هرمنا Admin
الأهبة الثورية : مستعد فطريا الجنس : الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 368 معدل التفوق : 744 السٌّمعَة : 20 تاريخ الميلاد : 04/02/1960
تاريخ التسجيل : 11/12/2011 العمر : 64 الموقع : كل ساحة الحرية العمل/الترفيه : ثائر منذ فجر الاستبداد المزاج : ثائر
تعاليق : نحن شعب قدره أن يواصل كفاحه على مر العصور .. لانعرف الراحة.. نحن قوم لانستسلم ابدا ، ننتصر أم نموت ..؟!
| | تداعيات سقوط نظام الأسد | |
بعد عقود من القمع والأستبداد ومصادرة الحريات والحقوق سرى الربيع العربي ومنذ إنطلاق شرارته الأولى في تونس الخضراء كالنار في الهشيم ليحرق الأنظمة العربية التي جثمت ولعقود على صدور المواطنين العرب الواحد تلو الآخر,حتى كأن رؤوس قادة الأنظمة العربية قد أينعت وحان قطافها مع قدوم فصل الربيع من العام الماضي.واليوم لا يوجد نظام عربي واحد محصن من السقوط والقضية لاتتمحور حول كيف السقوط بل حول متى.فبعض الأنظمة العربية دخلت في مرحلة السقوط كالنظام السوري والبحراني واما بعضها الآخر فلم يعد يغمض لها جفن بل إن هاجس الثورة يؤرقها وهو مايدفعها لقيادة قوى الثورة المضادة لأجهاض بعض الثورات العربية.
ورغم أن كل الثورات العربية التي إنطلقت لها تأثيرات كبيرة على المنطقة ومستقبلها إلا أن إنهيار بعض الأنظمة له تداعيات كبيرة على المنطقة.وأول تلك الأنظمة هو النظام السوري.فهذا النظام لا يشذ في سلوكه عن سلوك معظم الأنظمة العربية التي تحكم شعوبها بالحديد والنار ,وتفرض عليها حكما دكتاتوريا وعائليا يحتكر كافة موارد البلد الأقتصادية.فسياسة الحزب الواحد والزعيم الأوحد والعائلة الواحدة هي القاسم المشترك الأعظم بين معظم الأنظمة العربية وحتى تلك التي تتمتع بشيء من الديمقراطية كلبنان إلا انها محكومة أيضا بنظام التوريث حيث تنحصر زعامة الطوائف فيها ضمن إطار العوائل الحاكمة.
إلا أن إنهيار النظام السوري له تداعيات ستعيد رسم الخارطة السياسية في الشرق الأوسط بالشكل الذي ستتحول فيه المنطقة إلى بؤرة للأرهاب والتطرف ومنبعا للصراعات الطائفيةوالدينية.فالثورة السورية و رغم أنها ثورة مشروعة وحالها كحال بقية الثورات العربية , إلا أنها إنحرفت عن مسارها بشكل خطير وسقطت في مستنقع الطائفية المقيتة بشكل لا يجاريها فيه أي من الثورات العربية الأخرى ,وحتى تلك التي كان يعول على وقوع حرب دينية بسببها كما هو عليه في مصر.واما الثورة البحرانية التي إتهمها البعض بالطائفية فإنها كانت النموذج الأنصع في الربيع العربي .
فالثورة لم ترفع أي شعار طائفي وأفرطت في سلميتها ولم تهدد وتتوعد احدا .واما في سوريا فالشعارات الطائفية أصبحت علنية وعمليات التطهير الطائفي والقتل جارية في العديد من المدن وخاصة حمص وحماة ,فضلا عن إنها دخلت في مرحلة الصراع المسلح مع النظام.فيما أطلق العديد من رموزها التهديدات لبقية الطوائف بالقتل والتعذيب بل وحتى التمثيل بالموتى كما صرح الشيخ عدنان العرعور مؤخرا متناسيا قول الرسول الأكرم إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور.
ورغم كل ذلك فإنها تحظى بدعم عربي ودولي . ولأسباب مختلفة اهمها أن سوريا الأسد هي ركن أساسي من أركان المحور الأيراني المعادي لأمريكا وإسرائيل والممتد من طهران وحتى غزة. وتنبع اهميتها من كونها حلقة الوصل بين اطراف هذه المحور ولذا فإن سقوط نظامها ينذر بتفكك عرى هذا المحور وتقطعه إلى اجزاء. وفي ظل الأجواء الطائفية المسمومة التي تعيشها المنطقة فإن سوريا ستصبح ركنا أساسيا من أركان المحور العربي المحافظ التي تقوده السعودية والموالي للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. فهذا المحور طائفي بإمتياز ويسعى لتطويق ما عرف بالهلال الشيعي عبر تشكيل طوق يمتد من السعودية مرورا بالأردن وسوريا وتركيا وبذلك يكتمل حصار ما تبقى من المحور الشيعي واعني إيران والعراق.
ولعل اول الدول التي سوف تتأثر كثيرا بسقوط النظام السوري هي العراق. فالعراق يعيش ومنذ سقوط النظام السابق حالة من الأحتقان الطائفي والعرقي , والأزمة بين مكوناته تشتد يوما بعد آخر في إطار الصراع على السلطة والنفوذ. ولذا فإن أي تغيير في المنطقة وخاصة في سوريا , سيؤثر سلبا على طرف وإيجابا على طرف آخر. ولعل اول المستفيدين من سقوط النظام السوري هو القوى الساسية العراقية القريبة من الأردن والسعودية والتي تتمركز قواعدها في المنطقة الغربية والجنوبية الغربية المحاذية للسعودية وسوريا والأردن.
فسكان هذه المناطق الذي حكموا العراق طيلة العقود الماضية ,يعتبرون أنفسهم اليوم مهمشين قياسا بما كانوا يحظون به من إمتيازات ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.وقد كانوا من أشد المعارضين للعملية السياسية التي بدات بعد سقوط النظام السابق.فقد قاطعوها حينا ودخلوا فيها حينا آخر ولازالوا غير راضين عن موقعهم فيها , وهم يحاولون اليوم تشكيل فدراليات في مناطق بعيدا عن سلطة المركز في بغداد والتي يهيمن عليها الشيعة.ولذا فإن التغيير في سوريا سيكون في صالحهم وسيقوي موقعهم في العراق ويجعلهم أشد بأسا وقوة في صناعة القرار في بغداد.
واما القوى السياسية الشيعية الحاكمة اليوم ببغداد فإن مثل هذا التغيير في خارطة المنطقة السياسية سيضع هذه القوى في موقع حرج خاصة وأنها لازالت في دائرة الضعف و لم تتمكن ولحد اللحظة من إيقاف هجمات تنظيم القاعدة الأرهابية برغم الدعم الأمريكي الذي حازت عليه طيلة السنوات الماضية, فكيف ستستطيع إدارة شؤون البلاد بعد التغيير المرتقب؟هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن هذه القوى تجد في إيران عونا وسندا لها , فكيف سيكون حالها لوضعف النظام في إيران أو تعرض لضربة عسكرية أسرائيلية أو ساءت أوضاعه الأقتصادية والأمنية بسبب العقوبات الأقتصادية؟
ولذا فإن أول تداعيات سقوط النظام السوري هي إشتداد حدة الصراع في العراق بين المكونات المختلفة بشكل تزداد فيه الضغوط على القوى السياسية الشيعية.التي ستكون الحلقة الأضعف في العراق. فيما ستزداد القوى السياسية السنية قوة ويشتد زخمها. واما القوى الكردية فستكون لديها فرصة تأريخية لأعلان إستقلال إقليم كردستان. ومع تصاعد الأصطفاف الطائفي فإن القوى الكردستانية ستكون أقرب للمحور السني بدلا من الأصطفاف مع محور شيعي معاد للغرب ومحاصر من المحور السني الممتد من تركيا وحتى السعودية.
وهنا ستقف القوى السياسية الشيعية أمام إمتحان كبير , فهي إما ان تختار الأبتعاد عن إيران وتتركها في مواجهة امريكا وإسرائيل والمحور السني , وأما ان تربط مصيرها بإيران.فأما الخيار الأول فهو ينطوي على مخاطر كبيرة لأن هذه القوى ضعيفة سياسيا وعسكريا وإداريا وهي ليست بمستوى المرحلة فزعمائها اليوم لاهم لهم اليوم سوى الصراع على المناصب والثروات وليست لديهم أي خطة لمواجهة هذه التطورات فهم غارقون في العقود وفي طموحاتهم واحلامهم وأوهامهم وآخرها إنعقاد القمة العربية في بغداد التي لن يحضرها زعيم عربي واحدإلا ما ندر و من المحيط وحتى الخليج
وأما إذا إختارت القوى السياسية الشيعية الوقوف بجانب إيران فإنها ستربط مصيرها بإيران وستعاني عزلة شديدة وحصارا من دول المنطقة والغرب.واما الوقوف على التل فلن يجديها نفعا لأنها محسوبة على إيران شاءت أم أبت.وفي كل الأحوال فهي لن تستطيع فعل شيء لأنها فاقدة للأرادة السياسية , فالعراق لازال يرزح تحت البند السابع وسماء العراق مفتوحة لمن هب ودب خاصة بعد ان إنسحبت منه القوات العسكرية الامريكية, فالعراق هو الدولة الأضعف في المنطقة عسكريا وسياسيا أقتصاديا . فأي طائرة عسكرية تستطيع إختراق أجوائه دون مقاومة وأقتصاده قابل للأنهيار في أي لحظة ولأي سبب يمنع تصدير النفط كإغلاق مضيق هرمز مثلا.واما هامش المناورة السياسية فيضيق أمامها لأن علاقاتها السياسية محدودة جدا مع دول المنطقة التي لم ترحب وإلى اليوم بنظام الحكم الجديد في بغداد.وأما عن قيامها بدور الوسيط بين امريكا وإيران في هذا النزاع فهو امر اكبر من حجمها وهي قاصرة عن القيام بمثل هذا الدور.
ولذا فليس امامها اليوم من خيار سوى تقوية الشارع العراقي وتهياته عسكريا إستعدادا للمرحلة القادمة لتردع بها أي تمدد سلفي من دمشق نحو بغداد. فالبديل اليومي للنظام السوري هو القوى السلفية كما هو عليه الحال في بقية الدول العربية . وهذه القوى السلفية متخلفة ومتحجرة وتكفيرية ومملوءة بأحقاد تأريخية ولن يقر لها قرار إلا بسفك دماء كل من يختلف معها في الرأي والعقيدة.وهذا ما بدات به اليوم في سوريا وما ترتكبه من مذابح ضد الأبرياء من السوريين وبلا ذنب سوى إنتماءاتهم المذهبية كما ذكرت تقارير دولية عديدة.
وهذا مايثير مخاوف الأقليات الدينية في المنطقة وعلى رأسها المسيحيين الذين أعلنوا وبكل صراحة بان سقوط نظام الأسد سيقود المنطقة نحو مستقبل مجهول وهو ماعبر عنها البطريارك اللبناني بشارة مرعي.ومن ناحية أخرى فإن صعود هذه القوى السلفية إلى الحكم في سوريا ,سيحول سوريا إلى قاعدة راسخة لتنظيم القاعدة خاصة وان سوريا كانت منبعا ومعبراأساسيا لهؤلاء الأرهابيين طيلة السنوات المااضية التي نفذوا خلالها جرائمهم في العراق.
ولذا فإنه يمكن تلخيص أهم تداعيات سقوط نظام الأسد في صعود القوى السلفية المتطرفة وهو ما يوفر بيئة خصبة للأرهاب بما يحول منطقة الشرق الأوسط إلى كرة ملتهبة ومن ناحية اخرى فإن الانقسامات الطائفية ستتعمق في المنطق ولربما تدخل المنطقة في مرحلة الحرب الطائفية خاصة إذا ما شعرت بعض القوى بانها مهددة في وجودها كما هو عليه اليوم حزب الله في لبنان او القوى الشيعية في العراق او في إيران.وأما الأقليات الدينية فإنها إما ستشد الرحال تاركة الشرق وميممة وجهها نحو الغرب أو ان تحمل السلاح لتدافع عن وجودها.
واما نتيجة كل ذلك فهو دمار منطقة الشرق الأوسط . إن ذلك لا يعني الدفاع عن نظام الأسد وعن ممارساته القمعية بل إن واجب دول المنطقة في المرحلة الراهنة هو منع وصول القوى المتطرفة إلى سدة الحكم في سوريا واما إذا كانت دول المنطقة لديها أجندة خاصة تريد من خلالها إدخال المنطقة في صراع طائفي عبر دعمها للقوى السلفية المتطرفة فهذا يعني ان المعركة الطائفية قد بدأت منذ اليوم وهذا سيعني دفاع كل المستهدفين من هذه الحرب عن نظام الأسد لأن سقوطه سيعني إنتصار القوى المتطرفة التي لاهم لها سوى إعادة المنطقة إلى عصر الحروب الطائفية التي تجاوزتها المنطقة منذ عقود. | |
|