للكاتب الفرنسي : لوران مارشان
ترجمة د. محمد قصيبات

(1)
“الخوف غير معسكره”… هكذا كنا نقول العام الماضي. قلنا ذلك عن تونس، والقاهرة، وحتى عن طرابلس عندما شرعت كتائب القذافي ترتعش خوفا.
الأمر يختلف في سوريا؛ فالخوف يسري في كل مكان.. حتى في المكان الذي يفترض أن يحمل رمزية الراحة والهدوء… المستشفى.
فالجرحى السوريون، سواء شاركوا في المظاهرات أو لم يشاركوا, لم يعودوا يستطيعون الذهاب إلى المستشفيات.
ففيها يُعذبُ الناس
وفيها يموتون
إن يد جرّاح العيون بشار الأسد لا ترتعش عندما يقتل المدنيين مثلما فعل أبوه من قبل.

(2)
منذ أيام… منذ الضربات الدامية على مدينة حمص قُتل أكثر من 400 شخصًا،
يضاف هذا العدد إلى الستة آلاف الذين قضوا قبلهم, وذلك منذ شهر مارس من
العام الماضي.


من بين هؤلاء القتلى عدد كبير من الأطفال والنساء…
فثمة عائلات بأكملها قتلت في بيوتها نتيجة القصف العشوائي
استنكرت منظمة “أطباء بلا حدود” المذابح التي يقوم بها الدكتور الأسد، وكذلك العنف المفرط ضد الجرحى
وأيضًا ضد الأطباء وطاقم التمريض
أما مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان فقد نادى بالتدخل العاجل من أجل حماية المدنيين…
لم يعد الانتظار ممكنا فالشعب السوري أصبح بين مطرقة عنف النظام وسنديان الخوف من الحرب الأهلية الوشيكة.

(3)
الواضح أن “الفيتو” الروسي والصيني في مجلس الأمن قد زادا من حدة العنف من
طرف النظام السوري ضد مواطنيه رغم أن الثلاث عشرة عضوا الآخرين صوتوا في
صالح القرار الذي يدين هذا العنف..
هذا الفيتو فسره النظام السوري على أنه رخصة لمزيد من القتل والدمار.
لقد تضاعفت الضربات، وحاول النظام أن ينتقم من أقارب المقاومين وأهاليهم وخاصة في مدينة حمص
يدعو الرئيس الروسي إلى عدم التدخل في الشأن السوري… فقبل ثلاثة أسابيع من
الانتخابات الروسية ليس من المنطق أن نتوقع خطابا آخر من بوتين
فصفقات بيع الأسلحة الروسية لسوريا أمر ضروري للاقتصاد الروسي… وبيع السلاح لا يحتاج للأخلاق

(4)
بالرغم من كل هذا فإن الأحداث لا تسمح بالانتظار على الجانبين الانساني
والسياسي، حيث أن المجتمع السوري المكون من طوائف مختلفة هو على حافة
الانزلاق في هاوية التفتت والانفجار؛ فالمسيحيون يتخوفون من السيناريو
العراقي الذي قد يحملهم إلى الغربة والموت، وهناك أيضًا خوف انفصال غرب
سوريا (حيث العلويون) عن شرقها.
لكن الأمر المقلق حقا هو “لبننة” البلد ودخولها في صراع دامي.
وهو قلق يلازم المجلس الوطني السوري الذي يشمل كل فصائل المعارضة وكذلك يلازم العديد من الدبلوماسيين.
رغم أن المساعدة العسكرية المباشرة للمعارضين من قبل فرنسا أمر مرفوض
،الموضوع لم يعد من “التابوهات”.. ففي الرابع عشر من يناير نادت قطر
بإرسال قوات عربية إلى سوريا… وتحدثت وسائل اعلام أمريكية عن أن تقديم
مساعدات للمقاومين هي قيد الدرس رغم أن الولايات المتحدة مازالت تفضل
الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية
هل في هذا تحذير لروسيا؟ لاشك في ذلك
لقد ازدادت الانشقاقات في وسط الجيش السوري النظامي ، ومن بين المنشقين
عدد من كبار الضباط الذين أصبحوا أعضاء في المجلس الوطني المتواجد حاليا
في تركيا حيث قد يقام مؤتمر دولي حول سوريا تشارك فيه جامعة الدول العربية
والاتحاد الأوروبي وتركيا بالإضافة إلى الثلاثة عشر عضوا الذين صوتوا
ايجابا على قرار مجلس الأمن مؤخرا: فطرد جراح العيون أصبح مطلبا مشتركا
ينادي به كل هؤلاء.