إسرائيل وإيران بين قوة القانون وقانون القوة
بدأت
العقوبات الاقتصادية على إيران تنتج ثمارها الفعلية الآن، وأهمها فعالية
التي طالت المصرف المركزي وحظر الاستثمار وبيع الأرصدة الثمينة لديها،
والأخطر على انهيار اقتصادها عقوبات الاتحاد الأوروبي وحظره لتوريدها
للنفط الذي يشكل نسبة %80 لخزينتها المالية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة
التضخم لديها لنقص السيولة بالعملة الأجنبية، وحاجتها الملحة لمشتقات
النفط، ووقوع نحو نصف شعبها تحت خط الفقر (%45)، مما يؤدي إلى كارثة
اجتماعية على المدى القريب تسقط النظام الإيراني! مما أعادها إلى
المفاوضات والمباحثات التي تدير وجهتها موسكو، بإبعادها شبح إقفال مضيق
هرمز.
إلا أن اسرائيل مازالت تتصرف كمجلس حربي، وليس كدولة علمانية
متطورة، وتنادي بالحرب على إيران لعدم إيمانها بمنطق المفاوضات والعقوبات،
باعتبارها أن هناك أكثر من 45 دولة استطاعت النفاذ منها عبر طرق غير
مشروعة، ومنها كوريا الشمالية وكوبا، لذا تستخدم إسرائيل منطق القوة
بضغوطاتها على الكونغرس الأميركي عبر اللوبي اليهودي داخله، لاعتبارها
إيران مصدر تهديد مباشر لها، بامتلاكها المفاعل النووي، الأمر الذي يدفع
بدول الخليج إلى امتلاك السلاح النووي أيضاً لحماية أنفسها، وبالتالي
سيهددان أمنها، ومساعدة روسيا والصين وبعض دول أميركا اللاتينية لإيران
بمدها بالاحتياجات الضرورية لإنشاء محطتها النووية التي تتجاوز قيمتها 65
مليار دولار، وفائدتها الاقتصادية والاستراتيجية عليهم، بحيث تنفذ إيران
من العقوبات وتسيطر عند امتلاكها السلاح النووي على النفط العراقي، ومنه
تنطلق للسيطرة على الخليج ودول ساحل البحر المتوسط والأهم إسرائيل ومن
بعدها تركيا! وتعتقد إسرائيل أن الحرب على إيران ستحدث تغييراً جيوسياسياً
في المنطقة بأجمعها، أوله تبديل الحكم الأصولي الديني فيها بنظام معتدل
ومنفتح بالتعاون مع دول الجوار والغرب اقتصادياً وعسكرياً، وتعتبر منجماً
استثمارياً، إذ يبلغ احتياطها من النفط 137 مليار برميل، وتملك ثالث أكبر
احتياطي من الغاز الطبيعي، مما يغير موازين القوى لمصلحة أميركا وقوات
الأطلسي لتعجيلها بانخراط بعض دول آسيا الوسطى ذات الموقع الاستراتيجي
لمنفذها المباشر على روسيا (كازاخستان، أوزبكستان، قيرغيزيا، تركمانستان،
طاجكستان)، ودول جنوب القوقاز ستفتح لأساطيل الحلف الاطلسي وأميركا مياهها
على بحر قزوين، وستجر الحرب رابطة الدول المستقلة (جورجيا، أذربيجان،
أرمينيا) إلى حلف الناتو، مما سيفقد روسيا حليفة إيران أمنها الاستراتيجي
في التحرك بمواجهة الأساطيل الغربية، ويعرض أمنها القومي للخطر، وسيجعل من
إيران بوابة للإرهاب داخل روسيا!
لكن ما لم تعرفه إسرائيل أن أوهامها
العسكرية ومنطقها المدمر مغايران للواقع، لأن هذا سيجر العالم إلى حرب
دموية مدمرة وطويلة الأمد، لاستيعابها بأن روسيا اليوم مختلفة بتطورها
العسكري عن فترة الحرب الباردة، ويساندها التنين الصيني حليفها، والمتربص
باختلال التوازن العالمي للسيطرة بدوره على كل النفط والغاز في المنطقة،
مما يتيح له السيطرة عسكرياً واقتصادياً على العالم، وما استخدامهما لحق
النقض الفيتو لمنع التدخل العسكري في سوريا إلا كسباً للوقت، لإحكام
تمكنهما من حماية آخر معقليهما إيران وسوريا، وتحسباً لأي تدخل عسكري
أحادي من قبل قوات الأطلسي أو الأميركي أو قصف إسرائيلي مباغت للمفاعل
النووي الإيراني!