذي كان إسهاماً فـي محور التأصيل الثقافي للمفاهيم الحديثة، أو بالأحرى "لقيم الحداثة المعاصرة التي تفرض نفسها اليوم كقيم إنسانية كلّية ـ عالمية، وذلك بربطها بما قد يكون في تراثنا من أشباه لها ونظائر، وإعادة بناء هذه بطريقة تجعل منها مرجعية للحداثة عندنا".

فسياق العمل الذي كرَّسَه الجابري لِمَا كانت عليه أوضاع المثقفين في الحضارة العربية، لم يكن يسمح بالقفز على هذا النوع من المثقفين الذي ظهروا في القرن الرابع الهجري، وخصوصاً بالوقوف على طبيعة ذلك العصر بالذات، الذي كان يَفْتَقِدُ لـ"مشروع" ثقافيّ أو سياسيّ للدولة.

غياب هذا المشروع، الذي يعني العمل دون أُفق، أو دون تصوُّر محدَّد في الرؤية كما في الموقف، أي غياب استراتيجية ثقافية واضحة، هو ما أفضى إلى ظهور مثل هذا النوع من المثقفين، الذين، كما يشير الجابري، كان أبو حيان التوحيدي فـي كتابه "المقابسات"، أوّل من انتبه إليهم، وقام فـي كتابه بإفشاء أمرهم، وبوضعهم فـي سياق سُلُوكاتهم المعرفية، أو الثقافية التي كانوا يصدرون عنها.
[2]

غياب المشروع الثقافي، أتاح انفلات العمل الثقافي وأَوْجَدَ مناخاً ساعد على ظهور، كما يقول الجابري، فئة المستهلكين للثقافة الآخذين من هنا وهناك، أو مَنْ سمَّاهُم أبوحيان بـ"المُتَقَابِسِين" الحريصين على "المشاركة" في كلّ علم والإدلاء فيه بدلو خلال المناقشات والمقابسات التي كانت تزخر بها المجالس الثقافية. لم تكن المشاركة، هنا، صادرة عن معرفة بالموضوعات، أو استقصاء، ما كان هؤلاء يخوضون فيه من قضايا وأفكار، فهي كانت من نوع المشاركات العامّة، التي تخوض في "شتّى المعارف والفنون" لكن دون قول شيء جدير بالقول، أو استيفائه، بما يقتضيه من معرفة واختبار، أي خُلُوِّها " من أيّ مجهود إبداعي إلا نادراً".

[3]

هذا النوع من المثقّف، الذي يعمل دون "مشروع"، كان يفتقر لصفات المثقف المُتَأَنِّي، والعارف بشِعَاب أراضيه، فهو كان مثقفاً انتقائياً، معروفاً بالابتسار، وبـ"اللانسق واللا نظام". فهو ينتزع الفكرة من مكانها، أي من السياق الذي وردت فيه، ويستعملها في غير أرضها، أي خارج سياقها، ما كان يفضي، في مثل هذا النوع من الاجتزاء إلى نوع من "الجدل السفسطائي"؟

عرض الجابري من خلال أبي حيان نماذج لمثل هؤلاء، الذين اتَّسَمُوا بصفاتٍ مثل "قلّة النظر في الكُتُب"، وهو ما قاله أبو حيان عن شيخه أبي حاتم السجستاني، ومَنْ كان مشغولاً بأمور لا صلةَ لها بالمعرفة، مثل التجارة و"محبّة الربح"، ومَنِ "يُفْسِدُ السَّمِين بالغثّ"، وأيضاً "المتّبع والدَّعيّ" مثل عيسى بن علي الذي كان رَحْبَ العبارة، لكنه لم يكن يكتب، بعكس أبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي الذي كان "أعرف بالكتابة" و"نظمه منثوره ومنثوره منظومه".
[4]

في ما عرضه من خلال ما جاء في كتاب "المقابسات"، كان الجابري يعرض صُوَرَ المثقف، من خلال بعض مظاهرها التي سادت في ذلك العصر، أي في لحظة كانت تفتقد لمشروع ثقافيّ وسياسيّ واضحين، في يَدِ الدولة، أو في رؤيتها لهذا "القطاع".

ما يَهُمنا نحن هنا هو هذه المُقايَسَة، أو ما سمّاه القدماء بـ"قياس الغائب على الشاهد" التي اعتبرها الجابري في مقدمة كتابه "نحن والتراث" قبل أن يطالها مِنْ تشويه منهجي، بمثابة المنهج الذي استُخْدِم في أكثر من عِلم "فكانت بحقّ منهج البحث العلمي في الثقافة العربية الإسلامية". كما في غيرها من الثقافات. فما يجري عندنا اليوم، في الوضع الثقافيّ العربيّ بشكل عامّ، وما يحصُلُ، بشكل خاصّ في المشهد الثقافي المغربيّ الراهن، يعود بنا حتْماً، إلى هذا "الغائب" الذي نستعيده، ليس بنوع من الحنين إلى الماضي، أو استجداء الماضي لإنقاذ الحاضر، بل لنستعين بهذا الغائب، لفهم ما يجري في الحاضر. هذا هو الأساس النظري السليم للمُقَايَسَةِ، أو لهذا القياس الذي اسْتَنْجَدْنا به لإضاءة بعض ما هو اليوم مُعْتِمٌ في فهمنا لما يجري.

[5]

"الدولة" العربية اليوم غير معنيّة بشأن الثقافة، ما يجري يَشِي بلامُبَالاةٍ حقيقية في رؤية هذه الدولة لما له علاقة بالمعرفة. فواقع التعليم بأسلاكه المختلفة هو مثال على هذه اللاَّمُبَالاة، وهذا الإهمال المقصود لما له صلة بالمعرفة. الإهمال، هو ظاهرة تَسْتَشْرِي حتى في ما هو سياسيّ، أو ما يمكن اعتباره مشروعاً سياسياً ثقافياً. فشل خُطَط التعليم، وعمليات التجميل المتواصلة التي تقوم بها هذه الدول لإبداء اهتمامها بهذا القطاع الهام، كُلُّها تشبه الوخز بالإبر لجسدٍ يعيش حالة احتضار متواصلة، أو ما يمكن تسميته بالموت الإكلينيكي. وهو الوضع نفسه الذي يمسّ قطاع الثقافة، التي تبقى ميزانياتُها في أغلب هذه الدول، كافيةً للتعبير عن رؤية الدولة للعمل الثقافي في سُلَّم برامجها أو في سُلَّم اهتماماتها.

مَنْ يقترب من هذين القطاعين، ويقـرأ ما يجـري فيهما من تبذيـر للوقت والجُهد، وما أصبح مُسْتَشْـرِياً فيهما من نزيف، سيفهم بوضوح معنـى ما يجري.

أنْ تتلاحق الأزمات ويستمر الفشل، وهو اليوم أصبح مُعلناً عندنا في المغرب، كما عند بعض الدول العربية الأخرى، فهذا ما يشي بوجود خَلَلٍ في خلايا هذا الجسد المريض. أليس ما جرى في القرن الرابع الهجري من انتشار مظاهر ثقافية لا تستوفي المفهوم، كما نعرفه اليوم، أو لا تستطيع تشخيصه إلا سَلْبـاً من خلال غياب مشروع سياسي ثقافي للدولة، هو نفسه ما يجري عندنا اليوم؟

[6]

يعنيني المغرب هنا بشكل خاص، وفي الوقت الراهن تحديداً. فانتشار مثقّفي المقابسات عندنا، هؤلاء الذين يتكلّمون في كلّ شيء ويشغلون المجالس أو الندوات ووسائل الإعلام، وينوبون عَنَّا في السفر، وفي تمثيلنا في كلّ المحافل في الخارج كما في الداخل، أليس هؤلاء هم نتاج غياب هذا المشروع، ونتاج لهذا الخلط الثقافي، في المفاهيم كما فـي القيم وفي السلوكات؟ أليس هذا الوضع هو نفسه الذي جعل التوحيدي يفضح هذا المرض العُضال، ويكشف عن أنماط المثقفين الذين يتغذَّوْن من مثل هذا الغياب، ويستفيدون من فراغ الدولة من الرغبة في وجود مشروع يُوَسِّع من مجتمع المعرفة، أو يَحُثُّ على قيامه باعتباره من ضرورات التنمية، ومن أهمّ الأسس التي يقوم عليها مفهوم الدولة نفسه. فالحاجة إلى السياسة، هي نفسها الحاجة إلى الثقافة، وهي نفسها الحاجة إلى الإنسان المُجتهد، والمبدع، أعني الذي يُدْرِك قِيمَتَهُ بقيمة المجتمع الذي ينتمي إليه.

كما أشرتُ، في رسالتي المفتوحة لوزير الثقافة الحالي، فإنّ المغرب في شخص وزارة الثقافة منذ الاستقلال إلى اليوم يسير دون مشروع ثقافي. ما يجري هو نوع من المقابسات؛ برامج لا يحكُمُها رابط، والنشر والقراءة إلى جانب ما يعنـي الوزارة من فنون وآثار، كلها تجـري خارج أيّ تصوّر، أو تفتقد بالأحرى لرؤية واضحةٍ ليست الوزارة طبعاً، هي المعنيّة بوضعها كما أشرتُ في رسالتي للوزير، بل مَنْ يعنيهم الشأن الثقافي في المغرب مِنْ مُنتجين للمعرفة بمختلف مشاربهم، وناشرين وموزعين ووزارات مثل وزارة التعليم والشبيبة والرياضة، وحتى الجمعيات التي تعمل في هذا القطاع.


[7]

غياب مشروع ثقافـي، أو ما سمّاه الصديق الشاعر عبد اللطيف اللعبـي بـ"الميثاق الثقافي"، هو إحدى أكبر حالات العطب في ثقافتنا، وهو ما يُكَرِّس انتشار ظاهرة المثقفين المُتَقابِسين، الذين كانت الوزارة منذ الاستقلال إلى اليوم تعتمد عليهم في تمرير أنشطتها، وفي تسويغ برامجها، رغم افتقاد هذه البرامج للنسقية والتنظيم.

حتى في القرن الرابع، كان هؤلاء طعاماً تتغذّى منه مجالس الوزراء، وكلّ ذي سلطان وجاه، وهو نفسه ما بات يحدُثُ، ليس عندنا فقط، بل في مجموع الوطن العربي.
[8]

كان الجابـري، وقبله الخطيبي، نموذجـاً للمثقف الدؤوب، المبـدع، الذي لا يتوقّف عن استشارة النصوص، وعن نقدها، أو تفكيك آليات اشتغالها، أي العقل الذي يحكُم نظامها في التفكير. فالجابري احتـاج ليصل إلى مشروعه في نقد العقل العربي إلـى سَبْرِ التاريخ، وإلـى اختبار قدرة المفاهيم والتصوّرات على اختراق طبقات البناء الذي عملت السلفية، كما عملت غيرها من القراءات التالية عليها، سواء كانت ليبرالية أو يسارية، على إرسائها، دون تذكيـر النسيان، بتعبير فوكو، أو دون إعـادة هدم الأساسات، واختبارها، في ضوء ما يَسْتَجِدُّ من مناهج ومعطيات، وما تفرضه طبيعة المشروع من قراءة تتجاوز حدود الدرس والتحليل.

فنموذج الجابري والخطيبي والعروي في مجال الفكر، وغيرهم ممّن يشتغلون في حقول أخرى لها علاقة بالشعر والسرد، هؤلاء عملوا وفق مشروعات قامت على جُهد فرديّ، رغم أنَّ الجابري مثلاً، كان يرى أنّ طبيعة مشروعه تفرض انخراط غيره فيه، لأنّه كان يرى عملاً من هذا القبيل ليس عمل فرد، بل جماعة، أو إذا شئنا، فهو عمل مؤسّسة. يَذَكِّرُني هذا بما كان يقوله طه حسين عن عمله، الذي كان هو الآخر عملاً فريداً في سياق وضع ثقافيّ ما تزال الدول عاجزة عن إدراك أهميته، وفهم الحاجة إليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

محمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (3) مثقفـو المُقَابَسات :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

محمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (3) مثقفـو المُقَابَسات

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المدونات العامة-
انتقل الى: