حرير الوجد _ رواية للكاتب التونسي محمد حيزي
كنت كمن يقتلع من أصله ويلقى إلى ما يشبه الصّدفة . صدفة الأمكنة الّتي
أجهلها ولا أعيها . أن أعيش كلّ هذه السّنوات هنا وأجد نفسي مدفوعا للهرب
فجأة دون أن أسعى إليه بنفسي فذلك يعني أنّني لا أملك قدرة القرار . عمرا
وأنا أشتدّ كراهيّة لهذا الحوش البغيض وأتمنّى أن تدوسه أقدام عملاقة
وتحوّله إلى طحين من الاسمنت والرّمل والحجر حتّى أحسّ بذلك المحو الخارق
لكلّ ما يجرحني ويهتك شعوري بالرّفعة والأنفة لكن ظلّ ذلك حلما لطفل فتح
عينيه على ما لا يرضى . كان أطفال الزّقاق ينعتونني ببذاءات عديدة ولا أجد
ردّا إلاّ الانفراد بهم واحدا واحدا والانتقام منهم إلى أن تمكّنت بعد...