حوار مع السيد حسن نصر الله..
سهيل كيوان
2012-02-22
لا
شك أن السيد حسن نصر الله يُعتبر لاعب التعزيز الأقوى الذي دخل أرض الملعب
إلى جانب النظام السوري منذ بدء الانتفاضة السورية، وهو مدافع ممتاز جعل
مهمة الشعب السوري في التخلص من نظام القمع الوحشي أكثر تعقيدًا، وأثار
بلبلة أكبر لدى شريحة لا بأس بها من الجماهير العربية فخيّرها بين الخازوق
القمعي الدكتاتوري الذي بدأ بإصلاح هندامه أو تهمة التواطؤ مع أعداء
الأمة، ومنح منافقي النظام السوري شمّاعة يعلقون عليها تخاذلهم تجاه ثورة
هذا الشعب البطل ومطلبه العادل بالحرية، فالسيد حسن نصر الله له احترامه
ومكانته في قلوب الجماهير العريضة لأنه قائد مختلف، فهو ليس من هواة تكديس
الذهب والفضة كما هو حال من يدافع عنهم، ولا هو من مناضلي البيانات
والمؤتمرات الصحافية، ولا هو من أصحاب معركة'نحتفظ بحق الرد في الزمان
والمكان المناسبين''فقد خاض معارك حقيقية في أزمنة غير مناسبة واستشهد
أقرب الناس إليه فكان مثالاً للقائد الحقيقي، كذلك'لم يرث الزعامة'كما أكد
هو نفسه في إحدى خطبه، وهذا يعني أنه لا ينظر بعين الرضا إلى من يتزعمون
شعوبهم بالميراث ومن المفروض أن ينطبق هذا على الجميع وليس على أناس وأناس.
ولكن للأسف فالاحترام الذي يحظى به السيد نصر الله لدى الجماهير العربية
تم تجييره لمصلحة نظام يكاد يكون النقيض لقيم السيد حسن، فالدم الذي يواجه
السيف هو دم الشعب والسيف هو سيف النظام الذي يدافع عنه.
ورغم احترامنا
للسيد حسن إلا أنه من حقنا مناقشة موقفه ومن منطلقات السيد حسن نفسها،
فأنت لا تستطيع أن تكون مع الثورة في البحرين والسعودية وتونس ومصر وضدها
في سورية، الشعب البحريني كما تفضّلت كان من أوائل الشعوب العربية التي
تحركت لنصرة أهالي غزة المحاصرة، ولكن ألم يكن الشعب السوري من أوائل
المناصرين لشعب فلسطين ودفع تضحيات كبيرة من دمائه لهذه القضية، ألا يستحق
الشعب السوري الحرية كاملة غير منقوصة وبدون تمنينه وقتله وانتهاك عرضه!
السيد
حسن نصر الله خطيب مفوه، وهو ذو حس ساخر، بعكس بشار الأسد الذي يحاول
السخرية فلا يُضحك سوى أعضاء مجلس الشعب لأسباب لا علاقة لها بالضحك، بل
كان أحدهم أكثر ظرفًا من رئيسه عندما هتف له في بداية الانتفاضة 'أنت
تستحق أن تكون رئيسًا للعالم وليس لسورية فقط'.
كل ما تفضل به السيد
حسن في خطابه الأخير بالنسبة للأنظمة الأخرى صحيح، فهي ليست ديمقراطية
أكثر، ولا هي أقل نهبًا لخيرات شعوبها، ولا هي فتحت جبهات على الإسرائيلي،
لا بل واشتركت في غزو العراق كما فعل النظام السوري، ومنحت إسرائيل فرصة
بعد فرصة للمفاوضات العبثية تمامًا مثلما لم يمل ولم يكل النظام السوري في
الحديث عن'وديعة رابين'حتى صرنا نعتقد أن الجنرال يتسحاق رابين أوصى
بتسليم القدس للعرب بغير قتال حقنًا لدماء شعوب المنطقة.
نعم هي أنظمة
غير ديمقراطية وتقمع المظاهرات إلا تلك التي تخرج لتقول شكرًا للنظام على
السجون المكتظة بالسجناء السياسيين وشكرًا على قمع حرية التعبير وعلى
الفقر والفساد، وبهذا تتفق تمامًا مع النظام السوري، ولهذا من حق شعوبها
أن تثور مطالبة بحريتها وكرامتها تماما كما يحق للشعب السوري.
يعرف
السيد حسن نصر الله أن الشعب السوري محق في مطالبه، ويعرف أن مئات الآلاف
الذين يتظاهرون ويسكبون دماءهم وأرواحهم ويغامرون بأعراضهم لا يفعلون هذا
لأجل عيون الإمبريالية وإسرائيل والأنظمة الفاسدة، ولا حتى لأجل عيون
تركيا التي ما زال لها علاقات عسكرية مع إسرائيل، (علما أن التحركات
السياسية الإسرائيلية باتجاه اليونان وزيارة نتنياهو الأخيرة لقبرص تشير
إلى عمق الشرخ بين إسرائيل وتركيا بقيادتها الحالية).
السيد حسن يدرك
أن هذه الانتفاضة ما كانت لتكون لولا توفر التربة الخصبة، وأنه لا يمكن
لأي مؤامرة خارجية أن تستمر أحد عشر شهرًا لولا وقود الغضب والقهر العميق
محليًا'فالمياه الغريبة لا تدير الطواحين، و'العود الأخضر لا تمشي فيه
النار'!
الثورات ليست حفل زفاف ولا تصنع بواسطة بطاقات دعوة، ولا بمكبر
صوت 'يا أهل سورية الكرام ندعوكم إلى الثورة مساء اليوم وغدًا على زفة
العريس ودامت الثورات في دياركم عامرة'.
السيد نصر الله الذي نحترمه
يُحاول تبرير موقفه، ولكنها محاولة شفافة غير مقنعة فيقول نعم هناك حاجة
للتغيير والنظام نفسه يعترف بهذه الحاجة وقد بدأ بالإصلاحات، ويتساءل..هل
قام أي من الأنظمة الأخرى بإصلاحات مثل تلك التي قام بها بشار الأسد!ولكن
حضرة السيد نصر الله لماذا كان على الشعب السوري أن يدفع كل هذه الدماء
لأجل الحصول على تحسين هندام السيد الرئيس، وإذا كان هذا سببًا كافيًا
لاستمرار النظام فزين العابدين بن علي أحق منه، فقد أعلنها بعد أيام من
ثورة تونس' فهمتكم ولا حكم مدى الحياة' وبثمن أرخص بكثير مما دفعه الشعب
السوري، وفي بلاد(المِسعدين) يستقيل وزراء بسبب فضيحة مالية صغيرة أو نزوة
جنسية وحتى بسبب مخالفة سرعة في قيادة السيارة، فما بالك بقتل الآلاف من
أبناء شعب خرج مطالبًا بالحرية والعدالة!
نحترم السيد حسن نصر الله
ونقدره ولكن سنكون صريحين ونذكّره بأن الشعب الإيراني أيضا يستحق الحرية،
ومن حقه أن يطالب بنظام تعددي وليس فقط نظام (آيات الله)، والعداء لأمريكا
لا يعني أن يعيش الشعب الإيراني في ظل نظام يقمع الحريات الفكرية، ويراقب
كل تحركات الناس وخصوصياتهم وحتى أحلامهم، رغم أن النظام الرئاسي في إيران
على علاته وضيق أفقه يبقى أقل سوءا من نظام التوريث السوري.
لا بأس
من تذكير السيد حسن نصر الله الذي نحبه بأن نجاح إسرائيل في كثير من أعمال
التخريب والاغتيالات له علاقة مباشرة بنوعية النظام القمعي في إيران،
فنجاح اغتيال علماء ونجاح التخريب داخل أهم المراكز العسكرية في إيران له
علاقة قوية بالاستياء الشعبي من النظام الأمر الذي يسهل تجنيد عملاء!
السيد
نصر الله، إسرائيل وأمريكا والغرب يراهنون على تذمر الشعب الإيراني من
نظام الحكم الذي تراه قدوة وليس على مواجهة مباشرة قد تكون مكلفة جدًا،
وحركات نتنياهو وتهديده بضرب إيران ما لم يتحرك العالم إلى جانب
الاغتيالات وعمليات التخريب الألكتروني كلها تهدف إلى مزيد من الضغط على
الداخل الإيراني، فهل سندّعي إذا ما انتفض الشعب الإيراني ضد نظامه طلبًا
لحريته أن نتنياهو هو مفجّر ثورة إيران. أخيرًا مكان السيد حسن نصر الله
الطبيعي إلى جانب المستضعفين في الأرض إلى جانب الدم في مواجهة السيف ومع
الشعب الثائر في سورية وليس مع النظام، ونعتقد أن قبوله للّعب في ملعب
النظام أساء له ويسيء لمستقبل العلاقة بين ما يمثله وبين الشعب السوري
الذي ستنتصر ثورته لا محالة حتى وإن أثار لاعب التعزيز القدير السيد حسن
شيئًا من البلبلة والأسى والأسف