لقاء 'اصدقاء سورية' في ظل غياب الناتو
رأي القدس
2012-02-23
عندما
سألت 'القدس العربي' الدكتور أحمد داوود اوغلو وزير خارجية تركيا أثناء
لقاء معه في منزله في أنقرة عن الفرق بين تجمع أصدقاء سورية الذي يبدأ
أعماله اليوم في تونس ونظيره الليبي الذي حمل الاسم نفسه وانفض بعد قتل
العقيد الليبي معمر القذافي وسقوط مدينتي سرت وبني الوليد في قبضة كتائب
المجلس الوطني المؤقت، تأمل الدكتور اوغلو برهة ثم قال ان تجمع دول أصدقاء
ليبيا تشكل بعد حدوث التدخل العسكري من قبل الناتو أما نظيره السوري فيبدأ
اجتماعاته قبل حدوث هذا التدخل أو بالأحرى في ظل غيابه.
الدكتور داوود
اوغلو لم يقل أن تدخلا عسكريا ً سيحدث في سورية في نهاية المطاف، ولكن من
الواضح أن هناك أطرافا عديدة تريده وفي أسرع وقت ممكن وعلى رأسها الفصيل
الأكبر في المعارضة السورية أي المجلس الوطني الوطني السوري.
رفض كل
من روسيا والصين الدعوات التي وجهت إليهما للمشاركة في اجتماع تونس اليوم
يعكس تصميم هاتين الدولتين وقيادتهما على الوقوف بقوة إلى جانب النظام
السوري، مثلما يعكس أيضا فشل الاتصالات العربية والأمريكية لإقناع
الدولتين بتغيير موقفهما هذا رغم الإغراءات المالية المباشرة وغير
المباشرة التي تزامنت مع هذه الإغراءات.
تجمع أصدقاء سورية يدشن
أعماله في ظل تصاعد أعمال القتل التي يمارسها النظام السوري في محاولة من
جانبه للسيطرة على الأوضاع في حمص خاصة بأسرع وقت ممكن، مما يعني أن
معاناة مدنيين في المدن المستهدفة من قبل قوات الأمن والجيش في تصاعد
كبير، ومعها أعداد أكبر من القتلى.
الأحاديث التي تسربت بين أروقة
اجتماعات تونس الجانبية تقول بأن النقطة الأبرز والأكثر إلحاحا على جدول
الأعمال هي كيفية إقامة ممرات آمنة لإيصال الدواء والطعام إلى المناطق
المنكوبة ولكن هناك تصورين في هذا الصدد:
الأول: ما تريده دول
الجامعة العربية ومعها كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا أي أن تكون هذه
المناطق محمية من قبل قوات عربية غربية مشتركة.
الثاني: هو ما تريده
روسيا والصين أي أن تكون هذه الممرات الآمنة متفقا عليها مع النظام السوري
أولا، وتحظى بحماية من قوات تابعة للأمم المتحدة يتم الاتفاق على تشكيلها
وتنحصر مهمتها في المراقبة فقط.
لا نستبعد أن يتم التوصل إلى اتفاق وسط
بين التوجهين، فإذا كان الهدف هو إيصال المواد الإنسانية إلى الذين
يواجهون الحصار والقصف، فإن الجانبين يجب أن يقدما تنازلات في هذا الصدد،
أما إذا كان الهدف هو استمرار التصعيد فان مهمة التكتل الجديد في تونس
ستكون صعبة للغاية.
سورية دخلت بوابة الحرب الأهلية من أوسع أبوابها
بعد تدفق الأسلحة والمتطوعين عبر الحدود للقتال إلى جانب الثوار ضد النظام
السوري، وبعد اعتراف وزارة الدفاع الأمريكية رسميا بدخول عناصر القاعدة
على خط الأزمة، فإن علينا أن نتوقع المزيد من سفك الدماء في صفوف النظام
وقواته وأبناء المناطق الملتهبة خاصة في حمص وحماة وادلب وبعض المناطق
الأخرى.
ذكرنا في هذا المكان قبل أشهر أن سورية تنزلق بسرعة نحو
النموذج الدموي العراقي الذي ساد بعد عام 2006 لأكثر من عامين، حيث كانت
السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية هي العناوين الأبرز، وهو سيناريو
مرعب نتيجته الخراب والدمار وسقوط الآلاف شهريا ً في ظل تفاقم الخلافات
بين طرفي الأزمة ودخول قوى عظمى إلى حلبة الصراع، وتصاعد حالة التوتر على
صعيد الملف الإيراني وتواتر التوقعات حول هجوم إسرائيلي وشيك لتدمير
البرامج النووية الإيرانية فإن الصورة تبدو قاتمة السواد نقولها وفي
قلوبنا حسرة.
هناك ثلاثة احتمالات للأزمة السورية، فإما أن ينتصر
النظام، أو تنتصر المعارضة، أو يُنهك الطرفان ويضطران للقبول بحل وسط في
نهاية المطاف، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو أي سورية سيحكم المنتصرون أو
الذين سيصلون إلى الحكم عبر أي طريقة كانت، هذا إذا بقيت سورية التي
نعرفها وهو ما نشك فيه كثيرا ً