حسابات نصرالله
صحف عبرية
2012-02-22
القى
زعيم حزب الله حسن نصرالله مؤخرا خطابين يدلان على قدرة الردع او انعدام
الردع الاسرائيلية تجاه حزب الله. كيف يمكن تفسير تصريحاته؟ في احد خطابيه
كلف نصرالله نفسه عناء الاشارة الى أنه في حالة هجوم اسرائيلي على ايران،
فان حزب الله سيتخذ قراراته بشكل غير متعلق بايران، وليس بالضرورة سيهاجم.
في خطاب آخر شدد على أنه كثأر على موت مغنية، فان حزب الله سيضرب مسؤولين
اسرائيليين كبار، وذلك لانه ليس من كرامته المس بالدبلوماسيين والمدنيين.
فماذا كان يقصد عندما قال هذه الامور؟
بحث حديث في وحدة تمثيل
الادوار الامنية السياسية الداخلية والخارجية في مدرسة الحكم في المركز
متعدد المجالات في هرتسيليا فحص قرارات نصرالله من خلال برنامج تشخيص
أنماط اتخاذ القرارات.
وذلك في محاولة لتشخيص 'سر القرار' لديه
واستخلاص الاستنتاجات بالنسبة لقراراته المستقبلية. بين النتائج: البقاء
السلطوي والجسدي لنصرالله يملي الكثير من خطواته؛ نصرالله عقلاني وذكي؛
وهو ليس متذبذبا مثل أحمدي نجاد أو عاطفيا مثلما كان القذافي، بل متفكر
جدا.
بالنسبة لقوله حول عدم تعلقه بايران، فان نصرالله يقول عمليا:
لا تسارعوا الى تدمير نصف لبنان وتصفيتي على الطريق، إذ ان ما يعنيني هو
تصعيد سيطرتي السياسية على لبنان أكثر من الخروج الى معركة اخرى ضد
اسرائيل، والتي لا يمكنني أن اخرج منها بخير. عمليا، الطريقة التي اختارها
نصرالله لعرض الامور هي 'مقلوب على مقلوب'، ينبع من القوة وليس من الضعف.
كما أنه يعد العالم العربي مسبقا لحقيقة أن لحزب الله توجد شرعية في عدم
العمل اذا هاجمت اسرائيل ايران.
بالنسبة لادعائه الثاني والذي يقضي
بان ليس من كبرياء حزب الله المس بدبلوماسيين ومدنيين، فان نصرالله يسعى
مرة اخرى الى أن ينقل رسالة عبر وسائل الاعلام، ينفض عنه بها المسؤولية عن
الهجمات على دبلوماسيين اسرائيليين في العالم. عمليا يقول: لا تسارعوا الى
اتهام أو ربط حزب الله بالاحداث الاخيرة (التي لم تنجح ايضا)، ولا تركضوا
نحو الرد ضدي وذلك لاني لا افعل امورا كهذه. غير أنه لو كان نصرالله يقول
هذا فقط، لبدا على نحو غير جيد في أوساط مؤيديه، ولهذا فقد ادعى ايضا بانه
لا يضرب الا الكبار.
تحليل متأنٍ للخطابين يلمح اساسا بان زعيم حزب
الله يخشى من المس به نفسه ومن الرد الشديد لاسرائيل في لبنان في حالة
مواجهة بين اسرائيل وايران، سواء جاء في أعقاب هجوم محتمل اسرائيلي أو في
اطار ما يلوح كحرب التصفيات المتبادلة بين ايران واسرائيل .
الردع ينجح
عندما يكون الطرف الاخر واعيا لنوايا الرادع. لقد حسم الامر لدى نصرالله.
فهذه عمليا هي المرة الاولى التي يعترف فيها بان الردع الاسرائيلي ضده
ينجح، إذ أنه يقول صراحة انه على وعي بالرد الاسرائيلي الشديد وعمليا يسعى
الى منعه مسبقا.
يحتمل أن يكون نصرالله 'يخدع'. فهو لم يقل انه سيهاجم
او لن يهاجم، ولكنه أثبت في الماضي في أنه في كل ما يتعلق بالتهديدات
والافعال يمكن الاعتماد على كلمته. في مواجهة محتملة مع اسرائيل حول
ايران، لديه ما يخسره وهو يعرف ذلك جيدا. وهو لا يمكنه أن يربح من مثل هذه
المواجهة، الا اذا هوجم واضطر الى الرد بقوة.
دون صلة، بتقديري يحتمل
أن يأتي اليوم الذي يتمكن فيه من السير خارج المخبأ بفضل الردع الذي يخلقه
تجاه اسرائيل من خلال عشرات الاف الصواريخ التي يمكن لحزب الله أن يطلقها
في كل لحظة اذا ما مس احد بزعيمه. بالاساس اذا ما بقي خارج المواجهة
المحتملة لاسرائيل مع ايران، اذا ما وقعت مواجهة كهذه.
' عميد مدرسة لاودر للحكم، الدبلوماسية والاستراتيجية في المركز متعدد المجالات في هرتسيليا
معاريف 22/2/2012