حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
زوارنا الكرام ..هرمنا ترحب بكم .. وتدعوكم لاستكمال الثورة الثقافية ..اضموا الينا ثورة وابداعا
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
عدد الزوار


 

 معجزات التطور: تطور العين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
باسم
ثـــــــــــــــائر محــــرض
ثـــــــــــــــائر محــــرض
باسم


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 342
معدل التفوق : 954
السٌّمعَة : 20
تاريخ التسجيل : 15/12/2011

معجزات التطور: تطور العين Empty
22122013
مُساهمةمعجزات التطور: تطور العين

معجزات التطور: تطور العين 1340522298753


الرؤية هي صفة نادرة بين الأحياء – فهي لا توجد عند النباتات والفطور والطحالب والجراثيم وحتى عند الحيوانات فهي توجد فقط في 4 شعب من أصل 38 شعبة حيوانية ، ولكنها هامة تطورياً فليست كل الشعب متساوية فالحبليات (ومنها الفقاريات والإنسان) تحوي حوالي 40 ألف نوع والرخويات تضم حوالي 100 ألف نوع ومفصليات الأرجل (ومنها الحشرات والعناكب) تضم أكثر من مليون نوع مصنف
وتشكل أكثر من 80% من الكائنات ، أي أن العين موجودة في أكثر من 95% من الأنواع الحيوانية.

ظهور العين غير مسار التطور فقد ظهرت فجأةً في السجل الأحفوري منذ حوالي 540 مليون عام قرب بدء الانفجار الكامبري وهو وقت ظهور معظم الشعب الحيوانية ويظن البعض أن تطور العين هو سبب الانفجار الكامبري. أهمية الرؤية تنبع من أن الرؤية تعطي معلومات عن البيئة أكبر من السمع والشم واللمس ، وكثير من التغيرات التطورية كانت ناجمة عن قابلية الرؤية أو كون الكائن مرئياً ، وهو قد نشط سباق التسلح بين الضحايا والمفترسات.

-------------------

تطور العين يشكل مشكلة لدراسة للتطور وتشكل تحدي للاصطفاء الطبيعي ، فالعين كاملة ودقيقة ولا يبدو من الممكن تطور عين كاملة بالصدفة ، وما هي فائدة نصف عين وقد شجعت مؤيدي التصميم الذكي بالإدعاء بأنها بنية غير قابلة للاختزال وإن نصف عين بدون شبكية أو عدسة غير مفيدة على الإطلاق ولذلك لا يمكن أن تتطور بالاصطفاء الطبيعي. أما الداروينين يدعون أن العين بعيدة عن الكمال وهو ما يعرفه المصابين بخلل في البصر وهم بعدد كبير ، كما ناقش الداروينين بأن عين الإنسان بعيدة عن الكمال وإن أي مهندس سيقوم بتصميم العين بشكل أفضل وهو ما يشاهد عند الإخطبوط. لكن هذا الإدعاء غير صحيح فقد تبين بأن الاصطفاء الطبيعي أذكى مما توقعه الباحثون.

لنناقش هذه الحالة بالتفصيل: إن عين الإخطبوط وعين الإنسان هما من نفس النوع وهو Camera eye وفيهما توجد عدسة وحيدة في مقدمة العين والطبقة الحساسة للضوء وهي الشبكية في الخلف. إن السلف المشترك للإخطبوط والإنسان هو نوع من الديدان التي لا تملك عيناً فلابد من أن العين تطورت بشكل مستقل عند أسلاف الإنسان والإخطبوط ، وهو يتأكد بالمقارنة الدقيقة بين النمطين حيث تتطور جنينياً من أنسجة مختلفة وتنتهي بتنظيم مجهري متباين.

في الإخطبوط يكون تنظيم العين أكثر دقةً ، فالخلايا الحساسة للضوء توجد في الطرف الخارجي باتجاه الضوء بينما تتوضع الطبقة العصبية في الخلف وهي تنقل المعلومات للدماغ. في الإنسان تبدو
الشبكية مقلوبة فالطبقة الحساسة للضوء تتوضع في الخلف وتغطى في الأمام بالطبقة العصبية وهنا يجب على الضوء القادم أن يمر عبر غابة من الأسلاك قبل أن يصل للخلايا الحساسة ، وتجتمع الأسلاك وتخترق الشبكية عبر العصب البصري مما يشكل بؤرة عمياء في الشبكية. لكن يجب عدم التسرع بالحكم فالحالة أكثر تعقيداً فمن ناحية فالأسلاك شفافة ولا تعيق مرور الضوء وبالعكس هي تعمل مثل موجه للضوء و توجه الضوء عمودياً مباشرةً إلى الطبقة الحساسة مما يستخدم الضوء بشكل  أفضل ، ولكن الأهم فإن المستقبلات الضوئية تتوضع مباشرةً على الخلايا الداعمة ذات التروية الدموية العالية ، هذا التنظيم يؤمن الغلوكوز والأكسجين اللازمان للتحول المستمر للصباغ الحساس للضوء وهنا ننوه إلى أن شبكية العين عند الإنسان هي من أكثر الأنسجة حاجةً للأكسجين وبمعدل أعلى من معدل الحاجة الدماغية (حين تقاس بالنسبة لغرام من الأنسجة) ، وهذا يعني أن هذا التنظيم (الطبقة الحساسة في الخلف) هو مناسب جداً ، بينما لا يمكن لعين الإخطبوط أن تسمح بمعدل استقلابي عالي – وهو على كل حال غير
مهم له فالحياة عميقاً في البحار مع شدة ضوئية ضعيفة لا تحتاج لتحول سريع لتدوير الصباغ.

هذا يعود بنا لنقطة مهمة في البيولوجيا وهي أن كل تصميم له محاسن و مساوئ وتعتمد النتيجة النهائية على التوازن بين قوى الاصطفاء في كل حالة.

لكن مع تطور البيولوجيا الجزيئية بدأت الصورة بالتعقد وهي توحي بتطور العين من سلف قديم و أخضر اللون وهو ما سنعود عليه لاحقاً.

-------------------

نعود لسؤال ما فائدة نصف عين ، حسب رأي داوكينز أن نصف عين هي أفضل 1% من 49% عين وهو رأي غريب ، ولكن فكرة نصف العين مهمة ، لأن العين تتألف من قسمين 1- الأمامي (العدسة والقرنية) وهو الجهاز البصري و2-الخلفي (الشبكية) وهو الجهاز العصبي. حين نزع كل الجهاز البصري للعين (نصف عين) فهي تتحول إلى شبكية عارية وهي صفيحة من خلايا حساسة للضوء ، وهذه
الصفيحة هي نقطة ارتكاز التطور عبر الاصطفاء.

إن الشبكية العارية ورغم غرابتها فهي مناسبة لبيئة غريبة وهي فوهات (منافذ) الدخان الأسود في قعر المحيطات وهي موقع حياة عدد كبير من الكائنات التي تعيش في النهاية على حساب الجراثيم الكبريتية التي تستخدم غاز كبريت الهيدروجين الخارج من الفتحات ومن أشهر هذه الكائنات الديدان الأسطوانية العملاقة التي تصل بالطول حتى 3.5-4 م وهي كائنات عديمة الأمعاء وعديمة الفم وتعيش على حساب الجراثيم الكبريتية الموجودة في أنسجتها. هذه المخلوقات توجد فقط في المحيط الهادئ ، بينما نلاحظ في فتحات المحيط الأطلسي حيوان الروبيان الضخم Rimicaris exoculata. أسم هذا الحيوان يعني حرفياً روبيان عديم العينان ، بسبب الاسم والحياة في أعماق المحيطات فمن الطبيعي أن يتوقع الشخص عدم وجود عيون كلاسيكية لهذا الحيوان. بالفعل تغيب عن هذا الحيوان العيون الوصفية (eye-stalks) المشاهدة في أقرباء هذا الحيوان والتي تعيش قرب سطح المحيط. لكن نلاحظ في هذا الحيوان وجود شريطان مسطحان ضخمان على ظهر الحيوان. هذان الشريطان يعكسان الضوء (مثل عيون القطط). تم اكتشاف
هذه الشرائط من قبل Cindy van Dover في أواخر الثمانينات ، فقد أرسلت عينات نسيجية من الشرائط إلى أخصائي في عيون اللافقاريات وظهر له أن لها بنية شبكية واضحة ، وهكذا في هذا الحيوان يوجد لدينا شبكية عارية دون عدسة أو جهاز بصري.

هذه الشبكية العارية تحتوي على صباغ له خصائص تشبه جداً خصائص الصباغ الموجود في شبكية عين الإنسان والمسئول عن كشف الضوء وهو الرودوبسين rhodopsin والصباغ موجود ضمن خلايا حساسة للضوء تماثل الموجودة في عيون الروبيان التي تعيش قرب سطح المحيط ، وهذا يعني أن هذا الروبيان المسمى بالأعمى قد يكون قادراً على رؤية الضوء في أعماق المحيط. توقعت Dover
أنه من الممكن أن تكون للفوهات وهج باهت فالفوهة حارة وغنية بالمعادن المنحلة ، وقد تم تجريب إطفاء أضواء الغواصة Alvin وكانت الفوهة سوداء مظلمة للعين البشرية ولكن باستعمال الكاميرات الرقمية ظهرت هالة واضحة محددة حول الفوهة ولم يتبين وقتها لا شدة الضوء ولا لونه ولكن ظهرت إمكانية أن الروبيان يمكنه رؤية وهج الفتحة.

كان المتوقع أن يكون الضوء ذو لون أحمر مع طيف تحت أحمر حراري بارز ومن غير المتوقع إصدار لون أخضر أو ازرق. وإذا كان الروبيان يرى الضوء الأحمر الناجم عن الفوهة فهذا يعني أن عيونه
تستطيع رؤية الضوء الأحمر أو ما تحت الأحمر ، ولكن الدراسات على الصباغ الضوئي أظهر انه يتأثر بدرجة قصوى بالضوء الأخضر بطول حوالي 500 نانومتر والاهم أنه أظهر أن الصباغ يتأثر فقط للضوء الأخضر. كان الوضع يبدو غريباً وإذا كانت الشبكية العارية ترى اللون الأخضر والفوهة بلون أحمر فهي تعني أنها غير مفيدة ، وقد أقترح البعض أنها قد تكون عضو أثري مثل العيون العمياء لأسماك الكهوف ، ولكن الشبكية كانت موجودة في ظهر الروبيان وليس في رأسه كما يتوقع من عضو متنكس.

ظهر الحل مع دراسة اليرقات لهذا الكائن ، فعالم الفوهات ليس أبدي والفوهة قد تزول خلال عشرات السنين ، وتظهر فوهات جديدة طول الوقت وعلى بعد عدة أميال من الفوهة ، ولكي تنجو الأنواع
التي تعيش على الفوهات فهي يجب أن تجتاز هذه المسافات بين الفوهات ، وبينما تكون الأفراد الكهلة عالية التخصص وغير قادرة على الحركة ، مثلاً تصور حركة دودة  أنبوبية ضخمة لعدة أميال دون أمعاء أو فم ، ولكن يرقات هذه الأنواع تنتشر بحرية عبر المحيط ، واليرقات غير متخصصة للعيش ضمن الفوهات وهي توجد في معظم الأحيان في أعماق أقل بكثير وفي عمق يمكن إن يصل له بعض
ضوء الشمس ، أي أن العينان مفيدتان.

في البداية تم اكتشاف يرقات أحد السرطانات التي تعيش على الفوهات ، والكائن الكهل لها يملك شبكية عارية في رأسها ، ويرقات هذا النوع لها عيون طبيعية مثل أي سرطان أخر ، وفي النهاية تم كشف يرقات الروبيان وتبين أنها تملك عيون طبيعية وضمن رؤؤسها. حين نضوج اليرقة فهي تبدأ بالغوص نحو الفوهات وتبدأ عيونها بالتنكس ويتم امتصاص كل الجهاز البصري تاركاً الشبكية العارية ، وفي حالة الروبيان تتنكس العينان بشكل كامل وتظهر الشبكيات العارية على الظهر.

وجود العين الطبيعية عند اليرقات مهم للغاية ويعني أن الشبكية العارية ليست عبارة عن عين متنكسة ناجمة عن ضياع مترق لوظيفة الرؤية بسبب الحياة في الظلام وضياع العين ليس نتيجة لأجيال
من ضياع البصر ولكنها عملية موجهة للتوازن بين الكلف والفوائد.

هكذا يبدو أن الشبكية العارية أكثر فائدةً من العين الكاملة في العديد من الأحياء والسؤال لماذا؟ إن فائدة الشبكية العارية تكمن في التوازن بين الحساسية والقوة التمييزية ، القدرة التمييزية هي القدرة على مشاهدة تفاصيل المشهد وهو يتحسن بالجهاز البصري المؤلف عند الإنسان من القرنية والعدسة التي تركز الضوء على الشبكية لتشكيل خيال ، أما الحساسية فهي القدرة على كشف الفوتونات والحساسية المنخفضة تعني عدم القدرة على استخدام الضوء الضعيف الموجود. عند الإنسان وفي حالات الضوء الضعيف يتم زيادة الحساسية بتوسيع الفتحة (الحدقة) و باستدعاء خلايا أكثر حساسيةً للضوء وهو العصيات. هذه العمليات محدودة الإمكانيات والجهاز البصري اللازم لتشكيل الخيال يقلل من الحساسية ولزيادة الحساسية يجب إزالة العدسة وتكبير الفتحة لزيادة زاوية دخول الضوء والفتحة العظمى هي عند زوال كل الجهاز البصري وبقاء الشبكية العارية ، وهكذا فإن الشبكية العارية للروبيان الكهل هي على الأقل أكثر حساسيةً للضوء ب 7 مليون مرة من حساسية العين الكاملة لليرقة. وهكذا يقوم الروبيان (وحيوانات الفوهة) بالتضحية بالقدرة التمييزية لصالح زيادة القدرة على كشف الضوء وهكذا يمكن للحيوان كشف الضوء المنخفض للغاية ومن أي اتجاه. وجود الشبكية على الظهر مفيد حيث أنها تعيش على الصخور تحت الفتحة وتكون العين في موقع مثالي لكشف الضوء. هذه الإمكانية مهمة جداً لكائن حي يعيش على الحدود بين عالم حار جداً (يكفي لطهوه خلال ثواني) وعالم بارد جداً.

سنعود لاحقاً لموضوع اللون الأخضر ، ولكن الآن أظهرنا أن نصف عين قد تكون أفضل من عين كاملة في بعض الظروف.

-------------------

إن الشبكية العارية أو البقعة المسطحة الحساسىة للضوء هي نقطة الانطلاق لمعظم النقاش حول تطور العين ، فحسب داروين لكي يصبح من الممكن أن تتطور العين إلى الشكل الحالي يجب وجود مراحل
(عيون) وسيطة ذو فعالية منخفضة (وليست معدومة) في الرؤية وهذه الفروق يجب أن تكون موروثة.

جميع هذه الشروط محققة ، فالطبيعة مليئة بالأعين البسيطة وغير الكاملة من مجرد حفر خالية من العدسة إلى العيون المعقدة جداً. كما يتباين النظر بين الأفراد. من المؤكد وجود دور إيجابي للرؤية الجيدة في البقاء ، كما إن الكمال نسبي فعين النسر لها قدرة تميزية تعادل 4 مرات عين الإنسان ويمكن لها أن تلحظ التفاصيل من مسافة ميل.

رغم قبول معظم العلماء بمقولة داروين ، ولكن يجب تخيل الطيف المستمر من المراحل الوسيطة وكل مرحلة يجب أن تكون مفيدة. بالنمذجة تبين لـ نيلسون إمكانية تطور عين شبيهه بعين السمك اعتباراً من شبكية عارية ، ويمكن إضافة قزحية لتنظيم كمية الضوء الداخلة للعين ، ويمكن إضافة عضلات للعدسة لكي تتمكن من المطابقة. في هذا الحساب كان عدد الأجيال اللازمة لتطور العين الكاملة 380 ألف جيل ، وبمعدل عام كفارق بين جيل والأخر فإنه يعني إمكانية تطور العين خلال أقل من نصف مليون عام.

المهم في هذه المراحل أنه حتى الخطوات البسيطة مثل العدسة الأولية أفضل من عدم وجود أي عدسة ، والرؤية الضبابية أفضل من عدم وجود أي رؤية، وهناك دوماً توازن بين القدرة التميزية والحساسية. يمكن تشكيل خيال ممتاز بدون عدسة باستعمال كاميرا الثقب pinhole camera. هذه العين توجد في nautilus (أحد أنماط الرخويات البحرية القريبة من الامونيت) ، ولكن المشكلة في هذه العين هي الحساسية ، فالخيال الجيد يحتاج فتحة صغيرة مما يقلل الضوء الداخل للعين وفي حالات الضوء القليل للغاية يصبح الخيال باهتاً للغاية وغير قابل للتمييز وهذه ستكون مشكلة للحيوانات التي تعيش في أعماق
المياه المظلمة ، وقد حسب Land أن إضافة عدسة لهذه العين يزيد حساسية العين 400 مرة و قدرتها التمييزية 100 مرة ، ولذلك يوجد ضغط تطوري قوي لتطوير العدسات في العيون.

تطورت العدسة الأولى عند ثلاثيات الفصوص trilobite وقد ظهرت في السجل الأحفوري منذ 540 مليون عام وقريبة جداً من بدء الانفجار الكامبري وهو يثير سؤال عن إمكانية تطور العين بهذه السرعة وإذا كان هذا صحيحاً فمن الممكن أن يكون تطور العين هو سبب الانفجار الكامبري ، ولكن من الممكن أن تكون العين قد تطورت قبل هذه المدة ولكنها لما تظهر في السجل الاحفوري.

من المؤكد أن الانفجار الكامبري قد حدث بسبب تغيرات بيئية سمحت بالتخلص من حاجز الحجم المحدود ، فقبل ذلك كانت الكائنات صغيرة الحجم ولا تحوي أجزاء صلبة ولذلك فهي نادرة في السجل الاحفوري والحجم الصغير يعيق تطور أعين فعالة فالرؤية الفراغية تحتاج لعدسات كبيرة وشبكية واسعة و دماغ متطور لمعالجة الصور ولذلك لا يمكن أن تتطور إلا في الحيوانات الكبيرة. إن أرضية التطور
مثل الشبكية العارية والجهاز العصبي البدائي كانت موجودة في الحيوانات الصغيرة قبل الكامبري ولكنها لم تتطور بسبب حاجز الحجم الصغير للحيوان. القوة الدافعة لتطور الحيوانات الكبيرة كانت غالباً ارتفاع مستوى الأكسجين في الهواء والماء وهو ما سمح بظهور ظاهرة الافتراس ، وقد ارتفع مستوى الأوكسجين بسرعة للمستوى الحالي قبل الانفجار الكامبري بفترة صغيرة وذلك بعد نهاية كارثة الأرض الثلجية   snowball earth.

هنا نعود للسؤال عن تطور العين وهل أنه من الممكن أن يكون قد تم خلال فترة قصيرة ، فلم نشاهد أعين قبل 544 مليون عام  وبعد 4 مليون سنة شاهدنا العين المتطورة وهذا التعارض الظاهري ناجماً عن تباين المقاس بين الأزمنة الجيولوجية التي تقاس بمئات ملايين السنين و الزمن القصير لحياة الكائن ، فمثلاً كل الأنواع المختلفة للكلاب تطورت من الذئب بمساعدتنا خلال أجزاء من المئة من 4 مليون السابقة ، فحسب المقاس الجيولوجي فإن الانفجار الكامبري الذي حدث خلال ملايين السنيين هي لحظات صغيرة ولكنها فترة كبيرة بالمقاس البيولوجي ، وتبين لنا من النمذجة أن نصف مليون عام كافٍ لتطور العين وقد تم الحساب على أساس أن كل مرحلة لا تسبب تغير بأكثر من 1% في بنية معينة (عين أكثر غمقاً قليلاً – عدسة أفضل قليلاً) وعلى أساس حدوث تغير واحد فقط خلال كل جيل (من الممكن حدوث عدة تغيرات) ، وعلى أساس أن الحيوان البحري يحتاج وسطياً عام واحد لبدء النضج وإنتاج الجيل التالي ، وهذا الحساب أعطى 400 ألف عام للتطور من شبكية عارية إلى عين كاملة ، وهذا يعني أن تطور العين قد يكون سبب الانفجار الكامبري.

-------------------

هناك مشكلة في اقتراح Nilsson وهي المراحل الأولى لتطور العدسة ، فحين وجود عدسة أولية فمن السهل للاصطفاء الطبيعي تطوير هذه العدسة لجعلها ممتازة ، ولكن ما هي الخطوات الأولى في بناء العدسة وإذا لم يوجد استعمال آخر لهذه البنى الأولية فهي سيتم التخلص منها بالاصطفاء الطبيعي. في الحقيقة فإن nautilus (التي لا تملك عدسة في عيونها) هي فريدة ، فقد تطورت عدسة العين في الكثير من الحيوانات بما فيها أقرباء nautilus مثل الإخطبوط و الحبار ، وقد تطورت العدسة من المعادن والبلورات حتى الأنزيمات.

في ثلاثيات الفصوص trilobite فإن العدسة تصنع من بلورات من الكالسيت calcite وهو عبارة عن كربونات الكالسيوم والأشكال الأخرى لكربونات الكالسيوم هي حجر الجير Limestone وهو شكل ملوث ، وهناك الطباشير chalk وهو شكل أكثر نقاءً. توجد بعض الجروف الصخرية من الكالسيت النقي والمتشكل من بلورات باتجاهات مختلفة تبعثر الضوء بشكل عشوائي مما يعطي الطباشير لوناً أبيضاً ، حين نمو البلورة ببطء فهي تشكل بنى رائقة ذو شكل مكعب تسمى Rhombs وهي مادة ذات خصائص بصرية فهي تعطف الضوء من كل الاتجاهات ماعدا المحور المار من منتصفها ، استفادت ثلاثيات الفصوص من هذه الخاصية لـ  Rhombs فهي تملك العديد من العيون وكل عين لها عدسة كالسيت خاصة بها تسمح بمرور الضوء عبر اتجاه واحد فقط إلى الشبكية ، وتبقى التفاصيل عن تطور هذه العدسة في ثلاثيات الفصوص غامضاً حيث أن أخرها أنقرض منذ 250 عاماً مع انقراض نهاية البرمي الكبير.

في عام 2001 تم العثور على حيوان brittlestar يستخدم عدسات للعين من الكالسيت. هناك 2000 نوع من brittlestar وهي تملك خمسة أذرع طويلة رفيعة مثل قريبها نجم البحر ، ولها هيكل من صفائح
الكالسيت وهو يشكل شوكات على أزرعها لمسك الفريسة. كل brittlestar غير حساسة للضوء ولكن يوجد نمط واحد يرتكس للضوء بالهرب ويبدو وكأنه يرى ، وقد لوحظ مؤخراً في هذا النمط وجود مصفوفات من عقد من الكالسيت وعلى أزرعها بنى تشبه عيون ثلاثية الفصوص وهي تعمل كعدسات. تتشكل هذه العدسة مثل كل البنى البيولوجية المعدنية مثل شوكات قنافذ البحر sea urchins
المبنية من الكالسيت. تبدأ العملية ضمن الخلية حيث أن التركيز العالي من شوارد الكالسيوم والذي يتفاعل مع بروتينات ويثبتها بمواقع معينة ومع تثبت ذرة واحدة تلتصق البقية بها ، إذا عزل هذا البروتين و وضع على صفيحة من الورق و وضع في محلول غني بكربونات الكالسيوم فهو يشكل Rhombs مع محور بصري مثل عين ثلاثيات الفصوص وهي طريقة تشكيل العدسة. هذا الأمر تم باستعمال بروتينات حمضية من صدفة الرخويات.

بالرغم من الرؤية الواضحة بهذه العيون ، فإن عيون البلورات هي طريق مسدود وهي ذات أهمية تاريخية كونها النمط الأول من العيون الحقيقية. يتم أيضاً استعمال بلورات أخرى مثل الغوانين guanine وهو أحد مكونات الـ  DNA ، وهو يتبلور إلى صفائح يمكنها أن تقوم بـ تبئير focus الضوء. إن الغوانين يعطي حراشف السمك مظهرها الفضي (لذلك يضاف للعديد من مساحيق التجميل). هذه البلورات تعمل كمرآة بيولوجية في عيون القطط وتحسن الرؤية الليلية بعكس الضوء ثانيةً للشبكية.

هناك عيون تعتمد على المرايا لتقوم بـ تبئير focus الضوء على الشبكية لتشكيل الخيال وهي عيون scallops المتعددة.
العيون المركبة للعديد من القشريات مثل الجمبري shrimps والـ الكركند lobsters والـ القريدس prawns  تعتمد على المرايا لـ تبئير الضوء باستعمال بلورات طبيعية.

بشكل عام تتألف العدسات من بروتينات خاصة ، والسؤال هو هل تطورت هذه البروتينات من بروتينات أخرى تقوم بعمل أخر في الجسم ، والمتوقع هنا أن بروتينات العدسة تم استقدامها من
بروتينات تقوم بأعمال أخرى.
عدسة العين عند الإنسان هي نسيج عالي التخصص فهي شفافة ولا تحوي أوعية دموية وقد فقدت خلاياها كل خصائصها الطبيعية وتتألف من بروتينات بتركيز عال ضمن سائل قادر على حني الضوء
لتشكيل خيال واضح على الشبكية ، كما أن العدسة قادرة على تغيير شكلها لتغيير عمق الحقل ، و درجة انحناء الضوء تختلف عبر العدسة مما يجنب العدسة الزيغ الكروي (ينجم عن وجود بؤر مختلفة للضوء المار من مركز العدسة والضوء المار عبر محيط العدسة).

مما سبق يمكن توقع أن بروتينات العدسة لها صفات بصرية خاصة لا توجد في بقية البروتينات ، ولكن هذا التوقع خاطئ. البروتينات في عدسة العين تسمى Crystallins وهي تشكل أكثر من 90% من بروتينات العدسة ، وبسبب تشابه شكل العدسة و وظيفتها في العديد من الأنواع كان من المتوقع أن تكون هذه البروتينات متماثلة. في أوائل الثمانينات ومع سلسلة البروتينات تبين أن Crystallins ليست بروتينات بنيوية وليست نوعية للعدسة وتقوم بوظائف أخرى في الجسم. العديد من هذه البروتينات هي إنزيمات لها وظائف أخرى في الجسم. أشيع بروتين في عدسة العين هو alpha-crystallin وهو
بروتين له علاقة بـ بروتينات الشدة  Stress proteins وقد كشفت أولاً عند ذبابة الفواكه وهي منتشرة بشدة بين الكائنات. عمل هذا البروتين هو كدرع يحمي بروتينات أخرى من التخرب ويوجد في عدسة العين وفي الدماغ والكبد والرئة والطحال والجلد والأمعاء الدقيقة. حتى الآن عزل 11 نمط من crystallins وفقط ثلاثة منها توجد في كل عيون الفقاريات ، أما بقية البروتينات فتختلف بين الكائنات مما يعني أنه قد تم استقدامها وكان لها وظائف مختلفة في الجسم. تقريباً كل البروتينات شفافة ولذلك ليست هناك مشكلة اللون (فقط البروتينات المرتبطة مع صباغ مثل الخضاب لها لون الصباغ). إن تغيير الخصائص البصرية مثل درجة حني الضوء يتم عبر تغيير تركيز البروتينات. لا نعرف سبب شيوع الإنزيمات بين بروتينات العدسة ولكن هذه البروتينات لم تنشأ برغبةٍ من زيوس.

في مثال عند حيوان sea squin ، يكون الكهل من هذا الحيوان بشكل حقيبة نصف شفافة مرتبطة بالصخر. اليرقة لهذا الحيوان تشبه شرغوف الضفدع وهي تسبح بحرية وتستعمل جهاز عصبي بدئي و زوج من عيون لا تحوي عدسات. حين تجد اليرقة مكاناً مناسباً فهي تتصل به بقوة ويتم ارتشاف دماغها البدائي. الكائن الكهل يبدو وكأنه لا علاقة له بنا ، بينما يرقات sea squin من الحبليات البدائية ولها حبل ظهري وقد انفصل عن سلف الفقاريات قبل تطور العدسة. في عام 2005 تم اكتشاف أن هذا الكائن رغم عدم امتلاكه لعدسة عينية فهو يملك بروتين crystalline في الدماغ بوظيفة مجهولة. المهم في  الموضوع هي المورثات التي تضبط تشكل العدسة في الفقاريات تضبط فعالية هذا البروتين ، وهكذا فإن الجهاز الكامل لبناء العدسة يوجد في السلف المشترك للفقاريات وهذا الكائن وما حدث في الفقاريات هو نقل استعمال هذا البروتين من الدماغ إلى العين. لم تتطور العدسة في sea squin ربما بسبب سهولة إيجاد الصخور الصلبة حتى بدون عدسات. معظم الفقاريات نجحت في هذا التحويل والتي حدث 11
مرة على الأقل.

-------------------

عكس وفرة البروتينات المناسبة والبلورات والمعادن لتشكيل العدسة ، فإن القصة مختلفة مع بروتينات الشبكية. أحد أهم البروتينات هو الرودوبسين rhodopsin وهو الجزيء الحساس للضوء والمسئول عن الرؤية. نذكر هنا أن روبيان فوهات قعر المحيطات يملك نفس البروتين بالرغم من غرابة عالم فوهات أعماق المحيطات وبالرغم من غرابة الشبكية العارية على الظهر وبالرغم من حياته على الجراثيم الكبريتية وبالرغم من احتواءه  على دم أزرق ، وبالرغم من أن السلف المشترك لنا هو منذ حوالي 600 مليون عام ، أي قبل الانفجار الكامبري بزمن طويل (60 مليون عام).

إن بروتين الرودوبسين للروبيان ولنا ليسا متماثلان ولكنهما متشابهان. هذا البروتين منتشر بشكل واسع ضمن المملكة الحيوانية. كل الحيوانات (ما عدا استثناءات قليلة) تعتمد على هذا البروتين للرؤية. هذا التماثل قد يكون ناجماً عن عدة أسباب: فقد تكون كل هذه الكائنات قد ورثته من سلف مشترك و رغم حدوث الكثير من التغيرات خلال 600 مليون عام ولكنه بقي نفس البروتين ، أو قد يكون السبب وجود معيقات فيزيائية جدية تجعل كل الحيوانات تنتهي بنفس البروتين أو قد نفترض مرور نفس البروتين بين الكائنات. من السهل رفض الخيار الثالث حيث لا توجد سرقة للمورثات بين الأنواع المختلفة وتشاهد فقط في
الفيروسات والجراثيم.

إن بروتين الرودوبسين للروبيان ولنا مختلف نوعاً ما ولكن يوجد طيف واسع من الأشكال الوسيطة ولكن هذا الطيف غير مستمر ويتألف من مجموعتين من الأشكال: مجموعة موجودة عند الفقاريات والثانية عند اللافقاريات (ومنها الروبيان). في الحالتين فإن الخلايا الحساسة للضوء هي خلايا عصبية معدلة وهو التشابه الوحيد ، في اللافقاريات فإن الرودوبسين يكدس ضمن الأغشية التي تتبرعم بشكل زغيبات دقيقة ، عند الفقاريات يوجد بروز واحد في قمة الخلية وهذا البروز متعرج بسلسلة من الطيات العميقة مما يجعله يشبه الرفوف.

يوجد تباين بيوكيميائي بين المجوعتين ، فعند الفقاريات يؤدي امتصاص الفوتون إلى زيادة الجهد الكهربائي على غشاء الخلية ، بينما يحدث العكس عند اللافقاريات حيث يؤدي الضوء إلى زوال شحنة الغشاء وإطلاق نبضة للدماغ. وهكذا نجد نمط متقارب من الرودوبسين في أنواع خلوية غير متشابهة ، وهذا قد يعني أن الخلايا الحساسة للضوء تطورت مرتين مرة عند الفقاريات وثانية عند اللافقاريات.

هذا كان الافتراض حتى أواسط التسعينات حيث تغيرت الصورة حيث تبين أن السلف القديم للعين تطور مرة واحدة. حدث هذا مع اكتشاف hox genes المسئولة عن بناء الجسم ، فقد أدى أخذ المورثة من الفأر و زرعه في ذبابة الفاكهة إلى تطور أمساخ حقيقية مع تشكل العين على الأرجل والأجنحة وحتى في قرون الاستشعار ، هذه العيون لم تكن من نمط عين الكاميرا المميزة للفأر والإنسان وإنما عيون مركبة مؤلفة من صفوف من السطوح وهي العيون المميزة للحشرات والقشريات ، هذه التجربة تعني أن المورث المسئول عن نمو العين في الفأر و ذبابة الفاكهة هو نفسه وقد تم الحفاظ عليه بطريقة مدهشة خلال 600 مليون عام من التطور (زمن السلف المشترك للفقاريات واللافقاريات). هذه المورثة تنظم عمل مورثات أخرى ، حين حدوث طفرة واحدة في هذا المورث يحدث aniridia وهو خلل تطور القزحية ، ولكن حين فشل نسختي المورثة فإن تطور كل الرأس يتوقف.

حالياً تسمى هذه المورثة Pax6 ولها دور كبير في تشكيل العينان وقسم كبير من الدماغ. توجد مجموعة من الجينات المنظمة وهذه المجموعة مرتبطة ببعضها وهي قديمة جداً وتوجد عند الفقاريات واللافقاريات ، وهذا يعني أن بناء الجسم لا يتم عبر قائد وحيد وإنما عبر لجنة صغيرة من المورثات. هذه المجموعة من المورثات هي المسئولة عن تشكيل العين عند الفقاريات واللافقاريات ، وعلى عكس الرودوبسين فلا توجد ضرورة فيزيائية لضرورة ضبط العملية من قبل نفس المجموعة من المورثات ، وهذا يشير لاحتمال وحيد وهو تطورها من سلف واحد ، وهو يعني أن الخلايا الحساسة للضوء تطورت مرة واحدة في سلف مشترك للفقاريات واللافقاريات تحت ضبط لجنة صغيرة من المورثات.

هناك سبب أخر يدفع لقبول فكرة تطور الخلايا الحساسة للضوء مرة واحدة وهو كائن عبارة عن أحفورة حية وهي دودة ragworm بحرية تسمى Platynereis وهي بطول عدة ملي مترات وهي ذو شكل وبنية تغيرت قليلاً منذ العصر الكامبري ، ومثل هذه الدودة كانت السلف المشترك للفقاريات واللافقاريات. هذه الدودة ذو تناظر ثنائي (مثل كل الفقاريات ومعظم اللافقاريات) وهي متناظرة بين الطرفين الأيمن والأيسر. هذا التناظر الثنائي يشمل كل bilaterians (تضم كائنات من الإنسان للذبابة ...).

إن أعين هذه الدودة هي ذو تصميم مشابه لعين اللافقاريات حتى في نمط الرودوبسين المستعمل. في عام 2004 تم اكتشاف مجموعة جديدة من المستقبلات الضوئية لدى هذه الدودة وهي موجودة ضمن الدماغ وهي لا تستخدم للرؤية ولكن لضبط الساعة اليومية مثل تنظيم النوم والاستيقاظ وتمييز النهار عن الليل. هذه الخلايا تستعمل الرودوبسين وكان من الواضح لأي خبير أنها نفسها خلايا المستقبلات الضوئية للفقاريات وقد تم التأكد من ذلك بيوكيميائياً و وراثياً. إذاً هذه الدودة القديمة تملك نمطين من خلايا المستقبلات الضوئية وهو يعني أن هذان النمطان لم يتطورا بصورة مستقلة في أنماط حيوانية مختلفة ، ولكنهما خلايا شقيقة تطورت سويةً في نفس الكائن وهو سلف كل الحيوانات ذات التناظر الثنائي ur-bilaterian وهذا الكائن هو سلف كل الفقاريات واللافقاريات وهذا يعني أننا ورثنا هذان النمطان من المستقبلات الضوئية. بعد عام (2005) تم اكتشاف النمط الثاني من المستقبلات الضوئية عند الإنسان وهي خلايا الشبكية العقدية Retinal ganglion cells وهي تنظم الدورة اليومية للإنسان وتملك نمط غير عادي من الرودوبسين يسمى Melanopsin وهو المميز للمستقبلات الضوئية عند اللافقاريات. هذا الرودوبسين في عيوننا يشبه الرودوبسين في الشبكية العارية لروبيات فوهات المحيطات.

هذا يعني أن المستقبلات الضوئية للفقاريات واللافقاريات نشأت من نفس المصدر وليست اختراعات مستقلة ولكن هي عبارة عن خلايا شقيقة نشأت من خلية أم واحدة هي مستقبل ضوئي بدئي وهي سلف كل عيون الكائنات الحية وقد تطورت مرة واحدة فقط.

-------------------

الصورة العامة لتطور العين هي كما يلي: تطور نمط واحد من الخلايا الحساسة للضوء في السلف المشترك للفقاريات واللافقاريات وهي تحوي صباغ الرودوبسين وتضبط بمجموعة صغيرة من المورثات. هذه الخلايا تضاعفت فيما بعد والخلايا البنات تخصصت إما للرؤية في العين أو لضبط الدورة اليومية للكائن ، وبالصدفة تم اختيار نمطان مختلفان من هذه الخلايا عند الفقاريات واللافقاريات لإنجاز هاتان المهمتان. هذا هو سبب تطور العين جنينياً من أنسجة مختلفة عند الفقاريات واللافقاريات. المرحلة الأولى في تطور العين كان الشبكية العارية المؤلفة من واحد من نمطي الخلايا الحساسة للضوء (حسب الكائن فقاري
أو لافقاري) وبعض الكائنات مازالت تملك هذه الشبكية العارية للرؤية. في بعض الكائنات تحولت الصفيحة إلى حفرة تعطي معلومات عن مصدر الضوء ، ومع زيادة عمق الحفرة حدث توازن بين الحساسية والقدرة التميزية ، مما كان يعني أن وجود أي نمط من العدساتس يحسن الرؤية ، وقد تم استدعاء العديد من المواد للقيام بهذه المهمة. هذه العملية تمت في كائنات مختلفة مما سبب هذا العدد الكبير من أنماط العدسات ، وبسبب المحددات البصرية لبناء عين وظيفية قد قللت هذه الأنماط على المستوى الجزيئي إلى مجموعة صغيرة من بنى كبيرة من عين الكاميرا لدينا إلى العيون المركبة للحشرات. ما زال هناك الكثير من التفاصيل ولكن هذا هو الخط العام لتطور العين وهو يشرح سبب تشارك الرودوبسين بيننا وبين روبيان الفوهات. يبقى السؤال الكبير عن هذا الكائن السلف.

-------------------

بالعودة لروبيان الأعماق ، هذا الكائن يمكنه كشف الضوء الأخضر مع حساسية فائقة عبر صباغ رودوبسين شبيه بما نملكه ، ولكن الدراسات الأولية أظهرت أن الفوهات ليس لها ضوء أخضر فلابد
من سبب ما ، بالنسبة للعالمة فان دوفر فإن الوضع كان واضحاً فالرودوبسين لا يكذب ويجب أن يوجد ضوء أخضر لكي يتم امتصاصه ومن المتوقع أن يكون الخلل في الجهاز المستعمل لقياس الإضاءة وهو ذو حساسية أقل من الشبكية العارية ، تم استعارة جهاز مقياس ضوئي photometer من NASA والجهاز هو Ambient Light Imaging and Spectral System (ALISS) وحين استخدامه فقد كشف وجود ضوء في الفوهة مع قمة صغيرة عند طول الموجة الخضراء وبشدة أعلى بعشرة مرات من القيمة المتوقعة ، ما زال مصدر الضوء غامضاً فقد يكون السبب هو حين خروج فقاعات الغاز وسحقها بالضغط العالي لقاع المحيط أو نتيجة تكسر البلورات تحت تأثير الضغط والحرارة العاليان.

يسمى المحيط بالبحر الأزرق العميق لأن اللون الأزرق يخترق الماء إلى أعماق كبيرة ، فاللون الأحمر يمتص بسرعة في السطح ، ويتوغل لأبعد قليلاً كلاً من اللونين الأصفر والبرتقالي وبعد عمق 12 م فإن الضوء يكون فقط بين الأخضر والأزرق و يزداد المركب الأزرق مع زيادة العمق وتتم بعثرة هذا اللون مما يجعل كل الأشياء لها لون مزرق.

إن الرودبسين الخاص بالأسماك يستجيب لهذا التحول اللوني وهو ما يسمى الضبط الطيفي Spectral tuning فعلى عمق 80 م نشاهد أسماك تمتلك رودبسين يمتص الضوء الأخضر بطول 520 نانومتر ،
ولكن على عمق 200 م فإن السمك يملك رودبسين يمتص اللون الأزرق بطول 450 نانومتر ، ولكن الروبيان السابق الذي يعيش في الفوهات في أعماق المحيط قد عكس هذا التحول وتحول للرودبسين الذي يمتص اللون الأخضر مع نزوله للفوهة. إن يرقات سرطان الذي يعيش في الفوهات تملك رودبسين يمتص اللون الأزرق بطول 450 نانومتر ، ولكن الشبكية العارية للكهل تمتص الضوء بطول 490 نانومتر وهو يميل للأخضر ، بينما رودبسين روبيان الأعماق فيمتص الضوء بطول 500 نانومتر.

إن قدرتنا على رؤية الألوان تعتمد على قدرة الصباغ البصري في امتصاص أطوال موجية مختلفة. في عيون الإنسان يوجد نمطان من المستقبلات الضوئية هما العصيات والمخاريط. تمتلك العصيات
صباغ الرودبسين وهي المسئولة عن الرؤية الليلية في ظروف الإضاءة الخافتة ، بينما تملك المخاريط واحد من ثلاث أصبغة opsins وهي المسئولة عن الرؤية النهارية الواضحة ، ولكن في الحقيقة فإن هذه الأصباغ الثلاثة لها نفس البنية وتتألف من نمط خاص من البروتينات تسمى opsin تتراكم ضمن الأغشية بشكل  zigzag له سبعة طيات وهذا البروتين مرتبط بمشتق فيتامين A يسمى Retinal
وحين يمتص المركب الضوء فهو يتحول من الشكل المجعد للشكل المستقيم مما يثير النبضة العصبية والإحساس اللوني.

رغم أن Retinal يمتص الضوء فإن المسئول عن الضبط الطيفي هو تغير بنية البروتين وأي تغير في بنية البروتين يغير من طول الموجة الممتصة من فوق البنفسجي (بطول 350 نانومتر) عند
الحشرات والطيور إلى الأحمر (بطول 655 نانومتر) عند الحرباء. تصبح الرؤية اللونية ممكنة حين تواجد أنماط مختلفة من opsins مع امتصاص موجات مختلفة.
عند الإنسان يوجد ثلاثة مخاريط تمتص اللون بشكل أعظمي بطول 433 نانومتر (أزرق) و 535 نانومتر (أخضر) و 564 نانومتر (أحمر). هذا التماثل في بنية الـ opsins هي من صفات التطور الطبيعي مع شيوع عمليتا التضاعف والتباعد divergence ، ويمكن تعقب الحالة حتى مورث opsin السلفي. بعض التضاعفات حدثت في أوقات أكثر حداثةً من الأخرى فالملاحظ أن opsins الأخضر والأحمر متقاربان بشدة ، ومن المؤكد أنها تضاعفت في السلف المشترك للرئيسيات مما أعطى كل الرئيسيات (ومنها الإنسان) إمكانية الرؤية ثلاثية اللون trichromatic. لدى بقية الثدييات يوجد فقط نمطان من المخاريط وبالتالي فهي ثنائية الرؤية اللونية dichromatic مع رؤية لونية سيئة بسبب نمط حياة الثدييات المديد كحيوانات ليلية بعيداً عن الديناصورات.

وقد اكتسبت الرئيسيات الرؤية ثلاثية اللون لسبب تطوري من الممكن أنه لضرورة تمييز الفاكهة الحمراء ضمن الخلفية الخضراء من أوراق الشجر أو لتمييز الانفعالات والإشارات الجنسية. رغم امتلاك الرئيسيات ثلاثة مستقبلات لونية فهي ذو رؤية لونية سيئة بالمقارنة مع بقية الفقاريات ، فالزواحف والطيور والبرمائيات والقروش تملك أربع مستقبلات لونية ولها رؤية رباعية الألوان tetrachromatic مع قدرة على رؤية الضوء فوق البنفسجي.

بمقارنة التسلسل الجيني لمورثات الصباغ اللوني عند الفقاريات استطاع Shi توقع التسلسل الجيني للمورثة الأصل وتبين أن الصباغ الأولي يمتص الأشعة فوق البنفسجية (طول 360 نانومتر) ، بالذهاب إلى أقدم من ذلك نصل للأصبغة عند سلف الفقاريات واللافقاريات ، وبالنسبة للأحفورة الحية Platynereis فهي تملك نمطي opsins المميزان لنمطي الفقاريات واللافقاريات.

يبقى السؤال عن الأصل الأولي لـ Opsins عند كل الحيوانات وكيف تطور. مازال الجواب غير معروفاً وهناك العديد من النظريات وحين متابعة المورثة للعودة إلى 600 مليون عام وما قبلها فحسب رأي Hegemann فإن المورثة تعطي الإجابة وتقول أن السلف الأولي للعين هو طحلب algae. إن الطحالب كبقية النباتات بارعة في التمثيل الضوئي وتحوي العديد من الأصبغة الحساسة للضوء. الكثير من الطحالب تستخدم هذه الأصبغة لقياس شدة الضوء وللقيام بشيء ما رداً على ذلك ، مثلاً Volvox يكون بشكل كرة مجوفة من مئات الخلايا وبقطر حتى المليمتر. كل خلية تملك سوطان يبرزان مثل المجاديف. هذه السياط تتحرك في الظلام – ولكنها تتوقف في الضوء الساطع – وهي توجه كامل الكرة نحو الشمس لتحسين التركيب الضوئي. المدهش أن الصباغ الحساس للضوء في البؤرة العينية لـ Volvox هو نفسه
الرودبسين ، ويبدو كأن هذا الرودبسين هو السلف لكل opsins لكل الحيوانات. موقع ارتباط لـ Retinal بالبروتين يحوي مقاطع مطابقة لـ opsins الفقارية واللافقارية ومزيج بينهما والتركيب الكلي للمورثة مع التسلسلات المكودة وغير المكودة (تسمى introns & exons) يشكل الرابط القديم بين الفقاريات واللافقاريات. من الممكن أن يكون سلف كل عيون الحيوانات هو طحلب أخضر.

يبرز هنا سؤال مهم وهو كيفية وصول الرودبسين من Volvox إلى الحيوانات وهو ليس مرتبطاً بها ، ولكن النظر بعمق على بنية eyespot  يعطي بعض التلميحات فالرودبسين مطمور في أغشية الصانعات الخضراء chloroplasts وهي بنى دقيقة توجد في خلايا الطحالب والنباتات والمسئولة عن عملية الاصطناع الضوئي. منذ حوالي بليون عام كان السلف لكل الصانعات الخضراء كائناً حراً من الجراثيم من البكتريا الزرقاء cyanobacteria وقد تم ابتلاعه من قبل خلية كبيرة (في عملية أدت لظهور النباتات) وهو يعني أن eyespot ليست مميزة لـ Volvox وإنما تعود إلى الصانعات الخضراء وقبلها لـ البكتريا الزرقاء cyanobacteria ، وقد وجدت الصانعات الخضراء في العديد من الخلايا بما فيها بعض الأوليات التي كان بعضها السلف المشترك لكل الحيوانات.

إن الأوليات هي كائنات أحادية الخلية ومنها الأميبا. بعض هذه الأوليات المتحركة تحتوي صانعات خضراء وقد اكتسبتها مثل الطحالب بعملية البلع ، فقد تبقى الصانعة حية و وظيفية و تؤمن حاجات المضيف الغذائية ، ولكن في حالات أخرى تتنكس وتترك ورائها أغشيتها المميزة و مورثاتها ضمن الكائن وهو قد يستخدمها لاحقاً للرؤية. إن هذا الكائن الهجين هو ما يتوقعه بعض الباحثين كأصل لكل أعين الحيوانات. لا يعرف بعد هذا الكائن ولكن توجد بعض الدلائل فبعض الأولويات deinoflagellates لها أعين صغيرة للغاية حيث تحوي الشبكية والعدسة والقرنية في نفس الخلية. هذه العيينات تطورت من تنكس الصانعات الخضراء وتستعمل الرودبسين.

يبقى هناك الكثير من الأسئلة عن تطور العين ولكن الصورة العامة أصبحت واضحة ومذهلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

معجزات التطور: تطور العين :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

معجزات التطور: تطور العين

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» معجزات التطور – تطور DNA كود الحياة : إن فيروس يشبه الفيروس المسبب للإيدز قد يكون التركيب الحي الأول وأصل كل الأحياء على الأرض.
» معجزات التطور - ظهور الحياة
» تلقي الاكتشافات الحديثة للأحافير(1) الضوء على تطور أسماك إلى حيوانات رباعية الأرجل. <A.Jكلاك> في خلال نحو أربعة بلايين سنة منذ بدء الحياة على الأرض، أحدث التطور بعض التحولات المدهشة. ومن المؤكد أن أحد أكثر هذه التحولات إثارة هو ذلك الذي أدَّى إلى ظهور
» لانصار نضرية التطور برنامج اسلامي يتحدث عن التطور
» تاريخ تطور القمل يدعم تاريخ تطور الانسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حركة التنويريين الاحرار لشمال افريقيا :: المكتبة الشاملة-
انتقل الى: