11 فبراير 2010 - 08:10 م
صورة
سبب نشوء الجنس فى نظرية التطور (1)
لماذا يوجد الجنس؟ هذا سؤال لا يخطر ببال كثير من الناس. إذا كان وجود نوعين من الجنس بين البشر, الذكر والأنثى, شئ ظريف, فلماذا لا يكون هناك أكثر من نوعين؟ نبات عش الغراب له أكثر من مائة جنس، ويحدث التزاوج بينها أيضا.
قد تكون الإجابة على سؤال "لماذا الجنس؟" هو: لأننا نريد إنجاب الأطفال. لكن هناك كائنات حيّة عديدة تتكاثر بدون جنس. الباكتيريا, مثلا, تتكاثر بالإنقسام بدون الحاجة إلى زوج وزوجة. فى عالم الحيوان، توجد الإناث التى تتكاثر بدون الحاجة إلى الذكور. مثل السحالى ذات الذيل الذى يشبه السوط. بيض هذه السحالى لا يحتاج إلى الحيوانات المنوية لكى تخصب. الخلايا داخل البيضة، ببساطة، تقوم من نفسها بالإنقسام المتواصل حتى يتكون الجنين. هذه السحالى تنجب الإناث فقط، التى تأتى صورة طبق الأصل من أمهاتها.
وجود الجنس ليس فقط غير ضرورى, لكنه يسبب مشاكل كثيرة تتعارض مع التطور. فالجنس ليس هو الطريقة المثلى للتكاثر. السحالى وحيدة الجنس, كل منها يستطيع الحمل وإنجاب سحلية أخرى. بينما السحالى ثنائية الجنس, الأناث فقط هى التى تستطيع الحمل.
إذا تواجدت السحالى أحادية الجنس مع السحالى ثنائية الجنس فى مكان واحد, فإن أحادية الجنس, بعد فترة وجيزة, يصبح تعدادها أضعافا مضاعفة بالنسبة للنوع الآخر من السحالى. كما أن الجنس يخلق أيضا التنافس بين الذكور للفوز بالأنثى, ويبدد طاقة الحيوانات ويعرضها للخطر. كما هو الحال فى تناطح الكباش, ونقيق الضفادع طوال الليل، وهو نوع من الغناء لمناجاة الأنثى. وحجم ذيل الطاووس الضخم، الذى يستهلك جزءا كبيرا من غذائه اليومى.
بالنسبة للإنسان, التنافس بين الذكور لنيل الأنثى، هو سبب معظم مشاكل العنف والحروب والأمراض النفسية التى عانت وتعانى منها البشرية إلى اليوم. بالرغم من ذلك، فكل الشواهد تدل على أن الجنس باق ومستمر معنا، ولن يختفى بعوامل التطور مستقبلا.
ما السر فى نجاح الجنس بين الكائنات الحيّة بالرغم من عدم كفاءته ومشاكله الكثيرة؟ السر هو أن الجنس يعتبر وسيلة لمقاومة الأمراض التى تفتك بتلك الكائنات من وقت لآخر. متمثلة فى كل أنواع الطفيليات والباكتيريا والفيروسات الضارة، التى تهاجم عالم الحيوان والنبات طول الوقت.
تخيل بركة ماء يعيش فيها نوع واحد من الأسماك أحادية الجنس، والتى تتكاثر بدون ذكور. كل سمكة فى هذه البركة سوف تكون صورة صبق الأصل من أمها. نفس الشكل, نفس تركيبة الجينات, ونفس القدرة على مقاومة الأمراض والطفيليات.
الآن نفترض أن البركة تلوثت بنوع من الميكروبات أو الطفيليات التى تتكاثر بمعدل أكبر من تكاثر الأسماك. تكون النتيجة هى: إما فناء كل أسماك البركة، لأن الأسماك لها نفس درجة المقاومة, وإما نجاتها كلها إذا كان هذا الفيروس من الممكن مقاومته. لأن الفيروسات والطفيليات تتشكل وتتغير تركيبة جيناتها بإستمرار حتى تستطيع الإستفادة من ضحيتها. وتكون مسألة وقت فقط قبل أن يأتى مكروب أو طفيل، ينجح فى مهاجمة هذه الأسماك والقضاء عليها كلها.
الجنس فى هذه الحالة يعتبر ميزة بالنسبة لهذه الأسماك. فالجنس نظرا لإمتزاج جينات الأب وجينات الأم، وهو ما يعرف بالإخصاب, ينتج عنه أجيالا تختلف عن آبائها وأمهاتها فى تركيبة جيناتها. هذا الإختلاف يجعل بعض هذة الأسماك، حتى وإن كان عددها قليل, قادرا على مقاومة هذا النوع من الفيروسات أو الطفيليات, فى الوقت الذى يهلك فيه الآخرون. وبذلك تستمر الحياه.
عندما عزم نابليون بونابارت على غزو روسيا عام 1812م, زحف بجيش قوامه نصف مليون جندى. تقهقر الجيش الروسى أمامه ولم يشتبك معه فى معركة واحدة. عندما وصل نابليون إلى ليثوانيا, إستولى على العاصمة بدون إستخدام طلقة واحدة. لكنه قام بدفن ستين ألفا من جنوده بسبب وباء التيفود. ومع إنسحاب الجيش الروسى وتوغل نابليون فى الأراضى الروسية. تمكن وباء التيفود من جنودة. فكان يترك نابليون مرضاه خلفه ويستمر فى التقدم.
عندما وصل نابليون إلى موسكو, كانت المدينة خاوية على عروشها يحترق ثلثاها. حينئذ, تنبه نابليون إلى ضرورة ترك روسيا قبل مجئ الشتاء, وإلا أبيد جيشه بالكامل. أثناء العودة, كان جيشه يعيش على لحوم الخيل والماء المنصهر من الثلوج. وكانت مراكز الإسعاف, التى تركها وراءه, تتكدس فى طرقاتها الجثث. كان مضطرا إلى ترك المزيد من المرضى إلى مصيرهم المحتوم. عندما وصل إلى بولندا وبروسيا, كان جيشه قد تحطم بالكامل. ولم يتبق منه سوى شراذم صغيرة تدافع عن نفسها. وأصبحت هذه الفلول مثل القمل الذى ينشر المرض فى القرى التى يمر بها.
الذين نجو من جيش نابليون ثلاثون ألفا فقط من نصف مليون, إستطاعوا العودة إلى بيوتهم. كل عشرين جندى, مات منهم 19 ولم ينج سوى واحد. لم يبرأ نابليون من هزيمة التيفود هذه القاتلة. فسرعان ما تقوضت إمبراطوريته بعد ذلك بقليل.
ماذا يعنى هذا؟ هذا يعنى أنه, بالرغم من عظم الكارثة التى حلت بجيش نابليون, إلا أن 30 ألفا من جنوده ظلوا أحياء. هذا هو الهدف من الإختلاف الناتج من التزاوج. فلو كنا جميعا صورة طبق الأصل من بعضنا, لما بقى من جنود نابليون جندى واحد يروى هذه القصة البائسة.
سبب وجود البويضة والحيوان المنوى هو بالطبع الحاجة لوجود الجنس. البويضة كبيرة الحجم جدا نسبيا, وثابتة فى مكانها, بينما الحيوان المنوى صغير جدا, وله ذيل طويل يساعده على السباحة مسافات طويلة. عند الإخصاب, تسمح البويضة للحامض النووى (DNA) فقط من الحيوان المنوى بالدخول والإمتزاج بنواتها.
البويضة والحيوان المنوى يشبهان غريبان يبحثان عن بعضهما فى غابة كبيرة أثناء الليل. فرصتهما فى التلاقى تكاد تكون معدومة إذا قاما كلاهما بالبحث عن الآخر فى نفس الوقت. لكن الفرصة تكون أكبر إذا ثبت أحدهما فى مكانه, وأخذ فى النداء على رفيقه فى هذا الظلام الدامس.
بالنسبة للإنسان يكون النداء بالصوت الجهورى. أما بالنسبة للبويضة فهى التى تقوم بالنداء, ليس بالصوت, ولكن بإنتاج مادة الفيرمون ذات الرائحة النفاذة، والتى لا يخطئها الحيوان المنوى. بالطبع فرصة اللقاء تكون أكبر وأكبر إذا كان من يقوم بالبحث ليلا أكثر من شخص واحد. فما بالك بمئات الألوف أو الملايين من الحيوانات المنوية التى تقوم بالبحث عن البويضة فى نفس الوقت.
بالنسبة لحجم البويضة الكبير نسبيا له عدة فوائد. الحجم الكبير يساعد على إنتاج كميات أكبر من الفيرمون لكى تهتدى الحيوانات المنوية برائحته. كما ان حجم البويضة يسمح بإختزان الغذاء اللازم لإنقسامها المتوالى عند الإخصاب. بذلك لايحتاج الحيوان المنوى ان يحمل معه كميات كبيرة من الغذاء، مما يعوق حركته فى البحث عن البويضة أثناء رحلتة المضنية.
الرجل يمكنه أن ينتج فى حياته من الحيوانات المنوية مايكفى لإخصاب كل نساء الكرة الأرضية مرات عديدة. لكن المرأة تنتج بويضة واحدة كل شهر. تحمل المرأة الجنين داخلها, وتتعرض حياتها للخطر عند الولادة, ويستهلك العناية بطفلها جزءا كبيرا من طاقتها.
بينما الرجل, كما هو الحال بالنسبة لباقى الحيوانات, يتنافس على الأنثى. حاجة الإناث لذكر واحد, الأقوى فى هذه الحالة, يخلق بين الذكور العنف والصراع. ذكور الفقمة أو عجل البحر التى تعيش فى البحار الشمالية, تصدم بأجسادها, التى يبلغ كلا منها مايزيد على 2000 رطل, كل منها الآخر, لكى يفوز أحدها وحده بكل الحريم, التى يبلغ عددها العشرات. كباش القطب الشمالى تتناطح بعنف لدرجة أن واحدا من كل عشرة منها ينفق بسبب هذا التناطح. وحتى الخنافس والذباب, ذكورها تتقاتل أيضا للفوز بالأنثى.
التنافس بين ذكور الحيوانات للحصول على الأنثى كان معروفا لدى علماء الكائنات الحية فى عصر دارون. هذا التنافس يمكن تفسيره فى ضوء نظرية التطور بدون مشقة. إذا تنافس ذكران من الكباش, فالمنتصر الأقوى ذو الجمجمة الأكبر والأصلب, هو الذى سوف يفوز بالإناث.
ومن ثم، ينتقل كبر وصلابة الجمجمة إلى الجيل التالى. قد تظهر نتوءات فى الجباه, نتيجة هذا التناطح, تتطور بمرور الوقت إلى قرون, كما هو الحال فى كباش اليوم.
لكن دارون يتساءل عن ما تفعله الإناث أثناء هذا التناطح. هل هن ببساطة يقمن بالإنتظار فى هدوء لكى يطئهن الكبش المنتصر؟ هذا الإنتظار الهادئ قد يروق كتاب الروايات الرومانسية. لكن دارون يجد أنه يعتبر مشكلة, من وجهة نظر نظرية التطور, بالنسبة للإناث التى يتجنبها الذكر المنتصر. لكن انثى الانسان حلت هذه المشكلة بالميكاب والكعب العالى لإغراء الرجل.
الطاووس بذيله الرائع وألوانه الزاهية يسبب أيضا مشلة بالنسبة لنظرية التطور. قال دارون يوما أنه كلما ينظر إلى ذيل الطاووس, يصاب بالدوار. لأن هذا الذيل لا يتواءم مع نظريته. ذيل الطاووس الكبير الذى يشبه المروحة, بالأشكال والدوائر والألوان المختلفة التى تزينه, لا يفيده فى الصراع مع الذكور الأخرى من أجل الإناث.
فى الواقع, يعتبر عبئ كبير على ذكر الطاووس. الإناث تعيش بدونه ولا تحتاجه. هذا الذيل يستهلك جزءا كبيرا من غذاء الذكر اليومى. كما أنه يعوق الحركة أثناء الهرب من الثعالب والجوارح الأخرى. بالرغم من ذلك, فإن ذكر الطاووس لايزال له هذا الذيل الجميل الرائع, الذى يتجدد, عندما يسقط الريش القديم فى نهاية كل العام.
هذه مشكلة حقيقية لدارون ونظرية التطور. لأن ذيل الطاووس هذا يتعارض مع فكرة النشوء والإرتقاء. لقد فكر دارون طويلا فى هذه المشكلة قبل أن يأتى بتفسير جيد لسبب ظهور هذا الذيل عند الطاووس. هذا التفسير يسمى بالإختيار الجنسى.
أثناء موسم التزاوج, تتجمع ذكور الطاووس فى مجموعات. ثم تقوم بالصراخ للفت نظر وجذب الإناث إليها. حينما تظهر أنثى وتقترب من المجموعة, تقوم الذكور بفرد ذيولها فى إستعراض خلاب. بينما تقوم الأنثى بتفقد وتقييم كل طائر حسب حجم وألوان وجودة ذيله.
إذا وجدت الأنثى الذيل المنشود, وراقها وأعجبت به كل الإعجاب, سمحت لصاحبه بوصالها. هل إختيار الأنثى مبنى على الناحية الجمالية؟ أى انها تختار الأجمل. أم إختيارها إختيار عملى؟ أى الأكبر والأزهى ألوانا. هذا السؤال لم يجبه دارون. ولكنه يفسر أن إخيار الأنثى هو السبب فى إستمرار الذيول الكبيرة والجميلة, وإختفاء الذيول الصغيرة والقبيحة مع مرور الزمن بالنسبة للطاووس.
هذا التفسير, ثبت بالتجارب المعملية فى العشرين سنة الأخيرة صحته. أى أن إختيار الأنثى له فعله ومكانته فى نظرية التطور, وهذا هو السبب الرئيس فى تطور ذيل الطاووس إلى ما نشاهده اليوم. وقد ثبت أيضا أن الدوائر التى تشبه العيون والتى تزين ذيل الطاووس الذكر, إذا قل عددها عن 130 دائرة فى الذيل الواحد, فإن الأنثى تصرف النظر عن هذا الذكر الفقير فى عدد الدوائر, ونادرا ما تختاره. وهى تفضل صاحب الذيل الأكثر عددا والذى تزيد دوائر الزينة فيه عن 150 دائرة. وحواء هى أيضا تفضل صاحب الملايين على الفقير المعدم المكافح.
وجد العلماء أيضا أن الأنثى تلعب دورا كبيرا فى إختيارها للذكر, بالنسبة لحيوانات كثيرة بجانب الطاووس. فمثلا الدجاجات يفضلن الديوك ذوات العرف الكبير الأحمر. سمك السرتيل, الذى يعيش فى أنهار أمريكا, تفضل الأنثى الذكر طويل الذيل. فى عالم الحشرات, أنثى صرار الليل, تميل إلى الذكور الأعلى والأكثر تعقيدا فى صريرها الليلى.
وحيث أن هذه الظواهر وراثية, لذلك فإن الإختيار الجنسى يكون عاملا كبيرا من عوامل التطور بالنسبة لهذه المخلوقات. الطاووس الذكر صغير الذيل لن يجد الأنثى التى تختاره, ومن ثم سوف ينقرض وتبقى الطواويس كبيرة الذيل فقط بين الذكور.
فرصة الأنثى فى الإنجاب أقل من الذكر. لذلك جعلتها عوامل التطور أكثر حرصا فى إختيار شريكها من بين الذكور. إنها تبحث عن الشريك الذى تدمج جيناتها مع جيناته لتكوين النسل الجديد.
هذا يعنى أنها تبحث عن أفضل الجينات الموجودة أمامها. وحيث أن أنثى الحيوانات ليس لديها معمل لتحليل الجينات لكى تختار أفضلها, لذا فهى تحكم على الذكور التى أمامها بالطريقة الوحيدة التى تعرفها. وهى الحكم على شكل الذكر, وسلوكه وقوة صوته. لكن هل الأنثى هى التى تختار دائما فى عالم الحيونات؟
السمك الأنبوبى المعروف بأبى زمارة, تقوم الأنثى بوضع البيض فى كيس داخل جسم الذكر. وبذلك تصبح الذكور حوامل. لعدة أسابيع يقوم الذكر بحمل البيض, وإمداده بالغذاء والأكسوجين من جسده. ونظرا لأن الأنثى تنتج من البيض ما يكفى عدة ذكور, لذلك تكون المنافسة, فى موسم التزاوج, كبيرة بين الإناث للحصول على الذكور. ونتيجة لذلك تكون الذكور هى التى تقوم بإختيار الأنثى. وهى فى الغالب تختار الأنثى الأكبر حجما.
إختيار الأنثى للذكر والسماح له بوصالها لا يجعله أبا على الفور. فعلى حيواناته المنوية أن تتسابق مع بعضها, وتصارع العقبات التى تعترضها, للبحث عن البويضة وإخصابها. ونظرا لكون الأنثى عرضة للوصال مع أكثر من ذكر فى عالم الحيوان فى موسم التزاوج, وهذا أمر عادى جدا فى عالم الأحياء, لذلك تكون فرصة الذكر الذى ينتج حيوانات منوية بكميات كبيرة أكثر من الذكر الذى ينتج أقل. مثل فرص الربح بورقة اليانصيب, كلما زاد عدد أوراق اليانصيب التى يمتلكها الفرد, كلما زادت فرصة فوزه بالجائزة.
الوفاء للحبيب فى عالم الحيوانات غير معروف. غالبية الطيورلا تعرف تعدد الزوجات. تعيش الأنثى مع نفس الذكر مدة طويلة قد تزيد على العام, وقد تبلغ طول العمر. يقومان سويا ببناء العش, ورعاية الصغار وإمدادهم بالدفئ والغذاء.
عدم تعدد الزوجات بالنسبة للطيور يعتبر ضرورى للحياة. رعاية الصغار تحتاج إلى تعاون الجنسين. وتعدد الزوجات لايسمح بذلك. بالرغم من ذلك فالخيانه الزوجية موجوده بين الطيور وبكثرة. وقد تصل فى كثير من الحالات إلى 55 بالمئة. إذا مر ضيف عابر, ووجدت الأنثى أن ذيله أطول وأكثر لمعانا من الزوج المرافق لها, فلا مانع من وصال هذا الضيف, وبعدها يذهب إلى حال سبيله. تاركا الزوج المسكين ليقوم بواجبات الأبوه نحو صغار ليسوا من صلبه.
لذلك فكفاح الحيوانات المنوية لتخصيب البويضة كفاح شرس وشاق. للحصول على الجائزة وكسب ورقة اليانصيب, يمكن إستخدام طرق وأساليب غير مشروعة. منها إفساد وإلغاء أوراق اليانصيب التى يحملها الآخرون.
السائل المنوي لذبابة الفاكهة, يحوى سما يقتل الحيوانات المنوية التى يجدها داخل الأنثى من غيره. ذكر الذبابة ذات الأجنحة السوداء, يقوم بإخراج الحيوانات المنويه والتى ليست له من داخل الأنثى قبل وصالها. طريقة أخرى لزيادة فرصة الذكر فى إخصاب الأنثى, هو العمل على منع الذكور الآخرين من الإقتراب من الأنثى بعد وصالها.
السائل المنوى لذبابة الفاكهة, بالأضافة إلى السم الذى يحتويه, يحتوى على مادة كيميائية تقلل من رغبة الأنثى فى الجماع مع ذكور أخرى. نوع من العناكب يعيش فى أمريكا الشمالية, يقوم بتدمير عش العنكبوت الذى يحتوى على رائحة الأنثى بعد وصالها, حتى لا يعثر عليها ذكر آخر.
يلقى ذكر العنكبوت أحمر الظهر، الذى يعيش فى أستراليا، بنفسه بين أرجل الأنثى لجماعها. فتقوم هى أثناء الجماع بحقنه بسمها وإلتهامه ببطء. عملية الجماع وإلتهام الذكر تستغرق النصف ساعة تقريبا. لا تقوم الأنثى بإلتهام الذكر إلا إذا كانت جائعة. أما إذا لم تكن جائعة, فعملية الجماع تستغرق 11 دقيقة فقط. عدد الحيوانات المنوية التى يضعها الذكر فى جسد الأنثى تبلغ النصف بالنسبة للحالة التى تقوم فيها الأنثى بإلتهام الذكر.
بذلك تكون تضحية الذكر بنفسه لها ميزة بالنسبة للمرحوم. إذ تجعل فرصته فى تخصيب الأنثى أكبر من الذكر الذى تكتب له النجاه. وخصوصا إذا علمنا أن الأنثى لا تميل إلى لقاء ذكر آخر بعد هذه الوليمة العظيمة التى يتخللها الجماع.
منقول بتصرّف بسيط